|
دارفور إلى أين ؟ قراءة متأنية لبيان القيادات الميدانية الرئيسية - التجاني الحاج عبدالرحمن
|
دارفور إلى أين: قراءة متأنية لبيان القيادات الميدانية الرئيسية على ضوء المتاهة التي دخلت فيها أبوجا
التجاني الحاج عبدالرحمن أسمرا ـ 25 أبريل 2006
تجاهل البعد السياسي للنزاع المسلح بدارفور مرض مزمن للحكومات المتعاقبة في الخرطوم. وقد سبق للنظام المايوي دمغه كمجرد "نهب مسلح"، كما سلكت أيضاً الأنظمة المتتالية نفس الدرب، والتي وبسبب فشل سياساتها لم تجد غير العنف وأشرس أنواع القمع لمواجهة المشاكل والتداعيات المتفاقمة بالإقليم، بالدرجة التي وصلت حد التطهير العرقي في ظل نظام الإسلام السياسي للمؤتمر الوطني الحاكم. ومع بداية الألفية الجديدة إتخذ مسار الأزمة بدارفور تطوراً درامياً سريع الوتيرة، إنفجرت معه الأوضاع راسمة خارطة سياسية جديدة. ظهور حركة تحرير السودان جسّد فجائية التغييرات على الساحة، حيث تمكّنت الحركة في أولى عملياتها العسكرية أن تدمر نصف طائرات السلاح الجوي التي كانت جاثمة بمطار الفاشر. هذه التطورات المتسارعة والمصحوبة بعنف حاد، خلقت أوضاع كارثية إستحوذت على إنتباه الأمة السودانية والمجتمع الإقليمي والدولي وحتى الأحزاب السياسية في كثير من العواصم الغربية.
في 19 أبريل 2006 صدر بيان من القوى الميدانية الرئيسية، كُلف د. شريف حرير بتوقيعه، والذي هو نائب رئيس تنظيم التحالف الفدرالي الديمقراطي، وفي نفس الوقت الأمين العام بالإنابة للتجمع الوطني الديمقراطي. أهمية البيان أنه يشير إلى أن هناك قوى أخرى على ساحة دارفور غير حركتي تحرير السودان والعدل والمساواة، وهو ما يدفعنا للتساؤل "هل ستتجه القوى المحاربة بدارفور نحو ترتيب أوضاعها إستعداداً لخوض معركة حاسمة ضد النظام أم أنها ستشهد مزيداً من التمزق(؟)، تطور الأحداث في أي من الإتجاهين (الوحدة أو الشتات) سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل دارفور والسودان وإستقراره المستقبلي والسلام الشامل. والبيان يثير العديد من التساؤلات، مثلاً: هل المقصود إرسال خطاب شديد اللهجة للقيادات السياسية الدارفورية ولمفاوضي المؤتمر الوطني بأن المقاتلين قد نفذ صبرهم من الحلقة المفرغة التي وقع فيها التفاوض. أم القصد هو دعوة قوية وحاسمة للقيادات السياسية بدارفور بأن القوات المقاتلة ترفض الخلافات والتشرذم، وأنها بعدما يئست من لم شمل المتنافرين قررت أن تطرح مشروع وحدوي وضد تفرقة المناضلين، وإلى أي مدى إستهدف البيان المؤتمر الوطني بدرفور والمركز، بأن الثقة في الحوار معه نسفت كلية وما من خيار آخر غير الحرب الشاملة. هذه الرسالة الأخيرة يجب قراءتها مع تصريحات سابقة لبعض القياديين في الحركات المسلحة، بأن بإستطاعتهم نقل الحرب إلى مركز المركز. خلاصة القول إن التدقيق في الحيثيات لابد وأن يثير الكثير من القلق.
وفي محاولة لإستجلاء معنى صدور مثل هذا البيان، سندقق في بعض الحقائق التي يثيرها:
أولاً: أكد البيان أن هناك إعادة ترتيب للأوضاع من قبل قوى ضاربة وموجودة بالميدان. وعلى مايبدو أن هذه القوى قد إطمأنت لمواقعها العسكرية ودخلت في مرحلة الإنتقال إلى عمل سياسي عموده الفقري الواقع الذي إستطاعت هذه القوى أن تفرضه على الأرض.
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
|
|