|
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)
|
راتبي لم يكن يفي بأي شيء، لا الفول ولا الخبز. أصحاب الشركة يعودون في نهاية العام، في إجازاتهم. يسحبون ما بها من أموال. يسألوني لماذا أسرع بك المشيب؟ وأنت ما تزال شاباً صغيراً، لماذا لا توفّر من الراتب الذي نمنحه لك؟ عندما أسّمع هذا الكلام، أسرع ناحية الحمام لأفرغ معِدتي، بطنِي لا تستجيب للإلحاح المفاجيء. يغلبني الإستفراغ. تأملت طويلاً أنّ فاقة مثل هذه لا بد أنها جائحة مُلتبسة، تصيب فرداً واحداً في كل هذا العالم. جرثومةٌ وحيدةٌ ناقمة، تصيب فرداً واحداً من بين كل سكان العالم. ليس سوء الطالع وحده هو الذي رمي بي هنا. كنت أتسكع داخل السوق العربي، ازدحام. ومداهمات شرطة النظام العام. رجال مسلحون ببنادقٍ قصيرةٍ وعصيّ مكهربة تحنق عليك بلمسة، وسرعان ما تكون وجوه كثيرة منكفئة عليك. أخذوني لخيمة النظام العام. كانت ملابسي رثة و لغتي مهذبة، وأختار ألفاظي بعناية، وأعتقد أنني أملك قليلاً من الوعي، لمعرفة حقوقي. اتهموني. كان هناك مذهب واحدٌ للإدانة، كنت أحضر لصديقي (فريد) في منتصف السوق. يضع لي مقعداً، أجلس عليه طوال اليوم، أُفكر في القدر الذي مضى، والقدر الذي سيجيء. وفي آخر اليوم ينفحني مئتي جنيه، أذهب للمبيت عند أقاربي في حي السامراب بأقاصي الخرطوم بحري . مرت شهور سِتّ وأنا على هذا الحال. خريج على أعتاب المعاش. أحضر إلى السوق صباحاً. أجّد الكُرسي الذي أجلس عليه يومياً خالياً. يدعوني لتناول الإفطار، فول بالزيت وآخر النهار مئتا جنيه، للعودة بها في صباح اليوم التالي. مائة وثمانون يوماً، أتذكرها يوماً يوما. الوقت ضحى، استسغت حالة المعاش الإجباري التي أنا عليها. اتصلت على وليد المهندس صديق أخي الكبير، في أمر ما. رد لي: تعال الآن، لا تتأخر هناك فرصة عمل في شركة، ووالدي أحد المساهمين فيها. عملت بها. تخلى والد صديقي عن الشركة بعد مدة. وهكذا بقيت معهم حتى مرّت خمّسُ سّنوات. لم يتحقّق لي فيها شيء. كيّف مرّت كل تلك السنوات؟ لست أدري. لم أعد أشعر بشيء، غريب هذا الكائن الذي إسمه أنا! أتضجّر، وأفكر أن أدع هذا العمل المرهق الذي ليس من ورائه طائل. كل يوم أقرر أن لا أعود إلى تلك الشركة، وفي صباح اليوم التالى أجِدنِي محشّوراً بين ركاب داخل حافلة عملاقة. روائح الركاب عند الصبح مُقيتة جداً. جُنود عائِدون من نوبةِ حراسه، أفواههم تَورّدت من سُخونة مشّروب العرّق، وبائعات فول وحب البطيخ، وبائعات كِسّرة. وطلاب مدارس ركبوا السيارة، دون أن يغسلوا أعينهم. رمد على وجه أحدهم. هل يسعفه الزمن ليعيش ثلاثين عاماً وسط هذه الفاقة والعوز؟ أعود محملاً بكمية من صبر خرافي. لا أحد يدعو لي بالتوفيق!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 12:39 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 12:54 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 12:59 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | خضر الطيب | 08-30-19, 12:55 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 01:02 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 01:07 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 01:11 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 01:25 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 01:53 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 02:07 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | جمال ود القوز | 08-30-19, 02:49 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 03:12 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 03:14 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-30-19, 04:01 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | نعمات عماد | 08-30-19, 05:02 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 08-31-19, 12:53 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-01-19, 10:49 AM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-05-19, 04:10 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | النذير بيرو | 09-06-19, 07:58 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-18-19, 02:54 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-18-19, 03:16 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | تماضر الطاهر | 09-18-19, 03:39 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | عمار عبدالله عبدالرحمن | 09-18-19, 09:26 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-21-19, 03:50 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-21-19, 03:48 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | Biraima M Adam | 09-22-19, 03:32 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 09-23-19, 05:00 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | عمر التاج | 09-23-19, 08:42 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 10-07-19, 03:24 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 10-07-19, 03:40 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | adil amin | 10-08-19, 04:07 AM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | Ahmed Yassin | 10-08-19, 04:42 AM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 10-21-19, 01:51 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 11-14-19, 05:01 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 10-21-19, 01:52 PM |
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار | mustafa bashar | 12-07-19, 12:36 PM |
|
تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook
|
|