لقد كتب السودانيون و غيرهم كثيراً عن الحركات الاسلامية و قضية الشريعة الاسلامية المدّعاة و لا اعتقد ان هناك أمر جديد يمكن نياضافته سوي التذكير ببعض القضايا التي صاغها عمداً و تخطيطاً الاسلاميون في خضم حديثهم فيما يتعلق بشئون الشريعة الاسلامية ، لست من الذين يناقشون قضية الشريعة الاسلامية من منظور فقهي او ديني تخصص فيه الاسلاميون للدرجة التي جعلتهم يصرّون علي آن الشريعة الاسلامية يجب ان يتم تسجيلها كبراءة اختراع خاصة بهم و بالتالي ليس لأحد من البشر الحق في مناقشة أمرها طالما أنّه لا يتبع لتنظيماتهم الاسلامية ، و في مجمل استعراضي لحلقات برنامج شاهد علي العصر الذي اتاح فيه الاستاذ احمد منصور للراحل الدكتور حسن عبد الله الترابي الفرصة لتقديم شهادته علي العصر ، و في الجزء السادس اقتبس الاستاذ احمد منصور فقرة مكتوبة تخص الدكتور منصور خالد انتقد فيها قوانين الشريعة الاسلامية التي فرضها الرئيس الراحل جعفر نميري و التي كان لدكتور الترابي دوراً في صياغتها - و قد وضعني رد الدكتور حسن عبد الله الترابي علي تلك الفقرة امام صورة واضحة لفكرة براءة اختراع الشريعة التي يؤمن بها الاسلاميون ، إذ قال : ما هو باسلامي ليحدثنا عن الاسلام الحقيقي ، و كان يقصد بحديثه الدكتور منصور خالد ، الذي انتقد تلك القوانين ، و لو تمحّصنا في هذا الرد لوجدنا أن الدكتور حسن عبد الله الترابي و كأنه يقولها لنا بصراحة ، طالما أنّ الدكتور منصور خالد غير اسلامي فلا يحق له ان يتحدث عن الاسلام الحقيقي ، فهو لا يحق الحديث عنه الا للاسلاميين وحدهم دون سائر الخلق.من هذا المدخل و من مداخل اخري تتعلّق بواقع حياتنا اليومية أود أن أناقش هذه القضية التي طالما شغلت الناس و دون صبغ الأمر بصبغة فقهية اغلاقاً للباب امام اصحاب الحجج الجاهزة و الأقوال المنقولة شيخاً عن شيخ . اذ لا يهمّني ماذا قال الشيوخ و الفقهاء في امر الشريعة الاسلامية طالما أنّ هؤلاء الفقهاء لا يشرفون علي تطبيق ما قالوه بل يشرف علي تطبيقه و يجني ثماره اسلاميون معاصرون درسوا في نفس الخلاوي و المدارس و الجامعات التي درس فيها اغلب متعلّمو السودان ، و عملوا بنفس الوظائف بالدولة و أقاموا تنظيماتهم السياسية التي لا تختلف في جوهرها عن كل التنظيمات العقائدية الموجودة في هذا الكون ، فمن اين أتي هؤلاء الاسلاميون بفكرة ان الشريعة الاسلامية ليست سوي براءة اختراع تخصّهم وحدهم دون الآخرين ؟ و بالتالي ليس لأحد من الناس حق الحديث عنها ، و هم كما رأينا لا يختلفون عنّا في شئ سوي جراءتهم الفائقة في اعطاء انفسهم هذا الحق و حجبه عن الآخرين .
(عدل بواسطة وليد زمبركس on 05-17-2019, 11:10 PM) (عدل بواسطة وليد زمبركس on 05-17-2019, 11:24 PM) (عدل بواسطة وليد زمبركس on 05-18-2019, 11:44 PM)
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة