كتبت قبل فترة ليست بالبعيدة في هذه الصحيفة الالكترونية المقروءة ، مقالا بعنوان( هل تجبرنا العاطفة السودانية للتسامح مع مثقفي العهد البائد ).وفيه كنت اسأل إن كان للمجتمع السوداني ان يتسامح مع مبدعيه من الفنانين والشعراء والكتاب الذين تعاملوا بطريقة أو بأخرى مع النظام السابق بمناصرته او مؤازرته او بالصمت والسكوت عن زلاته متناسيا بذلك ان الفنان الحقيقي هو ( مرآة عصره ومجتمعه) ان لم يكن فاعلا ومساهما في تنويره. وضربت في ذلك امثالا لدول ومجتمعات مرت بذات التجربة ولكنها تسامت وسامحت من اجل الوطن حتي لا يفقد مثقفيه..وكانت ( الحالة الفرنسية) خير مثال بعد الازو الألماني لفرنسا عام ( 1940 ) حيث تورطت أسماء وشخصيات كبيرة في مجالات الفكر والإبداع داخل وخارج فرنسا بالتعاون مع الألمان وكان اشهرهم الفيلسوف الألماني( مارتن هايدجر) الذي يعد اعظم فلاسفة القرن العشرين وكانت له شعبية وأكاديمية بين الشعب الفرنسي والجامعات الفرنسية. وللأسف لم تكن الاستجابة لمقالي المشار إليه كبيرة الا من بعض الكتاب الأصدقاء وعلي استحياء علي بريدي الالكتروني الخاص. ولهم وللشعب السوداني العذر فربما لا زال الوقت مبكرا للتسامح ونحن نكتشف مع كل صباح ( مصائب ) من مصائب الانقاذ في كل الاتجاهات...ومع ذلك فأنا اعول كثيرا علي الشخصية السودانية المتسامحة حتي في اصعب الظروف عندما يتنازل اصحاب الدم عن القصاص بعد الحكم القضائي وتتم الاستجابة لدعاء او مناشدة أم او قببلة...وقد ذلك مرارا وتكرارا... في عهد الانقاذ برزت أسماء كثيرة في المشهد الثقافي وتفتحت نوافذ بمبادرات شخصية من اصحابها في الادب والغناء والمسرح وفي تقديم البرامج الحوارية والرياضية والبث المباشر في الاذاعة والتلفزيون...ومنهم من درس وتدرب علي حساب الدولة بمؤهلاته وليس انتماءاته للنظام القائم ولكنهم جميعا عملوا في ظل النظام ليس حبا في النظام ولكنه هو الطريق الوحيد للاعاشة وحفظ الأسرة من الضياع...فلماذا لا يتسامح المجتمع مع مثل هؤلاء ( الضحايا ) خاصة آؤلئك المبدعين الذين عاصروا وتعاملوا مع ( حكومة الانقاذ ) ولكنهم لم يتورطوا في جرائم الانقاذ او فسادها او الاضرار بالآخرين سواء أكانوا من زملاء المهنة او بقية افراد المجتمع؟ تري، هل نحتاج الي مليونية جماهرية للتسامح والتسامي فوق جراح الوطن...من أجل الوطن و تجديد نوافذ الإبداع؟ د.فراج الشيخ الفزاري [email protected].
العنوان
الكاتب
Date
أما ان للوطن ان يصفح ويتسامي فوق جراحاته .؟ بقلم د.فراج الشيخ الفزاري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة