وكان الشهيد يعمل مديرا للمدرسة في تلكوك.. وما تلكوك؟ إنها محلية مرمية في ركن قصي على الحدود الشرقية، قرية من قرى المساكين، نسيتها الجغرافيا ومحتها ممسحة التاريخ من السطور.. تلكوك للموظف منهم؛ تعني ترَكوك، رموك في شدة الشدائد، ولتنتظر الخلاص. ومن سيحتملها؟ إلا ذوي العزم العظيم. تلكوك، زاوية مهملة من ولاية مهملة في دولة هملانة وهي من زمان وبالجملة، قد سلبوها الحرامية. أناس ولا أنس، كالأشباح، فقر وسل وجهل، والموت وحده هو صديقهم الصدوق. وتلكوك كذلك، في الأسرار المعاصرة، وعند قلة من المتنفذين، فهي جبال الذهب ومغارة معادن، يترصدونها كعلي بابا وأربعين لصوصه، وهي أيضا حصص في المكاتب. وطبعا، فثمة بضع سوائم بعمائم، مرهونة بمصالح شخصية، ومركونة لحين حاجة انتخابية، فتستدعى لتحشيد الحشود التي قد ترفع أسهم الحكام في بورصات السياسية السودانية. وكم في هذا السودان من لحى وشوارب علفتها خيول البوليتيكا والكليبتوقراطية.. تلك تلكوكهم، أما تلكوك الموظف؛ فلا ماء ولا ظل ولا غلة، غير أنها بعضا من تراب الوطن وأشباحها في عداد ناسه. وليس لذلك الحال من علة أكبر من علل الحكومات، ولا إلى التعليل الآن من سبيل. سموم وسوافي وكلام قليل مبحوح جافي، رائحة بن محروق وحزن سيافي، ؤبس.. تلكوك أثيلة في دفاتر النسيان.. تلكوك في سقط لقط. تلكوك في حسابات الأخسرين، سقطت ؤبس.
لواء الشرطة الكاذب.. يا للرجال، علفتها خيول الظلام!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة