♧ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ《 3》

إذن: القرآن أعطاني الحجة، وأعطاني ما أستند إليه حينما لا أجد نصاً
صريحاً صحيحاً في كتاب الله و سنة نبيه، فالقرآن ذكر القواعد والأصول،
ثم أعطانا حَقَّ القياس و الإجناع و الاجتهاد فيما يعِنّ لنا من فروعٍ ، و ما
يستجدّ من قضايا. وإذا وُجِد في القرآن حكم عام وجب أن يُؤخذ في طيّه
ما يُؤخذ منه من أحكام صدرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن
الله وكله.فقال:{  وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ.. }


وكذلك الإجماع من الأمة؛ لأن الله تعالى قال: {وَ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ
ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ و نصله جهنمَ و ساءت مصيراَ }وكل اجتهاد
يُرَدُّ إلى أهل الاجتهاد :{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ.. }إذن: فكلّ ما صدر عن الرسول صلى
الله عليه وسلم وعن الإجماع وعن الأئمة المجتهدين موجود في
أصلن في ثنايا كتاب الله ، فهو إذن صادقً و مصدق لبضه بعضٍ.

▪ و يجب هنا أن نُفرّق بين الأشياء وةالقضايا فهي كثيرة .
فما الذي يتعرّض له القرآن؟ يتعرض القرآن للأحكام التكليفية
المطلوبة من العبد الذي آمن بالله، وهناك أمور كونية لا يتأثر
انتفاع الإنسان بها بما إذا كان يعلمها أو بجهلها، فهو ينتفع بها
سواء علمها أو جهلها، فكوْنُ الأرض كُروية الشكل ، و كَوْنها
تدور حول الشمس، و خلاف ذلك من الكونيات إنْ علمها
فأنعم بها و أكرم ؛ كما أنْ جهله بها لا يحرمه الانتفاع بها.

▪ فالأُميّ الذي يعيش بالريف مثلاً ينتفع بالكهرباء ، و هو
قد لا يعلم شيئاً عن كنهها و طبيعتها وكيفية عملها، ومع ذلك
ينتفع بها، مجرد أن يضع أصبعه على زِرّ الكهرباء تُضيء له.