♧ من روائعِ (قِلَّة) أدبِ عمِّنا الطيب صالح £

▪ و هي روايةٌ تجسد محنة طاعونٍ وبائيٍّ و قاتلٍ خفيٍّ
مثير للرعب أشبه إلى حدٍ يعيدٍ بما يفعله وباء كورونا المنتشر
حالياً على نطاقٍ واسعٍ وغير مسبوقٍ عبر قارات العالم.

▪ كانت أولى ضحاياه الفئران ، في حين لم يتنبه بنو البشر لمخاطره
إلى أن راح يفشو بينهم كما النار في الهشيم ، فكانت تلك الطامة الكبرى.
و لعل في ذلك إلماحة رمزية عالية ترمي إلى مقاصد أبعد بكثير من مجرد
وباء يتفشى و يفتك بالناس زُرافاتٍ و وحداناً ؛ ليفنى منهم من قضى نحبه
و ليبقى من لا يزال ينتظر. إنما هنالك أنماط أخرى من أمراض النفوس هي
أشد وطأةو بشاعة حينما يأكل الإنسان لحم أخيه حياً أو ميتاً (فكرهتموه)،
و لا نتورع من غعل ذاك بدم و أعصاب شديدة البرودة ليلَ نهارَ و صباحَ مطاح.

▪ و لعل ما تدور رحاه الآن من فوضى خلاقة ضاربة أطنابها في بلادنا في
مشرقها و مغربها و بنيلها و رافديها ، ليس محض مصادفةٍ.. و هذا ما أراد
الراوي (ريو) تنبيهنا إليه بأن ثمةَ مآسيَ يندى لها جبين إبليس و يشيب لها
الوليد ، حرص على سردها بواقعية , ما أمكنه ذلك ، ما هي إلا أنماط متغيراتٍ
لمعاناة ثابتة جراء جرثومة واحدة لطواعين شتى من شأنها أن تصيب الكل
دون أن لا تستثني أي أحدٍ ، و هي قد تطل برأسها في أي مكان كان
و بأيزمانٍ كان ، و بمسميات تناسب كل حقبة على حدة.
ود ال ح ي ش ان ا ل ت ل ا ت ة
مؤذنٌ على الفاضى بجزيرة مالطة.