|
Re: نازك الملائكة : يوميات في زمن الكورونا (Re: Gafar Bashir)
|
يومياتي في زمن الكورونا...(4)
المرفعين.....
24 أبريل 2020 نازك الملائكة الرشيد
ذات مساء إتصل بي خالي العزيز يسأل عن حالنا في ظل هذه الحبسة الكورونية وبينت له شديد إلتزامنا بعدم خروجنا من المنزل وذكرني ضاحكاً بمقولة لي أول طفولتي وكانت متلازمة معي (السوسيو أمو قالت ليه ما تمرق من البيت قام مرق جاء الفيل عفصو)...بدأ لي أن عنصر التخويف كأساس للتربية في مرحلة الطفولة من كل مجهول قد يؤتي ثماره عندما يكبر الفرد منا في ظل هذه الأزمات الوبائية أيضاً... فما يركز في عقل الطفل يظل راسخاً معه طيلة عمره وكل ما يمر بحدث يستدعي أحداث شبيهة لها من عقله الباطني من مرحلة الطفولة...
كل جيل لديه ما تم تخويفه به خوفاً عليهم من أن تجرفهم شقاوة الطفولة للإضرار بأنفسهم.. فالأجيال السابقة تم تخويفهم بالشيتا والمرافعين وأم بعلو وقد تكون كلها أساطير ومن نسج الخيال وإن كانت توجد حيوانات شبيهة أو قريبة لها من حيث التوصيف..
تذكرني في هذه الخاطرة قصة خالي الكبير وهم في ظل ليلة سياسية عامرة من أحد الأحزاب السياسية المنافسة لهم وقد أرغي وأزبد خصمهم وخطف الأنظار بخطابه الحماسي وكانت الجموع هادرة تستمع إليه..فما كان من الخال وصديقه المقرب إلا أن تفتحت ذهنيتهم لتفريق هذه الجموع بإدعاء حضور الشيتا..فأصبح الكل يجري هرباً ومرجاً من الشيتا التي ما هي إلا أسطورة تم إستدعائها لحل هذه المشكلة السياسية....
كما إن القصص المسرودة عن المرفعين جابت جميع أرجاء السودان لم تستثني منطقة منه، حيث كانت تمثل ثقافة عامة لكافة أهله. فالوالد عليه رحمة الله في بداية عمله طبيباً تم نقله إلي أقصي الشمال إلي مدينة دلقو المحس فكان إذا تطلب خروجهم ليلاً للذهاب للمستشفي لطارئ طبي لا يخرجوا إلا جماعة ويحملون الكشافات الضوئية الساطعة لتخويف ما يقال عليه أنه المرفعين وخوفاً أيضاً من مهاجمته لهم.
صاغ الجد يوسف مصطفي التني قصيدة للوطن العزيز مستحضراً معه وصف المرفعين لقوي الإستعمار الثنائي ... مرفعينين ضبلان وهازل**شقوا بطن الأسد المنازل النبقي حزمة كفانا المهازل** ولنبقي درقت وطناً عزيز.. فذلك الحيوان الأسطوري ألذي يُقال أنه قد يكون من فئة الذئاب تدل أوصافه الطباعية علي الجبن والغدر وعدم الوفاء وعدم المصادمة والمواجهة وأنه لا يتصيد إلا في الظلام الدامس يُشبه به كل مستعمر من بني جلدتنا أو أجنبي صال وجال في الأرض غدراً ونهباً وتعذيباً وظلماً... فوطننا العزيز قد مرت عليه مرافعينٌ كُثر نهبوا الضرع والزرع والأرض عهد بعد عهد ،ولكن سُنة اللَّه في الكون أن لا يسود الظلم وإن طال عهده ولكل مرفعين يوجد أسد ينازله فيهزمه...
إذا الشعــب يومــا أراد الحيــاة** فلا بـــد أن يستجيب القــدر ولا بـــد لليــــل أن ينجلـــي**ولابـــــد للقيـــــد أن ينكســـــر....
ملحوظة: أختار عنوان هذا المقال العم العزيز والسياسي المخضرم عبد الوهاب المبارك ،وشكراً له لجعلي أقراء واسمع القصص عن المرفعين..
|
|
|
|
|
|
|
|
|