ربما لم يكن مفاجئاً للكثيرين إعلان إسرائيل نيتها إقامة قاعدة جوية في جنوب السودان،
فالعلاقات الإسرائيلية مع الحركة الشعبية ضاربة في القدم،
حيث تغلغلت الأصابع الصهيونية في الشطر الجنوبي منذ بداية الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب قبل أربعين عاما
فدربت، ومولت، وقدمت السلاح لتأجيج هذه الحرب من البداية إلى النهاية.
وكانت من أكثر الأطراف التي دفعت لتنفيذ الانفصال، واستطاعت أن تضغط على الإدارة الأمريكية لحسم ترددها فيما يتعلق بولادة دولة مستقلة في الجنوب..
وها هي اليوم تتحرك للحصول على أقصى ما يمكن من المكاسب بادئة بزرع القواعد العسكرية للوصول إلى الهدف الأبعد، وهو التموضع في قلب إفريقيا.
لقد ذهب الظن ببعضهم إلى أن انفصال جنوب السودان وتشكيل دولة مستقلة فيه سوف يريح السودانيين في الشمال والجنوب من وجع الرأس.
لكن مَنْ خطط لتنفيذ الانفصال وضع في حساباته أن ذلك ليس نهاية المطاف بالنسبة لمتاعب هذا البلد المترامي الأطراف الذي سموه إفريقيا المصغرة
بل يبدو أن الانفصال هو بداية سلسلة من المشكلات الداخلية الشائكة في الشطر الشمالي.
يحاولون من خلالها أن يصل ما أطلقوا عليه «الربيع الأفريقي» إلى شمال السودان
ليس بهدف أن يزدهر هذا الربيع ازدهارا وقوة وتقدماً للسودان
وإنما لنشر الفوضى في أرجائه
وتشجيع نزعات انفصالية جديدة في أقاليمه المختلفة
وإضعافه أمام دولة الجنوب الناشئة لتكون لها الكلمة الأولى على السودان كله مستقبلا.
وهكذا ما ان انتهت مراسم الاحتفال بالانفصال حتى اندلعت جملة من الصراعات الدموية دفعةً واحدة
في منطقة أيبي المتنازع عليها، وفي ولاية كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن استمرارها في ولايات دارفور الثلاث،
ويمكن تصور السيناريوهات المرسومة للسودان بعد انفصال الجنوب وفق ما يلي :
* الاستمرار في محاولات تقسيمه عبر تحريض الولايات المضطربة المشار إليها آنفا لتحذو حذو الجنوب في الانفصال، وإقامة دويلات مستقلة عن المركز، تشدّ السودان من أطرافه الأربعة حسب النظرية الأمريكية.
* تحريك الشارع والجامعات ضد النظام السوداني، وتحريض الأحزاب السياسية الكبرى على قيادة حركة الاحتجاجات والحراك الشعبي تحت شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» وبدأت أحزاب كبيرة يتزعمها عثمان الميرغني وحسن الترابي في هذا الاتجاه .
* توليد انفجارات شعبية داخلية نتيجة العقوبات والضغوط الاقتصادية الهائلة التي تؤدي إلى انهيار العملة المحلية، وارتفاع الأسعار، وانتشار البطالة وازدياد معدلات الفقر.
* تخريب علاقة السودان مع دول الجوار، اريتريا، أثيوبيا، تشاد وإعادة طرح موضوع اقتسام مياه النيل بين دول الحوض لخلق أزمة مع مصر والدول الأخرى وإبراز دور دولة الجنوب فيها تمهيداً لتمكينها من بيع جزء من حصتها من المياه إلى إسرائيل.
وأحسب أن عدداً كبيراً من متابعي الشأن السوداني يتفقون على أن انفصال الجنوب ما هو إلا مدخل لإغراق السودان بالفوضى والتقسيم
وتقويض الأبعاد الثلاثة التي يمثلها الأنموذج السوداني بالنسبة للعرب، وهي البعد الأفريقي والبعد الإسلامي والبعد العربي،
والتركيز على بعد واحد وهو أفرقة السودان أي أن يكون دولة افريقية صرفاً مقطوعة الروابط والانتماء بالأمة العربية والإسلامية..
وهذا هو مضمون طرح الحركة الشعبية حاكمة دولة الجنوب الآن القائم على بناء السودان الجديد الذي روّج له سابقا جون قرنق قائلا:
إن العرب طارئون على السودان وينطبق عليهم ما حصل مع عرب الأندلس الذين انتهوا بعد خمسة قرون من وصولهم إليها،
أي يجب تقليص الوجود العربي في السودان، وتغيير هويته.
العنوان
الكاتب
Date
العرب طارئون على السودان وينطبق عليهم ما حصل مع عرب الأندلس انتهوا بعد 8 قرون!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة