♧ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ《 3》

[} طلتِ وطاب مشاك بنت الكرام بت أتبرة و قدس الله سرَّك.
و إذ يطيب لك سردنا لخواطرنا المبعثرة إذاً لنأتينَّك منها بالمزيد.
[} في يالف اغصرو الأوان الزمان و زمن اناس حنان و بملينة مقدودة
يدوك7 أمتار مصران ، كان هناك رجلا يدعى (خُزيمة بن بشر) كان ميسور
الحال ينفق على كل فقير ومعدم حتى من هم ليسوا بحاجته كان يبرهم.
حتى دارت عليه صروف القدر و نوائب الدهر فأصابته فاقةٌ و فقرٌ مُدقعٌ.
فلجأ إلى بعض الذين كان يعطيهم من خيره و يتشظهم يد العون وأعطوه
شهراً أو شهرين ثم ملوا ثم كفوا عن إعالته حتىأغلق باب بيته عليه
وهو لا يجد ما يسد به رمق عياله، ولسان حاله كما قال البحتري:
لفتاةٍ حسناءَ قد عيرته بفقره و رقة حاله: لا تُكنري عطَب
الكريم من اغنى. فالماب حربٌ للمكان العالي

[} كان الوالي المكلف في الجزيرة يدعى (عكرمة بن الفياض)
وكان يعرف خُزيمة بن بشر فسأل عنه فقيل له: لقد افتقر خُزيمة
وأصبح لا يملك قوت يومه و أغلق بابه.اندهش عكرمة قائلاً:
خُزيمة افتقر ؟؟ ولَم يجد ممن كان يعطيهم ليقف معه؟
خزيمة الذي كان يعطي عطاءَ من لا يخشى الفقر ؟؟

[}و فِي عتمة الليل حين أرخى جُنح الظلام رموشه
والنَّاس نيامٌ خرج عكرمة الفياض الوالي[ موش بتاع
بصات اواي] و قدأخفى وجهه بلثامٍ و هو يحمل على
ظهره عبئاً ثقيلاً حتى بلغ به دار خزيمة وطرق بابه.
قال خُزيمة: من ؟
قال عكرمة : ضيف
ففتح خزيمة ووضع عكرمة الحمل عن كاهله وقال :
هذا لك
قال خُزيمة : ومن أين ؟
قال عكرمة : من مال الله
قال خُزيمة : ومن أنت :

[} قال عكرمة : جابر عثرات الكرام
قال خزيمة : بالله عليك عرفّني من أنت ؟؟
قال : جابر عثرات الكرام وانصرف راشداً.

[}قال خزيمة لأم عياله : أشعلي لنا سراجاُ
لنرى ماذا أحضر الرجل المُلثم قالت: ليس لدينا
قبسٌ من نار ولا حطبٌ لنوقده فجعل عكرمة يتلمس
الكيس في الظلام حتي انفلق الصباح

[} وعندما فتحه وجدها أربعة آلاف دينار وخمسمائة
وكان الألف دينار تعادل أربعة كيلو ذهب ومائتين وخمسين
جراماً فشكر خُزيمة ربه وقضى دينه وأصلح حاله وعندما
رجع الوالي عكرمة إلي بيته وجد زوجته تولول وتقول:
لا يخرج الوالي في هذه الساعة إلا لزوجةٍ أخرى
قال عكرمة : لا و الله ما خىجتُ إلا لشأنٍ خيرٍ.
قالت : إذن أخبرني أين كنت ؟
قال : لو أردت إخبارك أو إخبار أحد لما
خرجت منك متخفياً تحت جُنح الظلام.
قالت : يجب أن أعرف وألحت و لَم تنم
حتىقَص عليها القصص و قال:
اكتمي عليَّ اسري ولا تحدثي به حتى نفسك.
[} وبعد حينٍ من الدهر ذهب خزيمة إلي دار أمير
المؤمنين سليمان بن عبد الملك فسأله : أين كنت
يا خزيمة لم نسمع عنك من زمن فحكى له خبره
القصة فقال الأمير : ومن جابر عثرات الكرام؟
قال : لم أعرفه و رفض إخباري
قال الأمير : ليتك عرفته
ثم أمر بمنح حفنة دنانير أخرى لخُزيمة
وأصدر مرسوماً بإعفاء عكرمة الفياض من
ولايته وتعيين خُزيمة والياً لمنطقة ألجزيرة
ورجع خُزيمة ودخل قصر الوالي و هو يحمل
فرمان العزل والتنصيب و كان في استقباله
عكرمة بنفسه وسلمه أمر العزل فقال عكرمة :
كله خير ثم قال خُزيمة : أريد أن أحاسبك
على مال المسلمين فرحب عكرمة بذلك
فوجد خُزيمة مبلغاً من المال غير موجود
فقال خُزيمة : أين المال يا عكرمة
قال : ليس معي
قال : إذن رُده من مالك
قال : لا أملك مال خاص
قال : إما المال أو السجن
[}وسُجِن عكرمة ردحاً من الزمان
و وُضِعت له الأغلال الثقيلة في كتفيه
وظهره حتى ضعف جسمه وتغير لونه
وعندما سمعت زوجة عكرمة بما حدث
لزوجها الوالي المعزول ذهبت الي خُزيمة
و كانت هي إبنة عّم خُزيمة وقالت له :
يا خُزيمة ما هكذا يُجازَى جابر عثرات الكرام
فانتفض خُزيمة مفزوعاً قائلاً : هل هو عكرمة؟
يا ويلتاه و هُرِع يهرول إلى السجن ل يلوي تاى
شيء و دون أن يسمع منا المزيد وأخذ يفك الأغلال
من عكرمة يديه ويبكي وعكرمة يسأله : ماذا دهاك
وما بك تبكي ؟قال خُزيمة : من كرمك وصبرك
وسوءُ صنيعي بك كيف أنظر في وجهك ووجه
ابنة عمي؟فأمر له بالكساء والغذاء .
[} ولما استوى عوده قال له : هيا معي
إلى خليفة المسلمين فلما رآهم الخليفة
بن عبدالملك قال: ما الذى أتى بك يا
خُزيمة وأنت حديث عهد بالولاية!؟
قال : أتيتك بجابر عثرات الكرام وأظنك
كنت متشوقاً لتعرفه فاندهش بن عبد الملك
وقال : هل هو عكرمة ؟ خبت يا بن عبد الملك
وتعجلت لقد أخجلتنا بطيب صنيعك وصبرك
يا جابر عثرات الكرام فأمر لعكرمة بعشرة
آلاف دينار وأعاد تعينه والياً وقال :إن
شئتما حكمتما معاً وظلا واليين مع
بعضهما حتى توفاهما الله.


*الحكمـــــــه*
[} من مشى بين الناس جابراً للخواطر
أدركه الله من المخاطر ....دعواتي لكم
بتمام العافية .. و بنفوسٍ راضيةٍ مرضيةٍ
وبصدورٍ من الهم خاليةٍ ..وقلوب بحب
الله صافيةٍ و خلود في جنان قطوفها
دانيةٌ ..و أن ينور قلوبكم بنور القرآن ...
‏ويمدكم بعافيةٍ وعفوٍ واطمئنانٍ ...
ويهبكم شفاعة حبيب الرحمن
‏