مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 10:23 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-16-2020, 02:47 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الراحمون يرحمهم الرحمن
    أكثر ما يحتاج له الناس هذه الأيام هو التراحم فيما بينهم، فالرحمة والتراحم أجمل شيء في الحياة، لو دخلت قلوبنا وأدخلناها في حياتنا وبيوتنا صلُحت أمورنا كُلّها، وعشنا أسعد حياة، وأحلى حياة.
    والتراحم هو وصف للمجتمع المسلم، وصف الله به أهل الإيمان كما قال: {أشداء على الكفار رحماء بينهم}.

    كما أنها مخرج مما نحن فيه: نجاة من الهموم والمصائب والأزمات، وملجأ من الغموم والفتن والنكبات، والمجتمع المسلم كله يقوم على مشاريع الرحمة التي تحل مشاكله وتلبي حاجاته العامة ففي الحديث [مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى](رواه مسلم عن النعمان بن بشير).

    والرحمة رحمتان: رحمة الله بنا، وتراحمنا فيما بيننا. وكما أننا نحتاج للتراحم بين بعضنا فكذلك لا غنى لنا عن رحمة ربنا، ولو رفع الله رحمته عنا لتحولت حياتنا إلى شقاء، ولأحالت أيامنا إلى ضنك وسواد وبلاء.. ولكن الله سبحانه أرحم بنا من أنفسنا.

    الله أرحم الراحمين
    فهو سبحانه أرحم الراحمين، الرحمن والرحيم من أسماء جلاله، والرأفة والرحمة من نعوت جماله، تتنزل بها النفحات الربانية، والرحمات الإلهية، فتجد له مع عبده في كلِّ تقدير تيسير، ومع كلِّ قضاءٍ رحمة، وفِي كل بلاءٍ حكمة، فإن كان الله قد أخذ منك فقد أبقى، وإن منع فلطالما أعطى، وإن ابتلاك فكثيرا ما عافاك، وإن أحزنك يوما فقد أفرحك أيامًا وأعوامًا.

    ورحمة الله أوسع بنا، وعافيته أنفع لنا، ولو آخذنا بذنوبنا لأهلكنا وهو غير ظالم لنا، ولكنه بعباده رؤوف رحيم، لو فتح سبحانه باب رحمته لأحد من خلقه، فسيجدها في كل شيء، وفي كل موضع، وفي كل حال، وفي كل مكان، وفي كل زمان، فرحمته وسعت كل شيء، كما إنه لا مُمسك لرحمته، {مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[فاطر:2]. و في الحديث القدسي(يا ابن آدم.. لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني.. غفرت لك ولا أبالي).

    رحمة للعالمين
    وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فقد كان أرحم الناس بالناس، وأشفق الناس على الناس، وأسعى الناس في إسعاد الناس.. تألقت روحه الطاهرة بعظيم الشمائل والخصال، وكريم الصفات والأفعال حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وكان من سمات كماله وجميل خلاله خلق الرحمة والرأفة، فقد وهبه الله قلبا رحيما، يرق للضعيف، ويحن على المسكين، ويعطف على الخلق أجمعين كما قالت له خديجة رضي الله عنها "إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق".

    كان يحزن لإعراض الكفار حتى يكاد يقتل نفسه حزنا عليهم {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين}. ويفرح لإيمان أحدهم كأنه هو الذي نجا من النار [الحمد لله الذي أنقذه بي من النار]، ويسعد لتوبة الله على مسلم كأنه هو الذي قد تيب عليه وغفر له.

    كان خلق الرحمة له سجية شمل كل من كان حوله: الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والرجل والمرأة، والمؤمن والكافر، والإنسان والحيوان، حتى الجماد ناله قسط من رحمته كما حدث مع الجذع حين بكى لفراقه، فما سكت حتى نزل فوضع عليه يده حتى سكت.

    الراحمون يرحمهم الرحمن
    من علامات سعادة العبد: أن يكون رحيم القلب؛ فالرحيم أولى الناس برحمة الله، وهو أحب الناس إلى الناس، وأقرب الناس إلى قلوب الناس، وهو أحق الناس بالجنة، لأن الجنّة دار الرّحمة لا يدخلها إلّا الرّاحمون، قال نبي الرحمة: [الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء](رواه الترمذي وصححه الألباني).

    ودين الإسلام دين الرحمة، وهو قائم كله على طاعة الحق والإحسان إلى الخلق، فمن كان بالدين أعلم، كان بالخلق أرحم، ومن كان للدين أعرف، كان بالخلق ألطف.
    قال ابن تيمية: "الدين كله يدور على الإخلاص للحق، ورحمة الخلق".
    وقال الرازي: "مجامع الطاعات: تعظيم أمر الله، والشفقة على خلق الله".
    وقالوا: "من أحب أن يلحق بدرجة الأبرار ويتشبه بالأخيار، فَلْيَنوِ كل يوم تطلع فيه الشمس نفع الخلق".

    ورحمة الخلق جميعا ـ بشرا أو حيوانات ـ من أعظم أسباب المغفرة، فقد غفر الله لبغي سقت كلبا، وغفر الله لرجل رأى كلبا يلهث الثرى من العطش فرق له فسقاه، [فشكر اللهُ له فغفر له. قالوا: يا رسولَ اللهِ، وإن لنا في البهائمِ لأجرًا؟ فقال: في كلِّ ذاتِ كبدٍ رطبةٍ أجرٌ](رواه البخاري ومسلم).

    فإذا كان هذا مع الحيوان، فكيف بالإنسان، وكيف برحمة الضعيف، وإغاثة الملهوف، ونصرة المظلوم، والتفريج عن المكروب والمهموم والمغموم؟
    في مسند أحمد والمستدرك وابن حبان، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [إن رجُلًا لم يعمَلْ خيرًا قطُّ، وكان يُدايِنُ النَّاسَ فيقولُ لرسولِه: خُذْ ما تيسَّر واترُكْ ما تعسَّر وتجاوَزْ لعلَّ اللهَ يتجاوَزُ عنَّا، قال: فلمَّا هلَك قال اللهُ: هل عمِلْتَ خيرًا قطُّ؟ قال: لا.. إلَّا أنَّه كان لي غلامٌ وكُنْتُ أُدايِنُ النَّاسَ، فإذا بعَثْتُه ليتقاضى قُلْتُ له: خُذْ ما تيسَّر واترُكْ ما تعسَّر وتجاوَزْ لعلَّ اللهَ يتجاوَزُ عنَّا. قال اللهُ تعالى: قد تجاوَزْتُ عنك](حديث حسن وأصله في الصحيحين).

    فكن لطيفا رحيما مع كل شيء يتنفس، فبقدر الرحمة التي تعطيها أنت للمخلوقات يرحمك رب الأرض والسموات، والرحماء أولى الناس برحمة الله.. روى أبو يعلى الموصلي في "مسنده" عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَضَعُ اللَّهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلُّنَا يَرْحَمُ، قَالَ: لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ صَاحِبَهُ، يُرْحَمُ النَّاسُ كَافَّةً).
    وفي رواية أخرى: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ، قَالُوا: كُلُّنَا رُحَمَاءُ، قَالَ: لَيْسَ بِرَحْمَةِ أَحَدِكُمْ خُوَيِّصَتَهُ حَتَّى يَرْحَمَ النَّاسَ)(حسنه الألباني).
    وفي الحديث الحث على الرحمة العامة للناس كافة، فلا يخص المسلم بها من يعرفه ويرق له قلبه، لرحم بينه وبينه، أو صحبة، أو زمالة، أو غير ذلك.
    وأهم ما ترعى: قلوبُ النـاس .. .. هي سـنة يا رائــع الإحسـاس
    هذا النبي رؤوف قلب وصفه .. .. قـد كان يرحم من يراه يقاسي
    خذها نصيحة صادق في نصحه .. إن الذي يرجو الجنان يواسي
    فرقُ الغليظ عن الرحيم عرفتهُ .. .. لا يستوي تـرب مع الألماسِ

    لا تنزع الرحمة إلا من شقي
    حين تنعدم من القلوب الرحمة وتحل القسوة بدلاً منها فإنها تصبح مثل الحجارة أو أشد قسوة. قال تعالى: {ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة}، قال عليه الصلاة والسلام: [وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي]، ولن ينال رحمة الله يوم القيامة إنسان فظ قاسى الطبع، نزعت من قلبه الرحمة فقد قال صلى الله عليه وسلم: [لا تنزع الرحمة إلا من شقي](رواه الترمذي).

    ومَن نزعت الرحمة من قلبه فقد خاب وخسر، روى الدولابي في "الكنى" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [خَابَ عَبْدٌ وَخَسِرَ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ رَحْمَةً لِلْبَشَرِ](حسنه الألباني في "الصحيحة").
    إِنْ كُنتَ لَا تَرحَمُ المِسكِينَ إِنْ عَدِمَا .. .. وَلَا الفَقِيرَ إِذَا يَشكُو لَكَ العَدَمَـا
    فَكَيفَ تَرجُـــو مِنَ الرَّحمَنِ رَحمَـتَهُ .. .. وَإِنَّمَا يَرحَمُ الرَّحمَنُ مَنْ رَحِمَا

    إن هذه القسوة التي تصيب القلوب هي في حقيقتها عقوبة من الله تعالى لبعض عباده جزاء ما اقترفوه، كما قال مالك بن دينار رحمه الله: "ما ضُرِب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة القلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم."

    فكن رحيما مع جميع الخلق، لطيفا مع كل عباد الله، وإن لم تستطع نفع إنسان فلا تضره، وإن لم تفرحه فلا تغمه، وإن لم تمدحه فلا تذمه، وإن لم تقف معه فلا تعن عليه، وإن لم تفرح بنعمته فلا تحسده، وإن لم تمنحه الأمل فلا تحبطه.. لا تكن جاف المشاعر، بخيل اليد، قاسي القلب، ولكن كن رحيما فـ"الراحمون يرحمهم الرحمن".
    -------------------------------
    وتعزروه وتوقروه
    بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل، ووجه الأرض مقفر مظلم، قد استوجب أهلها المقت من الله تعالى؛ كما جاء في "صحيح مسلم": "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم جميعاً عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب". يعني من اليهود والنصارى الذين كانوا متناثرين في الصوامع وزوايا الأديرة متمسكين بما أنزل على أنبيائهم، أما من عداهم فقد أصبحوا أهلاً للمقت والسخط .. فبعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم ليرفع عنهم مقته وغضبه بهذا الرسول وبما أنزل معه؛ فكان عليه السلام رحمة مهداة للبشرية، ونعمة مسداة لكل البرية.

    وكان من مقاصد إرسال النبي عليه الصلاة والسلام ما ذكر بعضه ربنا تعالى في سورة الفتح بقوله: {إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا * لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا} (الفتح:8-9). أي شاهداً على هذه الأمة من أطاعك ومن عصاك، ومبشراً بالجنة لمن أطاعك، ونذيراً بالنار لمن عصاك.

    {لتؤمنوا بالله ورسوله} وهو مقصد الرسالة الأعظم الإيمان بالله وبما جاء عن الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    {وتعزروه} التعزير هو التعظيم والتفخيم والإكبار. وقال شيخ الإسلام: "التعزير: اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه".

    {وتوقروه} التوقير هو الاحترام والإجلال. قال ابن كثير: "التوقير: هو الاحترام، والإجلال، والإعظام".

    فمن مقاصد بعثته عليه السلام أن يكون محلاً للتوقير والتعظيم والإجلال والإكبار؛ لأنه يستحق الخير كله فهو مفتاح الخيرات في الدنيا والآخرة. فما من خير أصاب الناس في دنياهم إلا ببركة بعثته، وما من خير أصاب آخرتهم إلا بفضل اتباعه والإيمان به.

    فحق الرسول على أمته أن تعظمه، أن توقره، أن تجلُّه، أن تعظم شأنه بكل صور التعظيم المستحقة له.

    توقير النبي في القرآن

    من أراد أن يعرف قدر الرسول عليه الصلاة والسلام فليقرأ القرآن، ولينظر كيف عظم الله نبيه فيه وعزره. كيف خاطب الله فيه نبيه. لم يخاطب الله نبيه ولا مرة واحدة باسمه المجرد كما خاطب نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى وداود وزكريا وغيرهم من الأنبياء.. لا يخاطبه إلا بـ {يا أيها النبي} {يا أيها الرسول}.

    وما أقسم الله في قرآنه بحياة أحد من خلقه إلا بحياة محمد صلى الله عليه وسلم {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} (الحجر:72).

    يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "ما خلق الله وما ذَرَأ وما بَرَأ نفسًا أكرمَ عليه من محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وما سمعتُ الله أقسمَ بحياة أحدٍ غيره".

    قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "وأقسمَ بحياته، وفي هذا تشريفٌ عظيمٌ، ومقامٌ رفيعٌ، وجاهٌ عريض".

    أخبر تعالى أنه رفع له ذكره {ورفعنا لك ذكرك} (الشرح:4). يقول مجاهد: "فلا يذكر الله إلا وذكر معه محمد صلوات الله عليه وسلامه".

    وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

    وشـــق لــه من إسمــه ليجــلـه فـذو العـرش محمود وهذا محمد

    لا يدخل أحد الإسلام إلا إذا شهد: أن محمدا رسول الله، مع شهادته ألا إله إلا الله.
    لا تصح خطبة خطيب حتى يقول في خطبته: "أشهد أن محمدا رسول الله".
    لا يصح أذان مؤذن حتى يقول في أذانه: "أشهد أن محمدا رسول الله".
    لا تصح صلاة مصل حتى يقول في تشهده: "أشهد أن محمدا رسول الله".
    أي إعلاء للذكر أعلى من هذا؟ وأي رفع للقدر أرفع من هذا؟
    فرسول الله أهل أن يوقر ويفخم ويعظم
    دَعْ مَـا ادَّعَتْهُ النَّصَــارَى فـيِ نَـبِيِّهِمِ .. وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًــا فِيهِ وَاحْتَكِمِ
    وَانْسُبْ إِلىَ ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ .. وَانْسُبْ إِلىَ قَدْرُهُ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
    فَـإِنَّ فَضْـــلَ رَسُــولِ اللهِ لـَيْــسَ لــَهُ .. حَـــدٌّ فَـيُــعْــرِبَ عَــنْهُ نَاطِــقٌ بـفـم

    الصحابة وتعظيم نبيهم
    ولقد كان للصحابة رضوان الله عليهم النصيب الأوفر والأوفى من توقيره وتعظيمه مما سبقوا به غيرهم ولم يدركهم مَن بعدهم. حتى استحقوا أن يكونوا خير القرون على الإطلاق [خير القرون قرني](البخاري).

    وقد بلغ بهم توقيره وتعظيمه مبلغا شمل كل ما يتعلق به حتى بلغ بهم تعظيم مسماه.. فقد روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ : [وُلِدَ لِرَجُلٍ مِنَّا غُلاَمٌ فَسَمَّاهُ القَاسِمَ، فَقَالَتِ الأَنْصَارُ لاَ نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وُلِدَ لِي غُلاَمٌ، فَسَمَّيْتُهُ القَاسِمَ فَقَالَتِ الأَنْصَارُ: لاَ نَكْنِيكَ أَبَا القَاسِمِ، وَلاَ نُنْعِمُكَ عَيْنًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَحْسَنَتِ الأَنْصَارُ، سَمُّوا بِاسْمِي وَلاَ تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي].. وقد حملها أكثر العلماء على حياته صلى الله عليه وسلم.
    والشاهد هنا كيف أنهم كانوا يعظمون اسم نبيهم أن يتسمى به غيره، فإذا كان هذا مع الاسم فكيف سيكون الحال مع الشخص.

    كلنا يعرف قصة أبي بكر في صحيح البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن أناسا من بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه يصلح بينهم فحضرت الصلاة ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء بلال فأذن بلال بالصلاة ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم فجاء إلى أبي بكر فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم حبس وقد حضرت الصلاة فهل لك أن تؤم الناس فقال نعم إن شئت فأقام الصلاة فتقدم أبو بكر ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول فأخذ الناس بالتصفيح حتى أكثروا وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة فالتفت فإذا هو بالنبي صلى الله عليه وسلم وراءه فأشار إليه بيده فأمره أن يصلي كما هو فرفع أبو بكر يده فحمد الله وأثنى عليه ثم رجع القهقرى وراءه حتى دخل في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فلما فرغ أقبل على الناس فقال يا أيها الناس ما لكم إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم بالتصفيح إنما التصفيح للنساء من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد إلا التفت يا أبا بكر ما منعك حين أشرت إليك لم تصل بالناس فقال ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
    يقول من أنا وما أنا حتى أصلي إماما وخلفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    وكانت حياته كلها هكذا تعظيما لرسول الله على قربه منه ومحبته له ومقامه عنده.. حتى بعد موته لما ولي الخلافة وأراد أن يخطب الناس ما صعد إلا درجتين من المنبر ولم يصعد الثالثة التي كان يخطب عليها النبي صلى الله عليه وسلم إجلالا له أن يقف مكانه.

    لما زار أبو سفيان ابنته أم حبيبة رضي الله عنها في المدينة، ودخل عليها بيتها، ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فطوته، فقال: يا بنية! ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أو رغبت به عني؟ فقالت: “هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراشه. "رواه الخطيب".

    ولما نزل قول الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}(الحجرات)، قال ابن الزبير: فما كان عمر يُسمِع النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه. يعني يطلب منه أن يرفع صوته. وكان ثابت بن قيس جهوري الصوت يرفع صوته عند النبي صلى الله عليه وسلم فجلس في بيته منكسا رأسه يرى أنه من أهل النار بسبب ذلك، حتى بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.

    ومن شدة حرص الصحابة على إكرامه وتجنب إيذائه، قال أنس بن مالك: “إن أبواب النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقرع بالأظافر”.

    وقد بلغ بهم التوقير والتعظيم والإجلال أنهم كانوا لا يملؤون عيونهم من النظر إليه، حتى المتأخرين في الإسلام كعمرو بن العاص ـ الذي أسلم في أوائل السنة الثامنة وعاش مع النبي قرابة الثلاث أو أربع سنوات ـ يقول عند موته رضي الله عنه: "وما كان أحد أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أجل في عيني منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت لأني لم أكن أملأ عيني منه"(رواه مسلم).

    كان شأنهم في توقيره أوضح وأظهر من أن يستدل عليه، وأجمل من وصف شأنهم في ذلك عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه حين فاوض النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، فلما رجع إلى قريش قال: "أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إنْ رأيت ملِكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحابُ محمدٍ محمداً، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدُّون النظر إليه تعظيما له"(البخاري).

    هذه هي الأمة التي قام عليها الإسلام أول ما قام، أمة عظمت الرسول فنالوا الفلاح الذي وعدهم الله به في سورة الأعراف {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف:157].

    فإذا أردنا أن نفوز الفوز الذي فازوا فعلينا أن نوقر النبي صلى الله عليه وسلم كما وقروه.. فصلى الله على نبيه الكريم، والحمد لله رب العالمين.
    ------------------------------------
    اليهود ورسول الله
    كان الله سبحانه قد أخذ الميثاق على كل نبي وأمته أنه إن بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم أن يؤمنوا به وينصروه {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}(آل عمران:81ـ82).

    وكانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل ظاهرة واضحة لا خفاء فيها قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(الأعراف:157).

    وكان من الوضوح حتى إنهم كانوا يعرفونه أكثر مما يعرفون أبناءهم وأنفسهم {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة:146).
    فقد كان اليهود ومعهم النصارى ـ كما يقول ابن كثير والقرطبي في التفسير ـ: "يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته التي جاءتهم في كتبهم، ويعرفون نبوته وصدق رسالته، كما يعرف الواحد منهم ابنه من بين الناس لا يشك أن هذا ولده، بل وأكثر من ذلك.

    سأل عمر بن الخطاب عبد الله بن سلام: أتعرف محمدا صلى الله عليه وسلم كما تعرف ولدك؟ فقال: نعم وأكثر، بعث الله أمينه في سمائه إلى أمينه في أرضه بنعته فعرفته، وابني لا أدري ما كان من أمه.

    ومنها ما أخرجه الإمام أحمد في مسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر [أَتَوْا عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ نَاشِرًا التَّوْرَاةَ يَقْرَؤُهَا، يُعَزِّي بِهَا نَفْسَهُ عَلَى ابْنٍ لَهُ فِي الْمَوْتِ، كَأَحْسَنِ الْفِتْيَانِ وَأَجْمَلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْشُدُكَ بِالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ، هَلْ تَجِدُ فِي كِتَابِكَ ذَا صِفَتِي، وَمَخْرَجِي؟" فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا، أَيْ: لَا، فَقَالَ ابْنُهُ: إِي وَالَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ، إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِنَا صِفَتَكَ، وَمَخْرَجَكَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: "أَقِيمُوا الْيَهُودي عَنْ أَخِيكُمْ"، ثُمَّ وَلِيَ كَفَنَهُ، وَالصَّلَاةَ عَلَيْهِ. قال ابن كثير: "هذا حديث جيد قوي له شاهد في الصحيح".

    صفة النبي في التوراة
    روى ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد اللّه بن عمرو فقلت: أخبرني عن صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في التوراة قال: أجل، واللّه إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن: {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} وحرزاً للأميّين، أنت عبدي ورسولي، اسمك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، (ولا صخّاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح)، ولن يقبضه اللّه حتى يتم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا اللّه، ويفتح به قلوباً غلفاً، وآذاناً صماً، وأعيناً عمياً. وقد رواه البخاري في صحيحه.. وهكذا كانت حاله عليه الصلاة والسلام لا يأمر إلا بخير ولا ينهى إلا عن شر، كما سبق وصفه في سورة الأعراف.

    يستفتحون على الذين كفروا
    وأعجب من ذلك أن اليهود كانوا يستفتحون برسول الله صلى الله عليه وسلم على المشركين من الأوس والخزرج. كما روي عن ابن عباس: "إن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه اللّه من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه. فقال لهم معاذ بن جبل: يا معشر يهود اتقوا اللّه وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم ونحن أهل شرك وتخبروننا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلاّم بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر لكم، فأنزل اللّه في ذلك من قولهم: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}(البقرة:89).

    كل هذه الشواهد تؤكد أن اليهود ما كانوا يجهلون الرسول صلى الله عليه وسلم بصفته التي جاءت في كتبهم، وأنهم كانوا يتوقعون ظهوره في هذا الزمان، ثم مرت الأيام وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فماذا فعل اليهود؟

    اليهود يجحدون الرسالة
    ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم وذكرهم بالمواثيق التي أخذها الله عليهم بالإيمان به واتباعه على ما جاء به من الإسلام، قال مالك بن الصيف: "والله ما عهد الله إلينا في محمد، وما أخذ علينا ميثاقا". فأنزل الله تعالى:{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(البقرة:100).

    حيي بن أخطب:
    زعيم بني النضير، كان أول من بدأ ببيان حال اليهود وموقفهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. تروي أم المؤمنين صفية بنت حيي رضي الله عنها فتقول: "لم يكن أحد من ولد أبي وعمي أحب إليهما مني؛ لم ألقهما في ولد قط أهش إليهما إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء -قرية بني عمرو بن عوف- غدا إليه أبي وعمي -أبو ياسر بن أخطب- مغلِّسين، فوالله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين، يمشيان الهوينى، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما نظر إليَّ واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهُوَ هُوَ؟! قال: نعم والله! قال: تعرِفُهُ بنَعْتِهِ وصِفَتِهِ؟! قال: نعم والله! قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيتُ"!

    مالك بن الصيف
    ومنهم مالك بن الصيف، وقد كان من أحبار اليهود ورئيسا من رؤسائهم، حمله الجحود والكراهية والبغض لرسول الله أن ينكر رسالات الله كلها؛ فإنه هو الذي قال: {ما أنزل الله على بشر من شيء}، فانظر كيف أدى به عداؤه لرسول الله إلى الكفر بنبينا وبموسى عليهما السلام وبما أنزل عليهما، فقالت اليهود له: ما هذا الذي بلغنا عنك؟ فقال: إنه أغضبني فقلت ذلك. فنزعوه من الرياسة وجعلوا مكانه كعب بن الأشرف.
    وقد كان اليهود يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء تعنتا وحسدا وبغيا ليلبسوا الحق بالباطل، فكان يأخذ عليهم المواثيق إذا أجابهم أن يؤمنوا به فيعطونه عهد الله على ذلك، ثم ينكثون ويجحدون ويكذبون، أو يتعللون بالخوف من قومهم، أو بأي حجة واهية.
    وقد كان كفار مكة يأتونهم يسألونهم عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وعن دين الإسلام وهل هو أفضل أم ما هم عليه من الشرك فيجيبونهم كذبا وزورا بأن ما هم عليه من الشرك أفضل مما جاء به رسول الله.. فأنكر الله عليهم ذلك غاية الإنكار وقال: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَٰؤُلَاءِ أَهْدَىٰ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ ۖ وَمَن يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا}(النساء:51ـ52).

    حادثة السحر
    وكان من أقبح أفعالهم عليهم لعائن الله أنهم سحروا للنبي صلى الله عليه وسلم، فأغروا لبيد بن الأعصم الساحر فعمل له سحرا في مشط ومشاطة، في جف طلعة ذكر، ووضعها تحت راعوفة ببئر ذروان. فما زال كذلك حتى جاء جبريل فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بمكان السحر فأرسل من استخرجه وأبطله، كما روى ذلك البخاري وغيره.

    محاولاتهم لقتل رسول الله
    وكان من خذلان الله لهم أنهم حاولوا أن يقتلوا رسول الله كما زعموا أنهم فعلوا مع عيسى بن مريم فأنجاه الله منهم:
    وقد تعددت محاولاتهم لقتله صلى الله عليه وسلم: في بني النضير على يد عمرو بن جحاش، حينما حاولوا الغدر به وإلقاء حجر الرحى عليه وهو جالس تحت حائط لهم، فأوحى الله إليه بما أضمروه فقام ورجع إلى المدينة ثم أجلاهم بعد ذلك.
    ومرة أخرى عندما وضعوا له السم في الشاة على يد زينب بنت سلام بن مشكم، بعد غزوة خيبر، وقد اعترفوا له بذلك.

    والحق الذي لا مرية فيه أنهم لم ينتفعوا بما كان عندهم من العلم، ولا انتفعوا بما أوصاهم به عقلاؤهم وبعض المنصفين منهم، كما قال النبي لكعب بن أسد سيد قريظة: [ما انتفعتم بنصح ابن خراش لكم، وكان مصدقا بي، أما أمركم باتباعي وإن رأيتموني تقرئوني منه السلام؟ قال كعب: بلى والتوراة، ولولا أن تعيرني اليهود بالجزع من السيف لاتبعتك].

    وبالجملة فقد كان حالهم مع رسول الله أسوأ حال، جحود ونكران، وفسوق وكفران، ولو أردنا استقصاء الأمر لطال، ولكن يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، وإنما هي إشارات ليعلم المسلمون حال اليهود ويحذروا منهم ولا ينخدعوا فيهم.. والله من ورائهم محيط. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    ----------------------------------
    آداب لمستخدمي وسائل التواصل
    لا شك أننا ـ أبناء هذا الزمان ـ محظوظون بما من الله على الدنيا من اختراعات حديثة لم يكن من حظ الأولين رؤيتها ولا التعامل معها، كما هو الحال مع الإنترنت وما نتج عنه من وسائل التواصل الاجتماعي والانفجار المعلوماتي الرهيب الذي وفره للعالم كل العالم.

    وفي البداية لابد وأن يتفق الجميع على أن هذا التطور الهائل نعمة من نعم الله التي تستوجب الشكر؛ فقد انفتح بها أبواب للخير لا يحصيها إلا الله، والتي ينبغي أن ننظر إليها على أنها فتح من الله للعلماء والدعاة والعاملين لنشر الخير والعلم ولنشر دين الله في العالمي؛ وذلك بما يسرت من أسباب ووفرت من إمكانات.

    ولابد أن نتفق أيضا على أن هذه الوسائل كما حوت كثيراً من الخير فإنها أيضا قد حوت بين طياتها كثيرا من الشر، وجمعت بين خير مشوب بشر، وشر مشوب بخير، خصوصا مع كثرة المواقع والمنتديات على هذه الشبكة العنكبوتية واختلاف توجهاتها، وتنوع مذاهبها وأفكارها وآرائها؛ إذ جمعت تلك المنتديات الصالح والطالح، ومنها ما هو نافع ومنها ما هو مُفسد أو فاسد... فلابد من التحذير والتنبيه والاحتراز الشديد حال الاستخدام، حتى لا تنزلق الأقدام، ويأتي الشر من وراء الخير.
    آداب هامة
    إننا هنا نريد أن ننبه على آداب هامة ينبغي لمستخدم هذه الوسائل من استعمالها والتنبه إليها.. لا ندعي أنها هي كل الآداب، وإنما شيء منها تذكرناه، وربما فاتنا ما لم يفت غيرنا من الناصحين:

    النية النية:
    إن استخدام الشبكة العنكبوتية ووسائلها التواصلية يأكل وقت الإنسان وعمره حتى إنه يقضي فيها الساعات الطوال، وهذا يستلزم نية طيبة حتى لا يضيع كل هذا الوقت هباء بلا أجر، والنية أصل قبول الأعمال فلا يقبل الله منها إلا ما كان صالحا وابتغي به وجهه كما في حديث عمر في الصحيحين: [إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لكل امْرِئٍ مَا نَوَى].
    ولهذه النية فائدة أخرى: وهي أن العبد سيتقى الله فيما يكتب وينشر، وفيما يقرأ ويسمع ويرى، وأهم من هذا أنه لن ينتظر من أحد جزاءً ولا شُكورا على ما يفعل، ويستوي عنده أن يعلق على منشوره أحد أو يمر ولا يشكره فإنما أجره على الله.

    المحافظة على الأوقات والواجبات
    فكما قلنا إن استخدام الشبكة ووسائلها يأكل الوقت أكلا، ويقطع العمر قطعا، وأغلى ما في الوجود الوقت إذ هو العمر، فهو لا يقدر بثمن، وهو أغلى من الذهب والفضة، وما فات منه فلا يمكن استرجاعه، وهو رأس مال العبد الذي يتاجر فيه مع الله ويشتري به سعادة الدنيا والآخرة، وبقدر ما يفوت في غير طاعة بقدر ما يفوت من نعيم الدارين، وأكثر الناس مغبون فيه كما في الحديث: [نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ]. فداخل الشبكة إن دخل بغير هدف ضاع عمره، وراح وقته، وسرقت ساعاته، دون نفع أو مصلحة دينية أو أخروية؛ ولهذا كان لابد من أمرين:
    الأول: المحافظة على الوقت وذلك بتحديد وقت للتصفح والاستخدام في المتابعة أو تبادل المنفعة، أو الدعوة أو غيرها.. حتى لا يضيع العمر فيها.
    والثاني: الانتباه للواجبات وخاصة الصلوات فلا ينشغل الإنسان عنها ولا يسول له الشيطان فيسوف عن الجماعات وعن صلة الأرحام وبر الوالدين وحقوق المسلمين، ولا ينشغل بالنت عن واجب الوقت.

    اختيار الأسماء الافتراضية
    من الآداب المهجورة في فتح الحسابات على وسائل التواصل مسألة اختيار الاسم الافتراضي، فالكثير ينظر إليها على أنها أسماء وهمية غير حقيقية، فلا مساءلة فيها ولا حساب عليها.. ولكن الحق أنها يكره فيها ما يكره في الاسم الحقيقي لأن مستخدمي النت يتعاملون مع صاحبها على أساسها.. فننبه إلى أنه:
    يكره تعمد التسمي بأسماء الفساق الماجنين والمشهورين بالخلاعة والفجور. ويكره التسمية بأسماء فيها معان تدل على الإثم والمعصية، كظالم أو عربيد، والفاجر، والعاشق، وسارق القلوب، وصريع الغواني، والولهان وأشباهها.
    وتكره التسمية بأسماء الفراعنة والجن: كفرعون، قارون، هامان. كما يكره التسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصفات المستهجنة. كما يكره ما فيه تزكية لصحابه أو صاحبتها.
    وللحق فإن كثيرا من الأسماء المنتشرة يحوي مُخالفة أو مخالفات لا ينتبه لها أكثر المستخدمين.

    والصور أيضا:
    ومثل ما قيل في اختيار الأسماء كذلك يقال في اختيار الصور، ففيها محاذير: كاستخدام بعض الفتيات لصورهن الخاصة ووضعها في المعرف، أو وضع بعض الرجال صور لهم مع زوجاتهم أو العكس، وبعض الشباب هداهم الله يضعون صورا عارية ومثيرة، وهذا ينبغي ألا يحدث، وكل ما يفتح باب فتنة فقد سد الشرع بابه سدا للذريعة، والبدائل في هذا الباب متوافرة والحمد لله.

    الحذر من الكذب على الله وعلى رسوله:
    وذلك أحيانا يكون عن غير قصد عند نقل الرسائل المرسلة من أطراف أخرى، وقد يكون جهلا من صاحب الرسالة، عندما يفتي بغير أهلية، أو يحلل ويحرم بدون علم، أو يصف ربه أو ينسب إليه قولا أو فعلا أو وصفا لم يثبت ولم يصح، وقد حذرنا الله من هذا المسلك فقال: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}(الأعراف:33}، وقال: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}(لنحل:116).

    ومثل هذا الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ينسب إليه ما لم يقله أو يفعله، وقد قال صلوات الله وسلامه عليه: [من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار](متفق عليه)، أو ينشر أحاديث لا يعلم مدى صحتها من ضعفها أو وضعها فيكون أحد الكاذبين كما في سنن الترمذي وابن ماجة: [من حدث عنى بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين].
    ومن فضل الله علينا جميعا ـ وعلى مستخدمي النت خصوصا ـ وجود مواقع متخصصة لتخريج أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان صحتها من ضعفها وحكم العلماء عليها، فيجب على من أراد نشر حديث أن يراجع هذه المواقع فلا ينسب إلى النبي عليه الصلاة والسلام إلا ما تأكد من نسبته إليه.

    المصداقية المصداقية:
    عِلمُ بعض الناس بأنهم مجهولو الهوية غير معروفين عند الأطراف الأخرىن قلل عندهم حس المسؤولية فيما يكتبون أو ينقلون أو يعلقون، فلا يدققون فيما يقولون أو ينقلون، ولا يتخيرون ما يكتبون. والإنترنت كما هو معروف ـ فيه معلومات وأرقام وأخبار كثير منها مزور أو غير دقيق، وفيه شائعات وأخبار كثيرة جدا لا أصل لها، فينبغي الحذر من النقل قبل التأكد؛ لأن ذلك فيه مفاسد كثيرة وتشويه لعقول الناس وقلوبهم ومعلوماتهم.

    احذر السرقة العلمية
    وهو نقل كلام الغير على أنه كلامك، وعمل الغير على أنه عملك، وهذا من سرقة لجهد الآخرين، والأصل أن ينسب العلم إلى أهله، ويضاف القول إلى قائله، فيمتدح من يستحق المدح ويدعى لصاحب الفضل، وقد قال الأولون: "إن من بركة العلم نسبته إلى قائله أو إلى أهله"، ولن يضير الإنسان أن يفعل ذلك فيشكر على حسن الاختيار ويفوز بصفة الأمانة والصدق، ويكتب الله له القبول والأجر.

    الارتقاء بلغة الخطاب وقبول المخالف:
    كثير مما يطرح في المنتديات هو عبارة عن وجهات نظر وآراء شخصية ـ كما يقول الدكتور عبدالكريم بكار ـ ومن هنا فإن من الطبيعي أن نختلف حوله ونحن مطالبون تجاه المختلف فيه بأمرين:
    الأول: عدم اللجوء إلى الاتهام وتجريم النيات، فالله وحده هو الذي يعلم السرائر ودوافع الناس، ولكن لنناقش الفكرة ولنوضح عيوبها والمآخذ عليها، دون تعرض للأمور الشخصية أو اتهام للنوايا.

    الأمر الثاني: هو الارتقاء بلغة الخطاب، ومن المؤسف أن كثيراً من الناس يستخدمون أساليب مقززة وألفاظا مقذعة وخادشة ويتمادون في السب والشتم فيؤذون بذلك أنفسهم وإخوانهم ويجرحون الذوق العام.. ونذكرهم جميعا بأن الله مطلع على سرائرهم، عالم بما يسرون وما يعلنون، وهو مجازيهم عليه، فليتقوا الله وليربعوا على أنفسهم.

    احذر خطوات الشيطان:
    أمر ملاحظ عند الكثيرين من أهل الخير وأصحاب الفضل وهو التساهل ـ مع مرور الوقت ـ في النظر إلى صور المتبرجات والمحرمات وسماع الموسيقى والمعازف المصاحبة لبعض المقاطع، والتساهل في إرسال رسائل تحوي ذلك بدعوى أن فيها منافع، ومثله التساهل في التواصل مع النساء والفتيات ومحادثتهن تحت أي مسمى، وهذا التساهل إنما يأتي مع مرور الوقت، وهو من تزيين الشيطان وخطواته في استدراج أهل الصلاح وأهل الخير وغيرهم، فيتعود الإنسان على رؤية أشياء كان يتورع عنها من قبل، ويتساهل في أمور كان يعدها من المحرمات، ومع الأيام يرتفع من القلب إنكارها وبغضها وتصبح عادية جدا.. وقد قال تعالى محذرا عباده: {يأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر}، وقال: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}(فاطر:6).

    وصية شعرية
    ومن لطيف ما نظم في هذا الباب قول بعضهم:
    ﻳَﺎ ﺩَﺍﺧِﻞّ (ﺍﻟﻨﺖ) ﺧُﺬ ﺧﻤساً ﻣﻦ ﺍلدُﺭرِ ... ﺗﺤﻤﻴﻚ ﺗﻨﺠﻴﻚ ﻣﻦ ﺩﻭﺍﻣﺔ ﺍلخطرِ
    ﺭﺍﻗﺐ ﺇﻟﻬﻚ ﻻ ﺗﻬﺘﻚ ﻣﺤــﺎﺭمَــﻪ ... ﻭﺍﺣـﻔﻆ ﻗُـﻠﻴﻤﻚ ﻭﺍﺣﻔـﻆ ﻧﻌﻤﺔ ﺍلبصــرِ
    ﺧَﻞِّ ﺍﻟﻔﻀﻮﻝ ولا تركب مراكبه ... ﺇنَّ ﺍﻟـﻔﻀﻮﻝ ﺑﺮﻳـﺪُ ﺍﻟـﻀﺮ ﻭ ﺍﻟﻀــﺮرِ
    ﻭاﺣﺬﺭ ﺗُﺼَﺎﺩِﻕ ﻣﻦ ﺗﺸﻘﻰ بصفحَته ... ﻻ ﺗﻔﻌـلنَّ.. ﻭﻫــﺬﻱ ﺭﺍﺑــﻊ ﺍﻟـــﺪﺭرِ
    ﺃﻣـﺎ ﺍﻟـحـوﺍﺩﺙ ﻭﺍﻷﺧﺒﺎﺭ فاحذَﺭﻫﺎ ... ﻻ ﺗﻨﺸﺮنَّ ﺳـﻮﻯ ﻣﺎ صح من ﺧــﺒﺮ
    ﺧﻤﺲ ﻣﻦ ﺍلدﺭ ﻗﺪ جَاﺀﺕ ﻋﻠﻰ عجَل ... ﻓﺎﻋﻤــﻞ ﺑﺬﻟﻚ ﺗﺠﻨﻲ طـيّب ﺍلثـمـرِ

    وفي النهاية نقول لكل متصفح للنت ومستعمل لوسائل تواصله ما قاله ابن المعتز رحمه الله:
    خــل الذنــوب صغيـــرها وكبيرهــا ذاك الــتـقى
    واصنع كماش فوق أرض الشوك يحـذر ما يرى
    لا تحقـــرن صغــيرةً إن الجبـالَ من الحــصـــى

    نسأل الله أن يحفظنا جميعا بحفظه، وأن ينفع بنا عباده، وأن يستخدمنا في طاعته.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    ------------------------------
    قتلة الأنبياء
    كانت علاقة اليهود بالله جل في علاه أسوأ علاقة بين عبد وخالقه، وبين معبود وإلهه الذي يعبده، وبين إنسان وولي نعمته وصاحب كل الفضل عليه؛ فقد اعتقدوا فيه الاعتقاد الباطل، وقالو عنه قالة السوء والبهتان، ونسبوا إليه النقص والتعب والحزن والبكاء، والجهل والضعف، وزعموا أنه صارع عبده يعقوب فصرعه يعقوب فتوسل الرب لعبده أن يتركه، فأبى يعقوب أن يترك إلهه المصروع حتى يباركه.. تعالى الله.

    وصفوه بالبخل فقالوا: {يد الله مغلولة}، ونعتوه بالفقر فقالوا: {إن الله فقير ونحن أغنياء}.. ونسبوا إليه الصاحبة والولد،{وقالت اليهود عزير بن الله}. إلى غير ذلك من أقوال الكفر والزور والباطل والبهتان.

    فإذا كان هذا حالهم مع الإله الخالق الكريم فكيف سيكون حالهم مع المخلوقين؟
    وفي هذه العجالة نتحدث عن اليهود وعلاقتهم بالأنبياء والمرسلين.. اعتقادهم فيهم، ومعاملتهم لهم.

    الأنبياء صفوة البشر
    وعقيدتنا نحن المسلمين في الأنبياء والرسل أنهم صفوة البشر اختارهم الله من بين الناس ليكونوا سفراء بينه وبين خلقه، فهم خيرة الله، صنعهم على عينه، وعصمهم من الدنايا والكبائر والنقائص، ونزههم عن كل شين وعيب، فكانوا عبيدا لله مخلصين ومطيعين كما أخبر الله عنهم بعد أن ذكر عددا منهم في سورة مريم فقال: {أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}(مريم:58). وقال عنهم في السورة المسماة باسمهم سورة الأنبياء مادحا إياهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}(الأنبياء:90).

    أما اليهود فلهم نظرة أخرى.. ومن يقرأ التوراة اليهودية أو التلمود يجد أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام موصوفون عندهم بصفات الضعف والخيانة، والجشع والخسة والنذالة والتهتك، بل نسب إليهم هؤلاء اليهود المجرمون جرائم الزنا وشرب الخمور والقتل.. وكأن الله عندما اختارهم لم يكن يعلم عنهم شيئا، وإنما خبط عشواء، فجاءوا على خلاف ما يرجو وما يهوى.

    نوح يسكر ويتعرى
    في سفر التكوين جاء في وصف نوح عليه السلام: "وابتدأ نوح يعمل فلاحا، وغرس كرما وشرب من الخمر، فسكر وتعرى داخل خبائه، وأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا".
    وأما القرآن الكريم فقد امتدح نوحا عليه وسلام بما هو أهله فقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}(الإسراء:3).

    لوط يسكر ويزني بابنتيه
    وأما لوط نبي الله الكريم الذي أقر له قومه المجرمون بأنه وأهل بيته أناس يتطهرون، فهو في التوراة المحرفة إنسان آخر، يسكر ويزني ويأتي الفاحشة..
    فقد ذكروا في (سفر التكوين 19: 30 ـ 38) عنه أفحش ما يوصف به إنسان: "وَصَعِدَ لُوطٌ مِنْ صُوغَرَ وَسَكَنَ فِي الْجَبَلِ وَابْنَتَاهُ مَعَهُ لأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَسْكُنَ فِي صُوغَرَ. فَسَكَنَ فِي الْمَغَارَةِ هُوَ وَابْنَتَاهُ. وَقَالَتِ الْبِكْرُ لِلصَّغِيرَةِ: «أَبُونَا قَدْ شَاخَ وَلَيْسَ فِي الأَرْضِ رَجُلٌ لِيَدْخُلَ عَلَيْنَا كَعَادَةِ كُلِّ الأَرْضِ. هَلُمَّ نَسْقِي أَبَانَا خَمْراً وَنَضْطَجِعُ مَعَهُ فَنُحْيِي مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَدَخَلَتِ الْبِكْرُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَ أَبِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا. وَحَدَثَ فِي الْغَدِ أَنَّ الْبِكْرَ قَالَتْ لِلصَّغِيرَةِ: «إِنِّي قَدِ اضْطَجَعْتُ الْبَارِحَةَ مَعَ أَبِي. نَسْقِيهِ خَمْراً اللَّيْلَةَ أَيْضاً فَادْخُلِي اضْطَجِعِي مَعَهُ فَنُحْيِيَ مِنْ أَبِينَا نَسْلاً». فَسَقَتَا أَبَاهُمَا خَمْراً فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ أَيْضاً وَقَامَتِ الصَّغِيرَةُ وَاضْطَجَعَتْ مَعَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِاضْطِجَاعِهَا وَلاَ بِقِيَامِهَا, فَحَبِلَتِ ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أَبِيهِمَا. فَوَلَدَتِ الْبِكْرُ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «مُوآبَ» - وَهُوَ أَبُو الْمُوآبِيِّينَ إِلَى الْيَوْمِ. وَالصَّغِيرَةُ أَيْضاً وَلَدَتِ ابْناً وَدَعَتِ اسْمَهُ «بِنْ عَمِّي» - وَهُوَ أَبُو بَنِي عَمُّونَ إِلَى الْيَوْمِ)(تكوين 19: 30 ـ 38).
    لا إله إلا الله.. والله إن هذا ليترفع عنه الفاسقون الفاسدون المجرمون، فكيف ينسب مثل ذلك إلى نبي من أنبياء الله الطيبين الأكرمين، والعجيب أنه أتى لينهى قومه عن الفاحشة ويتوعدهم بعقاب الله، ثم بعد ذلك ينسب إليه مثل هذا الفعل الشنيع. سبحانك هذا بهتان عظيم.

    وداود وسليمان
    وقالوا عن داود ـ وهو من أكرم أنبيائهم، وأعظم ملوكهم، وصانع مجدهم ـ أنه رأى زوجة قائده أوريا فأعجبته، وأنه زنا بها، وأنه تحايل لقتل أوريا بإرساله على رأس جيش إلى مكان مهلك حتى يقتل ويموت ليستأثر هو بامرأته. فأي خسة ونذالة، وأي غدر وخيانة ينسبها هؤلاء الأفاكون إلى نبي الله الذي قال الله عنه: {نعم العبد إنه أواب}(ص:30).

    وقالوا عن سليمان إنه ساحر، وأنه تزوج بنساء مشركات، وأنه عبد الأصنام معهم، ثم بنى للأصنام بيتا للعبادة. جاء في الملوك الأول (11: 3 ): " كانت له سبع مئة من النساء السيدات و ثلاث مئة من السراري فامالت نساؤه قلبه 11: 4 و كان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملا مع الرب إلاهه كقلب داود أبيه".
    نبي يأتي قومه لينهاهم عن الشرك ويأمرهم بتوحيد الله وعبادته دون غيره، ثم ينسب إليه أنه ترك التوحيد وأشرك برب العبيد.لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
    وقد برأ الله نبييه ونزههما عن هذه الأكاذيب وذلك الإفك والبهتان، ووصفهما بصفات الإيمان والفوز بالجنان فقال: {ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنه أواب...} إلى أن قال: {وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب}(ص)

    هارون يأمر بعبادة العجل
    زعموا أن هارون عليه السلام هو الذي صنع لهم العجل ودعاهم إلى عبادته فقالوا في (سفر الخروج) (32/1): " ولما رأى الشعب أن موسى أبطأ في النزول من الجبل اجتمع الشعب على هارون، وقالوا له: قم اصنع لنا آلهة تسير أمامنا... فقال لهم هارون: انزعوا أقراط الذهب التي في آذان نسائكم وبنيكم وبناتكم وأتوني بها.... فأخذ ذلك من أيديهم وصوره بالإزميل وصنعه عجلاً مسبوكاً، فقالوا: هذه آلهتك يا إسرائيل". فهل يعقل أن نبيًّا أرسله الله لدعوة قومه إلى عبادة الله وحده يصنع لقومه عجلاً، ويدعوهم إلى عبادته؟! حاشا أنبياء الله من ذلك. وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ في القرآن أن الذي صنع لهم العجل هو السامري، فقال عزَّ وجلَّ: {قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ}[طـه:85]. أما هارون عليه السلام فقد قام بواجبه من ناحية نهيهم عن عبادة العجل، قال جلَّ وعلا: {وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي}[طـه:90].

    زكريا ويحيى وعيسى ومريم
    نشروا زكريا بالمناشير، وقدموا رأس يحيى لبغي من بغاياهم، وقالوا عن مريم بهتانا عظيما، وأنها زنت مع يوسف النجار فحملت بعيسى سفاحا. وزعموا في النهاية أنهم قتلوا عيسى وصلبوه {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ}(النساء:157) ولكنهم فعلوا ذلك وهم يعتقدون أنه رسول الله فاستحقوا العقوبة، وباءوا بلعنة الله والملائكة والناس أجمعين.

    موسى عليه السلام
    أكثر أمة آذت الرسل هم اليهود، حتى موسى عليه السلام أعظم أنبيائهم ما سلم منهم، ولا من أذاهم، حتى ضج منهم {وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ۖ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}(الصف:5).
    لقد لقي منهم عنتا وعنادا وكبرا وصدا وبهتانا، وشيئا لا يوصف من الإعراض وفساد القلب فهم الذين قالوا له: {اجعل لنا إلها كما لهم آلهة}، وقالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة}، وقالوا: {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون}.
    ولما آذى بعض المنافقين رسول الله قال: رحم الله أخي موسى، قد أوذي بأكثر من هذا فصبر.. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا}(الأحزاب:69).

    قتلهم للأنبياء والرسل
    أكثر أمة أرسل الله إليها الرسل هم بنو إسرائيل، وأكثر أمة آذت المرسلين هم بنو إسرائيل، ولقد بلغ بهم الحال أنهم كانوا يقتلون أنبياءهم حتى وصفوا بأنهم قتلة الأنبياء، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه فقال سبحانه: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ}(البقرة:87)، وقال: {لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا ۖ كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ}(المائدة:70)، وقال: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}(النساء:155).

    فعاقبهم الله بالذلة والمسكنة والخزي في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ}(آل عمران:113).

    وقد صح في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل نبيا أو قتله نبي، أو رجل يضل الناس بغير علم، أو مصور يصور التماثيل](صحيح الجامع).

    وهو عين ما توعدهم الله به يوم القيامة فقال جل في علاه: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . أُولَٰئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ}(آل عمران:21، 22).

    فهؤلاء هم اليهود، وهذه هي علاقتهم بالنبيين والمرسلين، فإذا كان هذا حالهم فكيف ستكون حالتهم ومعاملتهم مع بقية الخلق وخاصة عباد الله المؤمنين المخلصين؟!
    -----------------------------
    عندما يكون الإعلام دينا!!
    لم يعد أحد يماري في أن ميدان الإعلام قد أصبح في هذا الزمن من أعظم ميادين الجهاد لنصرة دين الله، وإبلاغ الحق للخلق.
    ولا يشك أحد في دور الإعلام وأثره في الحفاظ على الأمة وتاريخها وهويتها، وفي نشر إسلامنا العظيم ورفع كلمة الله شامخة، وليس بمنكور استخدام الإعلام ومكانته في إيصال الحق للخلق، ومدى وجوب ذلك على الأمة عموما كواجب كفائي ثم على أهل التخصص كواجب يصل إلى أن يكون عينيا في حقهم، هذه هي رسالة الأمة في تبليغ الإسلام رمز الحق الذي تنتظره البشرية لتتمسك به وتدافع عنه {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}(يوسف:108).

    وهذه الرسالة التي نأمل من الإعلام في بلادنا أن يقوم بها لا يمكن أن تتم سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.. سواء كنا داعمين أو فرسان في ميدان الجهاد الإعلامي مالم نجعل (الإعلام دينا) ونجعل من رسالته عبادة لله تعالى نتنفس فيها معنى الاسم الجامع لكل ما يحبه الله ويرضاه.

    عندما يكون الإعلام دينا
    عندما يكون "الإعلام دينا" فلن تجد مصلحاً تأسره كاميرا في ذلك الميدان تصغر من رؤيته ورسالته فتحصرها في عمل برنامج فقط من أجل تواجده وشهرته ومنافسته لأقرانه، نظرته للإعلام على أنه ديانة سيجعله يفكر ألف مرة كيف يكون هذا الظهور طهورا له عند ربه وقد أثر في بناء عقول وقلوب أبناء أمته.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن تجد كاتب نص ـ لجنة أو فردا أو نخبا ومفكرين ـ يفرحون بقبول نصهم كمنتَج لبرنامج مالم يتأكدوا أن ذلك الكيان الراعي لهم لن يمرر آلاف الرسائل الضمنية التي تقتل في نفوس المشاهدين هويتهم أكثر من نصهم الذي فرحوا بقبوله.

    عنما يكون "الإعلام دينا" لن تجد سوقا تباع فيه وتشترى أمانة الكلمة وقلوب الشباب والفتيات الطموحين للشهرة بأبخس الأسعار وباسم الإعلام وعلى حساب هوية أمتنا وثوابتها.

    عندما يكون "الإعلام دينا" سوف تتقازم كل خطط الأعداء في استخدام شبابنا كرموز في مصيدة تلك المنصات الإعلامية التي على مسرحها يمارس طمس الهوية وتضييع الأمة وتمييع أبنائها.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن نسمح لفرد مهما ملك أن يملي علينا ما نعق به أمتنا وقيمنا وتاريخنا وثوابتنا وعقيدتنا.

    عندما يكون "الإعلام دينا" سنقف في ميدان جهاد الكلمة وكأننا نصوم ونصلي ونزكي، وكأن الإعلام اتصال مع الله للإتقان والإبداع وصبر على الطريق وبذل الوقت والمال، والله يتولى دفع الثمن وتوفية الأجر.

    عندما يكون "الإعلام دينا" سيتسع لنا الأفق، ونرى تفاصيل الكون الفسيح؛ لنقدم عملا ينطق بالتميز والإبهار والعمق في محتواه وصورته.. نحقق فيه رضى ربنا، ونجمع فيه قلوب أمتنا، ونبني عقولا، ونخرج جيلا يحمل الرسالة الخالدة معتزا بتاريخه العظيم ودينه القويم ورسالته الخالدة.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن يهمنا من هو خصمنا، ولن يكون منطلقنا الدفاع وردة الأفعال، بل دفاعا وهجوما وإنتاجا "والحق أبلج يغازل الفطرة ويحركها" حتى لو امتلك خصمنا بأجندته وأعوانه أقوى السلاح الإعلامي فالنية التي نحملها ليس للفشل فيها مكان لأنه دين نحمل كلمته بكل حب في ذلك الميدان لنثخن فيه عدوا قرب الانتصار عليه بكلمة الحق.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن يضيع وقتنا في تصفية حساباتنا مع من خالفنا بشيء فيه متسع للخلاف، إذ المقصد لنا جميعا نصرة الدين ورضا رب العالمين، والخلاف شر، وصرف عن المقصد الأساسي، أو على الأقل انشغال وتأخير عن الوصول إليه، وعدونا يفرح بانشغالنا بالميدان والتهائنا عنه بأنفسنا.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن تجد من يجعل الشاشة ميدانا لضعف الإسلام، بل سيبذل كل فرد وسعه ليكون العمل على أكمل وجه وأحسنه فهي عبادة، وسيجد العدو البنيان المرصوص الذي يكمل بعضه بعضا، ويعين بعضه بعضا، ويتعاون أفراده لمنافسة إعلامهم المغرض والخادع وآلته الجبارة بإعلام يضاهيه قوة وتقدما وتأثيرا، وعلما وخبرة لإعطاء الصورة المطلوبة والحقة عن الحق الذي يبلغونه، ولن تجد أحدا ممن جعل إعلامه دينا يغرد بعيدا عن نصرة من في الميدان.

    وعندما يكون "الإعلام دينا" لن تجد ذلك التاجر الذي يتعامل مع الإعلام وكأنه قطعة حلوى ذاق طعمها وتلذذ بها ثم بحث عن هواية أخرى، وكأن ذلك العمل العظيم لم يكن في محراب دعوته لربه!

    عندما يكون "الإعلام دينا" فلن يمرر علينا أحد خديعة "اتركوا الشاشة وركزوا على وسائل التواصل الاجتماعي"، بينما عدونا في الميدان أكبر سلاحه هو تلك الشاشة التي في كل بيت ومنتدى وساحة وفندق.. بل فرساننا في الميدان ستجدهم في كل المجالات يكمل بعضهم بعضا، في المحتوى والوقت والعمق، حسب الهدف الذي نريد أن يصل إليه سهم كلمتنا، ولن نسمح لأحد أن يحدد لنا الوقت والطريقة والمنصة. فإن الجميع من فرسان الخير يعمل بقدرته وتركيزه لهدف واحد ندور فيه كل منتجاتنا لتصل لقلوب الفطرة.

    عندما يكون "الإعلام دينا" لن نسمح لأحد أن يشتري إرادتنا، أو أن يضعف همتنا بتوقف دعمه أو تشجيعه.. فطريقنا نستمد منه القوة بتلك النية "الإعلام دين" وسنبقى في الميدان حتى لو كنا في صحراء قاحلة من الدعم؛ لأننا تعلمنا أن الجنة ثمانية أبواب والسماء أعظم باب للرزق والتوفيق لمن حسنت نيته وكان الله معه {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}[الطلاق:2- 3]‏.
    عندها تشرع لنا البدائل، ويقرب من عقولنا الإبداع، ويتحول ألم التحدي إلى حلاوة الصبر والتصدي لكل المتغيرات، سنحمل الكلمة ونخدم أمتنا ونجمع قلوبنا ونبصر عدونا ونفتح كل الأبواب في إعلامنا الهادف ففيه صوت الفطرة الذي ينتظره الجميع.

    وأخيرا
    عندما يكون "الإعلام دينا" سنفتخر أن نموت في ميدانه، ولن يستطيع أحدا أن يساومنا على هويتنا ورسالتنا، ولن يحولنا أحد من خدمة إسلامنا إلى استخدامه {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}(الأنعام:162).
    د.محمد السيد (بتصرف يسير)
    ------------------------------------
    اليهود.. أشد الناس عداوة
    روى ابن إسحاق في السيرة والبيهقي في "دلائل النبوة" عن صفية بنت حيي رضي الله عنها قالت: لم يكن أحد من ولد أبى وعمى أحب إليهما منى، لم ألقهما في ولد لهما قط أهش إليهما إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء، قرية بنى عمرو بن عوف، غدا إليه أبى وعمى أبو ياسر بن أخطب مغلسَين، فو الله ما جاءانا إلا مع مغيب الشمس، فجاءانا فاترين كسلانين ساقطين يمشيان الهوينى، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فو الله ما نظر إلى واحد منهما، فسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي: أهو هو؟ قال: نعم والله! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم والله. قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته والله ما بقيت!
    وسبحان القائل في قرآنه وكتابه وهو أصدق القائلين: {الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون}.

    أشد الناس عداوة
    لقد جسد حيي بقوله هذا طبيعة اليهود أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الإسلام والمسلمين في كل زمان وفي كل مكان، فبغض الإسلام هو قضيتهم التي لا يمكن أن تفارق قلوبهم، وهي وإن فارقت ألسنتهم أحيانا إلا أن قلوبهم تأبى كما قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (المائدة: 82).

    هكذا قال ربنا ـ وهو العالم بخبايا النفوس، مكنونات الصدور ـ {ومن أصدق من الله قيلا}، {ومن أصدق من الله حديثا}؟، وبهذا شهد عليهم القرآن، وهكذا شهد عليهم التاريخ، وشهدت عليهم أفعالهم وأقوالهم، حقد يملأ النفوس، ويعصر القلوب، ويفتت الأكباد، إذا كانوا في ضعف كبتوه فأحرق نفوسهم فلم يستطيعوا أن يكتموه؛ فألبوا الكفار على المسلمين، وحاكوا الفتن، ونسجوا الدسائس، وأوقدوا الإحن، ونفخوا في كل رماد؛ حتى تتأجج منه النار {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}(المائدة:64)، كما فعلوا في غزوة الأحزاب، وكما حاولوا الوقيعة بين الأوس والخزرج، وكما فعل ابن سبأ في فتنة عثمان، وقبل ذلك كما فعلوا في المسيح وحوارييه.

    أما إذا تمكنوا وعلت كلمتهم، وارتفعت دولتهم، وقويت شوكتهم، فيا ويل المؤمنين منهم، كسر عظام، وتحطيم رؤوس، وفقء عيون، وقتل شيوخ ونساء وأطفال، وهتك أعراض، وتشريد وتعذيب وترى منهم مالا يخطر ببال ولا يطيف بخيال.

    شهدت ربوع فلسطين منذ دخلوها على ذلك كما في "كفر قاسم" و"دير ياسين"، وقرية "أبو شوشة"، و"الطنطورة" قديما، وكما في مجزرة "بيت المقدس"، و"الحرم الإبراهيم، و"مخيم جنين" وغيرها حديثا.
    وشهدت لبنان على قساوتهم وحقدهم في "صبرا وشاتيلا" وفي "قانا"، وما عداها، وشهدت انتفاضة الحجارة تحجر قلوبهم يوم كانوا يكسرون عظام الأطفال ليعجزوا حتى عن حمل الحجارة.
    وسلوا محمد الدرة وأباه ماذا صنعا وقد رآه العالم كله وهو يقتل برصاص الغدر والخيانة بين يدي أبيه؟

    أمة ملعونة
    إن اليهود أمة ملعونة مغضوب عليها، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون].. فقد جمعوا من صفات السوء ما جعلهم أهلا لهذه اللعنة وهذا الغضب:

    فهم أهل الكذب والبهت، والغدر والمكر، قتلة الأنبياء، وأكلة السحت، أخبث الأمم طوية، وأبعدهم من الرحمة، وأقربهم من النقمة.

    ما زال بهم خبثهم ومكرهم، وكفرهم وسوء فعلهم وقسوة قلوبهم حتى غضب الله عليهم، ولعنهم في كتبه، وعلى ألسنة رسله، وجعل منهم قردة وخنازير: {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ ۚ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ ۚ أُولَٰئِكَ شَرٌّ مَّكَانًا وَأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ}(المائدة:60).

    قلوب غلفها الكفر بعد أن أحرقها الحسد والحقد والغل {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَّا يُؤْمِنُون}(البقرة:88)، {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}(النساء:155).

    نفوس خبيثة طبعت على الخيانة والغدر فلا تعرف الأمانة ولا الوفاء، لا يحفظون عهدا لله ولا لخلقه، ولا يوفون بميثاق {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}(البقرة:100)، {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ ۚ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.

    جرأة على الله تعالى لا حد لها، حتى حرفوا كتابه وجهروا بعصيانه {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، فهو تحريف عن عمد وقصد وليس عن خطأ أو اجتهاد وإنما كفر وعناد، كعنادهم وإصرارهم وجهرهم بالعصيان بعد بلوغ الأمر والنهي إليهم ومعرفتهم به {مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}(النساء:46).

    إنهم يعيشون بقلب حيي بن أخطب في أبدان تدعي الحرية والسلام، ولكن تأبى فعالهم وألسنتهم إلا أن تنطق بما نطق به حيي قديما.. "عداوته ما حييت".
    إسلام ويب....






                  

العنوان الكاتب Date
مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب... سيف اليزل برعي البدوي07-08-20, 11:52 AM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:03 PM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:05 PM
    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-09-20, 12:13 PM
      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-10-20, 10:42 AM
        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-11-20, 12:23 PM
          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-13-20, 12:32 PM
            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-14-20, 03:42 PM
              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-15-20, 01:05 PM
                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-16-20, 01:46 PM
                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-17-20, 12:47 PM
                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-18-20, 03:53 PM
                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-19-20, 02:58 PM
                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-20-20, 05:18 PM
                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-21-20, 03:01 PM
                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-23-20, 00:52 AM
                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-24-20, 01:11 AM
                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-25-20, 01:58 AM
                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 01:41 AM
                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 12:20 PM
                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-03-20, 03:17 PM
                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-04-20, 02:10 PM
                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-05-20, 02:06 PM
                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-06-20, 02:56 PM
                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-07-20, 12:27 PM
                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-08-20, 01:04 PM
                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-09-20, 01:12 PM
                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-10-20, 01:07 PM
                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-11-20, 03:28 PM
                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-12-20, 05:15 PM
                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-13-20, 01:28 PM
                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-14-20, 01:58 PM
                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-15-20, 12:34 PM
                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-16-20, 02:47 PM
                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-18-20, 11:36 AM
                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-20-20, 01:39 AM
                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-22-20, 00:20 AM
                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-23-20, 11:50 AM
                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-27-20, 03:28 AM
                                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 02:22 AM
                                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 10:21 PM
                                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-30-20, 04:49 PM
                                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-31-20, 11:16 PM
                                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-02-20, 00:30 AM
                                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-03-20, 06:00 PM
                                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-05-20, 02:42 PM
                                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-28-20, 02:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de