من كتاب الدكتور أمين مكي مدني "جرائم سودانية بالمخالفة للقانون الإنساني الدولي 1989 ـ 2000
الطبعة الأولى 2001
الناشر: دار المستقبل العربي
رقم الإيداع بدار الكتب المصرية 1878/2001
الانتهاكات في جبال النوبة
[......]
كما انتهجت أجهزة النظام القمعية سياسة لا إنسانية تجاه النساء والأطفال. فبعد أن يتم قصف قرى الجبال وحرقها وقتل أعداد كبيرة من سكانها، تدخل القوات إلى تلك الأماكن وتقضي على كل من كان حياً من الرجال والشباب الذين لم يتمكنوا من الفرار، ثم تجمع النساء والأطفال ويتم توزيعهم على ما تم تسميته "قرى السلام"، حيث يتم إجبار غير المسلمين على إشهار إسلامهم وتغيير أسمائهم إلى أسماء مسلمين ويتم ختان الأولاد. وبعد ذلك يأتي رجال القبائل العربية لاختيار النساء وأخذهن "زوجات" لهم واصطحابهن مع عدد من الأطفال ليعملن معهم في منازلهم أو مزارعهم بأسلوب لا يختلف عن الاسترقاق والسخرة.
ينبغي أن نذكر في هذا السياق أن تلك الممارسات البشعة التي مارسها النظام في جبال النوبة، والتي وصلت حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، على الرغم من تستر النظام على ممارساته وإغلاق المنطقة في وجه الصحفيين والأجانب، بمن فيهم الدبلوماسيون والسياح، ما كان لها أن تصل إلى تلك الدرجة من القسوة والفظاعة لولا تجاهل المجتمع الدولي وانصرافه عما يدور في تلك المنطقة، وعدم إدراجها في أولويات اهتمامه كما في في مناطق أخرى من العالم. ولا يعفي المعارضة السياسية ومنظمات حقوق الإنسان السودانية والإقليمية عدم إيلاء الاهتمام الكافي لتلك الأوضاع. لكننا نسجل بكل التقدير جهود بعض المنظمات الدولية وخوضها المخاطر والصعاب لكشف تلك الحقائق، منها مؤسسة Beekabo Pictures [هامش: فيلم "The right to be Nuba" قام بتصويره Emma Sharp, Hugh D. Aybovry في العام 1993] التي تمكنت، بعون من المنظمة السودانية لحقوق الإنسان، من الدخول إلى تلك المناطق عبر الدول المجاورة بمساعدة الحركة الشعبية. وكذا مؤسسة African Rights التي فعلت نفس الشيء. وقد قامت كل من المؤسستين بتصوير فيلم وثائقي تناول تحقيقاً دقيقاً عن الأوضاع ومقابلات الضحايا والمعاقين وتصوير القرى المحروقة، بما فيها المنازل والكنائس والمساجد. كما قامت الأخيرة بإصدار كتاب شمل نتائج زياراتها. [هامش: كتاب "Facing Genocide: The Nuba of Sudan " أصدره Alex Duval, Yohannes A. Ajawin في 1995.] أيضا اهتمت منظمة العفو الدولية بنشر تقارير وافية ومفصلة عن تلك الانتهاكات نشير إليها فيما بعد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة