♧ قَد لا أكذِبُ و لَكِنِّي فَقَط أتَجَمَّلُ£

* ما أحوجنا لوقفات مع النفس تخجل تواضع مفرداتنا العادية حينما
نضفي عليها بعداً سابعاً و لنتذوقها بطعم ثالث من عبقرى الرباب، و قد
سمعت أحدهم ذات مرة يشكو من رمزيتي و ها أنا ذا أترع الكأس بنخبٍ
مُعتقٍ من تعريضٍ محببٍ عسى و لعل تكون فيه مندوحةً عن الكذب البواح.

*..يذكريي هذا برفاق الغابة و الصحراء حين يشرف أي قارئ عزلتي بحضورٍ
عبر أثير هذا المنبر المحتشم .لنمخر سوياً عباب أجواء نيرة بحثاً عن بيادرَ أفسح
براحاً لارتياد الكلام المباح نتناول قضايا من حولنا.. ونبحث عبثاً عن فردوس مفقود ،
كمن يشيع نعشاً محمولاً بين ضفتي نهر و في حنايا جيل بكامله في مقتبل العمر كم يتطلع
لحياة كريمة بسيطة لا تكلف أكثر من لقمة نظيفةٍ في ضل راكوبةٍ حاحاية, فقط بهامة

رفيعة لا تعرف الهوان. هذا شيء يغفل عنه رعاة القوم, ربنا يهديهم ويديهم العافية.
ممن لا يرون لأبعد من أرانب أنوفهم ,و لا يخططون إلا لإسكات كل من قال بغم و لمد
الجزرة إرضاءً لكل من رفع العصا. و لعل خير شاهد ما يجرى كل خريفٍ في عاصمة
"اللاءات" و الصمود القديم, حين يجرفها سيل العرم و يذهب معه جفاءاً ماخف حمله من
بنى تحتية مهلهلة.. مما يحسبونه مفخرة بين الناس و (نقارة لمولد سوينا وسوينا). هذا
و حدث دون إحراج عن عن فضائح كالبذور الفاسدة المستوردة..والتي أتوقع أنها
كفيلة بأن رؤوساً قد أينعت و حان قطافها كي تتنحي بنفسها
لتنصرف لشأنها الخاص قبل أن يأتي الطوفان.

* و أما أنا والبقية من سواد الناس الأعظم فلم يتركوا لنا سوى ملاذين لا ثالث لهما : فإما أن
أداهن كي "يدعوني أعيش" و إما أن أهاجر.كما المستجير من الرمضاء بالنار.ولا يغرنك تقلب
الذين تغربوا في البلاد..فهذا متاع قليل ثم مردهم إلى أشد اللهاث و الضياع, و كل عام ترذلون.
و عاقل من اتعظ بغيره وجاهل من ينتظر ليعتبر بنفسه. صدقني ، مشكلتنا ليست في الأوطان,
بل في الأيمان. لقد ترك أبوناوسيدنا إبراهيم امراة كسيرة الجناح و طفلاً رضيعاً في واد ٍغير
ذي زرع عند بيتالله المحرم؛فلم يخذله ربه, و حفظه فينفسه و في زوجه وولده.

* الألمان أهل إمبراطورية عجوز؛ يدركون كم في بلادانا من خير أكثر مما يكترث له أهلها.
لذا فحينما يقدمون على تزويج فتياتهم من شبابنا فليس ذاك عن خشية إملاق أو بوار؛ و لكنهم
أصبحوا أمماً شائخةً و مهددةً بالانقراض ؛ فهم يخططون لحقن جيناتٍ حاميَّةٍ في مجتماعتهم
الآيلة للزوال ، كي تظل باقيةً على قيد الحياة في قلب الحضارة النابض.