مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 06:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-14-2020, 01:58 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    منزلة العفو العظيمة عند الله (طريق إلى الجنة)

    يستطيعه الفقير والغني فلا يذهب عنك هذا الفضل

    يقول الإمام ابن القيم : يا ابن ادم .. إن بينك وبين الله خطايا وذنوب لا يعلمها إلا هو , وإنك تحب أن يغفرها الله لك, فإذا أحببت أن يغفرها لك فاغفر أنت لعباده , وأن أحببت أن يعفوها عنك فاعف أنت عن عباده , فإنما الجزاء من جنس العمل ... تعفو هنا يعفو هناك , تنتقم هنا ينتقم هناك تطالب بالحق هنا يطالب بالحق هناك .

    و قد جاء الحث علىٰ العفو في آية عظيمة المبنىٰ، جليلة المعنىٰ، خلابة الفحوىٰ؛ فما بالك بأمر يتكفل الله تعالىٰ بأجره، ويجعل ذلك الأجر مفتوحاً دون حد أو قيد ليترك للنفس تخيل عظمة هذا الأجر الذي تكفل به أكرم الأكرمين، فيقول تعالىٰ : ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) الشورى: ٤٠ ، وهذا الأسلوب البديع الذي يفتح آفاقا من تخيل الجزاء لا يأتي إلا في الأمور الجليلة القدر، البعيدة المنزلة كالعفو، وكشهر رمضان، حيث يقول تعالىٰ في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم يضاعف. الحسنة عشر أمثالها إلىٰ سبعمائة ضعف إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به». متفق عليه

    بل ويأتي القرآن برائعة أخرىٰ من روائع العفو، حيث يجعله الله تعالىٰ صدقة من المرء علىٰ نفسه وغيره، وميدانا للإنفاق وإقراضا للواحد الأحد، فيشبه العفو وهو أمر معنوي بأمر محسوس وهو المال ليقرب أمره، ويعظم شأنه، فيقول تعالىٰ : ( وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ) البقرة: ٢١٩.. يا الله.. إن هذا الإنفاق يستطيعه كل أحد، ويقدر علىٰ البذل منه كل إنسان، الغني والفقير، والكبير والصغير، والضعيف والمسكين. كل هؤلاء جعل الله لهم ميداناً كبيراً للصدقة والإحسان، وهو العفو، هذا البحر الذي لا ينفد، والنهر الذي لا ينضب.

    ثم تأتي الإشارة القرآنية والتذكرة الربانية مجلية أمراً جميلاً، ومعنىٰ جليلاً، وهو أن نيل عفو القدير جل وعلا، والفوز بمغفرة الرحيم طريقها العفو، فيقول تعالىٰ : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) النور: ٢٢.

    كان أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ينفق ويتصدق علىٰ قريب له، فكان منه إساءة بأن كان ممن وقع في فتنة اتهام عائشة ـ رضي الله عنها ـ فحلف أبو بكر أن لا ينفق عليه أبداً، فأنزل الله تعالىٰ هذه الآية، فلما سمع الصديق قوله تعالىٰ ): أ َلَا تُحِبـُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ) قال: بلىٰ، والله إنا نحب يا ربنا أن تغفر لنا، فدعا قريبة وأعاد صدقته عليه قائلا: والله لا أنزعها منه أبدا.. وهكذا كان امتثال السلف السريع لأوامر الأحد. بل جاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أذ ا وقف العباد للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما فازدحموا على باب الجنة فقيل من هؤلاء قيل الشهداء كانوا أحياء مرزوقين ثم نادى مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة قال ومن ذا الذي أجره على الله قال العافون عن الناس ثم نادى الثالثة ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة فقام كذا وكذا ألفا فدخلوها بغير حساب) صحيح الترغيب والترهيب للألباني .

    ومثل هذه الآية في التلميح بالعفو والوعد بالتجاوز عمن عفا وتجاوز قوله تعالىٰ : ( إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا( النساء: ١٤٩.ويبين تعالىٰ أن العافين عن الناس والكاظمين الغيظ هم أولوا التقوىٰ الذين وعدوا بجنة عرضها السماوات والأرض) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) ) آل عمران: ١٣٣ ـ ١٣٤.

    وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ قَالَ: مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ ، وَمَا زَادَ اللهُ رَجُلاً بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا ، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ ِللهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللهُ ) "مسلم" فالعزة لا تأتي إلا من الأخلاق العظيمة, والعرب تقول: لا سؤدد مع الانتقام .

    وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم نماذج رائعة للعفو والتسامح فقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم النموذج والمثل الأعلى في هذا الخلق الرفيع , ومن الأمثلة على ذلك :

    عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال : لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله قد سمع كلام قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال يا محمد فقال ذلك فما شئت إن شئت أطبق عليهم الأخشبين قلت بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا . ‌ (صحيح الجامع رقم: 5141 )

    و روي عن ميمون بن مهران أن جاريته جاءت ذات يوم بصحفة فيها مرقة حارة، وعنده أضياف فعثرت فصبت المرقة عليه، فأراد ميمون أن يضربها، فقالت الجارية: يا مولاي، استعمل قوله تعالى: ( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ) قال لها: قد فعلت. فقالت: اعمل بما بعده ( وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ) . فقال: قد عفوت عنك. فقالت الجارية:( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) . قال ميمون: قد أحسنت إليك، فأنت حرة لوجه الله تعالى. تفسير القرطبي 4/207

    عفا الإمام أحمد بن حنبل عن أحد الجنود الذين عذبوه أيام الفتنة وكان أهل الحي ينتظرون من الإمام أحمد إن يأمرهم بأن يفتكوا به ...فلما سئل لماذا عفوت عنه قال : ماذا ينفعك أن يُعذَّب أخوك بسببك ثم ان الناس ياتون يوم القيامة جاثين أمام جهنم وقرأ ( وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً ) فينادي منادي من الملائكة من كان أجره على الله فليقم وليدخل الجنة ... فلا يقوم إلا من عفا عن أخيه ..

    .ثم قرأ (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )

    هذا عمل خفي بينك وبين ربك تعمله مخلصاً لا يعرفه أحد من الناس فقابل ربك يوم القيامة بعفو .. حتى يعفو ويتجاوز عنك

    فرب العالمين أولى بالعفو منك ولن تكون أكثر عفوًا منه و لا أكرم , ومما يدل أن جزاء الإحسان الإحسان أيضًا و أن الجزاء من جنس العمل ما جاء عن حذيفة رضي الله عنه قال أتى الله بعبد من عباده آتاه الله مالا فقال له ماذا عملت في الدنيا قال ولا يكتمون الله حديثا قال يا رب آتيتني مالا فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر فقال الله تعالى أنا أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي فقال عقبة بن عامر وأبو مسعود الأنصاري هكذا سمعناه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( رواه مسلم )

    درجات العفو

    الحلم : كظم الغيظ

    العفو: ترك المؤاخذة بالذنب مع المعاقبة

    الصفح: ازالة آثار الذنب من النفس مع بقاء اللوم

    الإحسان: وهذه درجة الانبياء والصديقين ومن اقتدى بهم

    تعلموا العفو , وجاهدوا أنفسكم به وعلموا أولادكم وأهليكم عليه ؛ فإن الجزاء عند الله عظيم , وكما قال ابن قيم الجوزية ؛ وأن أحببت أن يعفو الله عنك فاعف أنت عن عباده , فإنما الجزاء من جنس العمل ... تعفو هنا يعفو هناك , تنتقم هنا ينتقم هناك.

    إن العفو عن المخطئين من الأخلاق الإسلامية الحميدة التي ينبغي أن يتصف بها المسلمون، من أجل ذلك أردت أن أُذَكِّرَ نفسي وإخواني الكرام بهذا الموضوع المهم، فنقول وبالله التوفيق. معنى العفو: العَفْو هو التَّجاوزُ عن الذَّنْب، وتَرْكُ العِقَاب عليه، وأصلُه المَحْوُ والطَّمْسُ، يقال عفا يَعْفُو عَفْوًا فهو عافٍ وعَفُوٌّ (النهاية لابن الأثير). العَفُوُّ من أسماء الله الحسنى: قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء:149]، وقال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ ل؟عَفُوٌّ غَفُورٌ} [الحج:60]. الفرق بين العفو والغفران: يَتَمثَّلُ الفرقُ بين العفو والغفران في أمور عديدة أهمها: أن الغفران يقتضي إسقاط العقاب ونَيْلُ الثواب، ولا يستحقه إلا المؤمن، ولا يكون إلا في حق الله تعالى. أما العفو فإنه يقتضي إسقاطَ اللَّومِ والذم، ولا يقتضي نيل الثواب ويُستعملُ في العبد أيضًا. العفو قد يكون قبل العقوبة أو بعدها، أما الغفران، فإنه لا يكون معه عقوبة ألبَتَّة، ولا يُوصفُ بالعفو إلا القادرُ عليه. في العفو إسقاط للعقاب، وفي المغفرة سَتْرٌ للذنب وصون من عذاب الخزي والفضيحة (نضرة النعيم). الفرق بين الصفح والعفو: الصفح والعفو متقاربان في المعنى فَيُقالُ صَفَحْتُ عنه أَعْرَضْتُ عن ذنبه وعن تَثْرِيِبِهِ، إلا أن الصفح أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، وصَفَحْتُ عنه أَوْلَيْتُهُ صَفْحَةً جَمِيلَةً (نضرة النعيم). العفو عن الناس وصية رب العالمين: حثنا الله تعالى في كتابه العزيز على العفو عن المخطئين، وذلك في مواضع عديدة، وسوف نذكر بعضها فيما يلي: قال الله تعالى: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء:149] قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية الكريمة: "إن تظهروا أيها الناس خيرًا، أو أخفيتموه، أو عفوتم عمن أساء إليكم؛ فإن ذلك مما يقربكم عند الله ويجزل ثوابكم لديه، فإن من صفاته تعالى أن يعفو عن عباده مع قدرته على عقابهم ولهذا قال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}" (تفسير ابن كثير). وقال الله تعالى لنبيه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران:159]. وقال سبحانه: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَاوَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [الشورى:40]. قال ابن جرير الطبري عند تفسيره لهذه الآية: "فمن عفاعمن أساء إليه، إساءته إليه، فغفرها له، ولم يعاقبه بها، وهو على عقوبته عليها قادر، ابتغاء وجه الله؛ فأجر عفوه ذلك على الله، والله مثيبه عليه ثوابه" (تفسير الطبري). وقال سبحانه لنبيه: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199]. قال ابن جرير: "خذ العفو من أخلاق الناس، واترك الغلظة عليهم، وقد أُمر بذلك نبيّ الله في المشركين" (تفسير الطبري). عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "قَالَ النَّبِيّ: «مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنْ اللَّهِ؛ يَدَّعُونَ لَهُ الْوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ»" (البخاري). نبينا يحثنا على العفو عن الناس: نبينا حثنا على العفو عن المخطئين في كثير من أحاديثه الشريفة، وسوف نذكر منها ما يلي: * عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «إِنَّ الأَنْصَارَ كَرِشِي وَعَيْبَتِي جماعتي وخاصتي الذين أثق بهم، وَإِنَّ النَّاسَ سَيَكْثُرُونَ وَيَقِلُّونَ فَاقْبَلُوا مِنْ مُحْسِنِهِمْ وَاعْفُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ» (مسلم). * عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ؛ فَقَدْ وَجَبَ» (حديث صحيح، صحيح أبي داود للألباني). * عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ، فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُو عَنْ الْخَادِمِ؟" فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ:{اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً} (حديث صحيح صحيح أبي داود للألباني). * عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ» (مسلم). من أقوال السلف الصالح في العفو عن الناس: * أبو الدرداء، سُئل أبو الدرداء رضي الله عنه عن أعز الناس؟ قال: "الذي يعفو إذا قدر، فاعفوا يعزكم الله" (إحياء علوم الدين للغزالي). * علي بن أبي طالب، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إذا قدرت على عدوك، فاجعل العفو عنه، شكرًا للقدرة عليه" (المستطرف للأبشيهي). * معاوية بن أبي سفيان، قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه: "عليكم بالِحلْم والاحتمال حتى يُمْكِنُكُمُ الفُرصةُ، فإذا أمكنكم؛ فعليكم بالصفح والإفضال" (إحياء علوم الدين للغزالي). * الحسن البصري، قال الحسن البصر؟ رحمه الله: "أفضلُ أخلاق المؤمن العفو" (الآداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي). * سعيد بن المسيب، قال سعيد بن المسيب رحمه الله: "ما من شيء إلا والله يُحبُّ أن يُعفَى عنه ما لم يكن حدًّا" (موطأ مالك، كتاب الأشربة). * الأحنف بن قيس، قال الأحنف بن قيس رحمه الله: "إياكم ورأي الأوغاد، قالوا وما رأى الأوغاد؟ قال الذين يرون الصفح والعفو عارًا" (المستطرف للأبشيهي). نبينا هو القدوة في العفو عن الناس: الله تعالى أمر نبينا محمدًا بالعفو عن الناس فامتثل أمره، وكان نبينا هو القدوة في العفو عن الناس بقوله وفعله، من ذلك: * عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ نَجْدٍ، فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ وَهُوَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ، فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ وَاسْتَظَلَّ بِهَا، وَعَلَّقَ سَيْفَهُ؛ فَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الشَّجَرِ يَسْتَظِلُّونَ، وَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ دَعَانَا رَسُولُ اللَّهِ ّ فَجِئْنَا فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَاخْتَرَطَ سَيْفِي فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي مُخْتَرِطٌ سيفي صَلْتًا»، قَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قُلْتُ: «اللَّهُ»، فَشَامَهُ ثُمَّ قَعَدَ، فَهُوَ هَذَا قَالَ وَلَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ»البخاري). * عن عُرْوَةَ بن الزبير أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجَ النَّبِيِّ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ: "هَلْ أَتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أَشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟" قَالَ: «لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ مَا لَقِيتُ، وَكَانَ أَشَدَّ مَا لَقِيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ؛ إِذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ؛ فَلَمْ يُجِبْنِي إِلَى مَا أَرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أَسْتَفِقْ إِلاَّ وَأَنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أَظَلَّتْنِي فَنَظَرْتُ فَإِذَا فِيهَا جِبْرِيلُ فَنَادَانِي، فَقَالَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْكَ مَلَكَ الْجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بِمَا شِئْتَ فِيهِمْ" فَنَادَانِي مَلَكُ الْجِبَالِ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: "يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأَنَا مَلَكُ الْجِبَالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبُّكَ إِلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ فَمَا شِئْتَ؟ إِنْ شِئْتَ أَنْ أُطْبِقَ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ"؛ فَقَالَ النَّبِيُّ: بَلْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا» (البخاري، ومسلم). * عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود - رضي الله عنه – قال: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ وَيَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ"(البخاري، ومسلم). * عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَ بِرِدَائِهِ جذب جَبْذَةً شَدِيدَةً، قَالَ أَنَسٌ: فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: "يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ"(البخاري مسلم). * عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلاَ امْرَأَةً وَلاَ خَادِمًا، إِلاَّ أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عز وجل" (مسلم). عفو الرسول عن ثُمامة بن أُثال: روى البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: "عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ مِنْهُ مَا شِئْتَ"؛ فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الْغَدُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: "مَا قُلْتُ لَكَ، إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ"، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ، فَقَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» فَقَالَ: «عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ»، فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ»، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ: "أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ وَاللَّهِ مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ؛ فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ؛ فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللَّهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضُ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ؛ فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلاَدِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وَأَنَا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟" فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ؛ فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: "صَبَوْتَ؟" قَالَ: "لاَ وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ، وَلاَ وَاللَّهِ لاَ يَأْتِيكُمْ مِنْ الْيَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأْذَنَ فِيهَا النَّبِيُّ" (البخاري). عفو الرسول عن المرأة اليهودية: روى البخاري عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ يَهُودِيَّةً أَتَتْ النَّبِيَّ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا فَقِيلَ: "أَلاَ نَقْتُلُهَا؟" قَالَ: «لاَ، فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللَّهِ» (البخاري). عفو الرسول عن أهل مكة: لما فتح الرسول مكة، اجتمع له أهلها عند الكعبة، ثُمّ قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَا تُرَوْنَ أَنّي فَاعِلٌ فِيكُمْ؟» قَالُوا: "خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ" قَالَ: «اذْهَبُوا فَأَنْتُمْ الطّلَقَاءُ» (سيرة ابن هشام). صور من عفو الصحابة: ضرب أصحاب نبينا أمثلةً رائعةً في العفو عن الناس، وسوف نذكر بعضًا من ذلك: * أبو بكر الصديق، كان أبو بكر ينفق على مِسْطح بن أثاثة لفقره وقرابته منه، وكان مِسْطح من الذين خاضوا في حادث الإفك، وتكلم في عِرض عائشة، فلما عَلِمَ أبو بكر بذلك، أقسم ألا ينفق عليه بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22] فقَالَ أَبُو بَكْرٍ: "بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبَّنَا، إِنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، وَعَادَ لمسطح بِمَا كَانَ يَصْنَعُ" (البخاري). * عمر بن الخطاب، روى البخاري عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ، فَنَزَلَ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ الْحُرِّ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ مِنْ النَّفَرِ الَّذِينَ يُدْنِيهِمْ عُمَرُ، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَجَالِسِ عُمَرَ وَمُشَاوَرَتِهِ كُهُولاً كَانُوا أَوْ شُبَّانًا؛ فَقَالَ عُيَيْنَةُ لابْنِ أَخِيهِ: "يَا ابْنَ أَخِي، هَلْ لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأَمِيرِ فَاسْتَأْذِنْ لِي عَلَيْهِ" قَالَ: "سَأَسْتَأْذِنُ لَكَ عَلَيْهِ"، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَاسْتَأْذَنَ الْحُرُّ لِعُيَيْنَةَ، فَأَذِنَ لَهُ عُمَرُ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: "هِيْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، فَوَاللَّهِ مَا تُعْطِينَا الْجَزْلَ، وَلاَ تَحْكُمُ بَيْنَنَا بِالْعَدْلِ"، فَغَضِبَ عُمَرُ حَتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ؛ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ: "يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّهَ تعالى قَالَ لِنَبِيِّهِ: {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199] وَإِنَّ هَذَا مِنْ الْجَاهِلِينَ، وَاللَّهِ مَا جَاوَزَهَا عُمَرُ حِينَ تَلاَهَا عَلَيْهِ؛ وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كِتَابِ اللَّهِ (البخاري). * عبد الله بن مسعود، جلس عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في السوق يبتاع يشتري طعامًا، فابتاع ثم طلب الدراهم، وكانت في عمامته فوجدها قد سُرقت؛ فقال: "لقد جلست وإنها لمعي"، فجعلوا يدعون على مَن أخذها، ويقولون: "اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها، اللهم افعل به كذا"، فقال عبد الله: "اللهم إن كان حَمَلَه على أَخْذِها حاجةٌ فبارك له فيها، وإن كان حَمَلتْهُ جَرَاءَةٌ على الذنْب فاجعلها آخر ذنوبه" (إحياء علوم الدين للغزالي). * أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، قال أبو ذر لغلامه: "لم أرسلت الشاة على علفِ الفرس أي تأكل من طعام الفرس؟" قال: "أردت أن أغيظك" قال أبو ذر: "لأجمعن مع الغيظ أجرًا، أنت حَرٌ لوجه الله تعالى" (المستطرف للأبشيهي). * معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أرض وكان له فيها عبيد يعملون فيها، وإلى جانبها أرض لمعاوية بن أبي سفيان، وفيها أيضًا عبيد يعملون فيها، فدخل عبيد معاوية في أرض عبد الله بن الزبير، فكتب عبد الله كتابًا إلى معاوية يقول له فيه: "أما بعد، يا معاوية، إن عبيدك قد دخلوا في أرضي، فانههم عن ذلك، وإلا كان لي ولك شأن، والسلام" فلما وقف معاوية على كتابه وقرأه، دفعه إلى وَلَدِه يزيد، فلما قرأه قال له معاوية: "يا بني ما ترى؟" قال: "أرى أن تبعث إليه جيشًا يكون أوله عنده وآخره عندك يأتونك برأسه"، فقال: "بل غير ذلك خير منه يا بني"، ثم أخذ ورقة، وكتب فيها جواب كتاب عبد الله بن الزبير، يقول فيه: "أما بعد، فقد وقفت على كتاب وَلَدِ حَوَاري رسول الله، وساءني ما ساءه، والدنيا بأسرها هَيِّنةَ عندي في جنب رضاه، نزلت عن أرضي لك، فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال، والسلام". فلما وقف عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما على كتاب معاوية رضي الله عنه، كتب إليه: "قد وقفت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه، ولا أعدمه الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل، والسلام" فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير، وقرأه رمى به إلى ابنه يزيد، فلما قرأه تهلل وجهه، وأسفر، فقال له أبوه: "يا بني من عفا ساد، ومن حَلِمَ عَظُمَ، ومن تجاوز استمال إليه القلوب، فإذا ابتليت بشيء من هذه الأدواء، فَدَاوِهِ بمثل هذا الدواء" (المستطرف للأبشيهي). صور من عفو التابعين: ضرب التابعون أروع الأمثلة في العفو عن الناس، وسوف نذكر بعضًا من ذلك: * عبد الملك بن مروان، طلب الخليفة عبد الملك بن مروان رجلاً أمر بالقبض عليه، فأعجزه، ثم ظفر به، فقال رجاء بن حَيْوَة: "يا أمير المؤمنين قد صنع الله ما أحببتَ من ظفرك به، فاصنع ما أحبَّ الله من عفوك عنه"، فعفا عنه (بهجة المجالس لابن عبد البر). * الخليفة المأمون، أُحضرَ إلي المأمون رَجُلٌ أذنب ذنبًا، فقال له: "أنت الذي فعلت كذا وكذا؟" قال: "نعم يا أمير المؤمنين، أنا ذاك الذي أسرف على نفسه واتكل على عفوك"، فعفا عنه وخلى سبيله. (المستطرف للأبشيهي). * ميمون بن مهران، جاءت جارية ميمون بن مهران ذات يوم بصَفْحة وعاء فيها مرقة حارة وعنده أضياف، فعثرت، فصبت المرقة عليه فأراد ميمون أن يضربها، فقالت الجارية: "يا مولاي استعمل قول الله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} قال لها: "قد فعلت"، فقالت: "اعمل بما بعده {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} فقال: قد عفوت عنكِ:، فقالت الجارية: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} قال ميمون: "قد أحسنت إليكِ، فأنت حرة لوجه الله تعالى" (تفسير القرطبي).

    الكاتب: صلاح نجيب الدق.






                  

العنوان الكاتب Date
مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب... سيف اليزل برعي البدوي07-08-20, 11:52 AM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:03 PM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:05 PM
    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-09-20, 12:13 PM
      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-10-20, 10:42 AM
        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-11-20, 12:23 PM
          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-13-20, 12:32 PM
            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-14-20, 03:42 PM
              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-15-20, 01:05 PM
                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-16-20, 01:46 PM
                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-17-20, 12:47 PM
                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-18-20, 03:53 PM
                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-19-20, 02:58 PM
                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-20-20, 05:18 PM
                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-21-20, 03:01 PM
                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-23-20, 00:52 AM
                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-24-20, 01:11 AM
                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-25-20, 01:58 AM
                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 01:41 AM
                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 12:20 PM
                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-03-20, 03:17 PM
                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-04-20, 02:10 PM
                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-05-20, 02:06 PM
                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-06-20, 02:56 PM
                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-07-20, 12:27 PM
                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-08-20, 01:04 PM
                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-09-20, 01:12 PM
                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-10-20, 01:07 PM
                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-11-20, 03:28 PM
                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-12-20, 05:15 PM
                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-13-20, 01:28 PM
                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-14-20, 01:58 PM
                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-15-20, 12:34 PM
                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-16-20, 02:47 PM
                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-18-20, 11:36 AM
                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-20-20, 01:39 AM
                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-22-20, 00:20 AM
                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-23-20, 11:50 AM
                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-27-20, 03:28 AM
                                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 02:22 AM
                                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 10:21 PM
                                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-30-20, 04:49 PM
                                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-31-20, 11:16 PM
                                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-02-20, 00:30 AM
                                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-03-20, 06:00 PM
                                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-05-20, 02:42 PM
                                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-28-20, 02:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de