♧ القومة ليك يا بلد£

《زيف الغربة و وجع الأوطان》
● في السنوات الأخيرة لم يعد الرحيل خيارًا مجدياً، لو فتشنا فسنجد أننا نعيش وأرواحنا مفرقةً بين قارات عديدةٍ و أجنتنا مبعثرةً ببن أصلابٍ و تراقيَ عنيدةٍ ، و عشرات الدول تتلقفنا بين نازحٍ و لاجئٍ و طريدٍ مغتربٍ و سجينٍ هاربٍ ، والأكثر جحيمًا أولئك الذين لا يستطيعون العودة، حتى و إن رغبوا!.

● تجمعنا تطبيقات الهواتف عبر منصات للتناصل اللا~ اجتماعي أكثر منه تواصلٍ سيئٍ بالفيديو أو بالصوت حيث تضيع أغلب حكاياته هباءً منثوراً عبر أثير الأسافير. حوار لا يدوم طويلًا ، و لكن يكفي أته يضمن اكتشاف خطوط الزمن على وجوهنا و لون بياض الثلج على رؤوسنا؛ لكي ينذرنا بأن المشيب جاء يعاقنا قبل أوانه.. هذا إذا استطعنا إيجاد فسحة وقتٍ ملائمٍ لنا و لمن نحدثهم، نظرا لاختلاف التوقيت والأولويات و تفاصيل مشاغلنا اليومية التي التي لا تتفك رتحلةً لنا كسيور طواحين الأنبن الهوائية.
● خلال سنوات إقامتنا في بلاد لا تشبه بلادنا بعد تلك السنوات العجاف التي تلت ثوراتنا العربية؛
يحركنا الحنين لأوطاننا فنبحث عن أولئك الذين يذكّروننا بها.. نصبُّ قوالبَ صلبةً من أنفسنا في حياة
آخرين تعرفنا عليهم للتو.. و لم يشاركونا لعبة الحَجلة، ولم نتقاسم معهم طعامنا في الفسحة المدرسية، و لم يداووا جراحنا عندما هجرنا رفقاء الدرب و الدرس بالجامعة، لم يحضروا زفافنا، ولم يتذوقوا كعك الأعياد في بيوتنا، لكننا رغم ذلك نرسم علاقاتنا معهم، نوطدها لتضرب سدًا منيعًا و تشكل بلسماً و ترباقاً ناجعاً لأوجاع غربتنا القساية. بل و تجدنا نخترع مناسباتٍ واحتفالاتٍ تشبه تلك التي عهدناها مع أقراننا في مراتع الطفولة و براطع الصبا؛ نضفر أحلامنا معهم و نترك حبل آمالنا مرتخيًا علّنا نستطيع مقاومة كل تلك المرارات المريرة و الكدمات الدامية التي تخلفها الوحدة و الغربة لتكدر طعم أيامنا..نفعل كل ذلك وننتظر؛ ثم تنقطع تلك الحبال واحدًا تلو آخر.. و رغم كل ذلك يجب أن نبقى على قيد الحباة و على نفس هدوء أعصابنا المثلجة و رصانتنا المعهودة، فنحن كبارٌ و نظل كباراً، رغم كل الداءِ و الأعداءِ و الأنوءِ ، كما النسر فوق القمة الشماء!