♧ في زٍحامِ المُتَناقِضاتِ£

● و لكن لعمري إنه، يجب الاعتراف أولاً، و هو سيد الأدلة أن من
ألد أعدائنا، هي ذوات أنفسنا التي بين جنوبنا. و الجاهل ، كما قيل ،
من لا يتعظ و لا حتى بذاته فهو شخصياً ألدُّ عدوٍّ لنفسه و العاقل
هومن يتعظ بغيره ؛ والمؤمن كَيِّسٌ فطن وليسَ بكيسَ قطن .

● هذا مع ملاحظةٍ هامة جداً ، أله و هي أن أولئك القوم الذين نتخذ
منهم أعداءً ألِداءَ فنجعجع بالدعاء عليهم صباح مساء ممن (لا يقاتلوننا
إلا في قرىً محصنة أو من وراء جُدُرٍ) ، فهم إذن، ضعفاءُ و بأسهم بيهم
شديد ، (ولا يركبون إلا على فزرنتنا ) و لكن نحن من صنعاهم ثم
رحنا نفسحُ لهم ثغراتٍ في صفوفنا و فُرُجاٍتٍ بين محاذي أقدامنا
و مناكبنا ، إلى جاء اليوم الذي قال فيه بحقنا: (الآن نغزوهم )

● إذ يحكى أنه لما هم العدو بغزو بلادنا،قام بتجييش سرايا
كاملةٍ من جيشه مدججةً بالسلاح و معدةً بالعتاد و قد أمر قائده
الميداني بأن يرسل طلائع من عيونهليبثها فينا لاستكشاف الخبر.

● و قد فعلوا ن ثم عادوا أدراجهم ليأتوا زعيمهم بالنبأ اليقين ؛
فيقصوا عليه ما يدهش حقاً، إذ إنهم لما قدموا على ضيعةٍ صغيرةٍ
و نائيةٍ مستهدفةٍ ، وجدوا عند مدخلها طفلاً يافعاً يقفتحت شجرة
و قد اشطاط غضباً وهو و يندب حظه و يحمــل نبــلاً.

# و بسؤالهم إياه تبين أنه كان يصوِّب نبله على عصفورين
فوق تلكمالشجرة لكنه أفلح بإصابة أحدهما في مقتل ، بينما أفلت
مني الآخر و نجا بريش جلده من رمية ذاك الغلام ،و يا للحسرة.
فسألوه: أمن قلة الحجارة ، عجباً لأمرك يا غلام،أم شح النبال؟!
قال الصبي: لا، بل هو ضمورٌ في الدربة وحذق فنون القتال!

● و على وقع سماع الزعيم لتلك المآثر أيقن أنه بصدد قومٍ أولي بأسٍ
شديدٍ و رجال أشاوس كالأسود الضارية و لا قِبل لقواته بهم ؛ مما حدا
به للعزوف و الإحجام عن نيته لغزو ديارنا في حينه ذاك. ثم لم يمض سوى
عشرين عاماً فقط من الزمان حتى عاود ذاك قائد العدو كرته لتعبئة و حشـد
سراياه و بعث طلائعهالاستكشافية لتأتيه بخبر القوم، و التي زهلت تماماً لما
رأت من حال قد تبدل و جيل قد تحلل من قيمه وتنازل عن مقدرات ترابه..