|
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ ومصي� (Re: النصرى أمين)
|
ألتوسير و"التُّونسيَّة"؛ ومصرُ ومصيرُ الدَّولة السُّودانيَّة
أهميَّة نظريَّة الفيلسوف الفرنسي، لوي ألتوسير، حول الدَّور التَّكويني والتَّكميلي لأجهزة الدَّولة الآيديولوجيَّة لا تقتصرُ فقط على رفدِ وتطويرِ المفهوم الكلاسيكيِّ للدَّولة، وإنَّما تتعدَّاه، في نظرنا، إلى تنصيب التَّاريخ الثَّقافيِّ نفسِه صنواً للتَّاريخ السياسي؛ وكلاهما، من منظور ألتوسير، يشوِّشانِ على نقاء المفهوم الكلاسيكي، الذي يعتمدُ الاقتصادَ أساساً أوحدَ لبلورةِ أطروحاته. فمن الأشياء اليوميَّة المُعتادة، وليس بالضَّرورة الأحداث الضخمة الجِسام، يُمكِنُ التأسيسُ لتدوينِ تاريخٍ جديدٍ للبلاد، هو أقربُ إلى روحِ الشَّعب، وأبعدُ عن الأطروحاتِ التي تُردِّدُ بقلمٍ واعٍ لمقصدِه أحياناً، وفي مرَّاتٍ أخرى من دون وعي كافٍ منه، طريقة شوف الرَّحالة الأجانب والمُقيمين المؤقَّتين، وتبنِّي ملاحظاتهم العابرة أو القبول التَّام لها من غير تمحيصٍ نقديٍّ لِما جاء في مذكِّراتهم التي لا غنًى للباحثِ عنها، والتي تُضمِّنت في شكلِ وثائقَ ومتونٍ امتلأت بها رفوفُ المكتبات وخزانات دورِ الوثائق في المؤسَّسات الأكاديميَّة المحليَّة والأجنبيَّة. على سبيلِ المثال، يُمكِنُ صياغةُ تاريخٍ حميم لجماعتَيْ أو طائفتَيْ الأنصار والختميَّة (وبالتَّالي، حزب الأمَّة والحزب الاتِّحادي الديمقراطي، إن لم نقُلِ الأحزابَ الاستقلاليَّة والاتِّحاديَّة) من خلالِ رصدِ الأنشطة اليوميَّة لدار الذِّكرى ببيتِ المال (والذي يُقرأُ فيه راتبُ الإمامِ المهديِّ مرَّتين يوميَّاً)، وقصر الشَّريفة الواقع على مرمى حجرٍ من الدَّار (والذي يُقرأُ في ساحتِه المولدُ يوميَّاً ويُختَمُ كلَّ خميس). كما يُمكِنُ كتابةُ تاريخٍ أنصعَ بتتبُّعِ الأنشطة اليوميَّة لِجَدِّي بدوي سليمان كركساوي؛ فقد كان يحتفظُ إلى جوارِ سريرِه (عنقريبه) بشيئين: مُصحفٌ مكتوب بخطِّ اليد، يتمُّ استلافُه من قبل سكَّانِ الحيِّ كلَّما طلَّ في كَنَفِ أُسرةٍ صغيرةٍ مولودٌ جديد؛ ودفترُ الأستاذِ الكبير، الذي يُقيِّدُ في أسطرِه المُتتابِعة ما يصطلِحُ علماءُ الاجتماع على تسميته بالأزماتِ الاجتماعيَّة الأُسريَّة الأساسيَّة: ميلادُ طفلٍ، وزواجُ راشدٍ، وموتُ إنسانٍ أيَّاً كان عُمُرُهُ. وعندما يُولدُ طفلٌ جديد في بيتِ المال، كان يُسمَّى، على سبيل المثالِ، محمَّداً أو فاطمة؛ مصطفى أو أسماءَ؛ أحمدَ أو رُقيَّة. وبتأثيرٍ ناعمٍ من الشَّريكِ الأضعفِ في الحُكمِ الثُّنائي، صار المولودُ يُسمَّى عادلاً أو فاتنَ؛ سامي أو سامية؛ مجدي أو ماجدة. وعندما يخطو راشدٌ أو تأتي القِسمةُ إلى راشدةٍ، كانتِ الخطوةُ تُكلَّلُ بالدَّلُّوكةِ والزَّغاريدِ النَّديَّة. وبتسلُّلِ ذاتِ التَّأثير، أصبحتِ المناسبةُ تُجَهَّزُ بالشَّاشاتِ وكاميرات السِّينما المُتجوِّلة التي تعرِضُ أفلاماً مصريَّة لمحمود شكوكو وإسماعيل يسن، تتخللَّها أُغنياتٌ خفيفة مرِحة وقفشاتٌ كوميديَّة تسرُّ النَّاظرين؛ هذا كلُّه قبل ظهورِ الفنَّانِ "الذَّرِّي"، إبراهيم عوض، بصوته الذي تحمله النَّسماتُ منذ أطرافِ اللَّيل، فيتقاطرُ حوله الفتيانُ والفتياتُ من كلِّ حَدَبٍ وصَوب. وعندما ينتقلُ شخصٌ إلى رحمةِ ربِّه، كانت أيَّامُ المأتم تُجَلَلُ بالقرآنِ، بصوتِ الشَّيخ عبد الباسط عبد الصَّمد والشَّيخ محمود الحصري، قبل أن يجدَ الشَّيخانِ الجليلانِ، عوض عمر وصدِّيق أحمد حمدون، مشكاةً للتِّلاوة أو شرفةً للتَّرتيل، إلى جانبِ الشَّيخَيْن الكريمَيْن من شمالِ الوادي. وإذا انتقلنا إلى التَّعليم، أي غير التَّعليم التَّقليدي في الزَّوايا والخلاوي، كانتِ المؤسَّسات التَّعليميَّة للشَّريكِ الأضعف تُنافِسُ الأخرى التي تمَّ افتتاحُها حديثاً: من المداراس الأوَّليَّة (الأساس)، إلى الابتدائيَّة (المتوسِّطة)، ثمَّ الكلِّيَّات الثَّانويَّة (التي تطوَّرت لاحقاً إلى جامعة). وكان المدرِّسون المصريون همُ الذين يُشرِفون على تلك المدارس التي تمَّ افتتاحُها منذُ العقودِ الأولى للحُكمِ الثُّنائي. وكان طلاب كليَّة غردون ينقسمون إلى "أفنديَّة" و"شيوخ"، فاضطلعَ الشَّريكُ الأضعف بمهمَّة تربية النشءِ وتخريجهم "شيوخاً". وفي رواية "موسم الهجرة إلى الشَّمال"، قاد شخصٌ يركبُ حصاناً ويرتدي بنطالاً وقبعةً بطلَ الرِّواية، مصطفى سعيد، إلى مدرسةٍ فسيحة على شاطئ النِّيل؛ وعندما دخل الطِّفلُ (البطل) إلى الفصل، وجد المدرِّسُ يرتدي قفطاناً، فطاردته لعنةٌ قادته في نهاية المطاف إلى القاهرة ولندن (عاصمتَيِ الحُكم الثُّنائي)، ليكتوي بسعيرِ المأساة بقتلِه لشريكتِه الأولى، وشَرَكِه المنصوب، جين موريس.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ألتوسير و"التُّونسيَّة"؛ ومصرُ ومصيرُ الدَّولة السُّودانيَّة/ محمد خلف | النصرى أمين | 07-14-20, 01:39 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ ومصي� | النصرى أمين | 07-14-20, 01:41 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | النصرى أمين | 07-14-20, 01:41 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | النصرى أمين | 07-14-20, 01:42 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | النصرى أمين | 07-14-20, 02:04 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | Sinnary | 07-15-20, 10:26 PM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | Sinnary | 07-16-20, 05:11 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | النصرى أمين | 07-17-20, 04:55 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | بدر الدين الأمير | 07-17-20, 08:35 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | Sinnary | 07-19-20, 08:26 PM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | Sinnary | 07-21-20, 02:39 AM |
Re: ألتوسير وandquot;التُّونسيَّةandquot;؛ ومصرُ وم� | Sinnary | 07-22-20, 02:25 AM |
|
|
|