رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 08:07 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-18-2019, 03:16 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)



    18 حال يتبدل بين فينة وأخرى. الوقت ظهيرة، الشجر متوقف بلا حراك، مرسوماً كاللوحات على فضائه السقيم، لا يهزّهز أي غُصنٍ فيه ولا يميد. جاءني خاطرٌ كالطفل، جاس حولّي، وتسلّقني حتى ارتقى إلى أنفي، حَاول أن يُدخِل أصّبعيه بفتحتي منخريّ. عطسّتُ عطسةً قويةً، دار رأسي حول رقبتي، نظّارتي زحفت مُبتعدة من بين أذنيّ وأمام عينيّ. دار حولي كمن يدور حول مبنى عتيق، ومُسّتدير البناء، رفّع عُيونه ليتسلّق بنظرهِ، أعلى قمة في جسدي الفارع، مرّ بعيونِه الحارقة المؤتلقة على أخاديد وجهي، وفَطس أنفي، وجبيني البارد. حدّق في ياقة قميصي المخطط، شبيه بجلد حمار وحشّي، بتخطيطات مُتماوِجَة، عاين في جيبي كانت به أوراق صغّيرة، وقِطعة معدنية. إحدى الوريقات مطبقة في شكل مثلثات صغيرة، وتحمّل شّكل شُراع لمركبٍ نيلي، احتفظتُ بها لزمنٍ طويل، لكي تكون طريّة ومُتماسّكة، خطّ بها شيخي عبدالرحيم البرعي بعد أن رمقني طويلاً، وحرك سبابته في شكل توقيع مهّر به على باطن كفّي الأيمّن، والثانية كانت عبارة عن قطعة فضية من فئة الخمس فرنكات عليه صورة الملكة (ماريا تيريزا)، احتفظتُ بها عندما دخلت غُرفة جدتي المُتوفية. قبل زمن طويل يزيد عن العشّر سنوات ونيف، كنت أنقب بين أشياءها، ودائماً ما كانت أمي تنتهرني، كلما رأتني أدور حوّل غُرفة الجّدة، مزيجٌ غريبٌ بين سجاد عجمي وعِصي من البامبو سهل التطويع، تّم تشّكيله على هيئة أنصّاف دوائر لترتاح على ظّهر كراسٍ كبيرة الحجم، بينما في هذا الوضع تكون الأرجل مرفوعة. مغّلف كرتون لعطرٍ غريب وغامض، يتمّدد في أعلى الفراغ الذي يكون أسّفله سّريرها الخشبيّ، لم يتسّن على ما أعتقد لشخصٍ أن يرقدَ على سريرِ الجدة، منذ أن كانت زوجة لجدي المرحوم، لأن السرير كان يصدر صريراً غريباً، ولا يمكن أن يكون يصدر عن جسم خشبي، لأن ما كنت أسمعه احتكاكاً معدنياً، وحشّرجات مُوحِشة. يجبرني الصّوت لأن أحتمي بأُمِي، التي كانت ترّى زعراً يرّتسم على عِيوني الضيّقة، وفي أسّئلة استخبارية عما إذا كُنت قد مررتُ جوار غرفة الجدة. لُذت بالصمتِ، تستحثني على الرّد بالإيجاب. نلت بعدها علقة بالكرباجِ، تمددّت بعدها لأيام في السّرير، وهي سانحة وسبب أكثّر وجاهة لعدم ذِهابي إلى المدرسّة، التي كُنت أمُقتها. أتت لي بالحليب في سريري، مع خُبز مغمُوس في سّمنٍ نباتي. وأنا في حالة تفكير دائم لمعرفة السّبب الذي يجعّل أمِي تمنعني دخول هذه الغرفة. في إحدى المرات سّمعت طرقاً، وإيقاع (مردوم) يأتي من داخلها، زحفّت على بطني بعد أن اسّتلقيت على الأرض. مررت أسفل سريرها، توقّفتُ قليلاً حتى سمِعت انتظام تنفُسها أدركت أنها في نِومٍ ثقيلٍ، على غير العادة نامت مُبكراً اليوم، ولم تُغلق الباب الداخلي، وأبي لم يعُد من السّفر، خالي يرقد في الفناء الآخر، خلف غرفة نوم أمي، التي نحن الآن نرقد في الفناء أمامها. للوهلة الأولى التي سنحت لي في التسلل لغرفة الجدة، لم أنم لعدة أيام. في تلك الليلة جاءتني الجدة مُتوّعدة تحمل سّوطاً له لِسانين طويلين رفعتّه إلى أعلى، وقد إحمرت عيناها. نزل السّوط على جسدي الغض شو، جو. صرخت، خرج من فمي هواء لا صوت فيه. لا حول ولا قوة إلا بالله. المساء يُجّن هنا، ويُجنن الراقدون على ظلِ الحائطِ المبتّل، بعطر جدتي. زحفت من تحت سرير أمي، وابتعّدت إلى الجانب الآخر، حاولت أن أرفع جِسّمي إلى أعلى كما يفّعل ضّب صّخري. أدِرتُ نظري ناحية أمي ما زالت راقدة. خالي متناوماً وليس له اهتمام والدتي في الاحتفاظ بالغرفة مُغلقة. عاينت في اتجاه النافذة. لمست حائطها. انزلّقت يدي. غرفة حائطها مبتل دائماً، وتصنع سراباً، كلما انعكس عليها ضوء القمر. أرسلت نظري خلال النافذة المغلّقة. علا صوت دفء، تسارع إيقاع (التُم تُم). الأرض يجيئها اهتزاز متباطئ من بعيد، تَحرّكت من تحت جسّدي المُرتعِش. حُمى تحمِل جسّدي وتُلقيه أمام سّرير أمي مُباشرة. بزعرٍ شديدٍ أُحَاول أن أكون هادئاً، رُغم التحّول المفاجيء الذي حملني من مكانٍ إلى مكان. أرقبها ما زالت نائمة. زحفتُ تحّت سّريرها ذو الحِبال المتدلّية، صَنعت على ظهري خيطاً من خدر شفيف. أزحف وأزيد إيقاع الزحف. تخطيتُ منطِقة الأزمة. ألصق وجهي بالنافذة. غشاوة رمادية وضب يكمُن يترصّد حشّرة عابرة. أرتعِد سّريعاً. يزول ارتِعادي. ضبٌ فقط ليس غير. أرجع بوجهي إلى النقطة الأولى. الرائحة الغريبة تترصد أنفي المدسّوس على سّياج النافذة الخارجي. أُحرِك وجهي إلى الوراء. صوت راديو يأتي من بعيد يُعلّن أن الساعة الثانية صباحاً في إذاعة أم درمان. ما زالت المدينة صاحية، وضبّها يتلصّص على الشقوق. السّادة السّمانية ذِكِرهُم لا ينام. صّوت دُفٍ يأتي من بعيد يتداخل مع إيقاع التُم تُم المتوقّد في الحُجرة. (إبلي المشَرّفات، وسِمِهِن فاخر، ينفّعني، درهِن ّ في اليوم الآخر). تسّرب دُخان من مَبخر يتوسّط الغرفة. هَيكل غَريب الشّكل يحاول النزول عدة مرات ويفشّل. أيادي تُلاحقه بغرّض المُسّاعدة، ليتدلى فوق المبخّر. أجسام سّابحة في فضاء الغرفة. تبين وجوهاً تشبه وجه جدتي وصديقتها (زهرة برهوم). أصوات عدة لبشر وشياه، ومواء لقطط تَصّتك أسنانها، تُنادي خَليلها لجلسةِ سفاد. جعران يسّحب كُرّة من الروث تكبِره حجماً يمّر أمام الغرفة وتحت ضُوء القمّر. قِط يمشي بحذرٍ على حافةِ الحائط المُقابل. يكمّن. يُبطيء حركته مترصداً شيئاً لا أراه أثناء التصاق وجهي بالنافذة. أُحَاوّل أن أستجمّع نظري لما يدور بداخل الغُرفة. أختلس النظّر إلى سّرير أمي المتكومة في نوم عميق. أنا خائف في الحالتين، من أن تطالني يد من داخل الغرفة المتوفذة بالأشباح الغريبة، وسخّط والدتي التي لا تريدني أن أقترب من غرفة أمها. احتراق لبخور ذو رائحة مفرحة في ليل واجف. ريح تعصف بالفراغ. أفقد التماسك مع الحائط المبتل. يا شيخي آب عاقلة، يا برعي القوم. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثمة شيء يسحبني على قفاي. يجُرني إلى الخلف على كعبيّ رجليّ. يداي متهدلتان. أحِس بنبضٍ غريبٍ وتعرُّق في باطن كفيّ. وانحلال لمفاصلي ورغبة حثيثة في القيء. وطعم مُّر في حلقي، لا أدري هو داخل أم خارج من معدتي. أتحسّس حافّة السّرير الذي أرقُد عليه. ألمس ملاءة ناعمة، ووسّادة مُريحة. أنا في سريري، من الذي أحضرني إلى هنا؟ كُنت قريباً من النافذة. من الذي جاء بي إلى فراشي؟ ما استشعرتُ شيئاً. حمّى تجتاحني من أخمّص قدمي، تأتي على شكل مويجات مثل مّد الدميرة. غبت زماناً طويلاً جداً لا أدرى كم مدته، عندما أفقت، وجدت جسدي مبللاً بالعرق. والدتي تضع ضمادة باردة على جبيني. ابتسمت لها، ظننت أن ذلك سيُخفف عليّ شِدة العقوبة. عرقٌ غزيرٌ، انفرّز بعد موجة حمى عاصفة. ضوء تسلل من بين فرجات نافذة مُغلقة، يدخل ضوء ذو أشعة مذهبة ومتقاطعة أمام عينّي، وبالكاد تجتمع عند النقطة التي تنّصف المسافة بين عينيّ، استدرت على جانبي الأيمن، ألم في جسمي يتخذ من الجهة اليسرى مقراً له. يا ساري الليل، أنت تقف في مكان لا أرض تحتك، ولا سماء فوقك. لقد أطِلت غيابك. تُحدق ناحية البحر والنيل استحال إلى ثعبان مقدس. رمال عابثة، وطين أخرق. وليال ما عادت إليك باسترشاد مصباحك الواهم، ثيابك خضرٌ وزرقٌ لا يهم. أي موجة تعتلي.








                  

العنوان الكاتب Date
رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:39 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:54 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:59 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار خضر الطيب08-30-19, 12:55 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:02 PM
      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:07 PM
        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:11 PM
          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:25 PM
            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:53 PM
              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 02:07 PM
                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار جمال ود القوز08-30-19, 02:49 PM
                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:12 PM
                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:14 PM
                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 04:01 PM
                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار نعمات عماد08-30-19, 05:02 PM
                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-31-19, 12:53 PM
                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-01-19, 10:49 AM
                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-05-19, 04:10 PM
                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار النذير بيرو09-06-19, 07:58 PM
                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 02:54 PM
                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 03:16 PM
                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار تماضر الطاهر09-18-19, 03:39 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمار عبدالله عبدالرحمن09-18-19, 09:26 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:50 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:48 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Biraima M Adam09-22-19, 03:32 PM
                                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-23-19, 05:00 PM
                                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمر التاج09-23-19, 08:42 PM
                                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:24 PM
                                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:40 PM
                                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار adil amin10-08-19, 04:07 AM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Ahmed Yassin10-08-19, 04:42 AM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:51 PM
                                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar11-14-19, 05:01 PM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:52 PM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar12-07-19, 12:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de