♧ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ《 3》

《 مَا فَرَّطنا في الكِتابِ مِنْ شِيْءٍ》
{وَ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ}

● الكتاب: القرآن الكريم.. تبياناً: أي بياناً تاماً لكل ما يحتاجه الإنسان، وكلمة (شيء) تُسمّى جنس الأجناس. أي: كل ما يُسمّى "شيئاً " فتبيانُه ماثلٌ في كتاب الله تعالى.

▪ إذاً ، فإنْ قال قائلٌة: إنْ كان الأمر كذلك، فلِمَ نطلب من العلماء أن يجتهدوا ليأتونا بأحكامٍ في مسائلَ مُعيّنةٍ؟ نقول : القرآن جاء معجزة، وجاء منهجاً في أصول الشريعة،و قد أعطى الحق تبارك و تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم حق التشريع.قال تعالى:{وَمَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ}. و هذه ردَّ بها ابن عبس رضي الله عنه حجة امرأة حافظةٍ لكتاب الله ما بين و اعترضت على على قوله بلَعَنَ اللَّهُ على الْوَاشِمَاتِ وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ وَالْمُتَنَمِّصَاتِ وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْنِ الْمُغَيِّرَاتِ
خَلْقَ اللَّهِ ‏.

▪إذن: فسُنة الرسول صلى الله عليه و سلم قَوْلاً أو فِعْلاً
أو تقريراً ثابتةٌ بالكتاب،وهي شارحةٌ له و مُوضّحة، فصلاة المغرب مثلاً ثلاث ركعاتٍ، فأين هذا في كتاب الله؟ نقول في قوله تعالى:{ وَ مَآ آتَاكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ}و قد بيَّن الرسول صلى اللهعليه وسلم هذه القضية حينما أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه ـ قاضياً لأهل اليمن، و أراد أن يستوثق من إمكانياته في القضاء. فسأله: " بِمَ تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال:فإنْ لم تجد؟ قال: فبُسنة رسول الله، قال: فإنْ لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو ـ أي : لا أُقصّر في الاجتهاد. فقال صلى الله عليه وسلم: " الحمد لله الذي وفَّقرسولَ رسولِ الله لما يُرضي الله و رسوله ".

▪إذن: فالاجتهاد مأخوذ من كتاب الله، وكل ما يستجد أمامنا
من قضايا لا نصّ فيها، لا في الكتاب ولا في السنة، فقد أبيح لنا الاجتهادُ فيها.
▪و نذكرهنا أن الإمام محمد عبده ـ رحمه الله ـ حُدِّث عنه
و هو في باريس أن مستشرقاً متنطعاً سأله: أليس في آيات قرآنكم:{ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَابِ مِن شَيْءٍ} قال : بلى ، قال له : فهات لي إذن، من القرآن: كم رغيفاً يوجد في أردب غلة القمح؟ قال الشيخ: أمهِلني حتى نسأل خبازاَ لعله يجيب على سؤالك . قال المستشرق : أريد الجواب من قرآنكم الذي ما فرط في
شيء فقال الشيخ : قرآننا هو الذي علَّمنا فيما لا نعلم أن نسأل أهل الذكر، فنُعطِيَ العجين لخبَّازنا. أوَلم تقرأ ( إن شئتَ )
قوله تعالى : {فَاسْئَلُوۤاْ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }.
و يا لسبحان الله ؛ فبُهِتَ الذي سِأل.. و تبَّاً لك!!