Quote: الشيخ الشيخ هذه الأبيات يجب أن تدرس لأنها جمعت كل فهرست كتاب البلاغة .من تشبيه وكنايه وسجع\ وتوريه واستعاره وهلم جرا ...أحسنت النشر أخي دفع الله ..لكن أعجبني فيها هذين البيتين :رأت شخص الرقيب على التداني ...فاسبلت الظلام على الضياء ....فغاب الصبح منها تحت ليل .....وظل الماء يقطر فوق ماء . |
و كأني بك يا عم تستدرجنا للخوض في الغريق من سيرة أبي نواس أبو نواس:
الحسن بن هانئ فهل كان أبو نواسٍ مشتَهراً بانرجسية أم الإباحية في عصره ذاك؟
!النرجسية كان أبو نواس إذن «شخصية نموذجية».ولكنها ليست هي الشخصية
التي شاع بها ذكره بين الأميين وأشباه الأميين ، وبين طائفة من خاصة المطلعين
على الأدب الفصيح، وهي الشخصية التي تقوم على الحيلة والجواب السريع
والقدرة على الخلاص القريب من المآزق و المحرجات.
* فما هو مدى الدقة حول حقيقة الشخصية النواسية المثيرة التي ذاع بها صيته
عبر "خميرياته و عغلمانياته" ، و قبل أن تتحول بها الشهرة من دلالة إلى دلالة؟
أيسر ما يقال في كلمة واحدة أنه «إباحي».و قد كان حقًّا إباحيًّا غاليًا في الإباحة ، إذا
كانالمقصود بالإباحة أنه كان يستحل المحرمات، و يخالف الدين والعرف والفطرة.
* ولكن الإباحي قد يخفي رذائله وموبقاته، وقد يداري الناس ويتسم بينهم بسمة
الصلاح والتقوى، ولعل الأكثرين من الإباحيين في عصر أبي نواس خاصة
كانوا على هذه السنة؛ لأنه كان باتفاق واصفيه عصر شكوك واختلاط ونفاق.
و أيسر ما يقال بعد ذلك أنه «إباحي متهتك» يظهر أمره، و لا يتكلف لإخفائه.
وذلك كذلك وصف صحيح، فمن قال عن أبي نواس: إنه «إباحي متهتك» فقد وصفه
بما كان عليه؛ لأنه كان يقارف المنكرات ويعلنها ولا يحفل بمداراتها، وهذا يكفي للصدق
في وصفه على حقيقته، ولكنه لا يغني شيئًا إذا كان المقام مقام دراسة نفسية، إذ المرء قد
يستبيح الرذائل ويتهتك في البطالة، ويتمادى في تهتكه غادية التمادي لعلَّتين متناقضتين
ترجع كل منهما إلى خلال نفسية بعيدة من خلال الأخرى في بواطنها وظواهرها.
فقد يتهتك المرء؛ لأنه هينٌ على نفسه يعلم أنه هين على الناس، مسلِّم بحقارته ، شاعر
بقلة الجدوى من التستر والمداراة، وأنه يهبط من المهانة إلى حضيضها، فلا ينفعه أن
يحتجب ولا يضره أن يتكشف ويتبذل، ومثله في هذا مثل الوضيع الساقط الذي لا يبالي
أن يخرج للناس في مباذله، إذ ليس له زي غير زي المباذل، ولسان حاله كلما أحاطت
به نظرات الاحتقار قول القائل:أنا الغريق فما خوفي منالبللبل لعل النظرات لا تحفل
به وتتخطاه لهوان شأنه، فلا تقف عنده محتقرة أو غير محتقرة.
هذه حالة من حالات التهتك أو المجون، وهو كلمة واحدة في اللغة العربية تعبر عن الإباحة
المتهتكة.أما الحالة الأخرى فهي نقيض هذه الحالة في باطنها وظاهرها؛ لأن صاحبها يتحدى
بها الناس عامدًا أن يسخر منهم، ويكشف رياءهم، وقد يهون عليه شأن الرياء والصراحة، فلا
يعلن رذائله كراهة للرياء وحبًّا للصراحة؛ بل يعلنها لأنه يريد أنه «يقرر شخصيته» ويشعر الناس
بوجوده، ويستخف بما يسترونه ويعلنونه، فلا هو مكترث لهم متسترين ولا مكترث لهم معلنين.
.