(3) سار موسى عليه السلام بأهله نحو مصر حتى وصلها ليلًا وكان هارون عليه السلام يومئذ غائبًا بمصر، فأوحى الله تعالى إليه أن يلتقى أخاه موسى ويخبره أنه قد جعله وزيرًا له ورسولًا معه، والتقى هارون موسى فلما اجتمعا قال موسى لأخيه هارون: إن الله أمرنى أن أتى فرعون فسألته أن يجعلك معى فانطلق معى إليه، وانطلق موسى وهارون عليهما السلام إلى قصر فرعون ليلًا، وطلب موسى من البواب أن يأذن له بالدخول على فرعون.
سأل البواب موسى: وماذا أقول لفرعون؟ أجابه موسى: قل له جاءك رسول رب العالمين، ففزع البواب من كلام موسى ودخل على فرعون مرعوبًا وقال له: إن بالباب إنسانًا مجنونًا يزعم أنه رسول رب العالمين، فأخذت فرعون رعدة وهيبة وأمر بوابه بإدخاله مع أخيه، فلما دخلا على فرعون فى قصره دَعَواه إلى عبادة الله وحده لا شريك له فى الألوهية والدخول فى دين الله و بلّغاه ما أرسلا به، وأن يفك أسر بنى إسرائيل من قبضته وقهره و سطوته و يتركهم يعبدون الله تعالى وحده ويتفرغون لعبادته، وهنا تكبّر فرعون فى نفسه وعتا وطغى وأخذته العزة بالإثم ونظر إلى موسى وهارون بعين الازدراء، وقال لهما: وهل يوجد إله غيري؟ولما تحقق فرعون من موسى وعلم أنه الذى تربى فى بيته وقصره ثم كان من أمره ما كان، قال لموسى:{قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِى فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قال فعلتُها إذًا وأناْ مِنَ الضَّالين* فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِى رَبِّى حُكْمًا وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُرْسَلِينَ}.
وأخذ فرعون يجادل موسى وجحد وجود الله الخالق الصانع وزعم أنه هو وحده الإله، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عما جرى بين نبيه موسى عليه السلام وفرعون من الجدال والمناظرة:{قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ*قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}.
بعد أن قامت الحجج على فرعون وانقطعت شبهه الألواهية ولم يبق له إلا العناد والتكبر عدل إلى استعمال سلطانه وجاهه وسطوته وجبروته، يقول الله تعالى حكاية عنه:{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِى لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُّبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ}.
لذلك خافه فرعون ووثب فزعًا، ثم أدخل موسى يده البيضاء فى جيبه وأخرجها فإذا هى بيضاء كالثلج لها نور يتلألأ ثم ردّها فعادت كما كانت بقدرة الله ومشيئته، ومع هذا كله لم يقتنع فرعون بشيء من ذلك بل استمر على كفره وطغيانه.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة