مكامن الداء والأسقام معروفة في هذا الوطن المنكوب .. ولو عقلت تلك العقول فإن التقدم بالخطوات نحو الأمام عسير وليس بذلك السهل الميسر في دولة كالسودان .. وهي دولة تنوء بالأوجاع في كل المرافق وبكل المواصفات ،، وتلك الحقيقة الموجعة المؤسفة يدركها الجميع في الأعماق ،، ورغم ذلك فإن تلك الألسن لا تنفك تنتقد الآخرين بغير هوادة أو رحمة .. وهي تلك الألسن التي تجيد الرسم والتخطيط في الهواء .. ويقال في الأمثال السودانية ( أل في البر عوام !! ) .. ومعظم الناس في هذه الدولة المنكوبة يجيدون ذلك النوع من الفصاحة الفارغة والعوم في البراري .. ولكن عند المحك وعند مواجهة الصعاب والجد نجدهم أفشل الناس !.. ومن غرائب الأحوال في السودان أن تلك الألسن تجيد ذلك اللون من الانتقادات الشديدة والملامة ولا تجيد إطلاقاً تلك الإنجازات المطلوبة عند المحك والمسئولية !.. وتلك الصورة تلاحق أحوال السودان لسنوات طويلة .. وقد صال وجال الكثيرون في تلك الانتقادات الشديدة العنيفة التي كانت توجه لهؤلاء جماعات الإنقاذ البائد .. وقد دامت تلك المناكفات والسجال لثلاثين عاماً ،، ثم شاءت الأقدار أن يسقط نظام الإنقاذ ليتواجد هؤلاء في مواجهة تلك القضايا السودانية الشائكة العنيفة المستحيلة .. كانوا في بدايات المشوار يحسبونها هيناً وسهلاً ،، وقد تعودوا في الماضي أن يتواجدوا في مقاعد المتفرجين ليوجهوا تلك الانتقادات الشديدة اللاذعة لهؤلاء وهؤلاء !.. وذلك عندما كانوا يشاهدون تلك المسرحيات الهزلية من فوق مقاعد المعارضة .. ولكن قد دارت تلك الدوائر ليتواجد هؤلاء عند فوهات المدافع !.. وقد أصبحوا فجأةً يواجهون تلك الانتقادات اللاذعة في ساحات المحن والمصائب .. وهؤلاء كانوا قد أقسموا بالله من قبل بأنهم سوف يعالجون كافة قضايا الشعب السوداني في أيام قليلة معدودة .. فإذا بالأعماق تكذب الغطاس !! .. وقد وجدوا أنفسهم في بركة الأحوال السودانية الشائكة .. وهؤلاء المسئولين والوزراء في الحكومة الجديدة كانوا يحسبون أن تلك المعضلات يمكن حلها في أسابيع قليلة .. والبعض من هؤلاء الوزراء كان يعد الشعب السوداني بأنه سوف يعالج تلك الأزمات الحادة التي يواجهها الشعب السوداني خلال أسابيع قليلة معدودة .. فإذا بتلك الأسابيع تمتد لأكثر من عام وشهور .. وحينها أدرك هؤلاء المسئولين والوزراء أن معالجة الأحوال في السودان ليست بتلك السهولة .. ولسان حالهم يردد الآن مقولة : ( ما كنا نعرف أن تلك القضايا السودانية بتلك الصعوبة والاستحالة !! ) .. والمؤسف والموجع حقاً أن تلك الأحوال التي كانت تتراجع بخطوات بطيئة نسبياً في أيام النظام البائد بدأت الآن تتسارع في خطواتها بوتيرة مجنونة في ظلال الحكومة الجديدة .. وتلك الصورة الحالية المفجعة قد أفزعت وأحزنت الأمة السودانية كثيراً .. والأحوال والأوضاع في كل المرافق والمراكز والخدمات قد انهارت بطريقة فاقت كل التكهنات والقياسات !.. والمثل الأعلى يتجلى في انفلات تلك الأسعار للسلع والخدمات وضروريات الحياة بطريقة لم يحدث في تاريخ البلاد من قبل .. وفي هذه الأيام العصيبة فإن المقارنة بين أسعار الضروريات من السلع والخدمات في نهاية حكم الإنقاذ البائد وبين أسعار الضروريات والخدمات في ظلال حكومة السيد عبد الله حمدوك مقارنة تصيب العقول بالذهول والجنون !! .. كيف لا وتعريفة المواصلات التي كانت في معظم الخطوط بالعاصمة السودانية بمبلغ ( 1 جنيه ) عندما رحل نظام الإنقاذ البائد قد تضاعفت الآن مئات المرات !.. وفي هذه اللحظات فإن أقل تعريفة للمواصلات في تلك الخطوط القصيرة مبلغ ( 20 جنيه ) في أفضل الحالات !!.. وهنالك خطوط أخرى داخل العاصمة السودانية قد أصبحت قيمة التعريفة لها مبالغ خيالية وجنونية !.. ولأول مرة يسمع الشعب السوداني تعريفة المواصلات في مسميات الخطوط المختلفة داخل العاصمة السودانية مسميات مبالغ ( 100 جنيه ) أو مبلغ ( 200 جنيه ) أو مبلغ ( 250 جنيه ) !! .. في الرحلة الواحدة !! .. منتهى الجنون في تعريفة المواصلات بالعاصمة السودانية .. وهل يعقل يا ناس أن يخرج الإنسان من بيته ليعود إليه في مشوار يكلفه مبلغ ( 500 جنيه ) ذهاباً وإياباً ؟؟ .. ثم المثال الثاني في ذلك التمرد العجيب لعملة ( الدولار ) .. تلك العملة التي عكرت حياة الإنسان السوداني في كل صغيرة وكبيرة .. حتى أن أسعار الفخار والمساويك ترتفع بارتفاع ذلك الدولار !! .. ( الدولار ) الذي كان يستحي قليلاً في التدرج للأعلى في أيام الإنقاذ البائد اليوم أصبح لا يخاف ولا يختشي في معية حكومة عبد الله حمدوك .. وقد أصيب بذلك الجنون المفرط ،، وبدأ يتعالى نحو أبراج السماء !.. ولسان حال الناس يردد في هذه الأيام مقولة : ( هل هذه هي الحياة التي أرادها هؤلاء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم تلك الغالية النفيسة ؟؟؟ ) .
والذي يقطع أكباد الشعب السوداني أكثر وأكثر فأن هؤلاء الوزراء الجدد الذين تولوا قيادة الحكومة الجديدة كانوا قد وعدوا الشعب السوداني بأنهم سوف يعالجون كافة قضايا وأزمات الشعب السوداني في أيام قليلة ومعدودة .. وكانوا يرددون تلك المقولة في بدايات الخطوات والمشوار عندما كانت تغريهم الأماني .. ولكن هؤلاء عند أرض الواقع قد اكتشفوا أن معالجة تلك الأحوال والأزمات ليست بتلك السهولة الميسرة المتاحة كما كانوا يتخيلون .. مما أجبر البعض من الوزراء أن يعتذر للشعب السوداني على تلك الوعود التي عجزوا في إيفائها .. وبطريقه هزلية مضحكة قاتلة قد امتدت تلك الأيام القليلة المعدودة التي وعدوا بها إلى عام وشهور !.. وكل الإشارات يؤكد بأنهم مازالوا عاجزين عن تحقيق أدنى قدر من تلك الإنجازات في يوم من الأيام .. فيا عجباً ويا عجباً من أناس يجيدون تلك الإنجازات بالألسن عندما يتواجدون في منابر المعارضة .. ثم يعجزون عن تحقيق تلك الإنجازات عندما يتولون زمام الأمور والأحوال في البلاد !!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عمر عيسى محمد أحمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست