الفن الهابط الجديد (صوت وصور)

Quote: مواجهة مع الفن الهابط .. من إنصاف وإلى ندى وياقلبي ..!! أوقف التلفزيون السوداني إذاعة ما يقرب من (61) أغنية شبابية (هابطة) لأنها لا تتناسب مع المستوى الفني الذي يليق بالغناء السوداني العريق ... إنتهى الخبر هذا الخبر غير صحيح من وحي الخيال ومقدمة للمقال وأُخذ من زمن مضى حيث كانت هناك امكانية للسيطرة على وسائل الإعلام وعندما كان الفضاء صافيا ونقيا وقبل أن يتلوث ويمتلئ بالإعلام البديل أو بالوسائط ... في أزمنة مضت كان الفن الهابط يدور بعيدا عن أعين ومسامع الناس المحترمة التي لا تعشقه وكان من الصعب مشاهدته في البيوت ولكن العلم الحديث جعل كل شئ قريبا جدا تأتيك المصائب وأنت تنام في غرفة نومك تحاول تتصفح في المواقع تجد الفنانة التي تدعي إنها (إنصاف مدني) تغني وتنادي بترشيح البشير وتجزم بان لا رئيس في تاريخ السودان أنجز مثله !! وفي أثناء هروبك من قبح هذا الكلام يقودك القدر إلى موقع آخر تجد فيه (ندى القلعة) وهي تتغنى وتتغزل في والي الجزيرة (إيلا) ولم تكتفي بالغناء للشريف في نيحيريا ولم تشبع من الدولارات التي جمعتها من (نقطة) زبانية الرئيس التشادي (دبي) في أنجمينا... تأتيك هذه الوسائط بكل هذه الكوابيس من حيث لا تدري ولا تشعر ... وتأتيك أيضا هذه الوسائط الحديثة بالموسيقى الهادئة والأغنيات الجميلة ولحظات الرومانسية الصافية كما إنها تطاردك وتطارد أطفالك بهذا الفن الهابط , وهذا هو ثمن الحضارة والعولمة .. التلفزيون (القومي) وبقية القنوات الخاصة الهائفة قناة النيل الأزرق نموذجا والتي يهمها العائد الربحي أكثر من الأخلاق تتحمل أيضا جزء كبير من مسؤولية إنتشار هذه الطحالب الفنية .. تتحمل وزر تلميع ثم تقديم الساقطين والساقطات دون مراعاة لأذواق ومشاعر الناس وكذلك الاجهزة الرقابية التي تخلت عن دورها تماما فهي ايضا لها دور في انتشارهم . في زمان مضى لم يكن من السهل يوما أن تخرج للساحة مطربة أو مطرب كبير وكان الغناء إختبارا عصيبا لكل من يحاول الإقتراب من هذا الفن العريق ... كانت هناك لجان للإستماع تضع شروطا قاسية للسماح بالغناء وكانت هناك أحكام قاسية للجمهور حيث كان قادرا على أن يكافئ الجيد ويمنع الردئ وكان من السهل أن تضرب الجماهير المطرب إذا تجرأ وحاول الغناء وهو لا يملك الموهبة .. وكانت أحكام النقاد عنيفة وقاطعة ولم يكن هناك مجال للمجاملات والصداقات والسهر والشللية .. ولكن الأمور تغيرت فلم يعد هناك ما يسمى لجان كلها شلليات (وصحوبيات) وعلاقات مشبوهة... والعيب في الجمهور أيضا الذي يصنع من شئ فاقد القيمة أسطورة يتحاكون عنها ونماذج كثيرة حققت شعبية من لا شئ رغم أنهم لم يقدموا جديدا فقط يعتمدون على وسامتهم ولبسهم وهذا ما يحبه الجمهور فهناك أصوات لم تحقق ربع شهرت هؤلاء على الرغم من روعة أصواتهم .. فأين الأصوات الرزينة الجميلة التي إختفت أمثال أبو عركي البخيت محمد الأمين عبد العزيز المبارك وغيرهم من هذا الجيل المحترم وهي مازالت قادرة على العطاء وإنتاج الجديد ويكفيها شرف عدم تلوث مسامعنا بهذا التهريج الهابط ولماذا تركت الساحة بهذه السهولة مستسلمة لأصوات بعض مطربي اليوم التي تشبه نعيق الغربان والبوم ؟ وترتب على ذلك كله فساد أخلاق وأذواق المستمعين وأصبح من الصعب التمييز بين الغناء الجيد والغناء الهابط القبيح ... وإنتشرت كل هذه الطحالب الفنية في ظل هذا المناخ السيئ الردئ.. ولقد ظهرت أجهزة حديثة تعطي للصوت الهزيل طاقة يجلجل من خلالها ويصل إلى ألاف المستمعين ومع ظهور بعض القنوات الهائفة والوسائط الحديثة وبكل تأثيرها الطاغي في الجماهير وكثرت أنتشار مستخدميها والذي يقدر بالملايين فأصبح من السهل أن نجد صوتا ضعيفا هزيلا مريضا وقد تحول إلى نجم لامع وتحولت هذه الوسائل الناقلة إلى واحدة من أكثر وسائل القبح ترويجا وإنتشارا .. ثم كانت لغة المجاملات والسهرات والتي جعلت وسائل الإعلام في أحيانا كثيرة تنسى دورها ورسالتها ...ونقابة المهن الموسيقية لا نعلم عن دورها في محاربة الأغنية الهابطة فعليها أن تضرب بيد من حديد وأن تحارب كل أشكال الإسفاف لأن المسألة أصبحت أزمة في الكلمة واللحن والأداء وعليها تنقية حديقة الغناء من هذه الهجمة التتارية الشرسة التي إستباحت أذواق الناس سنوات طويلة وفسدت أجيال متتالية وآذوا السمع والنظر، وهبطوا بالذوق العام، مما أثر سلباً على الأخلاق والسلوك .. فلا يتصور أحد مثلا أن تظهر فنانة على القنوات الفضائية بعد ظهورها المبتذل وبحركات ممجوجة وتتمايل في الحفل مع دولارات (المنقطين) في نيجريا وكانت تجمع في هذا الحفل المشبوه بين سوء الكلمات وإبتذالها وغرابة اللباس كنا تتوقع مقاطعتها اعلاميا وفصلها من نقابة الفنانيين ورفض أعمالها وتمنع أغانيها ولو مؤقتا في كل القنوات الفضائية المحترمة هذا على أقل تقدير ؟ للأسف لم يجري معها لو تحقيق (صوري) الذي حدث تم تكريمها ومنحت الدكتوراه الفخرية مؤخرا !! واعجبي فهذا تشجيع لها بالمضي قدما في هذا المجال لها ولأمثالها ولا تستغرب عزيزي القارئ فإن هناك سمة علاقة وثيقة وكذلك الأثر الاجتماعي لخليط الأغاني الهابطة وأصحابها مع انتشار الفساد والمخدرات والعادات السالبة فالأمور تجر بعضها ، والقبح يجذب القبح.. وإنها عدوى .. وإن هذا هو عهد القبح والفساد والهبوط ... والله المستعان ✏ياسر عبد الكريم