|
Re: د. حامد البشير ابراهيم (Re: عزالدين عباس الفحل)
|
سلام للجميع وشكرا بكري ـــــــــــــ وجدت في بوستات الدكتور حامد البشير ابراهيم هذا المقال وهو شاهد على صاحبه بالتميز والوطنية.. ندعو الله أن يوفقه.
ـــــــــــــــــــ
القس فيليب عباس غبوش.... ذكريات ومذاكرات (10). حامد البشير إبراهيم Sep 10, 2008, 20:34
سودانيزاونلاين.كوم Sudaneseonline.com
ارسل الموضوع لصديق نسخة سهلة الطبع
القس فيليب عباس غبوش.... ذكريات ومذاكرات
د. حامد البشير إبراهيم
[email protected]
(10)
إن انقلاب عام 1989م قد كان في بعض ابعاده انقلاباً جهوياً واثنياً باسم الدين. وأن ذلك الانقلاب قد قصد منه أن يكون كابحاً لصحوة الهامش الناهض في الارياف الغربية وفي اطراف المدن الممتدة والتي تتضخم صباح مساء وذلك لتمدد الفقر في الريف ولاهمال الدولة للمواطن الريفي وللاقتصاد الريفي ولتكريس التنمية والخدمات في وسط البلاد الذي عرفه رجال الانقاذ لاحقاً بمثلث حمدي احياناً وبالسودان المحوري احياناً أخري والذي عماده الاقليم أو المثلث الذي راسه في دنقلا وقاعدتيه في سنار شرقاً وكردفان غرباً. وما عدا ذلك ف (لكم دينكم ولي دين) كما كان يقول عمنا المرحوم محمد أبو دقن حينما لا يعجبه الأمر ويسعي الي فراق والي ( فرز العيشة).
في عام 1997-1998م امهر فرع من الحركة الشعبية قطاع جبال النوبة اتفاقية السلام (من الداخل) مع الحكومة السودانية في الخرطوم. كان قادة النوبة المنشقين من الحركة الشعبية هم السادة محمد هارون كافي ( صحفي لامع من ابناء كادقلي) والسيد إسماعيل سعد الدين ( مهندس من ابناء الينمانج) والسيد عبد الباقي كبير( مهندس والان دبلوماسي من ابناء النيمانج ايضاَ). لقد كانت الاتفاقية ملحق لاتفاقية السلام من الداخل مع الحركة الشعبية ( جناح الناصر) التي كان يقودها الدكتور رياك مشار .
بعد عامين انفضت اتفاقية الخرطوم للسلام ودخل ( من جديد) الدكتور رياك مشار نائب رئيس الجمهورية الي الغابة ، وبقي محمد هارون كافي حبيساً في ( وزارة السياحة) ومتاحفها التي حوت ايضاً جده ترهاقا وجدته الكنداكة من ملوك وملكات النوبة العظماء . وقد التقيت ثلاثتهم واشهد بان قلوبهم كانت عامرة بالسلام وبالتعايش السلمي بين اثنيات المنطقة لكنهم كانوا يعانون من ولاء شريك يكذب بقدر ما يتنفس كما وصفهم ايام الديمقراطية السيد محمد علي المرضي الذي أصبح وزيراً للعدل بعد ذلك الوصف بعقدين ومع ذات المجموعة وقد شاركهم أفراحهم واتراحهم وربما اوصافهم.
كانت معاناة السادة محمد هارون كافي والسيد إسماعيل سعد الدين والسيد عبد الباقي كبيرة عظيمة ، وقد ابقوا علي روح الاتفاقية رغم تلكؤ الشريك ، وكأني بالأب فيليب معلقاً علي تلك الاتفاقية بلهجته الصارمة: " دهـ مسخرة دهـ"
استمرت تلك الاتفاقية لسنوات وهي في حالة موت سريري لم ينجها من عنائه إلا امهار اتفاقية جنيف في عام 2002 بشان وقف العدائيات في جبال النوبة . ومهما كان فان اتفاقية السلام من الداخل الموقعة مع السادة محمد هارون كافي والسيد إسماعيل سعد الدين والسيد عبد الباقي كبير قد وضعت لبنة أولي لا يمكن الاستهانة بها حيث كملتها فيما بعد اتفاقية جنيف (2002) واتفاقية نيفاشا (2004) . ولا شك أن هارون وسعد الدين وكبير جميعهم يرون في القس فيليب غبوش قيادة تاريخية لحراك النوبة السياسي وبذات القدر هو يري فيهم ذات الامتداد التاريخي لذلك المشوار.
في عام 2002م وفي احدي عطلاتي السنوية ذهبت الي السودان وكان الوضع متوتراً في جنوب كردفان منذراً بتفجر الأوضاع عقب اتفاق جنيف ولقاءات وزيارات المبعوث الأمريكي دانفورث التي تمخضت عن بعض المقترحات بشان المنطقة.
كانت الشائعات تستشري في المنطقة بكثافة وتصف الاتفاق والتوجهات بأنها هادفة لإقصاء القبائل العربية من الإقليم ، وربما كان المروج لتلك الشائعات بعض الصقور الحكومية المستفيدة من الحرب.
لقد انتشرت الشائعات كالنار في الهشيم وبدأ التوتر يعم المنطقة بسرعة اكبر فقمت علي الفور بترتيب لقاء في الخرطوم مع بعض الشخصيات من الأمم المتحدة والمعونة الأمريكية الداعم الأساسي للإغاثة في الإقليم شارحاً لهم طبيعة الصياغة السكانية في المنطقة وضرورة التعامل مع السكان المحليين كجسم واحد متساكن لأكثر من خمسة قرون وتبع ذلك اجتماع مع المعونة الأمريكية دعيت له كل نخب النوبة والعرب من جنوب كردفان . وقد حضره أكثر من خمسين عضواً من الطرفين كان الأب فيليب مشاركاً في ذلك اللقاء وقد التقيته بعد انقطاع دام أكثر من عشرة سنوات.
وقد خاطب فيه الجمع من الطرفين بصورة تصالحية تبعد عنه صفة العنصرية وتقربه من حالة الأبوية وقد كان كبيراً خلال ذلك اللقاء كعهده ، مشدداً علي ضرورة وحدة كل قبائل واثنيات المنطقة من النوبة والعرب والفلاته والجلابة . وحينما ذكر الجلابة أشار بيده الي السيد حسين جلال الدين ( المحافظ السابق) فصححه الأستاذ حسين بأنه من المسيرية فرد الأب فيليب في الحال وبنشوة من حصل علي تأكيد أطروحته قائلاً: أنا ما قلت ليك : آهو كلنا متشابهين وملخبطين كده. وضحك الجميع. ومات فيليب ...و كانت عبارة " كلنا ملخبطين كده " هي آخر ما سمعته منه.
ربما إختلف الناس حول الأداء السياسي والتوجه الإيديولوجي للقس فيليب عباس غبوش وذلك امر معتاد ومتوقع في شأن أي سياسي واي شخصية ظلت فاعلة ومؤثرة في حياة الناس ونشطة في الشأن العام لأكثر من نصف قرن من الزمان . ومعظم الجدل نابع من كون الرجل ينتمي الي أقلية دينية وأقلية اثنينة في ذات الوقت.
ولكن مهما كان الاختلاف حول الرجل وتقييم أداءه من خلال حياته السياسية الطويلة التي امتدت لنصف قرن ، إلا وان الحقيقة هي: أن فيليب عباس غبوش هو الذي استنهض الحركة السياسية للنوبة في العصر الحديث في السودان . وان للآخرين إسهامهم الكبير وليس في ذلك شك لكن الرجل هو الذي اختط الطريق والمنهج الذي سلكه أحفاده من سياسيي النوبة.
ان يوسف كوة مكي وخليفته السيد عبد العزيز ادم الحلو الذين يكن لهما – مع آخرين - شباب النوبة كل تقدير واحترام هما بلا ادني شك تلميذان تخرجا في مدرسة القس فيليب ولاحقا جامعة الدكتور جون قرنق . تحت قيادة يوسف كوة مكي قد انتقلت حركة النوبة السياسية الي رحاب أوسع والي فضاء مختلف كماً ونوعاً من سابقه . وهذا بالطبع قد أحدث اثراً كبيراً في حراك النوبة السياسي وفي مجمل التطورات السياسية في السودان بأكمله.
أن فيليب عباس غبوش شخصية قومية أثرت في السياسة والاجتماع في السودان واسمهت في تشكيل وصياغة الوطن وتفاعلاته السياسية الحالية من خلال الدور الحيوي الذي لعبه وتلامذته في حركة النوبة السياسية.
خاتمــــة
هذه المقالات قصدت منها التدوين والتوثيق والتحليل لحقبة هامة من التدافعات والتطورات السياسية في جزء عزيز من الوطن الكبير وبالمثل هو توثيق لحراك سياسي انتظم مجموعة هامة من نسيجنا الاجتماعي هم النوبة : هذه الجماعة ضاربة الجذور في التاريخ وفي الاجتماع السوداني ممن تعارف عليهم علماء الاجناس والاثار باسم المجموعات السكانية الاصلية . أن المجموعات السكانية الاصلية سواءاً كانت في السودان أو في كلهاري أو في استراليا – ولاهميتهم – قد افرزت لهم الأمم المتحدة ميثاقاً خاصاً لحمايتهم ولتطوير ثقافتهم بالوسائل التي تشبع لهم ذواتهم وتحقق لهم هويتهم من اكتساح وابتلاع الثقافات الغالبة.
أن قضية النوبة الداعية الي انصافهم وادماجهم سياسياً في البناء القومي الوطني تعتبر بلا ادني شك قضية عادلة . وبذلك فهي تمثل واحدة من التحديات التي اضحت عصية علي دولة ما بعد الاستقلال في السودان ، وذلك ليس لغياب الامكانيات بقدر ما إنها لغياب المنهج السياسي الرشيد ولغياب الارادة السياسية ، وخاصة في ظل الانظمة الشمولية ( 1958 -64) ، ( 1969 – 1986م) ، ( 1989 – الي الان ). أن تجربة الانقاذ السودانية تتحمل الوزر الاكبر في الشتات القومي وذلك بتبني مشروع صارخ للابتلاع الثقافي وللشمولية الحضارية والتي نفرت المجموعات الاثنية الاخري ومن بينها مجموعة النوبة. وبفشلنا في استيعاب التنوع الاثني الزاخر نكون قد اهدرنا فرصاً كثيرة وثمينة كنا سنجني ثمارها من التنوع الذي تزخر به بلادنا داخلياً وفي ارتباطاتها الاقليمية باقاليم الشرق الاوسط والبحر الاحمر شمالاً وشرقاً وسافنا أفريقيا غربا واقليم البحيرات جنوباً. لكن ما يؤسف له أن ارادتنا السياسية في عهد الحكم الوطني وخاصة في عهود الشمولية قد تضاءلت وتقاصرت دون حجم الوطن ومكوناته ومسؤولياته التاريخية.
اقتراحات:
1- يا حبذا لو تطلق السلطات بالخرطوم اسم فيليب غبوش علي احد الشوارع بالعاصمة القومية تخليداً لاسهاماته في وطنه وتوثيقاً لاعترافنا بالتنوع القومي والاختلاف العقدي وكذلك رداً للاعتبار والتقدير للاثنيات التي ظلت علي هامش الفاعلية السياسية والاقتصادية والثقافية في بلادنا وخاصة اثنية النوبة.
2- يا حبذا لو اطلقت السلطات الولائية اسم الأب فيليب غبوش علي احدي الشوارع في كادقلي أو الدلنج . أو أن تطلق جامعة الدلنج اسمه علي قاعة من قاعات المحاضرات في المدينة التي احبها وانتمي اليها.
3- وامل أن يتحرك ابناء جنوب كردفان لتاسيس مركز ثقافي يحمل اسم القس فيليب غبوش يكون بوتقة للحوار الثقافي والديني واثراءاً للتعايش وللمساكنة المستقرة في الاقليم.
4- ومن الضروري أن يوثق نضال الأب فيليب غبوش السياسي من اجل اهله وكل تاريخه في كتاب شامل يوثق ايضاً لاسهام النوبة في التاريخ وفي البناء القومي السوداني عل ذلك يكون معيناً للاجيال اللاحقة من ابناء النوبة في مسيرة بناء الوطن وحافزاً لهمتهم ومنصفاً لعطائهم الكبير.
5- ضرورة أن تتبني حكومة الولاية في جنوب كردفان والنخب من ابناء الاقليم عقد مؤتمر عام لكل قبائل واثنيات وقوميات المنطقة يكون منبراً للحقيقة والمصالحة والتصافي مما خلفته سنوات الحرب اللعينة في الاقليم. وان يؤسس ذلك المؤتمر للتعايش والمساكنة الصافية النقية المستمدة من غني وثراء الواقع المحلي الذي تمخض عن عبقريات حققت التعايش الخلاق لسنوات وقرون من الزمن حتى اضحي الاقليم نموذجاً للتنوع الذي يزخر به السودان الكبير.
كلمـــة أخـــيرة
حتماً أن أجمل إكليل ورد نضعه علي قبر الراحل فيليب عباس غبوش هو استنهاض مبدأ التعايش وقبول الآخر واحترام التنوع والاختلاف ليس فقط بين النوبة والعرب في جنوب كردفان بل في كل السودان.
نقلا عن صحيفة السوداني
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
بالصور تعرف على الولاة الجدد في 18 ولاية.. | بكرى ابوبكر | 07-22-20, 11:45 PM |
مكتبة إسماعيل فتح الرحمن وراق(إسماعيل وراق) | بكرى ابوبكر | 07-22-20, 11:47 PM |
صالح عمار | بكرى ابوبكر | 07-22-20, 11:51 PM |
Adeeb Yousif اديب عبد الرحمن يوسف | بكرى ابوبكر | 07-22-20, 11:59 PM |
د. حامد البشير ابراهيم | بكرى ابوبكر | 07-23-20, 00:01 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Abureesh | 07-23-20, 00:22 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Mahjob Abdalla | 07-23-20, 02:27 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Moawia Mohammed | 07-23-20, 03:26 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Biraima M Adam | 07-23-20, 03:33 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Biraima M Adam | 07-23-20, 03:38 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | بكرى ابوبكر | 07-23-20, 04:20 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | بكرى ابوبكر | 07-23-20, 04:26 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Biraima M Adam | 07-23-20, 04:55 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | محمد عبد الله الحسين | 07-23-20, 05:30 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | محمد عبد الله الحسين | 07-23-20, 05:38 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | عزالدين عباس الفحل | 07-23-20, 07:55 AM |
Re: د. حامد البشير ابراهيم | Yasir Elsharif | 07-23-20, 11:31 AM |
|
|
|