رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 09:19 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-30-2019, 01:53 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)

    -8- تتوغل الأزمة داخل جيوبي. تنتفض قرابيب سُود. ينفش الأسى ريشه. من محطات سبقت يأسه وضجره. في وجه من لا يعرف القرف. هكذا. وهو خارج للتو من المنزل. لا يعرف بأي طريقة سيصل إلى قلب العاصمة، ماضياً اليها من أطرافها البعيدة. لا بأس من أن يقترض بعض الجنيهات من (فضلو باقي). مشى ناحيته وهو غير متأكد هل سيقرضه الجنيهات التي يحتاجها. ستسعفه للوصول إلى ميدان (أبو جنزير) في وسط العاصمة. كما عليه أن يرد دينه في المساء. جمع من النسوة. يتزاحمنّ أمام دكانه الممتليء بأشياء غريبة. (فضلو باقي) رجل غريب الأطوار مثل الأشياء التى جمع بينها في دكانه المتسع. يبدو بسبعة أرواح. ومثل اسمه الذي تم تركيبه قسراً. صفات يصعب الجمع بينها. يقابلك هاشاً باشاً، هو في الحقيقة يتفحص جيوبك وطريقة مشيتك، فإذا كانت واثقة فستشتري منه نقداً، أما إذا رمقك تؤخر رجلاً وتقدم أخرى، فالطريقة التي يرسم بها تعابيره جاهزة في وجهه. عند شد تجاعيد وجنتيه، وتحت جفنيه، يظهر إنه كان رجلاً شديد سواد البشرة. وبعيون ضيقتها صروف الدهر ونوائبه. فارتكّن إلى لون رمادي باهت، يزم شفتيه كلما كان الأمر قاسياً، أو كان هذا الأمر يمر من خلال درج خزانته، وهو أمر لا يقبل القسمة على إثنين. فهو بقدر ما حاول أن يداري ما يبدو من أشيائه، وإصلاح عطب الأيام التي تآذت من سيرة فحولته في القرية. يميل دون وعي منه إلى أمنية خصوبة جائحة. تغطي على مسامات النساء عندنا. (شبقات ومستورات الحال. وإذا وجدنا ما يُريح. نَهلنّ منه وتمسحنّ بباقيه لأنه يفتح مسامات بشرة الوجوه. وطعم الطحنية جاذب لهنّ، وهو ما يجعل جسومهن ممتلئة وناعمة). يقول بعد أن يعقب حديثه بضحكة خبيثة مجلجلة، وهو متكيء على سرير قصير الأرجل، وضحك معه حاج التوم، الذي كان منبطحاً على كومة الرمل، فجلس، كأنه يمدد ضحكته مجاملة لفضلو باقي، أما حاج البُشرى فقد كان ساهماً، وغشيته الضحكة في نهايتها، فابتسم مجاملاً لهما. وضع يده على باب المتجر. ينجرد البخور من كل عافية، يعطيه إحساسا مشوباً براحة خفية. يتفسخ حساب الدكان من دفاتره المتسخة، وأطرافها المطوية بباقي الزيت في أنامله. عجين الطحنية المعسولة المتلككة، يمسحها على جُلبابه المتسّخ أصلاً، يمررها على القماش، كأنها مسحة بفرشاة عريضة للون زيتي، على إطار مستطيل من قماش (الكنفاس). (فضلو باقي) جاوز منتصف الستين بمهارة، ويبدو أقل من ذلك بكثير. كأنه من بقايا الحرب الباردة. ثم تم تفكيكه مثل صواريخ ذات رؤوس نووية. بذات الرأس المدبب، له غزوات لها أسماء كبرى. يعرفها حاج البشرى وود طه، فقد كانا يمثلان أبناء دفعة واحدة، ولهم مكاشفات فيما بينهم. بعد أن مضى به العمر، فأنه قلل من تحركاته خارج متجره. وجعل معتركه في المخزن المجاور لدكانه، الذي يخزن فيه جوالات فحم، وصناديق مياه غازية. متجر يحتوي على مجاميع غريبة ومتنوعة من أصناف، تبدأ من إبرة الخياطة وشاش المسّرجه، والأقفال، إلى معلبات البازلاء الخضراء. علب الساردين الذي تبرّعت به المنظمات للمدارس الداخلية، ولبن البدرة الذي تجلبه منظمات الإغاثة. عندما تقف أمام متجره، تصفع وجهك روائحَ متداخلة، يصعب عليك تمييزها من حيث النوعية، والصنف، وصيغة المزج التي تمت بها. لكن أقرب رائحة يمكن إستساغتها هي رائحة جبن مُتَعفِّن. وربما رائحة فأر ميت منذ مدة ما، بين الزكائب، والأغراض المتراصة في الأرجاء. الطاولة التي عند المدخل. بها طبقة من طلاء غير متماسك بني اللون، وغير جاف ومتكلس الحواف، عند الجهة التي يتكيء عليها الزبائن بأكواعهم وسواعدهم. فدكانه هو المتجر الوحيد الذي يعلن عن استعداده لتقديم الخدمة في كل الأوقات، فكثيراً ما تم إيقاظه منتصف الليل لأن هناك ضيوفاً قدموا لأحد جيرانه، أو استدعوه لأن شخصا ما توفى، يستعجلونه ليقطع لهم أمتاراً من قماش الدبلان أو الدمور لخياطة كفن. 9 صارت تفصله خطوات قلائل عن واجهة الدكان، فكّر في أن ينتظّر حتى تقّل حركة النِساء، فلا يَحرجَه أمامهنّ إذا رفض أن يسلفه المبلغ. بقيت حاجة (السارة)، وهي كاسمها. لا بأس من أن يتقدم. قريب جداً. يجرجر خطواته بين تقدم ونكوص. لا يخجل من أن يرجوه كي يقرضه مالاً. وهو على هذه الحالة. وفجأة.. غمر المكان عطرُ غنجٍ صريحٍ. وانقلّب الماء على الغُرّبالِ. تزّجج الأفُق دونما قَوس قُزّح. وكأن المكان قد حدث فيه تفريغ هائل للمجال، مثلما يحدث قبل انفجار عظيم. عِطر يبحث عن أنفي. تفتّحت خياشِيمي إلى سِعة لم تعّهدها رئتيّ من قبل، واستدارت رقبتي دون وعيٍ مني. إنها هي، الفاتنة اللعوب. سينشغل عني فضلو باقي. لن يدع لي مجالاً، ستأخذ هذه الحسناء كل شيء. ميعادي جوار حديقة أبو جنزير يبدو أني سألغيه. وكأن كل شيء كان معقوداً على رائحة فاحت فجأة، فاختل نظام كامل، وعاد الزمن إلى نقطة الصفر. وجعل العيون تتجه لجهة واحدة. وتلغي مواعيدَ سابقة. ينقبض حجابي الحاجز. يتملص القلب بسبب موعد تبدد. فجأة تحرك جلبابه. أتت نهلة. الزمن يتوقف مبتسماً بين رجلي (فضلو باقي). تدلت أشياؤه إلى أسفل. مالت عليه. فستانها تفتق عن حيل تنطلي على مخيلة جسد هرم ظاهريا. فوضى تم التأسيس لها بمهارة. تخاتل رفيقاتها. أن ثمري قد نضج. أمي ترفع سعري. قالتها وهي ترفع نهديها محركة خصرها اليمين إلى أعلى. (سأكون منتظرة لك، ولكن هل ستنتظر أشيائي الناضجة )؟ دائما ما تفضحني تأوهاتي، وأنا أجيل مؤخرتي يمنة ويسرة أمام أولاد الحاج، القابعون غير بعيد عن دكان جدهم. سأهاجر من أجلك، من أجل ذاك الجسد الرهيب. سأتفشي كالوباء في بلاد الصقيع. لكي أعود محمّلاً بكل (الدولارات). لكي يحتفل بنا المكان، أعرف أنكِ شريفة رغم علاقاتك مع فضلو باقي. لم تعد له قوى كافية لكي يصهر بها جسد متوفز. وبعدها، لا مشكلة كل البنات صِرنّ على نفس الشاكلة. ألهي لهوك. سيحزن كثيراً حين أعود محملاً بأنواع العطر. تشتاقين لي كثيرا. أعرف ذلك. أوعزت لي نفسي الأمارة بالسوء، تقهرنا النقود التي تكدست عند بعض من لا يملكون لها فهماً. قضيت عُمري أقرأ من أجلك. من أجل أن أحُيطك بيدي. على ثيابٍ بيضٍ من الروعةِ. خيولٌ تسابقُ الشوق وتأتي جامحة. سأراقبك وأنت تأتين. تسعد الحياة حين تراك. يتحدث:(ابتعد يا أيها الذي لا يملك شيئاً. المال ليس وحده هو الذي يصنع الحياة). يتداخل مع الصوت الآخر: ( قل لي منّ مّنا هنا سيصّنع الحياة؟ المال هو سّيد المجال. مسّعورة. كلبةٌ حائلة ٌتخشى أن يفوتها موسم اللقاح. فبعد أن تخرجت من الجامعة، كانت تظن أن الحياة ستكون وردية مثلما، كان يلونها لها خطيبها السابق سعيد المسنوح. عاد بعد سنوات اغتراب طويلة في العراق، تقاسمت معه أشياؤه، ظن من بعدها أن العطاء بهذه الوفرة يمكن أن يُمّهد لرجل آخر، موطيء قدم. هجّس دونما يُمعن فكره، ففسخ خطوبته منها. نداء لجسد. كأنه يعوي. يصيح بها. يتفرّع في الأماكن. يعدو مُتخللاً الفراغ. أزِقة أم دُرمان ضيِقة. بيوت طين لازب. تختلس من نظراتهم زاداً لرحلة جديدة، يتدحرّج فوقها أحدهم:(يا إخوة، خذوا حذركم من هذه المتلازمة). كان والدها يعمل بناءً، سقط قبل أعوام من بناية حديثة المنشأ، توقف مصدر دخلهم. أخيها الذي يكبرها بعامين إثنين. هاجر إلى مصر، قدم طلباً للجوء. بعض العائدين قالوا إنهم شاهدوه مع أحد سماسرة الموج، الذين يبحثون عن زبائن ليعبروا بهم البحر المتوسط، فلم ُيُعّرف عنه شيئاً، هل وصّل لأوروبا أم استقّر في بطنِ حوت من الحيتانِ. ومنذ ذلك الوقت انقطعت أخباره. باعوا بيتاً يخصهم في مدينة الدويم، على أساس أنهم في نهاية الأمر سيرحلون إلى الخرطوم العاصمة، التي تتراكم فيها الجامعات، وتُقضّى فيها الحاجات. وتتناوب فيها الانقلابات، وتُنال بها الرغائب، لدى المتنفذين من أذرُع النظام. ويسّتسقى الغمُام بعماراتها الشاحبة، التي كانت دوامات المداخِن تزيد لونها رماداً في رماد. أخيها الغائب. تَخَرّج في الجامعة، اشتّغل كعامل بناء. الفلسفة! تجعلك تأخُذ دُروسا عملية ومجانية من الحياة مباشرة. صاحب المنزل يحاول أن يساوي مديونيته بلقاءات متعددة. ابن عاق سافر في متاهات الدنيا، لا أحد يدري متى سيعود؟ وأب مقعد، توسد الشلل أعصابه فصارت باردة، وزاد عليها تعاطيه لل(تمباك)، يسّتمد كيّف يومه. في الجامعة، قضت سنوات طويلة أكثر من سنوات الكلية التي قبلتها طالبة. قالوا إن أحّد الأسّاتِذه كان يؤجِل تخرُجها عاماً بعد عام. رصيفاتها تخرّجن قبل سنوات، (أصلو مافي شغل، الواحدة تتخرج ليه من الجامعة؟ كانت خاتمة لكل صاحبة حاجة. في شارع عريض معنى آخر. ممّشى تمُّر عليه كل السّحنات. هيئات منسحقة على الجهات التي قدِمّت منها. 10 تأخرت عن موعدي في ميدان (أبو جنزير). مازلت واقفاً بباب المتجر، النسوة مضينّ، وأتت أخرى، أخذت حاجياتها، وبعدها جاء طفلان، يتنازعان فيما بينهما، أٌيهما سيقدم تلك الورقة السماوية اللون إلى البقال. جاء أخي الأصغر عثمان، بلثغة في لسانه: (هدي دالت (قالت) ليت (لك) تعال سريع)، في شنو؟ خالي حامد دا (جاء) من السفل (السفر). تداخلت معه بعد أن تمالكت نفسي قليلاً:( وخالي حامد جاء معاهو منو؟) معاه ولدو. لا حول ولا قوة الإ بالله العلي العظيم. رجعت للبيت، وفي أنفي عطر خيبة كبيرة. خالي حامد الدخري لا ينقطع عن الحضور إلى الخرطوم. فكثيراً ما لفّق له سبباً للمجيء، فهو محب للراحة ويسعى إليها. همس يدور هنا وهناك، أنه يَكّن وداً لأرملة ضابط توفى في الحرب. بينهم شغفٌ و مراسلات. وأظن أن أمي تقف وراء هذه المكيدة، فكثيرا ما اشتكت من زوجة خالي في أنها كثيرة النوم، وغير مهتمة بالضيوف، وأطفالها متسخون دائما، وهي لا تألوا جهداً في الذهاب إلى شيخ عثمان الذي ليس ببعيد عنهم. طبع خالي لم يتغير، يمارس برنامجه اليومي بانتظام في الزراعة. يختفي عدة أيام ثم يظهر رائق المزاج، ونظيف الملابس ويضع في جيبه الأمامي قلمي حبر جاف، أحدهما بحبر أحمر، والثاني بحبر أزرق. وهو لا يعرف من حروف اللغة العربية إلاّ حرف الواو! ويعود ملتمعاً. يعمل طوال الأسبوع بهمة ونشاط غريبين، حتى نظن أنه لن يعود إلى الخرطوم قريبا، وفجأة يختفي بمثلما ظهر. صحيح أنه من أسرة متدينة وكبيرة ومعروفة، ولهم شيوخ يربِطون الليل بالنهار في صحيانهم. ولكنه لا يملك تلك المهارة التي تبقيه صاحياً، ولا يظهر لك أنه قد أدرك سهرة التلفزيون في العاشرة مساء. تواصل حليمة منقاش زوجة خالي زياراتها لشيخ عثمان، فيزودها بالجديد من الماء المقدس والقراطيس، لتسكبه في مستودع الماء، أو لتدفنها في الغرفة وفي فناء الدار. محاولاتها لم تجدِ فتيلاً. حامد الدخري ذلك النوع من الرجال الذين يعملون بجد، ولكن أيضاً لهم أشياؤهم التي لا يعلم أحد عنها شيئا. فهو مصفح كدبابة، لا يسري في بدنه ما يمكن أن يمنعه من أن يحقق مايريد، له من الأولاد ثمانية وخمس من البنات. وفي بحث دائم عن جديد. تقول زوجه خالي (والله يا أولادي أبوكم أبى الوساع، وخلانا داير الضيق، الله يوسعها عليه دنيا وأخرى!) في إحدى المرات، صحا مبكراً. بحث عن مسبحته، رفع وسادته فوجد تحتها ورقة مطوية بشكل مثلث. وضعها في جيبه، ولم يحدث زوجته بما وجد، واصل يومه كأن شيئا لم يكن. ظهرت زوجته خجّلة، لم تستطع أن تسأل، من أخذ تلك الوريقة؟ بقي السؤال محبوساً في داخلها. في طرف الحلة الجنوبي جوار حي فلاته، ازدحام كثيف وأطفال يلعبون، ونسوة يأتينّ مُنقبات بالثياب. ومغطيات الوجوه لا يظهر منهنّ إلاّ الأعين، يدخلنّ أحد الأزقة. يظهر من حركتهنّ الوجلة أنهن غريبات عن الحي، يتلفتنّ يميناً حيناً، ويساراً حيناً آخر، وتدخل إحداهنّ مهرولة في نهاية الزقاق المسقوف، والذي يظهر مظلماً جزئياً، يفتح على باب صغير بلون أسود، يؤدي إلى فناء غير متسع كثيراً، ملتصق بغرفة مقسمة إلى جزئين. بداخل الغرفة يقبع شيخ ملثم، يقال له (شيخ عثمان). يُزعُم أنه لم يرَ الشمس منذ عدة سنوات. قدِّم من النيجر، كان في طريقه إلى الحج، وعندما وصل إلى القرية وضع عصا الترحال، ولم يفكر في مواصلة رحلته المقدسة أو العودة إلى بلده. لم يعرف له زوجة ولا ولد، ويُقال إنه متزوّج من جِنية، يدخل إليه الناس، في أشّد الحاجة، ويخرجون منه وأشياؤهم ومشاكلهم قد حُلّت. يدخلون إليه فرادى ويخرجون جماعات، تذهب إليه المرأة عاقراً فتخرج مُغتّبِطة بالمولود، يدخُلون غرفته تعساء، ويخرجُون سُعداء، يمشُون إليه حَزانَى ويعودون منه فرِحِين. كأن مفاتيح القبول كانت تربض بداخل جلبابه الوسيع، وجيبه الذي يحوي قلمي حبر جاف، بلونين مختلفين، ووجه ملثم. زوجة خالي بثوبها الليموني الفاقع، ثوب وحيد في القرية. تتسلّل عبر الزقاق وتعود إلى المنزل، تحمل بين يديها شيئاً ملفوفاً، أسّدلت عليه ثوبها من فوق، تنظُر يميناً و يساراً، ثم تُهرول إلى وسّط الشارع الكبير، كأنها كانت تمشي فيه من بدايته. قال شيخ عثمان : (من القزازة دي. نسها (نصفها) في الزير، والباقي، أأمالي(أعملي) منو شاي الصباح. وأسقيهو مع الأولاد، إن شاء الله تعالى يسرف (يصّرف) نظر عن المره دي)، قالها بلكنة هوساوية، وبإيحاء شديد. 11 لم تتخلَّ حليمة منقاش عن زيارة فكي عثمان، تعود مُحمّلة منه بأشياء ملفوفة تُخفيها تحت ثوبها الكبير. خالي يشرب من الزير، ويرتشف كوبين من الشاي، ومن أكواب كبيرة، ويركب حماره، ويعود إلى منزله مساء. لا أثّر ولا تأثير، ينتهرها إذا تأخرت عن إعداد العشاء. يبدو مصفحاً. لا تؤثر فيه أي سوائل يشربها، أو جوامد يتغذى بها. ينام ملء جفنيه، يهب صباحاً كالحصان، يمضي النهار بأكمله في جهة غير معلومة، ويعود في الليل. وحليمة منقاش تزداد استغراباً. كل من يدخل على شيخ عثمان أمُوره مقضيةٌ، وأحواله سالكة إلاّ هي، جارتها (سيدة بت مغبون)، نصحتها أن (شيخ عثمان) له من خّدام الجن ما يفوق المليون، ويمكن أن يصيب أبناؤها شر، إذا ما هي تحولت إلى فقير غيره. الفقير ند للفقير الآخر. قنعت زوجة خالي بالمشاوير الأسبوعية. تحمل أشياءَ تخفيها تحت ثوبها. وتصُب نِصّفها في الزير، ويشرب خالي حتى الثمالة ولا يثمل. رجعت به ذاكرته إلى الوراء، أحواله المالية مضطربة من زمن طويل، يعمل بمهن مختلفة كماً ونوعاً، يعمل صحافياً وأحيانا موظفاً في شركةٍ. شظف عيش اسّتمر طويلاً. صارت العاصمة جافة ولافتاتها مهترئة. كل شيء يحتج حسب الطريقة التي أوتيت له أو لها. مبانٍ تقف صارمة ومتورمة من سهادها الطويل، والشوارع أقمشة باهتة تسير بلا هوادة. خوف ومُطاردة وتوقيف بدون سبة. تُدندن بلحن عاطفي، جوار بسط الأمن الشامل أو في شارع حكومي يتم توقيفك، خريجون قدامى عالقون داخل سور جامعة. كان يجب أن يبتسم الحظ. موفور العافية وأخضر الساعد، وقادر على أن ينتج. اليوم ينتظر دوره مع الجند المرحلين إلى الحرب. بلا عودة. الذين يموتون يدفنون في أرض المعركة. يسري خبر وفاتهم لأهليهم عبر إشارة الراديو والتلغراف، أما الذين تبقّى لهم أجل، يعودون فاقدي الأهلية، وبأطراف ناقصة. وأذرع مشوهة، ووجوه محترقة. لا توابيت تعود فيها الرفات. الناس مقتنعون جداً، بأن الحاكم لا يموت. وروحه تُورّث للذي بعده. مسؤول يستمر إلى الأبد في منصبه. يموت الناس ويحيون. ويستعد للحياة لعشرين عام أخرى. يفنّى نصف الشعب ويبقى الرئيس. العدو كان هو النظام نفسه. منسوبو النظام في الجامعة، يمتطون دراجات نارية سوداء من نوع (سوزوكي 125) بأرقام بائنة ومميزة، ينمون لِحِي قصيرة. بلا اجتهاد ظاهر في رعايتها! مُلتمِعي الخُدود. يلتقط لنفسه صُوره فوتوغرافية، (سيلفي). وإصبعه على الخد. حسان يجتهدنّ للوصول إلى هذه الدرجة من النعومة الفائقة، ويفشلنّ. يذهبنّ إلى عطارة (التيمان) يجلبنّ أعشاب تبييض الوجه، وزيادة الوزن. يحبونها بدينة. يقابلنّ أجهزة التكييف. يقضين ساعات في الظل. يهمزنّ ويلمزنّ. يتناولنّ (البيرغر). يأكلنّ كل شيء. ويفشلنّ في الحصول على هذه الدرجة من النعومة. لكن قدرة الله جعلت منتسبي التنظيم يتشابهون بطريقة عجيبة، كأن من جَندّهم فحص جيناتهم مسبّقاً، أو أضاف إليهم سِمة، تُسّهل تمييزهم من النظرة الأولى. كانت الخرطوم مثل روما القديمة، سُوقاً للآلهة المستعارة. لم أكن أسبق أولئك الباعة الإ بالصبر الذي علمتني له الحياة، وأن ظروفي ساعدتني في أن أدرس حتى الجامعة. انتشلت نفسي من وهدة ضياع. تحصلت على درجة البكالاريوس. فالجامعة نفسها لم تكن تختلف كثيراً عن الشارع، يتحرش الأساتذة بالطالبات، ويترصدون الطلاب. رجال الشرطة والأمن. يتحرشون ببائعات الشاي والقهوة. ما تعلمه الصبية في الشارع كان أكثر مما تعلّمته في الجامعة. لم أكن أتفوّق عليهم في أي شيء إلاّ مقدرتهم وجلدهم في تحمّل التشرد والهوان. وتكيفهم مع الحياة بظروفها السيئة جداً. الكل منشغل بما آلت إليه حالته. مغريات تطلقها قنوات فضائية. أثرياء يمارسون مناهجَ تجريبية لما يشاهدونه في القنوات. مع طالبات واقفات في إشارة المرور. توصيلة لتعبر الجسر. يلتحم ذو المال مع الحسناء الفقيرة. لا بأس التبضع من هؤلاء الاثرياء. يجب أن لا يستأثروا بالمال وحدهم. نفتت الثروة بخدودنا الناعمة. وأجسادهم الباردة! 12 العيون مبثوثة في كل مكان. في قاعات الدرس وقاعات الطعام. يتم تصيُّد الطالبات الجديدات، وخصوصا الوافدات من الأقليم. البعيد دائما متهم بالتأخر والسذاجة بسبب بُعده الجُغرافي! ومُحاولة تنظيمهنّ في الحزب الحاكم. حفلات استقبال تضج بأطعِمةٍ فاخرةٍ. طالبات حديثات عهد بالجامعة يتحركنّ في شكل قطيع. يتفحصنّ أركان الجامعة التي طالما حلمنّ بها. واجتهد الآباء في اقتطاع الرسوم الدراسية من لحمهم. وباعوا زروعهم لتقرأ البنت الجامعة، ويتعلم الولد. صرت واحداً لا أكثر. لم يعد لي فؤاد أشفِق به على نفسي، أو على غيري كما كنت في السابق. قلب مختوم بشمع أحمر، مثل صندوق إنتخابات مغشوشة. اغتّم وجداني. فقدت شفافيتي تجاه الحب. والحياة والحراك اليومي. الأول يتعاطاه الناس في خجل. كأنه ليس لهم! وكأنه لم يخلق فيهم! من له امرأة يتفقد عندها آخر اليوم ما تبقى له من مكابرة. حليمة منقاش أيضا مثل خالي، تطلعاتها لثوب أنيق. لبيت مؤثث بالجديد. لليد الملأى بالحلي والأسورة الذهبية. تمدها أمامها. تسحبها على الجنب. ترفعها وتنزلها. ( ما جبت لي أسّاوِر آكل بيهن لحم الخراف مع النسوان). حليمة، ذهن مرّتب جداً للإثارة، وإثارة الغيرة. لا بد لها من حلي كثيرة. حناء مرسومة باستمرار. تتصيد مناسبات الحي. وفي مشية مميزة. بثوبها الليموني. تنسى أن خالي مطلوب منه سداد سلفية البنك الزراعي. عليه دفع رسوم متنوعة. دمغة الجريح بألف جنيه. خالي يرد مستنكراً: (يا أخوانا معقول لكين، الجريح ده لسه ما برى الجرح بتاعو؟ وبعدين الجريح ده اسمو منو عشان نتعرف عليه؟ والله غلبتونا). وأخيراً يدفع للحكومة، لمجلس محلية القرية. وعندما نهرول ناحية القرية، لننسى قليلاً، وهرباً من عسف الشرطة، نستأنس ونتسامر مع الأخوان، وقبل أن نشّرب وننتعش يقبضوا علينا، يأتي رجال الشرطة قافزين من فوق السور، وننام في السجن. حبس إداري لأيام دون محاكمة. عندما يحكم القاضي، تكون سكرة قد انتهى زمنها، ونشوة ضاعت بين الأضابير والورق الكثير. حين دخلنا معسكر الخدمة كنا نكرر أناشيد ومقولات: (أمريكيا روسيا قد دنا عذابها). في داخله أكلنا خبزاً معمولاً من قمحٍ أمريكي، وزيت إغاثة دفعت به أمريكا إلى مخيمات النازحين. حلقنا رؤوساً كثيرة بشفرات مستوردة. صدئة ومستعملة. نتناول بقوليات مخلوطة بكربونات الصوديوم. قادرة على إذابة جبل من اللحم. لقتل الرغبة لدى المجندين. حكومة تخشي الرغبة. وتقتلها بالكربونات. تبيحها لمنسوبيها. فضل ظهر في عربات مظللة. تقابل بعدها اللجنة الطبية التي تجعل غير اللائق طبيا، لائقاً بسبب (الواسطة). طالب مسحوق تسكُن الملاريا خلايا كبده بالشهور. أبناء الحي الذي نقطن به شديدو السمرة، كلهم كانوا لائقين، مجرد أن ينظر إليهم طبيب المعسكر، فيدفع بهم للميدان، ثم نسمع إنهم رحلوا، محبة للوطن. خيام وتهريج، ويبرز ملتحٍ بدين ما غادر العاصمة للحظة، ِشاهدناهـ تحمله الملائكة، ورائحة المسك ما تزال في أنوفنا. ثم ينبري الحزن سواداً في ثياب الأمهات. تجري الأحوال بمشيئة غامضة. أحذّر زميلي الذي يدرس معي بالصف. أخشى شقيقي الذي ولدته أمي. وبين السادة إياهم صراع دائم. البيان تلو البيان. كتيبة الشهيد عصام المتجهة إلى مناطق العمليات. لافتات من قماش أصفر تعتّرضني داخل الجامعة. التقطت عابراً اسم زميل كان يدرس معنا، قُتل في الحرب. حمدت الله إنه أراح ضميره من الكذب على نفسه. شُهداء الجامعة موعُودون بالحور العين. يهاتفني هاتف:(بالله عليك من أين يتوافر حور لهذا الفيلق الذي ضم متأخرين عن الدراسة؟ هل ترضى الحوريات بالفاشلين في الدراسة؟ طلبة قدموا إلى الجامعة بدرجات أضيفت لهم، لأنهم مضوا إلى الحرب. كلما اقتربت الامتحانات، وفرت الجامعة واستنفرت أرجاؤها بكتيبة جديدة إلى مناطق العمليات، لتعطي فرصة لمنسوبيها الذين يعملون بمهن أخرى، ومكلفون بمهام غير دراسية لكي يمتحنوا. امتحان رئيسي للمادة، وآخر بديل. وثالث اسمه امتحان مجاهدين. أٌلغيت المناهج والكتب. صار التعليم شفاهيا. خطب النظام تلاحقنا في الراديو والتلفزيون. أوشك الناس أن يصدقوا ما تقوله الحكومة، لولا المساحة التي يتحرك فيها لإعمال العقل والفكر. أتونا بطلاب وافدين. سودانيو الخارج. والأخيرون لا يفهمون ماذا تقول الحكومة. مدفوعين برغبة والديهم في أن يدرسوا في الوطن. يحضرون إلى الخرطوم. يتضجرون، كيف لا يتوافر الآيسكريم. ويستغربون منّا نحن الذين نتناول الوجبات من صحن واحد. أيادٍ تدخل إناء وسيع، وتخرج متجهة إلى الأفواه! ألاّ توجد أطباق كافية ؟ وهل الأكل بهذه الطريقة صحياً؟ ولماذا أولئك الطلاب ترهقهم قتره؟ ولماذا هم نحاف وقبيحون. ليسوا مثل الذين درسنا معهم بالخارج في السعودية وفي الإمارات وفي الكويت؟ لا يعرفون متى استقل السودان. (يا(سلمى عودة) إنتِ شايفة حال الجامعة دي كيف)؟ ترتدي ملابسَ جديدة وتحمل حقيبة فخمة، ويفوح منها عطر باريسي. قوام ممشوق وعافية. في أيامها الأولى بالجامعة، يقابلها الشحاذ فتعطيه ألفان من الجنيهات (ده مسكين أوي). كان يساوي مصروف يومين إثنين عند فتحي شريف. سننسخ الدرس بعد المحاضرة، ونمضي سوياً لحفلة الفنان محمد الأمين. امتلآ طربا وقفلا عائدين بذلك الشارع الضيق. جسداهما متلاصقان. جرت أمامه ( ما قيلاك كده يا فتحي). (طيب كنت قايلاني شنو)؟ فتحي شريف من الفئة التي أرهقتها القترة، لم يستلم مصروفه منذ مدة، والده يرجو رحمة المشروع، عندما تلتفت إليه الحكومة. استهوى تلك الفتاه بغبشه وسمرته، فجعلته دليلها في عاصمة يشبه وجهها قفاها. قال في سِرّه أول ما رآها: ( مالو نحن نستفيد من الجماعة ديل وكت ما لاقين من جماعة الأخوان حاجة. والبنات ديل بدل ما يشيلوهم الشيوعيين، مالو نشيلهم نحن، ونعمل فيهم العايزنو). يسيران على الأقدام في السوق العربي حتى مواصلات حي المنشية الراقي. يعود بعد ذلك إلى داخلية الجامعة.








                  

العنوان الكاتب Date
رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:39 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:54 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:59 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار خضر الطيب08-30-19, 12:55 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:02 PM
      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:07 PM
        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:11 PM
          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:25 PM
            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:53 PM
              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 02:07 PM
                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار جمال ود القوز08-30-19, 02:49 PM
                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:12 PM
                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:14 PM
                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 04:01 PM
                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار نعمات عماد08-30-19, 05:02 PM
                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-31-19, 12:53 PM
                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-01-19, 10:49 AM
                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-05-19, 04:10 PM
                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار النذير بيرو09-06-19, 07:58 PM
                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 02:54 PM
                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 03:16 PM
                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار تماضر الطاهر09-18-19, 03:39 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمار عبدالله عبدالرحمن09-18-19, 09:26 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:50 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:48 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Biraima M Adam09-22-19, 03:32 PM
                                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-23-19, 05:00 PM
                                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمر التاج09-23-19, 08:42 PM
                                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:24 PM
                                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:40 PM
                                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار adil amin10-08-19, 04:07 AM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Ahmed Yassin10-08-19, 04:42 AM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:51 PM
                                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar11-14-19, 05:01 PM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:52 PM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar12-07-19, 12:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de