♧ ناس عايشة و ناس دايشة £

♤عمتُما مساءً أيها الخلان الوفيان زهير و ود مهدي.
و على هوامش هذه الزاوية المنفرحة كواحدةٍ من حطام
ما نجونا به من خور الأرشفة الأخير ، رجاءً لا أمراً تعيراني
أذنيكما لأبث في روعكما بدوري همساُ مثيراً للمواجع .

[} تقول الأديبة الجزائربة الألمع/ أحلام مستغانمي:
وصلت ذات مساء يومٍ إلى بيروت في بداية التسعينات،
في توقيت اعتلاء الشاب الجزائري المغني(خالد) لعرش نجومية {ستار أگادبمي} العالمية، بأغنية واحدة قذفت
به إلى المجد يقول مطلعها :(دي دي واه)

● شاغلة الناس ليلَ نهار . على أنغام موسيقاها تقوم الأفراح و اللبلي ابمٍلاح ، و تُقدم ديفيليهات عروض موضة الأزياء و على إيقاعاتها الصاخبة ترقص بيروت ليلا ً، كي تنهض صباحاً لاهثةً وراءَ مقاضي أشاغلها و دائرة كمراوح طواحين هواء الأنين.

[} كنت قادمة لتوى من باريس، و في گنانة سهاميكتاب (الجسد) أربعمائة صفحة، قضيت أربع سنواتٍ من عمري
في جمته و تاليفه جملةجملة ، محاولة ما استطعت
تضمينه نصف قرنٍ و نَيفٍ من التاريخ النضالي للجزائرة،
إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من أطلال ماضينا المندثر و رغبة
مني في تعريف العالم أجمع بأمجادنا و أوجاعنا.

● و لكنني ما أگاد أعلن عن هويتي إلا و يجاملني أحدهم قائلاً : (آه، او آن تفيد مطروح و المثل القديم ساير).. أنتِ جاية من بلاد الشاب خالد) هذا الشاب الذي يضع قرطاً من الألماظ يتدلى من حلمتَي گلتا أذنيه، و يتربع على ملء شاشة التلفزيون الفرنسي برفقة جرو گلب يلهث، و لا جواب له عن أي سؤال سوى بضحكة بلهاء صار هو رمزاً و أيقونة لاسم الجزائر !!

[} العجيب أن كل من يقابلني و يعرف أننيمن بلد الشاب خالد فوراً يصبح السؤال ، ما معنى عبارة ( دي دي واه؟) وىعندما اعترف بعدم فهميأنا أيضاً معناها، يتحسر سائلي على قدر الجزائر لتي بسبب الإستعمار، لا تفهم اللغة العربية ! و بعد أن أضناني البحث عن جوابٍ لفزورة (دي دي واه) و قضيت ردحاً طويلاً أعتذر للأصدقاء و المعارف الغرباء و سائقي التاكسي، وعامل محطةةالبنزين المصري ، عن جهلي و أميتي بشوارد حظيرةبنت عدنانَ ، قررت ألا أفصح أبدا عن هويتي،كي أرتاح.

[} الحقيقة أنني لم أحزن أن مطرباً بكلمتين، أو بأغنية من حرفين، حقق مجداً و مكاسب،لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات،بقدرما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ. ففي الخمسينات، كان الجزائري ينسب إلى بلد الأمير عبدالقادر، وفي الستينات على بلد أحمد بن بيلا وجميلة بوحيرد، و بن باديس ، و حتى في السبعينات إلى بلدهواري بوميدين و بلد المليون شهيد ..و اليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، و إلى المُغني الذييمثله في ( ستار أكاديمي ).

[} و قلت لنفسي مازحة, لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح
لبنان أو غزو مصر،لما وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بثنداءات و رسائل على الفضائيات الغنائية !!، أن دافعوا عن وطن هيفاءوهبي و إليسا
و نانسي عجرم و نانسي عجاج أو فرفور و روبي و أخواتهن
فلا أرى أسماءً غير هذه تتلألأ لشحذ الهمم و لم الحشود .

[} و ليس والله في الأمر نكتة، فمنذ أربعة سنواتخرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها إثنتين وعشرين سنة ، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري ، و لم يجد الرجل أحداً في انتظاره من أبناء أمته التي ناضل من أجلها، و لا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من بوصة مربعة في جريدة ،

[} هذا، بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم ( ستار أكاديمي) محمد عطية بعد وقوع جرحى جراء تدافع مئات من الشبان و الشابات، الذين .ظلوا يترددون على المطار من كل حدب و صوب ترقبا لموعد لوصول طائرة من بيروت ! تماماً مثل يوم أن تدافعت الخرطوم عن بكرة أبيها و أمها تتبع جنازة (الحوت) و تحمل نعشه إلى مثوه الأخير

[} في أوطان كانت تنسب إلى الأبطال، وغدت تُنسب إلى الصبيان ! قرأنا أن محمد خلاوي الطالب السابق في ( استار أكاديمي ) ظل لاسابيع لا يمشي إلا مُحاطاً بخمسة حُراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد لقب ( زعيم ) الذي أطلقه عليه زملاؤه مأخذ جد !و لقد تعرفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة السياحية، مُحملة بما تحمله أُم من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، و شعرت بالخجل لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأولى، بينما يُفاخر فرخ ولد لتوِه على بلاتوهات
(ستار أكاديمي) بأنه لا يتنقل إلا بطائرة حكومية خاصة، وُضِعت تخت تصرفه، لأنه رفع اسم بلده يرفرف عالياً !

[} فهنيئاً للأمة العربية ،،، هنيئاً لأمة رسول الله صلى الله عليه و سلم ،،، ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) . أفهمت الآن يا ولدي لماذا قلت لك لا تكبر ؟! فمِصر لم تعُد مصراً .. و تونس لم تُعد خضراً .. و بغداد هي الأخرى .. تذوق خيانة العسكر .. و إن تسأل عن الأقصى, فإن جراحهم أقسى .. بني صهيون تذبحهم و مصر تغلق المعبر ..و حتى الشام يا ولدي تموت بحسرةٍ أكبر .. هنالك لو ترى حلباً فحق الطفل قد سُلِبا.. وعرض فتاة يُغتصبا .. ونصف الشعب في المهجر..صغيري إنني أرجوك .. نعم أرجوك لا تكبر !!

<<< ود ال ح ي ش ا ن ا ل ت ل ا ت ة >
مؤذنٌ تاعب روحو ساي بجزيرة مالطة>