|
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
فالحل والمفتاح السحري الذي قدمه للحضور هو الفكر وأن يكون الاطار الفكري هو الداعم لكل حركات الانسان لأن الخواء يولد العنف والكراهية وعدم التسامح مع الآخر وهي الإرهاصات التي تبدو مثار نقعها في الأفق البعيد بل وبعض بوادرها أصبحت في المتناول في بؤر من الوطن العربي ، وحنكة واسيني تظهر جلياً في إستحضار النماذج الحية للشخوص والرموز كمثال يحتذى ، فقد أتى بالثائر الامير عبدالقادر الجزائري ورغم أنه من خلال كتابه ( الامير) أفاض واستفاض في سرد حياة الأمير عبدالقادر ولكنه في هذا المقام كان لزاماً عليه أن يجسد شخصية هذا الأمير بصورة بعيدة عن الفرسنة والقوة والشجاعة خارج الرمزية المعتادة (السيف والخيل ) وجاء بشخصية الأمير عبدالقادر في إطار الحداثة والتسامح وفي نموذج الشخص المعتدل الذي يقبل الآخر بل ويجعله تابعاً له بحسن المعاملة وقيم التسامح ، فحين أورد في كتابه قصة ذلك القسيس الفرنسي الذي لجأ إلى الأمير لإطلاق سراح أحد الضابط الفرنسيين الذي كان معتقلاً لدى الثوار لأن زوجته الفرنسية جاءت إلى الكنسية مكشوفة الصدر .. أطلق سراح الضابط المسجون مراعاة للجانب الانساني بغض النظر عن خطورة هذه الخطوة .. فقد تكرر الحدث بعد أن سلم نفسه للجيش الفرنسي فداءاً لأهله ، جاءه الخلاص من ذات القسيس الذي كان يتمنى للأمير أن يدخل المسيحية وكما كان الأمير بدوره يتمنى دخول القسيس إلى الاسلام ، فقد صور واسيني شخصية الأمير على عكس النموذج العربي للفارس - الموشح بالسيف والرمح - بشخصية المتسامح والمحب للآخر وربما أراد ان يبلغ رسالة يمكن معها تغيير الصورة النمطية للفارس أو القائد في مفهوم الانسان العربي بأن الفارس ليس هو القوي القاهر بل هو ذلك الذي يتسلح بالعلم والمعرفة والفكر والقيم الانسانية وأن نمطية النوع التقليدي من الفرسان قد تجاوزها الزمن والواقع ، وفي سياق الحديث عن بداية تكوينه المعرفي لفت إنتباهي حديثه عن قصة الف ليلة وليلة وتأثيرها عليه وخاصة أنه تناول الكتاب - عن طريق الصدفة وبعدم معرفة - من المسجد الذي كان يقرأ فيه القرآن فيروي أنه كالعادة ذهب إلى المكان الذي تتكدس فيه أجزاء القرآن في المسجد ولم يجد إلا هذا الكتاب وكان مازال يافعاً وأخذ الكتاب على أساس أنه قرآن وحفظ منه فقرات وظل يقرأ فيه حتى أتى إلى حلقة الدرس وعرف أنه كتاب مختلف وليس قرآناً .. ومن فرط إعجابه بالكتاب كان قد سرق الكتاب من المسجد بعد أن أرجعه ومازال محتفظاً به حتى اليوم فكانت أول وآخر حادثة سرقة في حياته ومقابل ذلك قام بترميم المسجد وتجديده في قريته في الجزائر ، سؤالي هنا هل مازال معجباً بكتاب الف ليلة وليلة أو أن ذلك الإعجاب كان في تلك المرحلة من العمر وأحسب أن إثارتي لهذا الموضوع لم يأت من فراغ لأن المفكر الجزائري مالك بن نبي أخذ قصة ألف ليلة وليلة كمنوذج لإنحطاط الفكر العربي والذي بلغ الدرك الأسفل ما بعد عصر الموحدين فكان خفوت الفكر والادب الراقي وراجت معها قصص وحكايات الف ليلة وليلة ، ومن خلال الليلة كان طيف الطيب صالح حاضراً في ثنايا مداخلات واسيني خاصة عندما تنقل في أزقة الحارة التي نشأ فيها وصور راكبي الحمير وجسد شخصية جده بكل دقة وكذلك في وصف جدته تلك المرأة القوية الشخصية والبعيدة النظرة والتي كانت واحدة من أهم أسباب تكون هذا المبدع وكذلك عندما قدم صورة من نضال أمه .. فطريقة الطرح والإمعان في الغوص في نقل تلك الخصوصية التي تدهش الآخر المستمع أو القاريء هي السمة التي أورثها الطيب صالح للمبدعين من بعده ، ولم يكن وقوفه على قبر الطيب صالح عند زيارة للسودان ترفاً أو مظهراً سطحياً بل إجلالاً لهذا العملاق الذي أبتدع طرقاً ومسارات للابداع غير مسبوق .. ورغم أن مقدم الندوة لم يذكر جائزة الطيب الصالح التي نالها واسيني إلا أن طيفه كان حاضراً في الندوة وهذا هو القرب الوجداني ووحدة التصوف والتواصل الخفي ما بين بلاد المغرب والسودان ، ورغم توهج هذه الليلة الفكرية وبلوغها الذروة خاصة عندما كان ينداح واسيني بعيداً عن كل خطوط الطول والعرض إلا أنني قد أخذت على البعض إغداق هالة من الألقاب مثل ( لفظ سعادة الكاتب ) وتكرار عبارة ( سعادتكم ) ولا أدري كيف تسللت هذه العبارات إلى الساحات الفكرية والمنتديات لأن فيها تحجيم لفكر المبدع ويخرج الحدث من المضمون الفكري إلى عالم من وجاهات والبروتكولات الجافة التي تقود إلى التراتبية وتنميط شخصيات الحضور ولم تكن هذه الألقاب متناغمة مع تصرفات واسيني ولا حتى مع زيه البسيط الذي توشح بشال أسود وقبعة وبدلة سوداء عادية بدون ربطة عنق وجلسة عادية دون تمدد إو إتكاءة إرستقراطية فمن الخطأ وضع أمثال هؤلاء المبدعين في مثل هذا الإطار كما ذكرت سابقاً حتى لو كان ذهبياً ومرصعاً باللؤلؤ والماس فالمبدع لا بد أن يطلق حديث كما يشاء وعلى عواهنه لأن هذا الاندياح هو الذي يسمح لنا بقراءة حقيقية للمبدع ..
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محمد عبدالله الحسين | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:10 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:11 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:12 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:13 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:14 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:15 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 08:16 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | محمد عبد الله الحسين | 01-07-20, 08:45 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | محمد عبد الله الحسين | 01-07-20, 09:36 AM |
Re: ليلة واسيني الأعرج .. إهداء إلى الحبيب محم� | علي عبدالوهاب عثمان | 01-07-20, 09:58 AM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|