مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب...

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-30-2024, 11:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2020-2023م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-01-2020, 12:20 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الحياة والحوار
    منظومة الحياة تمثل العلم والمعرفة والقيم والأخلاق والمهارات والأذواق، ومنظومة الحوار تتلخص في معرفة أنماط المحاورين ومعرفة أنواع الاتصال الإنساني ومعرفة الثقافة العامة والتخصصية بالإضافة إلى عدم الغضب واحترام الآخر والتسامح وعدم الاستهزاء أو السخرية .

    ويعتبر الاتصال البشري مجال متعدد المحاور ولذا يواجه صعوبات لا حصر لها في الوصول إلى تعريف شامل لمصطلح الاتصال لتنوع هذه الظاهرة، وامتدادها لمجالات متعددة ويعرف الاتصال على انه عملية تبادل الأفكار والآراء والمعلومات عن طريق الحديث أو الكتابة أو الإشارات، ويعرفه اسكندر بأنه: العملية أو الطريقة التي يتم عن طريقها انتقال فكرة أو معنى أو مفهوم أو إحساس أو اتجاه أو مهارة أو خبرة من طرف إلى آخر حتى تصبح مشتركة بينهما.

    ويذكر «شلبي» أن الاتصال ما هو إلا عملية إرسال واستقبال المعلومات بهدف إحداث تغيير إيجابي، وهي عملية أساسية ومهمة في الممارسة الفعالة للعملية الإدارية التي بدونها لا يمكن لتنظيم ما أن تقوم له قائمة.

    ويعرفه لوندبرج بأنه نوع من التفاعل الذي يتم عن طريق الرموز. وقد تكون الرموز حركية أو تشكيلية أو مصورة أو منطوقة أو أية رموز أخرى تعمل كمثير لسلوك لا يثيره الرمز ذاته ما لم تتوافر ظروف خاصة لدى الشخص المستجيب له.

    الاتصال هو المجال المتسع لتبادل الحقائق والآراء بين البشر «ردفيلد».

    ويعرفه «عبدالغفار» بأنه نقل رسالة بين فردين أو أكثر باستخدام رمز أو مجموعة رموز مفهومة للمجموعة باستخدام قنوات اتصالية لتحقيق أهداف متعددة وبشكل يضمن التفاعل والتأثير.

    ويعرفه «الطنوبي» بأنه ظاهرة اجتماعية تتم غالبا بين طرفين لتحقيق هدف أو أكثر لأي منهما أو لكليهما ويتم ذلك من خلال نقل معلومات أو حقائق أو آراء بصورة شخصية أو غير شخصية وفي اتجاهات متضادة بما يحقق تفاهم متبادل بينهما ويتم ذلك من خلال عملية اتصالية.



    والاتصال عبارة عن عملية اجتماعية تهدف إلى تقوية الصلات الاجتماعية في المجتمع عن طريق تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر التي تؤدي إلى التفاهم والتعاطف والتحابب أو التباغض. وان الاتصال: نقل وتوصيل أو تبادل الأفكار والمعلومات «بالكلام أو بالكتابة أو بالإشارات». وليس بالضرورة أن يؤدي الاتصال إلى اتفاق، ويتم الاتصال بين المتوافقين والمختلفين، وقد يكون الاتصال باتجاه واحد فقط، كما ويتم الاتصال بين شخصين على الأقل «حتى في حالة الحديث الذاتي - الإنسان ونفسه».

    «أهم ما يميز الحوار»

    ليس بالضرورة الانتهاء إلى رأي أحد المتحاورين. وتحكمه أخلاقيات عالية. وليس له بديل يكافئه (البدائل: العنف - الشجار - التطرف - التعصب...). ويؤدي إلى الإبداع. بالإضافة إلى أنه طريق إلى التعلم. ويقود إلى التحليل والاستنتاج. وإن من خلال الحوار تذوب الفوارق بمختلف أشكالها.

    واستخدام أنماط الشخصية له أهميته في الحوار من أجل التعرف على الفروق والاختلافات في الأنماط الاتصالية للأفراد والتعرف على نقاط القوة التي يوفرها الاختلاف في الأنماط الاجتماعية في المواقف المختلفة ومعرفة وفهم احتياجات كل نمط اجتماعي وتوقعاته من الآخرين حين يتعاملون معه بالإضافة إلى اكتساب القدرة على التكيف مع الأنماط الاجتماعية المختلفة بالإضافة إلى توفير بيئة عمل تتميز بالإنتاج وتحقيق الأهداف، وأهم ما يميز ذلك هو النجاح والتميز في بناء العلاقات مع الآخرين.

    مهارة المرونة والتكيف

    هناك أربع مهارات:

    1- المهارة العملية والتي تركز على «حوار جاد» وضعف في الإنصات وضعف في المهارات الإنسانية.

    2- المهارة التحليلية: فهي تبنى على الحوار الجاد والتفصيلي والإنصات للموضوع وضعف في المهارات الإنسانية.

    3-المهارة التعبيرية تركز على حوار طويل وخروج عن الموضوع وضعف في الإنصات وكثرة الكلام في الموضوع وخارجه والاهتمام بالمهارات الإنسانية.

    4- المهارة الودية: فهي تهتم بمهارات الإنصات وبالمهارات الإنسانية فقط.

    القيم والمشاعر

    العلاقة بين القيم والمشاعر مهمة، والالتزام بالقيمة يولد لدى الشخص الملتزم مشاعر الرضا والفخر والاعتزاز بالنفس والسعادة ويولد لدى الآخرين مشاعر الإعجاب والتقدير والرضا والفخر مما تؤدي إلى المزيد من الالتزام بالقيم، مؤكدا أن القيم ضابط للمشاعر حيث أمرت الشريعة بمشاعر الحب والمودة.

    من فنون الحوار:

    -الدقة في التعبير وتحديد معاني المصطلحات المستخدمة. والدقة في القول أو الإشارة أو الحركة. وحسن العرض والبلاغة فيه وليس المبالغة. وترتيب الأفكار. والرد على النقطة المثارة (عدم الحيدة). بالإضافة إلى عدم الاستعجال (التأني) وقديما قالوا في التأني السلامة، وفي العجلة الندامة. التعبير والأدوات المستخدمة. والتجرد ونبذ الغضب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران: «وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين». على الرغم من أنه على يقين تام وكامل بصحة معتقداته.

    ـــــــــ

    د. أيوب خالد الأيوب، بتصرف. إسلام ويب
    ----------------------------------------
    النجاح
    كلمة يحبها الجميع ويسعى إلى تحقيقها، فهي تبعث السرور والبهجة، وتجدد النشاط والحيوية، بل وتزيد نسبة القدرات وتفجر الطاقات لدى الإنسان.

    كلمة يهتم بها الصغار والكبار، ويهتم بها الرجال والنساء، ويهتم بها العرب والعجم، ويهتم بها القوي والضعيف...؛ فالصغار يفرحون في النجاح من خلال لعبهم وألعابهم، والطلاب وخاصة زمن الاختبارات وظهور النتائج يفرحون بنجاحهم وتفوقهم، والكبار يفرحون بنجاحهم في أعمالهم ومشاريعهم.

    الرجال يفرحون بالنجاح عند تحقيقه في رجولتهم ويتباهون بذلك، ويحزنون لمن تخلى عن رجولته، بل ويشمئزون منه، ويعدونه من الساقطين الراسبين، ولا يقبلونه في أوساط الرجال.

    والنساء يفرحن بنجاحهن فيما فطرهن الخالق عليه، ويتفاخرن بذلك، ويحزنّ لمن فقدت أنوثتها واسترجلت وصارت تناطح الرجال في خواصهم وجبلتهم التي خُلقوا عليها، بل أنهن يبتعدن عنها، ولا يقبلنها في أوساطهن.

    والشاب يفرح عند نجاحه في زواجه بامرأة صالحة طيبة، تدخل السرور إلى بيته، وتحافظ عليه من الانحراف والسقوط.

    والفتاة تفرح عند نجاحها في زواج رجل صاحب دين وخلق، يملأها حبا وسعادة، ويحفظها من الهواجس والسقوط.

    والموظف يفرح بنجاحه في وظيفته وأدائه لعمله، وجودته فيه وإتقانه له؛ وكذلك كل عامل في عمله.

    فالكل يحب النجاح ويسعى إليه، ويخاف من الرسوب والسقوط، ويهرب منه.


    ومن الوسائل المساعدة والمهمة للنجاح:

    1-الإيمان بالله، فهو أساس كل نجاح، فهو النور الذي يضيء لصاحبه الطريق وهو المعيار الحقيقي لاختيار النجاح الحقيقي ..الإيمان يمنح القوة وهو بداية ونقطة الانطلاق نحو النجاح وهو الوقود الذي يدفع نحو النجاح.

    وقد نجح المؤمنون نجاحاً باهرا، لفت أنظار البشرية جمعاء، فالإيمان يحقق المعجزات.

    2- الأمل والطموح والرغبة، يقول عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين معبرا عن طموحه:" إن لي نفسا تواقة ،تمنت الإمارة فنالتها،وتمنت الخلافة فنالتها ،وأنا الآن أتوق إلى الجنة وأرجو أن أنالها".
    3- العمل والجد والتضحية والصبر ومن منح طموحه صبرا وعملا وجد ..فمن جدّ وجد ومن زرع حصد..
    وقل من جد في أمر يحاوله * * * وأستعمل الصبر إلا فاز بالظفر

    لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله * * * لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
    فالنجاح يصنع ولا يأتي وحده، وإنما بالعمل واستغلال للفرص.
    4- تغيير الرأي في النفس: فالإنسان يملك طاقات كبيرة وقوى خفية يحتاج أن يزيل عنها غبار التقصير والكسل .. فطالب النجاح يشطب كل الكلمات السلبية مثل " لا أستطيع – لست ذكياً.." ويردّد باستمرار " أنا أستحق الأفضل – أنا مبدع – أنا ممتاز – أنا قادر .."
    والناجح أقدر مما يتصور وأقوى مما يتخيل وأذكى بكثير مما يعتقد.

    5- التفكير بالنجاح وحبه، فكلما فكر وشغل فكره به قويت العلاقة بينه وبين النجاح، وازدادت محبته له.

    6- عدم الخوف من الفشل، فهو مجرد حدث..وتجارب، والكيس يستغل الفشل ويجعله سبيلا وطريقاً إلى النجاح، فأديسون مخترع الكهرباء مثلا قام بـ 1800 محاولة فاشلة قبل أن يحقق إنجازه الرائع ..ولم ييأس بعد المحاولات الفاشلة التي كان يعتبرها دروسا مفيدة.
    والذي لا يفشل هو من لا يعمل فالفشل فرص وتجارب لا تؤدي إلى الإحباط.

    7- اكتشاف المواهب والقوى الداخلية وتنميتها بدل بقائها معطلة، ومن تلك المواهب الإبداع والذكاء والتفكير والاستذكار والذاكرة القوية .
    8- الإحساس بمتعة الدراسة وطلب العلم والنجاح متعة، فتلك المرحلة من أمتع لحظات الحياة ولا يعرف متعتها إلا من مرّ بها والتحق بها، وكيف لا تكون كذلك وهي عبادة يتقرب بها إلى الله.

    9- الثقة بالنفس: فالثقة في النجاح يعني دخول معركة النجاح منتصرا بنفسية عالية والذي لا يملك الثقة بالنفس يبدأ معركته منهزما.

    10-استغلال الوقت، فهو ثمين وغالي، وخاصة بالنسبة لطالبي النجاح، فلا وقت لديهم يهدر سدى.
    11- الرفقة الصالحة والصحبة الناجحة، التي تتفاعل مع النجاح وتسعى إليه، والحذر من رفقاء السوء.

    12- التنظيم مهم جدا، تنظيم الكتب والمراجع، تنظيم المتابعة والمراجعة، تنظيم الواجبات والمسؤوليات.


    فوائد للنجاح:

    متعددة ومتنوعة، تنفع صاحبها وتدفعه إلى المزيد من العطاء والبذل والمبادرة، والتي منها:

    1- كسب محبة الخالق المعبود سبحانه وتعالى، فهم من خلال نجاحهم في طاعتهم وعبادتهم، وسيرهم في الحياة وفق منهجه يكسبون رضاه ومحبته.

    2- النجاح يؤدي إلى النجاح فالناجح دائما تجدده يسعى إلى تحقيق نجاحات متعددة، فهو ينتقل من مشروع إلى آخر.


    3- الفرح والسرور، وهو مطلب يسعى إليه الإنسان دائماً، والناجحون تجدهم في فرح دائم.

    4- النجاح سبيل إلى شكر المنعم على نعمه، وكسب الحسنات، والانتفاع في الدنيا وبعد الممات.

    5- كسب محبة الآخرين، فالناجحون محبوبون عند الجميع وخاصة الأهل والأقارب وأولهم الوالدين.

    6- حل المشكلات وعلاج المعضلات، فالناجحون هم أصحاب الأهلية والقدرة في ذلك.

    7- التطوير والتجديد والإبداع، فالناجحون هم أصحاب ذلك كله.


    وفي الختام نتمنى النجاح للجميع، والحمد لله رب العالمين.
    ------------------------------------
    حجة الذئب
    كان كل شيء في الغابة يدعو للتفاؤل والبهجة؛ شمس ساطعة، ونسيم جميل، وأشجار قد اكتست بزينتها، والأهم من ذلك أن ميثاق حقوق الحيوانات قد أُعلن، وأن الذئب ـ كبير الغابة بعد أن انقرض الأسد والنمر ـ أعلن أنه شخصياً مـعنيٌّ بالحفاظ على هذا الميـثاق وتطـبيقه، إذاً؛ ممَّ يخاف ذلك الكبش؟! لماذا لا يذهب إلى الغدير الكبير ليشرب؟! ولماذا لا يعلن رضاءه لكل الكائنات عن هذا القرار الحكيم؛ الذي جعل غدران الغابة كلها غديراً واحداً؟!

    نعم؛ هو حرٌّ في قراره، ويمكنه أن يصبر أكثر، وأن يبحث عن الماء في المرتفعات؛ ليشرب بعيداً عن هذا الغدير الكبير الذي تشرب منه كل الحيوانات وكل الوحوش. ولكن؛ لمـاذا لا يجـرّب؟ سيـذهب اليـوم إلى الغدير ليشرب في وضـح النـهار، أمـام أعـين كـل الحـيوانات وكـل الطـيور، لا يمـكن ـ حينئذ ـ أن يغدر الذئب، وساعتها إن غدر سوف يعلم الجميع أنه كاذب، وسيهبّون لمقاومته، وسيسقط ميثاق حقوق الحيوانات.

    أخيراً؛ ارتفع صوت الكبش بالثغاء.. ماء.. ماء..

    أخذ يجري خارجاً من مكمنه إلى الغدير، لم يراعِ اتجاه الريح في جريانه كما كان يفعل من قبل، لم يعدْ يهتم أن تحمل الريح رائحته إلى الوحوش، هو كبش محترم، ملتزم بكل القوانين، وهو ذاهب ليشرب من غدير الحيوانات الجديد، ولكن؛ لماذا توقف كبشنا عن الثغاء وعن الجريان؟! لماذا انبهرت نفسه وارتعشت مفاصله وازدادت دقات قلبه؟! هل يكون هذا لأنه رأى الذئب نفسه يشرب من الغدير؟ نعم؛ هـذا هـو السـبب، الذئب يبدو جائعاً، ولا أحد بجانبه يشرب مـن كل الحيوانات، هل يعود أدراجه إلى حيث كان؟ لم يعدْ يفيد، لقد رآه الذئب وسمع صوته، لا بـد أن يذهب رابط الجـأش ويخفي كل مشاعره، لو جرى فسيعتبر الذئب ـ سيد الغابة الجديد ـ أن هذا سوء أدب منه، وسيعتبره مروّجاً للإشاعات التي تقول: إن الذئب لا يحترم وعوده وعهوده، ولا يحترم ميثاق الحيوانات الجديد، كما فعل من قبل مع تلك الغزلان التي لم تكن تملك نفسها حين تراه فتجري خائفة منه، لم يكن يُؤْويها عندئذ مكان، ولم يكن يساعدها حيوان، وفي النهاية تكون طعاماً للذئب؛ عقاباً لها على عدم تصديقها لوعود الذئب وإيمانه بالنظام الحيواني الجديد.

    لا يدري هذا الكبش نفسه كيف قاوم مشاعر الخوف فيه؟ سيطر على كل جوارحه ومشى بخطى وئيدة، كان يرسم على وجهه ابتسامة كبيرة، ثم قال وهو ينطلق نحو الغدير: طاب صباحك يا سيد الغابة!

    لم يردّ الذئب على تحية الكبش، نظر إليه فقط ثم أقبل على شـرب المياه وهو يقول في نفسه: (أيها الخروف! ستكون فطـوري اليوم لا محالة، سوف أجد حجة لآكلك بها، لو لم تكن هذه الطيور على هذه الأشجار تشهد ما يحدث لأكلـتك على الفـور، دون أن أكلِّـف نفسي عناء البحث عن حجة سخيفة، ولكني سأصبر، وسوف أجد الحجة السخيفة أو المقنعة لا فرق، وفي النهاية سآكلك.. ها.. ها.. ها... ).

    واصل الكبش سيره، لم يستطع أن يسير كثيراً، هو خائف ومرتعد، وهو يبذل قصارى جهده للسيطرة على نفسه، كان يريد أن يبتعد أكثر وأكثر لكنه لم يستطع، وقف ليشرب، فجأة صكَّ سمع كبشنا صوت الذئب يقول: أيها الخروف! ألم تكن تستطيع أن تنتظر حتى أنتهي أنا من شربي؟ ألا تعلم أنك بصنيعك هذا قد عكرت عليَّ الماء؟

    تسـمَّر الكـبش مـكانه، وازداد خفـقان قلبه، اقترب الذئب وعــيناه ترسـلان شـواظاً وبريقاً، ولكن الكبش قال: يا سيد الحيوانات! إن الماء يجري من ناحيتك، فكيف أعكّره أنا عليك؟

    من فوق الأشجار ارتفع صوت عدد من الطيور؛ ترفرف وتقول: نعم أيها الذئب؛ كلام الخروف صحيح، لو كان هناك تعكير للماء فيجب أن يكون منك أنت؛ لا منه هو!

    رغماً عنه توقف الذئب، نظر إلى أعلى الأشجار فوجد الأطيار واقفة تترقب، نظر إليها وضحك، ترك الكبش وأقعى مكانه، ينظر للكبش وهو يشرب ويقول في نفسه: (أنا معجب جـداً بشجاعتك ـ أيها الخروف ـ وبثبات فؤادك، وهـذا يزيـدني رغـبة في التهام لحمك، الذي يبدو ألذّ من لحم كل الخراف التي أكلتها، لا بأس؛ سأجد حجة أخرى آكلك بها... ).

    وقتها؛ كان الكبش قد شرب وقرَّر الرجوع، لم يكن قد روى ظمأه تماماً، ولكنه رأى أن يبتعد عن الذئب. لم يتركه الذئب يمشي، أمسكه وهو يقول: ألستَ الذي شتمتني العام قبل الماضي؛ دون إساءة مني إليك؟ سأقتلك وأجعلك عبرة لكل من تسوّل له نفسه إهانة الناس بدون ذنب.

    ثانـيةً ضـحك الكـبش وهـو يقول: إن عمري أيها الذئب لا يتجاوز العام إلا قليلاً؛ فلا يمكن أبداً أن يكون الذي شتمك هو أنا.

    لم يترك الذئب الخروف من يده، ظل ممسكاً به ولكنه كان سـاهماً يفكر (نعم أيها الخروف الشجاع؛ غلبتني هـذه المرة أيضاً، كل مـن يراك يعرف أنك صغير السن، لماذا تسرعت أنا وقلت أن ذلك كان العام قبل الماضي؟ ولكن الحجج لا تفنى، وسآكلك!)

    قال الذئب بصوت يُسْمع الأطيار فوق الأشجار: كلامك صحيح أيها الخروف؛ فأنت صغير السن، ولكن إذا لم تكن أنت الذي شتمتني فلا بد أنه أحد أقاربك؛ لأن شكله يشبهك تماماً؛ له قرون، وعلى ظهره صوف.

    لم يستطع الكبش حينئذ إلا أن يجمع قوته في ساقَيْه الأماميتين، ثم يضرب بكل خوفه وجه الذئب وهو يقول: سأموت بكرامة أيها الذئب!

    كانت المفـاجـأة على الذئب شـديدة، ظل برهة مدهوشاً لا يصدق، كسر الكبش له سنّاً وجرحه في وجهه، وكانت الأطيار واقفة فوق الأشجار منقسمة على نفسها؛ فريق يرى الحق مع الذئب، وفريق يرى الكبش هو صاحب الحق، وفي النهاية مات الكبش، وحمله الذئب ومشى.

    ـــــ

    عبد الجواد الحمزاوي (البيان 235).
    --------------------------------------------
    مفهوم اليُسْر في الدين
    اليُسْر مقصد مـن مقـاصـد الـدِّين الكبـرى، جعـله الله ـ تعالى ـ أساساً لكل ما أمر به ونهى عنه في كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، وأمرنا أن نلتزمه في فهمنا للدين والعمل به والدعوة إليه؛ فقال ـ تعالى ـ: { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

    وقال - صلى الله عليه وسلم - : «إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره» وفي لفظٍ: «إنكم أمة أُريد بكم اليُسْر». أخرجه الإمام أحمد بسندٍ صحيح.

    ولكن ما معنى أن يكون الدِّين يسراً؟ إن آية اليُسْر نزلت تعليلاً لأمره ـ تعالى ـ بالفطر للمريض والمسافر. ولكن هل الصيام نفسه الـذي وردت بمناسبته قاعـدة التيسير شـيء لا مشقة فيه؟ ماذا لو قال إنسان: لو كان الصيام نصف شهر لكان أيسر، ولو كان أقل من ذلك لكان أكثر يُسْراً، بل لو لم نُؤمر بالصيام لكان اليُسْر كله؟!

    ومــا يُقــال عن الصيـام يُقــال عــن سائـر ما أمــر الله ـ تعالى ـ به من صلاة وصيام وحج وزكاة وجهاد بالمال والنفس؛ إنها كلها تكاليف فيها شيء من مشقة؟ فلو كان معنى التيسير: أن لا يُؤمر النـاس بشـيء فيـه أدنى مشـقة؛ لما كـان هنالك تكليف بصلاة ولا صيـام ولا حـج ولا زكـاة ولا جـهـاد؛ لأن فعـل ما لا مشقة فيه البتة أَيْسر ـ فيما يبدو لأول وَهْلَة ـ مما في فعله أدنى مشقة.

    فما المقصود باليُسْر إذاً؟ معـناه فيـما يـبدو لي: فـعل ما يحقق الغاية بأدنى قدر من المشقة، مثلاً: إذا كان لا بد لك من وسيلة للكسب تحفظ لك ماء وجهك وتغنيك عن السؤال وتوفر لك ما تحتاج إليه من طعام ولباس وسكن وزيادة توفر بعضها وتتصدق ببعض؛ فإن خير وسيلة هي عمل يحقق لك كل هذا بأدنى قدر من المشقة. فإذا قال لك الشيطان: لكن عدم الكسب أَيْسر من أية وسيلة فيها شيء من مشقة، ولذلك فإن الأفضل لك أن لا تعمل إطلاقاً.. ستقول له ـ إن كنتَ عاقلاً ـ: هذا صحيح بادئ الرأي أيها الخبيث! لكن انظر ماذا سيترتب على البطالة، إنها ستجعل حياتي أعسر نفسياً وربما جسدياً؛ فعملي رغم ما فيه من مشـقة هـو فـي النهـاية أَيْســر من البطـالة الـتي يـبدو أنه لا مشقة فيها.

    وكذلك الأمر بالنسبة للدِّين؛ فما يأمرنا الله ـ تعالى ـ به هو أعمال تحقق غايات ضرورية لنا، غايات لا تكون لنا سعادة إلا بها، ولكنها باعتبارها أعمالاً فلا بد أن تتضمن شيئاً من الجهد والمشقة، لكن الله ـ تعالى ـ الخالق لكل شيء، المحيط علماً بالوسائل والغايات، الرحيم بعباده، يختار لنا أسمى الغايات، ثم يدلُّنا إلى أحسن الوسائل التي تحققها بأدنى مشقة، كما قال الله ـ تعالى ـ في أول آية علّل بها أمره بالصيام: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (البقرة: 183).

    فالغاية المطلوب الوصول إليها هي التقوى، والوسيلة إليها التي لا وسيـلة غيرها لتحقـيق هذا النوع من التقوى هو صيام شهر رمضان.

    وعليه؛ فيمكن تقسيم الأعمال بالنسبة لغاياتها ووسائلها إلى أربعة أنواع:

    أحسنها: غاية حسنة ووسيلة ميسرة، وهذا هو الذي اختاره الله ـ تعالى ـ لعباده.

    وأسوؤها: غاية سيئة ووسيلة شاقة، من أمثلتها: محاربة الكفار للمسلمين، وبذلهم أموالهم وأنفسهم في سبيل ذلك. ومنها: ما يتظاهر به المنافق من صلاة وصوم وحج وزكاة وربما جهاد.

    في مثل هذا العمل قالت العرب: لحم جمل غَثٌّ، على رأس جبل وَعْرٍ، لا سمين فيُشْتَهى، ولا سهل فيُرْتَقى.

    وأقل منه سوءاً: غاية سيئة ووسيلة سهلة.

    وأحسن من هذا: غاية حسنة ووسيلة عسرة. وهذا يشمل كل ما خالف السُّنّة من أنواع الأعمال الصالحة.

    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ جُوَيْرِيَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ فَقَالَ: مَا زِلْتِ عَلَى الحال الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قَالَتْ: نَعَمْ! قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - : لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ». (صحيح مسلم).

    فالحديث يدل على أنه بالاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في عبادته يحصل الإنسان بالعمل القليل في الوقت القصير على الأجر الكبير. فيا خسارة الذين يستبدلون بأذكار النبي - صلى الله عليه وسلم - أذكاراً اخترعوها أو اخترعها لهم سادتهم، إنها في أحسن أحوالها جهد كبير وأجر قليل. ولذلك كان عدد من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ يقول: اقتصاد في سُنّة خير من اجتهاد في بدعة. أما إذا كانت تتضمّن شركاً أو شيئاً حراماً فإنها قد تكون من النوع الذي قال الله ـ تعالى ـ فيه: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ * تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} )الغاشية: 1 – 4.

    وقوله ـ تعالى ـ(وَقَدِمْنَا إلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) (الفرقان 23). وإذاً؛ فالدِّين كله يُسْر بهذا المعنى الذي ذكرناه. قال سماحة الشيخ صالح بن حميد في خطبة له جامعة عن اليُسْر(1): والتيسير مقصد من مقاصد هذا الدِّين، وصفة عامة للشريعة في أحكامها وعقائدها، وأخلاقها ومعاملاتها، وأصولها وفروعها؛ فربُّنا بمنِّه وكرمه لم يكلِّف عباده بالمشاقّ، ولم يردعنا كالناس، بل أنزل دينه على قصد الرِّفق والتيسير.

    شريعة الله حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، فلله الحمد والمنّة.. {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، {يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28]، {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْـمُسْلِمِينَ} (الحج: 78).

    والتيسير له معــانٍ أخــرى، مـنها: أن الله ـ تعــالى ـ لا يكلِّـف الـناس بما يطيـقون، بـل بمـا هـو في وُسْعهم، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وتأمَّل قوله ـ عزَّ وجلَّ ـ ) : إلاَّ وُسْعَهَا (، كيف تجد تحته أنهم في سِعَة ومنحة من تكالـيفه، لا في ضـيق وحرج ومشـقة؛ فـإن الوُسْـع يقتـضي ذلـك؛ فاقـتضــت الآية أن ما كلَّفهم به من غير عُسْر لهم ولا ضيق ولا حرج، بخلاف ما يقدر عليه الشـخص؛ فـإنـه قـد يكون مقـدوراً له ولكن فيه ضيق وحرج عليه. وأما وُسْعه الذي هو منه في سِعَة فهو دون مـدى الطـاقة والمجـهود، بل لنفسه فيه مجال ومتّسع). (الفتاوى: ج14، التفسير الجزء الأول، ص 137ـ( 138 .

    ومنها: أن العمل وإن كان فيه مشقة إلا أن الله ـ تعالى ـ يجعله سهلاً بطرائق كثيرة، منها: أنه يغير طبيعته الشاقة فيجعلها سهلة، كما ذكر الشيخ بالنسبة للقرآن الكريم ذكراً وتدبُّراً وفهماً.

    ومنها: أن يجد المؤمن في العمل لذّة روحية، حتى إنه ليكاد ينسى ما فيه من مشقة.

    وإذا حلَّت الهداية قلباً نشطت للعبادة الأعضاءُ

    ومنـها: أن يريـد المؤمن تحقيق غاية يحبها لكنه يعلم أنـها لا تتـحـقق إلا بعبـادة معـينة فيحرص علـيها طـلـباً لتـلك الغـاية المحبـوبة فتهون عليه؛ كما في قوله ـ تعالى ـ عن الصلاة:

    ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الْـخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إلَيْهِ رَاجِعُونَ) [البقرة: 45 - 46]. وقوله ـ تعالى ـ: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْـمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45].

    «وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا صَلَّى قَامَ حَتَّى تَفَطَّرَ رِجْلاهُ قَالـَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُـولَ اللَّهِ! أَتَصْـنَعُ هَـذَا وَقَـدْ غُـفِـرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ! فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ! أَفَلا أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً» (أخرجه مسلم) .

    فحرصه - صلى الله عليه وسلم - على شكر ربه ـ وهو شعور له لذّة لا تعدلها لذّة ـ هو الذي يسَّر له هذا العمل الذي يبدو شاقّاً.

    ومـنها: أن الله ـ تعـالى ـ قـد يزيل مشقات العمـل حتـى لا يكاد يبقى منها شيء؛ فأشق شيء على الإنسان أن يُقْتل لكن رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - يقـول: «ما يـجد الشهيد من مسِّ القتال إلا كما يجد أحـدكم مـن مسِّ القرصة» الترمذي.

    وعليه؛ فإذا كان الله ـ تعالى ـ قد تكفَّل بتسهيل العمل بما أنزل من أمر ونهي؛ فكذلك يجب أن نفهمه ـ نحن ـ في ممارستنا له. ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح مشيراً إلى هذه الممارسة: «إن هذا الدِّين متين؛ فأوغلوا فيه برفق». وقال: «إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره، إن خير دينكم أَيْسره»، فعبارة «خير دينكم» هي إشارة إلى الدِّين الممارس لا الذي أنزله الله ـ تعالى ـ، فإن ذلك ميسّر في أصله لا يحتاج إلى أن ييسّره إنسان.

    ومن أحسن ما قرأت تطبيقاً لهذه الأحاديث ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه قال: عن الأزرق بن قيس قال: (كنا على شاطئ نهر بالأهواز قد نضب عنه الماء، فجاء أبو برزة الأسلمي على فرس فصلّى وخلّى فرسه، فانطلقت الفرس، فترك صلاته وتبعها حتى أدركها، فأخذها، ثم جاء فقضى صلاته، وفينا رجل له رأي، فأقبل يقول: انظروا إلى هذا الشيخ، ترك صلاته من أجل فرس، فأقبل فقال: ما عنّفني أحد منذ فارقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال: إن منزلي متراخٍ، فلو صليت وتركت لم آتِ أهلي إلى الليل، وذكر أنه صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فرأى من تيسيره ).

    لكنَّ فعل (أبي برزة) يختلف عما يفعله بعض الناس الآن في اختيارهم لما يختارون من الأقوال التي اختلف فيها العلماء. يقول أحدهم لنفسه: ما دام الدِّين يسراً فإنني سأختار ما أراه أسهل عليّ أو على الناس، ثم يبدأ ينظر في الأقوال بهذا المعيار فيقول ـ مثلاً ـ: قول الحنفية هذا صعب، لكن قول الحنابلة أصعب، أما قول المالكية فسهل، وأسهل منه قول الشافعية، وأسهل من هذا كله قول العالم الفلاني الذي خالفهم جميعاً، فأنا آخذ به.

    إن المنهج الصحيح هو أن يقول الإنسان لنفسه: ما دام دين الله كله يُسْراً فسأختار ما أراه بأدلّته أقرب إلى الشرع؛ لأن الأقرب إلى الشرع هو الأقرب لتحقيق الغاية بأدني مشقة.

    قد يقول قائل : أليس هذا الذي انتقدتَ منهجه متأسياً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أَيْسرهما؟ يقال له: نعم إذا خُيِّر كما في قوله ـ تعالى ـ: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) .

    والتخيير معناه أن كل واحد من الأمور المخيّر فيها يؤدي الغرض المطلوب، لكن بعضها قد يكون أَيْسر على الإنسان من بعض، فيختاره. لكن ما نحن في صدده لا علاقة له بالتخيير، بل المطلوب فيه معرفة حكم الله ـ تعالى ـ في الأمر الذي اختلفــت فيه الأقـوال أو الاجتهـادات؛ لأنـها إذا تناقـضت فلا يمكن أن يكون كل واحد منها صحيحاً مؤدّياً الغرض. نعم؛ إذا استوت الأدلة ولم يمكن ترجيح بعض الأقوال على بعض، فإن الأخذ بالأَيْسر يكون منهجاً صحيحاً.

    لكن رغم هذا فقد يحدث التعــسير في الــدِّين شــرعاً أو قدراً، ويكون عقاباً من الله ـ تعالى ـ لبعض الناس. مثال التعـسير شـرعاً: مـا قال الله ـ تعالى ـ فيه: {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (النساء: 160 ).

    وأما التعسير القدري فيكون بسبب سوء فهم بعض النـاس للـدِّيـن وإلـزامهـم أنـفسـهم بمـا لـم يلـزمهم به الـله ـ تعالى ـ من أنواع العنت. وهذا هو الذي يحدث لأناس من هذه الأمة التي اختار الله لها الحنيـفية السمـحة والتـي قال الله ـ تعالى ـ عن رسولها : (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْـخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ ) (الأعراف: 157).

    هذا العنت القدري العقابي هو الذي يدعو المسلمُ ربَّه أن يعيذه منه: {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} البقرة 286.

    ــــــــ

    أ. د. جعفر شيخ إدريس ( البيان 235).






                  

العنوان الكاتب Date
مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشباب... سيف اليزل برعي البدوي07-08-20, 11:52 AM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:03 PM
  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� عزالدين عباس الفحل07-08-20, 12:05 PM
    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-09-20, 12:13 PM
      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-10-20, 10:42 AM
        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-11-20, 12:23 PM
          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-13-20, 12:32 PM
            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-14-20, 03:42 PM
              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-15-20, 01:05 PM
                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-16-20, 01:46 PM
                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-17-20, 12:47 PM
                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-18-20, 03:53 PM
                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-19-20, 02:58 PM
                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-20-20, 05:18 PM
                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-21-20, 03:01 PM
                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-23-20, 00:52 AM
                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-24-20, 01:11 AM
                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي07-25-20, 01:58 AM
                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 01:41 AM
                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-01-20, 12:20 PM
                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-03-20, 03:17 PM
                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-04-20, 02:10 PM
                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-05-20, 02:06 PM
                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-06-20, 02:56 PM
                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-07-20, 12:27 PM
                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-08-20, 01:04 PM
                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-09-20, 01:12 PM
                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-10-20, 01:07 PM
                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-11-20, 03:28 PM
                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-12-20, 05:15 PM
                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-13-20, 01:28 PM
                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-14-20, 01:58 PM
                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-15-20, 12:34 PM
                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-16-20, 02:47 PM
                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-18-20, 11:36 AM
                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-20-20, 01:39 AM
                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-22-20, 00:20 AM
                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-23-20, 11:50 AM
                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-27-20, 03:28 AM
                                                                            Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 02:22 AM
                                                                              Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-28-20, 10:21 PM
                                                                                Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-30-20, 04:49 PM
                                                                                  Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي08-31-20, 11:16 PM
                                                                                    Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-02-20, 00:30 AM
                                                                                      Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-03-20, 06:00 PM
                                                                                        Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-05-20, 02:42 PM
                                                                                          Re: مقالات مفيدة تهم المجتمع و الأسرة و الشبا� سيف اليزل برعي البدوي09-28-20, 02:15 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de