♧ القومة ليك يا بلد£

// استغنينا عن خد؟مات؟ك لغزارة الكفاءة//
عندما قررت الحكومة طباعة العملة بالسودان، أرسلت وفدها الي إحدى الشركات الأجنبية العريقة
لاستجلاب خبرتهم في هذا المجال..هناك، تفاجأ الوفد بإفادة من تلك الشىركة بأن خببرا سودانيا مشهوداُ
له بالكفاءة كان يعمل لديها. و قد رحل ليشغل موقعاً رفيعاً بالطيران المدني السعودي نظير راتب يساوي
أضعاف راتب وزير بحكومة السودان، فأرسلت إليه خطابا مختصراً مفاده : (البلد محتاجة ليك، ساعدنا في
تأسيس مطابع السودان للعملة)..استلم الراجل الجواب على أنه من طرف أمه و أبيه شخصيا ، و تقدم إلي
مخدمه بطلب إستقالته؛ و لم ينتظر ردهم رفضا أو قبولا. بل حسم أمره و حزم متاعه و في اليوم التالي أصبح
في البلد (المحتاجة ليه)، سلم نفسه لإدارة مطابع السودان للعملة و مديرها العام - المغفور آنذاك- إبراهيم الدسوقي،
براتب يساوي غيضاً من فيض معاشه هناك..و اليوم، تشهد كل تفاصيل مطابع السودان للعملة للمهندس تاج الدين
شمو بالوفاء قبل الكفاءة!إذ لم يكتف شمو بدور المهندس التنفيذي، بل بدور الحراسة أيضاً، و ذلك بأمانة لاتزال
على ألسنة العاملين بالمطابع.. كان يشحن المعدات بنفسه في بورتسودان، وبدلا عن الحضور الي الخرطوم
بالطائرة أو بالبص السياحي، كان يرافق المعدات في ذات الشاحنة أسبوعا و نيف عبر عتامبر الفيافي
الوعرة، ليطمئن قلبه على سلامتها..هكذا كان وفيا وامينا حتى اكتمل المشروع و طبع السودان
عملته و لأول مرة في تاريخه، يتم ذلك بأيد و عقول وطنية خالصة بفضل أحد أبنائه البررة..

بعد الإنتاج بأشهر، تم إعفاء الدسوقي، فجاء حسن عمر مديرا للمطابع ليفصل شمو تعسفياً..إذ خرج من
مكتبه ليصلي الظهر، وعاد ليجد خطاب فصل - بلا توقيع - فحواه : ( استغنينا عن خد؟مات؟ك. سلم عهدتك.

هكذا تم تفنيش شمو الذي ركل نعيم السعودية ليلبي نداء : (البلد محتاجة ليك)، إذ ضنوا حتى ببعض مفردات
الثناء و التقدير لمجىد حفظ ماء الوجه. سئل شمو؛"هل ندمت على إنجازك بعد فصلك تعسفياً؟ " فرد متبسماً :
" و الله أنا ضعيف قدام البلد، و الليلة دي لو قالو لي البلد محتاجة ليك تسد خانة غفير في أي ثغرة طوالي بشيل
عكازي و بجرى عليها".ثم أضاف بحزن : ( نفوسنا زائلة يا أخوي، لكن سودانا ده ياهو الباقي لفلذات أكبادنا،
و لازم أي زول يساهم ببليلة مباشر عشان مستقبل أحفادنا يكون أفضل من واقعنا ده)، و صمت قليلاً بلسان
حال يتساءل: ( بس نفسي أعرف فصل فثلوني ليل ، ليبييه والله بحبو .. ليييه و الله بحبووووو" و/اليوم،
بفضل الله، يعيش شمو حياة سعيدة تحفها نجاحات أنجاله الذينساروا على دربه تفوقا و نبوغا داخل
و خارج السودان، لا يزال محتفظا بخطاب( البلد محتاجاك) كتكار عزيز ، في حدقات عينيه
بينما تظل عباىات(إستغنينا عن خدماتك) كدمة مؤلمة في قلبه.
فتأملوه..الفصل لعدم الكفاءة معلوم، و لكن الفصل لغزارة الكفاءة بدعة
حكومية مراد بها إبعاد المخلصين كما فعلوا في عهد الصالح العام.