رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-09-2024, 04:06 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2019م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-30-2019, 12:54 PM

mustafa bashar
<amustafa bashar
تاريخ التسجيل: 10-16-2007
مجموع المشاركات: 1145

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار (Re: mustafa bashar)

    2
    نشأتُ في قريةٍ على خط السّكة الحديد. صهد وصيف لا ينتهي. كنا نشرب من برك تمتليء في الخريف، بيوتنا كانت أكواخ متهالكة من القش، وأغنانا يمتلك كوخاً من الطين، محدودة العدد والعتاد. يربط بيننا صلة قرابة، موعد مع الفاقة لاينتهي. لكنهم لا يضجرون. ولا ينوون المغادرة إلى أقرب مدينة ليسكنوا على هامشها، على الأقل. ماذا تقول لأناس يعانون من العطش على مدار العام، ولا يودون الرحيل حيث يتوفر الماء. كان النيل على مسّافة سبعُون كيلومتراً فقط. إعُجوبة صنعها خيال الساكنين، ثم مضوا عليها، بأن قريتهم في يوم ما من التاريخ، كانت مركزاً تجاريا، إضافة لمحطة القطار. التي كانت تضج بمختلف المسافرين، من جهات عديدة. ومنها انِتقلتُ للعاصمة في حي عشوائي، خفتت الأصوات، وهجد كل كائن وأسترخى. قيلولة قائظة. أصوات عربات بعيدة تطوي الطريق المسفلت. الكهرباء لم تصّل إلى منازل الحي العشوائي، لا حلول تلوح في الأفق، ولا معجزة ستحل بهذا البوار. ورغمه ستمضى الليلة على أحسن تقويم، فالبلد على حالها. دوامات غبار لم تخف. حكومة رفعت الدعم عن السلع، تضاعف سعر الأدوية المنقذة للحياة. سُكان الحي، شيع من مناطق مختلفة، تاريخه قديم. عُدّة بيوت، نوافذ خليعة، أبواب من الصفيح، أو من خشب شجر الهجليج. مثل عِهّر قديم، يعتاشُ على النزوهِ. ومُكونات الحِساء، لا تُسمن رغبة الجائع. في البدء كان حياً عشوائيا، وامتد فبلغ ولاية الخرطوم. هكذا تمضي بنا حياتنا. تسكن أولاً، ثم تأتي جرافة تحّطِم ما بنيت، وتَهيل التُرّاب على حلمٍ شيدّتُه. لكن، ما يهم هو أني التزمت نقمتي على من جاءوها بليل. أسأل الليل. لعل الماء يختاط الجروح، ويكف نزفي. لحالمين أو حيارى يترقبون ما يخبئه الغد. أتقلب في سريري. شيء ما يغلق كل منافذ النفس والجسد، ويفتح طاقة العناء. لم يكن هناك سوى منزلاً واحداً، وكذلك على يساره، على بعد نصف كيلومتر من الطريق المسفلت. كنت أظن أن مشكلتي الوحيدة كيف أسكن، أو كيف أُأسس مكاناً لأعود إليه عند المغيب. فبعد أن شيّدت منزلاً في أرض عشواء، زادت المخاطر أكثر من ذي قبل، لأن التهديد بالإزالة ماثل أمام عينيّ، كان خوفنا أكبر، وقلقنا أشد، وخيبتنا بادية. كانوا يدهمون بيوتنا، صباح مساء، يأخذون منّا الجنود، ويبخِلون علينا بالخدماتِ.
    ومن هناك ألمّح الخُرُطوم على الضفة الشرقية، غاوية لا تلوي على شيء سوى ذكرى ماجنة، وبقايا دخان مجنزرات تجوب الأحياء. صبية يلعبون بكرة مصنوعة من قماش مهتريء وجوارب قديمة، بالقرب من مبنى مركز صحي متهالك. الصحراء والسراب البعيد. والبنايات تقوم على استحياء. أنقاض يتعثر بها العابرون للجهة الأخرى. بقالات بقدور من الألمون تغلي في شارع مُترّب، وتُغطي فوهاتها الطافحه بالبخار أكياس بلاستيكية سميكة، تُضاعِف لعنة التبخير في الإناء. يلمح معها آماله المتضائلة كلما توغّل الزمن. عاصمة تتلفع بالسّخط والازدراء. أجدني غير مرحب بي حتى في قنوات المجاري. مشردون يعيشون داخلها في نعيم. السعادة أن تقنع نفسك أنك تعيشها مختاراً، وبكامل إرادتك. أنا نهضت بحلمي ووعيي، لكن من يلفت الغوغاء، بأن الميعاد آت والأرض للأنقياء، ومزمني الجوع، حين تخطتهم رحمة أولى القربى. إضاءات بعيدة، تطلقها مصابيح صغيرة، أغرقوا سكون الليل، ناحوا على طلل الرغيف. في أحداقنا صدئت رعونة الأشياء، شاخت. لا اللون يفصح عن جسارة صمتنا، ولا أسارير الصباح الماجنة. وتصاوير الأغاني، تردد الصدى الملحاح، من لمع سراب.
    الكل يخرج صباحاً متوجهاً إلى الخرطوم، ضجيج. وازدحام، يبحث عن الرزق ويعود بعد المغيب، مكدوداً مثل طائر. إستراح من طرقات صاحبة المنزل السابق، في منتصف الشهر وفي آخره. تراخت الأعصاب تماماً، ما عاد يزعج الإ السكون نفسه! ليل عالق بأفخاذ طرية. همّه يتجاوز اهتِزازات الأسرّة التي لا يشّغلها شيء، سوى أن تفصح عن رعشةٍ كاذبةٍ، ونزوة منقوصة. ليل يمضي خلف أستاره الداكنه. شّرعية يضفيها من يمعِنون في محدودية الرؤية، ويخنِقون اللّيل من حلقومه.
    تبدّى في التلة. ارتفع صوته. يارب أني أسأل من المستفيد من عذابي في الدنيا؟ أهم الناس العاديون. الشياطين الآخرون. الجن. ملائكة ناشزون؟ بلغ بي الحال درجة من ال################. الأسى يُصاحب الإحباط. يتأبطان ذراعيّ بعضهما، يتجهان نحوي. وأنا، لا أنا. لا أملك إلا أن أصطحبهما في رحلتي العاطلة، وكسادي اللعين. حاولت محاولات البشر العاديين. جنون الأبالسة. سكينة الملائكة. لكن ما عادني من المحاولات سوى مزيد من التآكل، النخر في العزيمة. استمر الطالع وسوءه. وأنا كما أنا. لم يزد عندي الأمل خطوة. ولا خطت عبراتي نحو الجنون أي مسرى. تافهون جداً بعض أولئك الناس. لا يفقهون شيئاً، يتمشدقون بحرية الكلام. إيماءات بدعوى الفهم. المعرفة راكدة في كتب، مستندة على الأرفف. الربيع يأتي ويرحل. الألم يغطي البدن ويسكن. الدماء تمددت في الشوارع. الأغطية لا تكفي لبرد هذا الشتاء. كان رخيصاً لو يلقوا بك إلى الشارع. بارك الرب في أجهزة الإعلام، وحدها هى التي تدافع دون إراقة دماء! بينك وبين نفسك. وبين نفسك ونفسك. نفسك وروحك. بين جسمك وعقلك. فراغات كبيرة تبدو، بطول فترة العذاب.
    يصيخ بسمعه لشقشقة عصافير، وصغار جاره يلعبون، وصوت وابور بعيد يتكتك. وريح تعصف بأغطية النوافذ من قماش (التيل). غمامتان ظللتا وجهه. يرتد طرفه بذكرى والديه اللذين رحلا دونما استئذان. ماذا لو كانا معنا الآن في هذا المنزل الذي بلا هوية؟ حتماً سيتربصان باليقين الذي يعفيهما من تنبيهي، عن قرب موعد دفع الإيجار! تجاوز عمره منتصف الثلاثين. إخوته تمردوا عليه بحجة إن هذا الحي لا يناسبهم. يبدأ الحلم سراباً، ثم يكبّر. أشباحاً متماوجة، مثل نُسّوة عجزى من وراء زجاج مبّتل، يَجررنّ أرجُلهنّ ناحية سوق شعبي. يا سَاري الليل. هذا الشيء ليس بجديد. لم يمر بعندي صدفة، لكن يبدو أن ظروفاً مختلفة تضافرت، لتجعل الأمور بهذا السوء.
    يأتي لمكتبه مبكراً. شركة غريبة الأطوار، لا يبدأ موظفوها في التجمع إلاّ بعد الساعة العاشرة صباحاً، المدير ومناديب الإعلان كلهم مناديب. مدير يلغي خلفه كل مسمى وظيفي، ويبحث مع عماله عن زيادة رزق. قرار المدير ليس بيده. شركاء أنيقون. يتوقف المدير دوماً. ينتظر مكالمة من الخارج. أناس مختلفون وعُملة مختلفة. وقارة مختلفة. يمر يوم، ويوم آخر. أسبوع يمضي، ترتفع الأسعار. تهبط. تحدث وفرة في العرض، يقل الطلب، ثم يردون على هاتفه الأسود، الجاثم كالغراب على منضدة رمادية: يمكنك أن تشتري الآن، ماذا سيشتري بعد ذلك؟ تختلف التواقيت، تتثاقل الرؤيا. فجأة يقفز إلى ذهنه سؤال، يدلّف لمكتب المُدّير، يرد بحضور كامل: "مرتبك ميتين وخمسين ألف جنيه". وكأنه يدري ذلك الرد سلفاً: (طبعا يا ريس، أنت قلت ستزيد لي راتبي الشهري).
    - (الرأي عند أهل الشركة. عندما يرضون عنكم، سيزداد الراتب).
    - (يا سيدي، أنت تعلم تماماً أننا نعمل بكل جهدنا. ذلك النعيم الذي تعيشه الشركة كله من إنتاجنا، وفوق أكتافنا).
    يبدأ دولاب العمل. يسرع المناديب في تحصيل أموال الشركة من العملاء. تتقاطر النقود، ويزيد الرصيد. يبعث المدير المال إلى الشركاء في الخارج.
    -(ياريس هناك راتب أربعة أشهر لم أستلمه).
    -(انتظر قليلاً).
    - لن أستطيع الانتظار أكثر، ها أنذا أعمل كما يعمل الجن، وتقولون ليس هناك نقود، أين المشكلة ؟
    - (ننتظر أصحاب الشركة ليرسلوا لكم المرتب من الخارج).
    يبدأ النهار بالمغادرة. يمضي المدير وصديقه الضابط المُتقاعِد. يبقى المناديب. مندوبة تتعّلل بالمرض. أغلق عليّ مكتبي، أخلّع قميصي. يتجهم حولي المكان. ينغلق من حولي كل شي، كأنه لم يبق في الدنيا إلاَّ أسفي. ينادي على البقال، المجاور للمكتب. (يا سيف الدين، بالله أجلب لي قنينة بيبسي كبيرة. هل عندك حلاوة طحنية)؟ يأتي بها في يديه المتسختان، من آثار جوال الفحم النباتي، الذي أفرغه أمام قدر الفول المصري الضخم. يزدردها على مضض.
    في منتصف الظهيره، يقل المشّترون من البقاله. يقوم بالشُّربِ من الحليبِ الذي تمت تعبئته في الزجاجات، يوازن بين كل قنينة وأخري، حتى يتساوى إرتفاع السائل فيها. انتهّرته فلم يلق بالاً عليّ، كانت هي عادته إذا أراد أن ينقص الحليب من القناني، فأنه يشربه من فوهتها مباشرة، وبعد ذلك يضعها في رف الثلاجه، ويبيعها كأن شيئا لم يكن. أقسّمت مرة بأن أستدعِ ضابط الصحة، وأحيطه بالأمر، لكني لم أر مسؤولاً يمر من هذا الشارع، رغم إنه جوار المطار الدولي. بعد فترة من الزمن فترت همتي، وعدت أشتري منه الحليب .
    جاءت منسحبة: تعالي يا هذه. ليس هناك وعود، وهدف أو قضية. من ناحية رجليّ أو على امتدادِ قامتي. يضغط عليّ إبهام قدمي اليسرى. لم أعد أفزع. ساري الليل* زميلي ورفيقي، وكاتم سِري، ومُعترض طريق قوافلِي، وكاشّف سِر حكُومتي، وقابضٌ على طرف حكاياتي وساكن غُرفتي، وقاضِي محكمتِي. تعال إلى الفلّات. القمّر في منزلةِ المحّاق. حالتك لا أمل فيها، إن نّمت أو صحوت. ريثما تأتيك الحِكمة بغتة، وأنت لا تشّعُر. حقيقة صرت لا أشّعُر يا ساري الليل. قادوُني إلى المشّرب. فتيات يرقصن بكامل عريهنّ، صدورهنّ كانت تهتز اهتزازاً مريعاً. جمال يتماهى مع سُحب دخان. لم أعد أحِنّ إلى شيء. ولاعاد هناك ما يُؤرقني. ليس هناك ما أخَافه. ليس معِي نقود. ليس أمامِي قوافِل محمّلة بالثيابِ والرياشِ أو التمر أو التوابل. شّيطِن لحظتي ثم أغُرب عن وجهي! عاد بِي لمكتبِي الكائن قُبالة شَارع مُطّل على المطار الدولي. أغلقت بابي الخارجيّ. فُتحَتُ نافذةً على جسدٍ أسمرٍ وأبنوسي. يداي كانتا تزحفان ببطء وترتجفان من المفاجأة. مثل جُندي حاصرته القذائف داخل خندق وحيد. وبدّفء الجِرّاح التي كانت تنزف. استّغواني الدمُ. غطَّى على النافذة التي فَتحّتُها. جسدٌ مثل لغة مُعاصرة وراسخة. كان الحوار صريحاً، لغة ليس فيها مترادفات للكلمة الواحدةُ. سُمرة حافظت على نفس لون السّتارة قُبالتي. ضغّطتها على الحائط. ضغّطتني على الباب. لا يهُّم. ريح عابرة شهدت دونما إستئذان.
    وأنا بحالتي الراهنة خال من أي عطر أو رائحة. أسناني باقية باكتمال فرص الشواء، التي يدعونني لها. شعري لم يتبق منه إلاّ القليل. يعاف الدهن، غزاه الشيب. تجاعيد سكنت وجهي وجبيني وخديّ. حالي انعكاس لحالتك يا ساري الليل. شيّطان يدعوني في آخر لحظة للنعاس. يدعوني للالتفاف. فاق من إطراقته التي امتدت زمناً. أسعفني هبوب نسيم مار. أفلت من قيلولة قائظة. قلت: مرّ وقت طويل لم نرتشف فيه شيئاً. متوقدة، من آخر مرة اختلينا فيها معا. تغنج : (والله لا أفهم هذا الكلام الذي تقوله، سريع وخلصنا).
    فجأة... استيقّظت كالغافل. شيئان يتناغمان، يتداخلان كعقارب سّاعة في المنتصف. صوت يأتي خافتاً ومسّتسلماً ومُتوسلاً. بكل ما أستطعت. المزيد عِندي ولك الرغبة الأولى. المزّيج عِندي. القافلة تتقدم وتتاخر. أنا لا أملك إلا ما وعدتك به. وأظنني أحتّاج أن أعرف ما أحببته فيّ. تبرُق برسائلٍ شافهةٍ. أسرار جسّد وقُبلّة. سّر اشّتهاء. سأضُمك عندي. متوحدان في صالة رقص. سرّت بجسّدي قشعريرة واجفة. تُخاتلني بنافذتِي. لا يقّدر الوقت أن يسّد فجوة ماثلة في الفراغ أمامي. شبحي أم أشباح غيري عبرت النافذة، ومدت ألسنتها. هجست في المدى. أي حلم كان قبل هذا الوقت، يوده النسيم، ويلقيه في أحضان كدرة غشيت ليل واجف.
    جذبتني إليها. حاصرتني. جردتني دون غطاء. مسحتني من خجلي. أقف بطول قامتي، وبعدها تحررني من خاتمي. هذه وصية أمي. دعك من الوصايا، فالتي حدثونا عنها كانت عشرة وصايا. ما زاد على ذلك فهو من فِقّه التَخّدير.
    صحت فيها. أفعلي فعلتك. فأنا لم أبلغ الحلم، الذي يجعلني أصد الريح، وألعن الحظوظ العاثرة. كانت خطوط الطول والعرض تلتقي في ثنيات عميقة. أشهق بحدةٍ، لا صوت لي، لا أحد يعيد لي نزوة سابقة. لا أحد يجمع عطري المبعثر في الأنحاء. لكن هذه المرة عِشّت الأدوار كلها . بطولة سَمّراء عضّت على الأنامل! الله ،الله. أنِطّقها. مُمّتلئة كأصابع الموز. الذاكرة لم تسعفنِ في أن أتامّلها أو أنَطقها. هكذا ثم أستلقت على قفاها. مكتبي كان يجاور شارعاً عريضاً، وضجيجاً قاتلاً. قهقّهت في وجهي. جرحتني دون شَفّرة. مشّت عليها أرتال من النمل، وجيوشاً من النزوة المُستكِّنة. كان على الجانب الآخر من النزوة تعاريجَ وثنيات، وكتلاً متوائمة مع لون الإسكيرت الرمادي. مدت يدها ولامست رجلى. في تلك الأثناء كانت هناك طائرة تحّومّ فوق المبنى، بضجيجها العالي، تُحاول الهُبوط على المدرّج. ضاعت علينا شهقاتٌ، مع أزيز الهُبوط.
    تتوقف حياة المرء على الأمل، هو الوحيد الذي يملك الوسّيلة التي تجعلنا ننتظر إلى الغد. لا تملك غيره. مُرتّب شّهري لا يكفي احتياجك، دعّك عن إخوتك. نحن هُنا نعيش كأسرة مُمتدة بها عمّ وخال وإخوة وأخوات. نلتّفُ حول مائدة طعام. لا يهم هل هذا الطعام وافر البروتين أو الفيتامين. نُدُّخِل أيادينا مجتمعة، ونرفعها لأفواهنا، دفعة واحدة، وعندما تفرغ الصُحون، نغسل أيادينا، ثم نُلحِق هذا الدقيق المبّتل بكوب ماء، ونقول الحمد لله، ثم يقوم كل منا إلى حاله.
    لا أدري ما الذي يجعلني حريصاً على القدوم يومياً إلى هذا المكان الكئيب. يمكن أن يوفر لي وجبة من مداعبة. ولكن من أين ستمتليء البُطون التي تتحرك بها الرّغبة؟ هذا المكان صار مملاً عندي. عندما يخرج الموظفون. أغلق الباب خلفي وأخلع قميصي، وأندب حظي. يترقرق الدمع في عينيّ. أنا الذي جاء إلى هنا ولم يُسّم الراتب الذي يعمل به. عرفت أنه عمل، وانشغلت به عن طنين كان يصك أذني. الحاجة إلى العمل! صحيح كنت ناقماً على نفسي وروحي، وتراكم رهق السنين فجأة في ملامحي، وأضاف إلى ملامح وجهي المغصن أصلاً، مزيداً من التجاعيد. في منتصف الثلاثينيات من العمر، لكن بهموم رجل ستيني خطى إلى المعاش بمشيئة، لا يعرف كيف قادته إلى النهاية سريعاً. ودون أن يحّسب لها. ومطبات الحياة تعترض طريقه كل يوم عشرات المرات.








                  

العنوان الكاتب Date
رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:39 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:54 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 12:59 PM
  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار خضر الطيب08-30-19, 12:55 PM
    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:02 PM
      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:07 PM
        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:11 PM
          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:25 PM
            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 01:53 PM
              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 02:07 PM
                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار جمال ود القوز08-30-19, 02:49 PM
                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:12 PM
                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 03:14 PM
                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-30-19, 04:01 PM
                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار نعمات عماد08-30-19, 05:02 PM
                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar08-31-19, 12:53 PM
                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-01-19, 10:49 AM
                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-05-19, 04:10 PM
                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار النذير بيرو09-06-19, 07:58 PM
                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 02:54 PM
                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-18-19, 03:16 PM
                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار تماضر الطاهر09-18-19, 03:39 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمار عبدالله عبدالرحمن09-18-19, 09:26 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:50 PM
                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-21-19, 03:48 PM
                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Biraima M Adam09-22-19, 03:32 PM
                                            Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar09-23-19, 05:00 PM
                                              Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار عمر التاج09-23-19, 08:42 PM
                                                Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:24 PM
                                                  Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-07-19, 03:40 PM
                                                    Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار adil amin10-08-19, 04:07 AM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار Ahmed Yassin10-08-19, 04:42 AM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:51 PM
                                                          Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar11-14-19, 05:01 PM
                                                      Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar10-21-19, 01:52 PM
                                                        Re: رواية( عشب لخيول الجنجويد) مصطفى بشار mustafa bashar12-07-19, 12:36 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de