مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 10:35 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-08-2020, 01:04 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    دار الأرقم مدرســة الدعوة الأولى
    اختار الله مكة أم القرى لتكون المحطة الأخيرة من محطات الرسالات السماوية، ولتكون منطلق نور السماء إلى الأرض ومركز الهداية للعالمين، والتي اختار نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ليكون المبلغ لها، وليكون مبعث النور في الأرض، ومركز هذا النور من جوار الكعبة بيت الله الحرام.

    جاءت رسالة الإسلام ومكة مركز دين العرب، وأهلها هم المتصدرون للزعامة الدينية في جزيرتهم، فهم سدنة الكعبة والقائمون على الأوثان والأصنام، التي كانت مقدسة عند سائر العرب في ذلك الزمان، والضامنون لحفظ كيانها والدفاع عنها وعن كل موروثات الآباء والأجداد، فلم يكن من المتوقع أو السهل أن يقبلوا بأي وارد ينازعهم تلك المكانة، أو يذهب مقامهم عند العرب؛ فلم يكن من الحكمة أن يجهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدعوته بداية، بل أوجبت الحكمة أن تكون الدعوة في بدء أمرها سرية؛ لئلا يفاجئ أهل مكة بما يهيجهم ويثيرهم على الدين الجديد والداعي إليه والمتبعين له‏.

    وبالفعل بدأ رسول - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة للإسلام سرا، وذلك بعرض الإسلام أولاً على أقرب الناس إليه، وألصقهم به، فدعا آل بيته وأصدقاءه ممن يعرفهم ويعرفونه، يَعرِفهم بحب الحق والخير، ويعرفونه بالصدق والصلاح، فأجابه من هؤلاء جَمعٌ عرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين الأولين، وفي مقدمتهم زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أم المؤمنين خديجة - رضي الله عنها -، ومولاه زيد بن حارثه وابن عمه على بن أبى طالب، والصديق أبو بكر - رضي الله عنهم، أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة وكان إسلامهم فاتحة خير على الإسلام ودعوته.

    ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام، وكان رجلاً محبوباً، صاحب خلق وإحسان، فدعا من يثق به سراً، فأسلم بدعوته عثمان بن عفان والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبى وقاص، وطلحة بن عبيد الله - رضي الله عنهم -.

    واستمر النبي الكريم في الدعوة السرية يستقطب الأتباع والأنصار من أقاربه وأصدقائه بصورة سرية تامة بعد إقناعهم بالإسلام، وهؤلاء كانوا نعم العون والسند لرسول الله لتوسيع دائرة الدعوة في نطاق السرية، فقد سارع كل واحد منهم إلى دعوة من يطمئن إليه ويثق به، فأسلم على أيديهم جماعة من الصحابة، وهم من جميع بطون قريش، وهؤلاء هم أوائل السابقين الأولين الذين جاء ذكرهم في قوله - تعالى -: {والسابقون الأَولون مِن المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضُوا عنه} (التوبة: 100).

    إلى دار الأرقم
    كانت هذه المرحلة مرحلة عصيبة من حياة دعوة النبي ظهرت فيها المشقة له ولأتباعه؛ لأنهم لم يكونوا يخاطبون إلا من يأمنون شره ويثقون به؛ لذا تميزت هذه المرحلة بالكتمان والسرية حتى من أقرب الناس، وكانت الأوامر النبوية على وجوب المحافظة على السرية واضحة وصارمة، وتجنب المواجهات والصدامات والمهاترات التي قد تعصف بالدعوة من أساسها. وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يأمر أصحابه بالاستخفاء أثناء تأدية الصلاة (الشعيرة الوحيدة حينئذ)، وكان الصحابة يجتمعون فى شعاب مكة للصلاة حيث لا يراهم أحد، وحدث ذات يوم أن رآهم مجموعة من المشركين، فدار بين الفريقين حوار انتهى بشجار سالت فيه الدماء، عندما ضرب سعد بن أبي وقاص رأس أحد المشركين بلحي بعير فشجها.. وعندها أصدر الرسول – صلى الله عليه وسلم – أوامره بدخول دار الأرقم بن أبي الأرقم لتكون دارا للإجتماعات ومحضنا تربويا ومدرسة لتعاليم النبوة.

    لماذا دار الأرقم؟
    كان اختيار دار الأرقم دليلا على فطنة وذكاء النبي – صلى الله عليه وسلم – وذلك لعدة أسباب منها:
    . الموقع الاستراتيجي لدار الأرقم فهي تقع قريبا من جبل الصفا فى موضع مشرف على مكة وبعيدا عن عيون أهل مكة وتحركاتهم، التى أخذت ترقب تجمعات المسلمين بعد الصدام الذي وقع.

    . صغر سن الأرقم بن أبي الأرقم صاحب الدار، إذ كان شابا فى السادسة أو السابعة عشرة، ولم يستعلن بإسلامه، مما جعل الشكوك تنصرف عنه، لأن قريشا إذا فكرت فى مركز تجمع المسلمين فلن يذهب فكرها لبيت شاب حديث عهد بعرس كما وردت بعض الروايات بذلك، بل ستتجه أنظارها نحو بيت النبي – صلى الله عليه وسلم – أو أبي بكر أو عثمان أو عبد الرحمن بن عوف وغيرهم من كبار الصحابة.

    . الأرقم من قبيلة بني مخزوم، وهي القبيلة المنافسة لبني هاشم بينهما منافرات ومفاخرات ومشاهد كثيرة، وبالتالي لن يفكر المشركين فى اختيار الرسول – صلى الله عليه وسلم – لدار منافسه القبلي حتى تكون مركز للاجتماعات النبوية.

    وهذا الاختيار الذكي والعبقري لهذه الدار من أهم اسباب نجاح الدورات التربوية والإيمانية المكثفة خلال تلك الفترة، حيث لم يؤثر اى مشاكل أمنية أو مضايقات قريشية على أهل وزوار الدار.

    فى دار الأرقم
    وهناك في دار الأرقم ـ التى اعتبرت مدرسة النبوة الأولى ـ اتبع النبي – صلى الله عليه وسلم – منهجا فريدا فى بناء لبنات الأمة الإسلامية الأولى، وهو بناء الأشخاص الذين سيحملون هم هذه الأمة ويرسون دعائمها، وذلك من خلال ما يأتي:

    ـ التركيز على بناء الجانب العقدي وركائز التوحيد ومعاني الإيمان فى قلوبهم، ونستطيع أن نجمل أهم الركائز التربوية فى مدرسة النبوة الأولى – دار الأرقم – فى عدة محاور وهي:

    ـ تصحيح التصورات الخاطئة عن الله – عز وجل – والكون ووظيفة الخلق، فلقد رباهم – صلى الله عليه وسلم – على معرفة ربهم ومعبودهم الحق، على معرفة أسمائه وصفاته، على معرفة ما حق الله عليهم عز وجل.

    ـ التأكيد على محور الإيمان بالغيب الذي يمثل ركيزة أساسية فى البناء العقدي ومفتاح الإيمان الرئيسي والذي به يؤمن العبد بالحساب والجزاء واليوم الآخر والجنة والنار والملائكة والأنبياء والكتب.

    ـ الفهم الصحيح والشامل والراسخ بالقضاء والقدر رباهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – على الفهم الصحيح والشامل والراسخ بالقضاء والقدر وأثره فى القلب والنفس وحياة الأمة المسلمة، ولقد ظهر أثرا هذه الركيزة تحديدا فيما عندما بدأت وصلات التعذيب والتنكيل والاضطهاد.

    ـ رباهم على معرفة حقيقة الإنسان وقدره ومكانته فى الكون وفى منظومة الخلق، وأجاب لهم على كل تساؤلات الفطرة، وعلاقة الإنسان بربه عز وجل وبالكون كله، وأن الأصل فى الإنسان التوحيد والفطرة.

    ـ رباهم على تعظيم أوامر الله – عز وجل – والاستجابة لها ومعرفة قدرها، والقيام بواجب العبادة المفروضة وقتها – الصلاة – وتعظيمها، وأن العبادة هي غاية الخلق وسبب وجودهم.

    ـ رباهم على تزكية أخلاقهم، وتأديب نفوسهم، وتطهير قلوبهم من أدران الجاهلية التى كانت تعج بالمنكرات ورذائل الأخلاق وسيء العادات، من خلال ربط أخلاقياتهم وسلوكياتهم بالإيمان والثواب والعقاب.

    ـ رباهم على معرفة عدوهم الحقيقي وقدر عداوته وسببها وطبيعتها وذلك من خلال سرد أخبار الأولين وقصص المرسلين وعاقبة المكذبين ومصير المتقين.

    وقد اتبع الرسول – صلى الله عليه وسلم – من أجل الوصول لتلك المعاني الإيمانية والركائز التربوية منهجا موحدا فى التربية والتعليم يعتمد على مادة دراسية علمية واحدة وهي مادة القرآن الكريم، وحي السماء الذي كان غضا طريا على قلوب الصحابة بردا وسلاما، وهداية وإرشادا وتقويما وتعليما، لذلك كان تلاميذ مدرسة النبوة الأولى – دار الأرقم – هم أعظم رجال الإسلام، وبناة الأمة وحماتها، وطليعة الصفوف، وصفوة المسلمين وخلاصة المؤمنين.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    المصادر:
    . الرحيق المختوم.
    . السيرة النبوية للصلابي.
    . في مدرسة النبوة شريف عبدالعزيز.
    ---------------------------------------
    جراحات اللسان.. ورعاية المشاعر
    مراعاة المشاعر خلق كريم، وعمل فاضل نبيل، وسلوك حضاري، ومطلب اجتماعي.. وهو كذلك مقصد شرعي أمر به القرآن العظيم، وتخلق به النبي المصطفى الكريم.

    إن الله لما خلق الإنسان ركب فيه أحاسيس ومشاعر، وهذه الأحاسيس والمشاعر تتأثر بتعاملات الآخرين فتؤثر في نفسية صاحبها إما فرحا وسرورا وسعادة، وإما حزنا وغما وكآبة.. ولهذا كان لابد لهذه الأحاسيس أن تحترم ولتلك المشاعر أن تراعى.

    والإسلام هو دين الجمال والكمال، ودين الرحمة، ودين التحضر والرقي والسمو.. سمو في عقائده وشرائعه، ورقي وتحضر في أخلاقه ومعاملاته.. فما كان ليهمل هذا الجانب الهائل في تأثيره على نفسية المسلم خاصة والإنسان عامة.

    إن هذا الدين العظيم كما جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن العقائد الباطلة إلى العقائد الصحيحة، كذلك جاء ليخرجهم من كل خلق سيء قبيح إلى كل خلق طيب نبيل.. فعالج أخلاق الجلافة والبداوة والقساوة والغلظة وحولها إلى أخلاق الرحمة والسماحة والرقة حتى بلغ بأتباعه أن ينتقي أحدهم ألفاظه وكلماته وعباراته لا يجرح بها مشاعر الآخرين.
    يقول تعالى: {وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم }(الإسراء:53)
    فأمرنا سبحانه إذا أراد أحدنا أن يتكلم أن يتخير أحسن الكلمات، وأجمل العبارات، وأرق الألفاظ، وأوضح المعاني؛ حتى لا يترك فرصة للشيطان لينزغ بين قلوب المؤمنين.. فلابد أن تنتقي كلماتك وألفاظك حتى لا تدع كلاما أحسن ولا أروع ولا ألطف من هذا الكلام الذي سيخرج من فمك.
    وليس هذا بين المسلمين وبعضهم فقط، وإنما قيم الإسلام تحرص على مشاعر القريب والبعيد، والمسلم والكافر، والطائع والعاصي قال تعالى: {وقولوا للناس حسنا} للناس كل الناس.

    والقرآن مليء بهذا النوع من الأوامر وبهذه النوعية من الآيات.
    يقول سبحانه: {قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم}(البقرة:263).
    فقول طيب من غير عطية أحسن وأفضل من العطاء ثم المن؛ فإن المن فيه أذى للنفس، وكسر للخاطر، وانكسار للقلب، وإذلال للعبد؛ ولهذا كان محبطا للعمل {يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى}(البقرة:264).، وقال صلى الله عليه وسلم: [ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب].

    وفي قصة يوسف قال: {وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن} ولم يذكر الجب؛ لئلا يذكر إخوانه بقبيح فعلهم وسالف إساءتهم، وذكر السجن لأنهم لا يد لهم ولا عمل في دخوله فيه.. فأي خلق وأي جمال وأي أدب وأي مراعة للشعور هذا؟!

    وقال الله لنبيه: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}(آل عمران:159)
    أي لو كنت سيء الكلام، قاسي القلب عليهم لتركوك وانفضوا عنك ولما تجمعوا حولك، ولكنه كان أرحم بهم من أنفسهم، أكثر مراعاة لشعورهم حتى في دعوتهم وعند تصحيح أخطائهم، تقول عائشة رضي الله عنها: [كان صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن أحد من أصحابه شيء لم يقل ما بال فلان، وإنما يقول ما بال أقوام يفعلون كذا] فلا يذكر اسمه؛ لئلا تنكسر نفسه ويفضح بين الناس.

    يقول الصعب بن جثامة كما في الصحيحين: [أهديتُ رسول الله حماراً وحشيًّا، فرده عليّ، فلما رأى ما في وجهي قال: إنا لم نردَّه عليك إلا أنا حُرُم] ـ ومعلوم أن المحرم لا يصطاد ولا يأكل مما صيد له ـ فراعى النبي صلى الله عليه وسلم مشاعره وطيب نفسه {وإنك لعلى خلق عظيم}.

    روى البخاري عن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: [لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه]؛ لما في ذلك من كسر لنفسه، ووضع لمكانته، وتصغير وتحقير لشأنه.

    مشاعر الأطفال
    وكان صلى الله عليه سلم يراعي مشاعر الصغار أيضا، فكان يسلم عليهم إذا مر بهم، وإذا استقبلوه مسح على رؤوسهم ودعا لهم، وكان يردفهم خلفه على الركوبة، ويداعبهم [يا عميرما صنع النغير]، وقد صلى يوما بالناس فأطال في سجوده فلما سلم قالوا: [يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة قد أطلتها فظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه قد يُوحى إليك. قال: فكلّ ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضى حاجته](رواه الإمام أحمد والنسائي).

    العبيد والخدم:
    وحتى الخدم والعبيد كان نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام يأمر برعاية مشاعرهم واحترام أحاسيسهم، فهم بشر ولكن ابتلوا بالرق أو بالحاجة فهم أحاسيس ومشاعر لابد أن تراعى وتحترم.
    جاء في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: [لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ، وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إِمَاءُ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي].
    وعن أبي ذر قال عليه الصلاة والسلام: [إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ، فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ فَأَعِينُوهُمْ](البخاري).
    وأجمل من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: [إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه، فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين، أو لقمة أو لقمتين؛ فإنه ولي حره وعلاجه](رواه البخاري).
    فالخادم هو الذي طبخه بيده وهو الذي شم رائحته، وهو الذي سال لعابه عليه، فإما أن تُجلسه معك إن سمحت نفسك بذلك كما كان ابن عمر يفعل، وإلا فليس أقل من أن تأخذ له شيئًا من الطعام وتعطيه ليأكله؛ لأنك تأكل وتتنعم وهو ينظر إليك. ونفسه تتوق لهذا كما تتوق أنت إليه.
    ارض للناس جميعا .. .. مثلما ترضى لنفسك
    إنمـا الناس جمـيعـا .. .. كلهم أبنــاء جنـســك
    ولهم نفس كنـفسـك .. .. ولهم حـس كحـسـك

    والحيوانات أيضا:
    ولقد امتدت رعاية الإسلام للخواطر والمشاعر حتى وصلت إلى الحيوانات، ففي ديننا العظيم أيضا تراعى مشاعرها ولا ينبغي أن تعرض للأذى النفسي، ففي صحيح مسلم عن شداد بن أوس قال النبي صلى الله عليه وسلم: [إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ].
    وفيه أيضا عن ابن عباس: [نهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُتَّخَذَ شيءٌ فيه الروحُ غَرَضًا].
    ومَرَّ ابنُ عُمَرَ بفِتْيَانٍ مِن قُرَيْشٍ قدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِن نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقالَ ابنُ عُمَرَ: مَن فَعَلَ هذا؟ لَعَن اللَّهُ مَن فَعَلَ هذا؛ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا] رواه مسلم.

    وفي سنن أبي داود عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: [كنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في سفرٍ، فانطلق لحاجته، فرأينا حمَّرةً معها فرخان، فأخذْنا فرخَيها، فجاءت الحُمَّرةُ فجعلت تفرشُ، فجاء النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: من فجع هذه بولدِها؟ رُدُّوا ولدَها إليها. ورأى قريةَ نملٍ قد حرقناها، فقال: من حرقَ هذه؟ قلنا: نحن، قال: إنه لا ينبغي أن يعذِّبَ بالنارِ إلا ربُّ النار](صحيح أبي داود).

    فقر المشاعر
    هذا هو الذوق الرفيع الذي يعلمنا إياه الإسلام ونبيه لتكون حياة الناس حياة مفعمة بالرقة واللطف وطيب المعشر.
    ولكن بعض الناس فقير في أخلاقه فقير في إحاسيسه فقير في مشاعره لا يحس بالآخرين ولا يأبه لمشاعرهم جامد خامد عتل جواظ مستكبر، وهذا أسوأ أنواع الفقر "فليس الفقر فقر الجيوب وإنما الفقر فقر المشاعر والقلوب".

    إن إيذاء المشاعر، وكسر الخواطر، وجرح النفوس يرتد على أصحابه بغضا وكرها ونفورا، وأذى النفوس أعظم من أذى الأجساد، وجراحات اللسان أشد وأنكى وأعمق من جراحات السيف والسنان وبعضها لا يبرأ مع الزمن..
    وقد يرجى لجرح السيف برء .. ولا برء لما جرح اللسان
    جراحات السنان لها التآم .. .. ولا يلتام ما جرح اللسان
    --------------------------------------------------
    الأشهر الحرم.. وعقوبة التحايل على الله
    اختار الله سبحانه من شهور السنة شهورا عظمها على غيرها وحرم فيها القتل والقتال، وهذه الأشهر هي التي أخبر الله عنها في كتابه {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم}(التوبة).
    وهو أيضا ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه حينما قال في حجة الوداع: [إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ: السَّنةُ اثْنَا عَشَر شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُم: ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو الْقعْدة، وَذو الْحجَّةِ، والْمُحرَّمُ، وَرجُب مُضَر الَّذِي بَيْنَ جُمادَى وَشَعْبَانَ](رواه البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة رضي الله عنه).

    فأما قوله تبارك وتعالى: {إن عدة الشهور عن الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض}...
    أي منذ ذلك الوقت جعل الله السنة اثني عشر شهرا حسب الهلال، فالسنة في الشرع مقدرة بسير القمر ومنازله وطلوعه لا بسيرالشمس وانتقالها.
    فهذه الشهور حرمها الله تعالى منذ خلق السموات والأرض فهي حرام بتحريم الله لها، باقية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
    وهذه الأشهر على الترتيب الذي بينه عليه الصلاة والسلام: ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم.. ورجب الفرد الذي كانت تعظمه مضر.

    لم سميت حرما؟
    وإنما سميت حرما لعظم حرمتها وحرمة الذنب فيها.. قال ابن عباس: "اختص الله أربعة أشهر جعلهن حراما، وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم وجعل العمل الصالح والأجر أعظم".

    وقيل لتحريم القتال فيها: حتى يتمكن الناس من الحج.. فذي القعدة للذهاب، وذي الحجة تقع فيه أعمال الحج، والمحرم حتى يتمكنوا من العودة إلى ديارهم في سلام بعد حجهم بيت الله الحرام.
    وأما رجب فهو في وسط العام لمن أراد أن يذهب لزيارة البيت وأداء العمرة.
    وذلك كما قال سبحانه: {يأيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام}(المائدة:2).
    وقال: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير}(البقرة) أي عظيم لا يحل.

    وأما قوله صلى الله عليه وسلم: [إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّه السَّماواتِ والأَرْضَ]
    أي أن الشهور في حجته كانت قد عادت لتوافق الهيئة التي خلقها الله عليها والترتيب الذي أراده الله لها.
    وإنما كان ذلك إشارة منه عليه الصلاة والسلام لما كانت تفعله الجاهلية من النسء وتأخير الأشهر الحرم وتبديلها، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه فقال: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ}(التوبة).

    فقد كان العرب في الجاهلية يستطيلون فترة الأشهر الحرم الثلاثة فلا يصبرون على ترك القتال والثار والسطو بعضهم على بعض، وكانوا في ذات الوقت يريدون أن يبقوا على حرمة الأشهر الحرم فسول لهم الشيطان النسء فكانوا ينسؤونها.
    والنسء قيل هو التأخير، وقيل هو التغيير.. وكله كانت تفعله الجاهلية.
    فقد ذكر أهل التفسير أن "جُنَادة بن عوف بن أمية الكناني"، كان يوافي الموسم كلَّ عام, وكان يُكنى "أبا ثُمَامة", فينادي: "ألا إنّ أبا ثمامة لا يُحَابُ ولا يُعَابُ. وإني نسأت المحرم إلى صفر".. فيكون عندهم المحرم ليس حراما وإنما صفر مكانه.
    وهو أيضا بمعنى التغيير.. فبدلا من أن يكون المحرم هو الحرام يغيرون مسماه إلى صفر وينقلون المحرم مكان صفر.
    ثم إذا كان العام القادم فعل مثل ذلك وقال: "وإني نسأت صفرا وحرمت المحرم".

    التحايل على الله قسيم الكفر:
    وقد وصف الله هذا الفعل بأنه زيادة في الكفر{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الكفر}.. قال أهل التفسير: "إنما التأخير الذي يؤخِّره أهل الشرك بالله من شهور الحرم الأربعة، وتصييرهم الحرام منهن حلالا والحلال منهن حرامًا, زيادة في كفرهم وجحودهم أحكامَ الله وآياته".

    وإنما كان كذلك لأنه نوع من التحايل الذي يدل على خبث صاحبه ومكره واستعمال الدهاء والمكر في الوصول إلى الحرام ومخالفة الحق باستعمال الحيلة والمكر، والتحايل عقوبته شديدة؛ لأنه مخادعة لله لمخالفة أمره {يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون}، {إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم}.. ولذلك كانت عقوبتهم أعظم من عقوبة الكافرين {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}؛ ذلك أن الإنسان قد يقع في الذنب ويعلم أنه مخطئ وأنه عاص ويقر بتقصيره وخطئه، أما المتحايل فيخادع لأجل الوصول إلى الحرام بطريق كأنه على الحق، فيضل ويضل.

    اليهود أساتذة التحايل والمكر:
    وقد ضرب الله لنا مثلا في القرآن لليهود أصحاب القرية التي كانت حاضرة البحر.
    وكانوا قد حرموا على أنفسهم العمل يوم السبت فحرمه الله عليهم عقوبة لهم.. وكانت قريتهم على سيف البحر فكان السمك يأتيهم يوم السبت يرونه ويمكن أن يأخذوه بأيديهم، فإذا ذهب السبت ذهب السمك فلا يظهر لهم منه سمكة حتى السبت الذي بعده.
    فلما طال عليهم الأمد بدأت شياطينهم في التحايل.. فجاء أحدهم فأخذ سمكة فربطها يوم السبت إلى وتد وضربه في الأرض، فلما كان اليوم الثاني جاء فأخذها.
    وقيل: كانوا ينصبون شباكهم يوم السبت ثم لا يرفعوها إلا يوم الأحد، ثم انتشر ذلك بينهم.. وقد نهاهم علماؤهم عن ذلك وقالوا: "هذا خداع ومكر، لا تمكروا فيمكر الله بكم".. وقال جماعة: دعوهم وظلمهم فإن الله سينتقم منهم.
    فلما فعلوا ذلك وكثر فيهم، مسخهم الله قردة وخنازير {فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين . فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين}.

    وروى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه.
    وقد كانت هذه صفاتهم (يعني اليهود) كتمان الحق، ولبس الحق بالباطل كما قال سبحانه عنهم: {يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون}(آل عمران).

    وقد حذرنا رسول الله من اتباع سننهم وسلوك سبيلهم، وأخبرنا أنه سيكون طوائف من المسلمين يسلكون مسالك هؤلاء المجرمين ويقلدون فعلهم، فقال فيما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري: [لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ] [ البخارى].

    صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق دائما وأبدا، وصار عندنا طوائف أكثر مكرا وأعظم تحايلا على دين الله منهم، تزين الحرام، وتشوه الدين، وتدعوا للانفلات والتفلت والسفور والاختلاط، وتستحل ما حرم الله تارة بتغيير أسماء المحرم بتسميتة بغير اسمه تلبيسا وتدليسا كتسمة الربا فائدة مثلا، وتسمية الخمر ـ والتي هي أم الخبائث ـ بأم الأفراح، أو المشروبات الروحية، ونشر الخنا والغنا، وإقامة الحفلات الماجنة باسم السياحة أو باسم الترفيه، وبناء دور الشرك في بلاد المسلمين تحت مسمى التسامح، ونصب التماثيل في بلاد المسلمين باسم الثقافة.

    إنها دعوة صريحة وصرخة عالية لكل مسلم يؤمن بالله، أن يترك المكر والخداع، والتحايل على شرع الله وأمره، فأن يعصي الإنسان ربه فيعترف بذنبه، ويكون أقرب للتوبة والأوبة، أحسن وأكرم من أن يتحايل على الله فيحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله بالمكر والخديعة فيمكر الله به فيقصمه في الدنيا والآخرة..

    نسأل الله السلامة لنا ولجميع المسلمين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
    -------------------------------------------
    البكاء عند قراءة القرآن
    البكاء عند قراءة القرآن سنة عظيمة وعادة لصالحي المؤمنين قديمة، ذهبت عن كثير من مسلمي هذه الأزمان أو كادت، فقلَّ أن تجد إنسانًا يبكي عند سماع آيات القرآن، أو يذرف الدمع عند تلاوتها خشوعا وتأثرا صدقا وإخلاصا؛ ربما لانشغالنا بالدنيا وأمورها عن القرآن، أو لأننا لم نعد نتدبره حق التدبر، ونتلوه حق تلاوته، أو قصرنا في فهمه وتعظيم قائله ومنزله؛ فغابت عنا لذته، وذهبت عنا حلاوته، وقل تأثر القلوب بوعده ووعيده وقوارعه وباهر آياته وعظيم معجزاته، مع أن التأثر بالقرآن من الأمور المحمودة والشواهد المعدودة التي تدل على خشوع القارئ وخضوعه، وطهارة قلبه؛ فإن طهارة القلب أصل في التأثر بالقرآن كما قال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: "لو طهرت قلوبنا ما شبعت من كلام ربنا".

    يقول الإمام النووي رحمه الله: "ويستحب البكاء، والتباكي لمن لا يقدر على البكاء، فإن البكاء عند القراءة صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين".

    وصدق رحمه الله؛ فقد أخبر الله تعالى أنها صفة النبيين والمرسلين وأولي العلم الصادقين، كما ذكر ذلك عنهم في سورة مريم وسورة بني إسرائيل؛ فقال وهو أصدق القائلين: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً}[مريم:58].

    وفي سورة الإسراء: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ للأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً}[الإسراء:107- 109].

    وعلى العكس من هؤلاء طائفة لا تتأثر بالقرآن ولا يؤثر فيهم سماعه، فاستنكر الله عليهم ذلك غاية الاستنكار، وأنكر عليهم غاية الإنكار؛ فقال سبحانه: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِآياتِنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَضْحَكُونَ * وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[الزخرف:47، 48]، وقال: {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ * وأنتم سامدون}[النجم:59، 60]. يعني: تغنون وتلهون وتلعبون؟..
    فهذا حال الغافلين المعرضين لا يبكون لآيات القرآن ولا يتأثرون.

    أما حال النبي الأمين والصحابة الطيبين والتابعين المهتدين فكانت كلها بكاءً من خَشية رب العالمين، وتأثرًا بالذكر الحكيم.
    روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن. قال فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري. فقرأت النساء حتى إذا بلغتُ {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً}[النساء:41] قال: فرفعت رأسي - أو غمزني رجل إلى جنبي - فرأيت دموعه تسيل. وروى أبو داود والترمذي في الشمائل وابن حبان وغيرهم عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسمعت لصدره أزيزًا كأزيز المِرجل. وفي رواية أبي داود: "فإذا لصدره أزيز كصوت الرحى".

    وهكذا كان حال صحابته رضي الله عنهم أجمعين؛ كلهم يتصف بهذه الصفة. فهذا الصديق الأكبر لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم الوجع وأذن للصلاة قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فقالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف – رقيق القلب – لا يملك دمعه إذا قام يصلي لم يسمع الناس من شدة بكائه. فقال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس". فأعادت. فقال: "إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس".
    وسمع عمر يومًا يصلي بالناس فغضب وقال: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر.

    وكان أبو بكر يقول: "ابكوا.. وإن لم تبكوا فتباكوا، تكلفوا ذلك فإن في ذلك النجاة لكم".
    وهذا الذي قاله أبو بكر هو وصية النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، كما روى ذلك ابن ماجه عن سعد بن أبي وقاص بسند جيد: [اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا].

    وليس معنى ذلك أن يظهر الإنسان البكاء رئاء الناس ليحسبوه خاشعًا وليس هو بخاشع، وإنما المراد حث النفس وتعويدها على البكاء حتى يصير عادة وسجية لها، وكما جاء في الحديث: [إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم]. فكذلك إنما البكاء بالتباكي، والتباكي يستجر البكاء، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: [عينان لا تمسهما النار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله](رواه الترمذي بسند حسن عن ابن عباس). وقال: [لا يلج النار أحد بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع](رواه الترمذي وأحمد بسند صحيح عن أبي هريرة).

    وكما كان هذا حال أبي بكر، كذلك كان حال عمر بن الخطاب الخليفة الراشد، فقد ورد عنه أنه كان يكثر من قراءة سورة يوسف في العشاء والفجر، وكان إذا قرأها يبكي حتى يسيل دمعه على ترقوته، وقرأها يومًا حتى بلغ قوله تعالى على لسان يعقوب: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}[يوسف:86]. فبكى حتى سمع الناس نشيجه ونحيبه من خلف الصفوف.
    وسمع يومًا آية فمرض أيامًا يعوده الناس لا يعرفون سبب مرضه.

    وكان في وجه ابن عباس خطان أسودان من كثرة البكاء.

    وبالجملة فقد كان هذا حال الصحابة أجمعين، ولو ذهبنا نستقصي أحوالهم ونذكر مناقبهم في هذا الجانب لطال بنا المقام، ولكن اسمع لوصفهم من رجل يعلم حالهم فهو منهم وإمام من أئمتهم وخليفتهم الرابع عليّ رضي الله عنه، بعد أن صلى الصبح يومًا جلس يبكي حتى طلعت الشمس، ثم قبض على لحيته وقال: "لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أحدًا يشبههم؛ كانوا يصبحون شعثًا غبرًا صفرًا بين أعينهم كمثل ركب المعزى، قد باتوا لله سجدا وقيامًا يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم، فإذا طلع الفجر مادوا كما يميد الشجر في يوم الريح وهطلت أعينهم بالدموع فاخضلت بها لحاهم، والله لكأن القوم باتوا غافلين". فما رؤى بعدها مبتسمًا حتى مات رضي الله عنه.

    كن كالصحابة في زهـد وفي ورع .. .. الناس هم ليس لهم في الخلق أشباه
    رهبــان ليــل إذا جــن الظلام بهـم .. .. كم مسبل دمعا في الخـــــد أجــراه
    وأســد غــاب إذا نادى الجهاد بهـم .. .. هبـّـوا إلى المـوت يستبـقـون لقيـاه

    وجاء من بعد الصحابة التابعون، فسلكوا جادتهم واتبعوا سبيلهم واهتدوا بهديهم، فكان حالهم مثل حال الصحابة أو قريبًا منه، بل زادوا في الصعق والغشي والصرع بل والموت.

    محمد بن المنكدر، إمام من أئمة التابعين، بكى يومًا بكاءً شديدًا، فاجتمع عليه أهله فسألوه عن سبب بكائه فاستعجم لسانه (لم يستطع أن يرد عليهم)، فدعوا أبا حازم سلمة بن دينار، فلما جاء وسكن محمد سأله أبو حازم عن سبب بكائه؟ فقال: قرأت قوله تعالى: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:47] فبكيت، فبكى أبو حازم وعاد محمد إلى البكاء، فقال أهل ابن المنكدر لأبي حازم: جئناك تخفف عنه فزدته بكاءً؟!
    وعندما احتضر ابن المنكدر جعل يردد هذه الآية، ثم ابتسم وقال: لو تعلمون لأي شيء أصير لفرحتم.

    ومات زرارة بن أوفى من آية سمعها رق لها قلبه فما تحملها فمات.
    قال عنه الإمام الذهبي في السير (4/516): "الإمام الكبير، قاضي البصرة، أبو حاجب العامري، البصري، أحد الأعلام... صح أنه قرأ في صلاة الفجر فلما قرأ: {فإذا نقر في الناقور} خر ميتا. وكان ذلك في سنة ثلاث وتسعين... قال: عتاب بن المثنى القشيري، حدثنا بهز بن حكيم، قال: صلى بنا زرارة في مسجد بني قشير، فقرأ: {فإذا نقر في الناقور} فخر ميتا، فكنت فيمن حمله إلى داره".

    فلما طهرت قلوبهم ورقت وعقلت عن الله تأثرت؛ فبكت العيون، ووجلت القلوب، وخشعت الأبدان، وتغيرت الأخلاق، وحسنت الأعمال، واستقامت الأحوال.. ولو كانت قلوبنا كقلوبهم لكانت أحوالنا كأحوالهم، ولكن صدق الإمام الشاطبي إذ يقول في حرز الأماني ووجه التهاني:
    ولو أن عينــا ساعدت لتوكفت .. .. سحــائبها بالدمـع ديـما وهـطــلا
    ولكنها عن قسوة القلب قحطها .. .. فيا ضيعة الأعمار تمشي سبهللا.
    -------------------------------------
    حكمة الرحمن في نجاة قافلة أبي سفيان
    حكمة الله البالغة تتجلى في كل أحكامه وفي كل أفعاله، وليس شيء في الكون يحدث عبثا، ولا شيء يجري إلا على قانون الحكمة.. ولكن قد يوفق الإنسان لرؤيتها ومعرفتها وقد لا يوفق.. وليس معنى عدم الإحاطة بها عدم وجودها، "فعدم العلم بالشيء ليس علما على العدم"، وما يعرفه فلان قد لا يعرفه الآخر، ولكن تبقى حكمة الله تجري في كل ما حولنا، ولا يبقى لنا بعد البحث إلا الاعتراف والتسليم لحكمة العليم الحكيم.

    كانت غزوة بدر واحدة من الأحداث العظيمة في تاريخ الإسلام، ويوما مشهودا من أيام الله تبارك وتعالى، ومعركة الفرقان التي فرق الله فيها بين الحق والباطل، وأعز الله فيها دينه وأتباع دينه على رأسهم سيد المرسلين وخاتم النبيين، وقمع المشركين ورفع منار الحق إلى عليين.

    ومعلوم أن الصحابة كانوا قد خرجوا للفوز بقافلة قريش بقيادة أبي سفيان، وكان أكثرهم يمني النفس بالغنيمة والمال ورد شيء مما سرقه المشركون من أمولاهم، وما نهبوه من حقوقهم، واستولوا عليه ـ ظلما وعدوانا من بيوتهم وثرواتهم ـ في مكة.. وقد كان الاستيلاء على القافلة رحلة يسيرة للناظرين وغنيمة باردة لهؤلاء المطرودين.

    لكن فجأة تحول الأمر إلى مواجهة فارقة بين جماعة خرجت على عجالة دون استعداد لتتلقى قافلة تجارية، وبين جيش على أتم الاستعداد خرج ليمحو وجود الإسلام ويقضي على الدعوة، وهو في أتم استعداد وأكمل عدة وعتاد ، مع فارق العدد الذي وصل إلى الثلاثة أضعاف لصالح المشركين، أراد الله للقافلة أن تنجو، وأن يحصل الاصطدام الرهيب وبهذه الصورة العجيبة.

    وتساءل الناس عن الحكمة، وبحث العلماء ونظر الدعاة والبلغاء وأخرج كل ما في جعبته.. ورأينا لمن كتبوا حكما كثيرة، وشيئا من عجائب صنع الله في تدبير أمر الدين ونصر المؤمنين.

    وكان من جميل ما كتب في هذا المضمار ما ذكره الشيخ محمد الغزالي ـ رحمه الله رحمة واسعةـ في كتابه "الحق المر" حيث يقول:

    عندما كنت أتلو سورة الأنفال، وأتتبع معركة بدر، قلت لمن حولى: نحمد الله أن قافلة قريش نجت وفر بها أبو سفيان.

    فسألنى سائل: ولماذا وقد كان الصحابة يتمنون الإستيلاء عليها، وهم على أية حال أولى بها من مشركى مكة؟

    قلت: لو وقعت فى أيديهم، ودار القتال من أجلها لقال المستشرقون: جهاد لطلب المال وحب الدنيا، من أجل القافلة خرجوا، وفى سبيلها ماتوا، وسينسى المرجفون والأفاكون خمس عشرة سنة انقضت فى كفاح مرير وتضحية موصولة قبل معركة بدر!

    فشاء الله أن تسير الأمور ضد رغبة الأصحاب، وأن تخلص القافلة لعبدة الأوثان.
    {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ}(الأنفال:7)

    وهكذا أراد الله أن يدور القتال ولا تشوبه شائبة بين توحيد يرجو الله واليوم الآخر، ووثنية لا ترجو لله وقارا، ولا تنشد عنده ثوابا.

    فماذا كانت النتيجة؟
    كسب المسلمون المعركة بشرف باذخ وسطوة اشرأبت لها الأعناق فى جزيرة العرب!

    ثم ماذا؟
    لعل أصحاب القافلة باعوا نفائسها لافتداء أسراهم فى المدينة الظافرة،

    ثم ماذا أيضا؟
    يحكى أبو تمام فى حماسته أن امرأة فى مكة سمع صياحها لأن بعيرا لها أنطلق فى الصحراء. فقال أحد رجال مكة المكظومين:
    أتبكى أن يضل لها بعـير .. .. ويمنعها من النوم الســهود
    فلا تبكى على بكر ولكن .. .. على بدر تقاصرت الجدود
    ألا قد ســاد بعـدهم أناس .. .. ولولا يوم بدر لم يســودوا

    نعم إن يوم بدر قلب موازين الشرك كلها، وخفض رجالا ورفع آخرين. فهل علم من يجهل حكمة الله فى تمكين القافلة من الفرار، وعدم تحقيق رجاء المسلمين فى الاستحواذ عليها؟

    فهل نعلم الآن أن فقد التيار الإسلامى للجولة مع العلمانيين والنصارى وغيرهم ليس هو الشر كما نتخيل، بل والله أرى في ذلك كل خير فهى الممحصة، وهى الفرز للصفوف: أيهم فى جانب الرحمن وأيهم فى جانب الشيطان.

    "فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله، وتقربوا إليه بما يحب وسيكون النصر من قلب الهزيمة"..
    ـــــــــــــــــــــــــــــــ
    (كتاب "الحق المرّ": 8، 9)
    إسلام ويب...






                  

العنوان الكاتب Date
مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب... سيف اليزل برعي البدوي07-08-20, 11:52 AM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:03 PM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:05 PM
    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-09-20, 12:13 PM
      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-10-20, 10:42 AM
        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-11-20, 12:23 PM
          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-13-20, 12:32 PM
            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-14-20, 03:42 PM
              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-15-20, 01:05 PM
                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-16-20, 01:46 PM
                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-17-20, 12:47 PM
                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-18-20, 03:53 PM
                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-19-20, 02:58 PM
                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-20-20, 05:18 PM
                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-21-20, 03:01 PM
                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-23-20, 00:52 AM
                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-24-20, 01:11 AM
                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-25-20, 01:58 AM
                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 01:41 AM
                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 12:20 PM
                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-03-20, 03:17 PM
                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-04-20, 02:10 PM
                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-05-20, 02:06 PM
                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-06-20, 02:56 PM
                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-07-20, 12:27 PM
                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-08-20, 01:04 PM
                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-09-20, 01:12 PM
                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-10-20, 01:07 PM
                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-11-20, 03:28 PM
                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-12-20, 05:15 PM
                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-13-20, 01:28 PM
                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-14-20, 01:58 PM
                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-15-20, 12:34 PM
                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-16-20, 02:47 PM
                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-18-20, 11:36 AM
                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-20-20, 01:39 AM
                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-22-20, 00:20 AM
                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-23-20, 11:50 AM
                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-27-20, 03:28 AM
                                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 02:22 AM
                                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 10:21 PM
                                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-30-20, 04:49 PM
                                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-31-20, 11:16 PM
                                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-02-20, 00:30 AM
                                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-03-20, 06:00 PM
                                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-05-20, 02:42 PM
                                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-28-20, 02:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de