∆ يتحرشن و هن الشاكيات ∆

إذن ليعينكم الله على هذا العصف
و ممتنون لشرف حضوركم الباذخ للأخذ و الرد.

《و كما تفضلو : القلب و العقل مترادفــــــــــان و علاقتهما جدلية》:
[} و المداوم على السباحة في بحور لغة الضاد متأملاً في مكنونات نفائس
الدر في أحشائها كامنةً، إنما يلاحظ بجلاء أن هنالك مفردات وصيغ مترادفات
تحمل ظاهرها نفس المعاني و لكن ما خفي منها في ثناياها كان أعظم و يجري
استخدامها جزافاً على ألسنة فطاحلة اللغة و جهابزة الأدب أنفسهم ؛ ناهيك
عن العوام مثلنا. و ذاك هو الفرق بيننا كبشر ، عادةً ما نخطئ فلا نصيب في
لغتنا بوضع الكلم في غير مواضعه، بخلاف عز من قائل و هو يحدثنا عبر
كتابه الحكيم وسنة نبيه المشرفة ببليغ الخطاب و رصين المقال .

[} و من عجائب صفات المترادفات أنها كلما اجتمعت تفترق و كلما
انفردت تجتمع ؛ بمعنى أن إحداها إذا وردت منفردة تدل على نفسها
و أيضاً على أختها ضمنياً ؛ فعلى سبيل المثال لا الحصر ، كلمة أيمان
إذا وردت منفردة تدل على ذاك الذي وقر في القلب و صدقه العمل ،
وأضاده و نواقضه الشرك و النفاق و الكفر البواح ؛ كما تدل في الوقت
ذاته على الإسلام بأركانه الخمس المعروفة ، لكنهما إذا اجتمعتا فب جملةٍ
تدلان على شيئين مغايرين. وكأن الأيمان هو ما تنعقد عليه الأفئدة وتنطوي
عليه السراير و الضمائر ، بينما يدل الإسلام على عملالجوارح الذي يصدق
الإيمان و يكون به تفعيله. يقول المولى عز وجل (قالت الأعراب آمنا ،
قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ، و لما يدخل الإيمان في قلوبكم).

[} كذلك مثال آخر نجده في (المرأة و الزوجة) أو الزوج؛ و كلاهما فصيح و لكن
الزوج أفصح و أشمل) فيلاحظ أن اللفظ القرآني لا ينسب الزوجة لزوج إلا بتحقق
شرطين اثنين: 1) أولهما أن تكون على شاكلة ملته ، دينه و عقيدته (كامرأة فرعون) ؛
و 2) ثانيهما أن تكون قد ولدت له (كامراة زكريا). و قد أشار المولى جل و علا في محكم تنزيله إلى ذلك في غير ما موضع : فلفظ الزوج يُطلق على كل من الرجل والمرأة.

● والزوج في اللغة يدلّ على مقاربة الشيء للشيء فالزوج صنو المرأة ،
و المرأة صنو لبعلها . جاء في لسان العرب : يُقال لكل واحد من القرينين من
الذكر و الأنثى في الدواب المتزاوجة زوج ، و لكل قرينين فيها وفي غيرها زوج،
كزوج الخفّ و النعل، و لكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاداً زوج .. و الزوجة لغةً
رديئة ، وجمعها زوجات ، وجمع الزوج أزواج .فمعنى "الزوج" إذن يقوم الاقتران و
التكامل . فحتى يتمّ التزاوج لا بدّ من وجود صفات بين الطرفين تحقّق تكاملهما ،
وهذا المعنى متحقّق في الزوجين الذكر والأنثى . فالله تعالى خلق ا لزوجين الذكر
والأنثى كشقين كلامهما ميّالاً إلى نصفه الآخر ، راغباً فيه ومكملاً له في ظل علاقة
شرعية منضبطة؛ ذلك لأن فيكليهما "نقص" لا أحد يسدّه سوى نصفه الحلو المفقود ،
حيث يلبّيله حاجاته النفسية والاجتماعية والجنسية ويكمل إنسانيته .