|
Re: بين الأعشى وهتلر وجراهام جرين: هل من علاقة؟ (Re: الزاكى عبد الحميد)
|
-2-
وعنهما يقول المحرر إن هنري ميلر نفى أن تكون الروايتان من أعماله بل أمليتا عليه وهو طريح الفراش فيما تولت زوجته جين أديث مهمة كتابة ما كان يمليه عليها صوت –حسبما ذكرت للمؤلف-لا يشبه صوت زوجها مع أن زوجها هو الذي كان يمليها حتى ظنت أن "روحاً تقمصته".
لم يكتف جراهام لورد بسرد هذه الوقائع عن الروائيين فحسب وإنما تجاوزهم إلى الساسة إذ نسب أحداثاً مماثلة لأدولف هتلر وونستون تشرشل.
عن هتلر يقول جراهام لورد إنه لولا إنصياعه للصوت الذي أمره في تلك الليلة من عام 1939 فيما كان نائماً داخل خندق مع إندلاع الحرب الكونية الثانية لما كانت الحرب قد استمرت حتى عام 1945. ففي تلك الليلة يقول جراهام لورد-على لسان هتلر-إن صوتاً أمره بإخلاء الخندق فوراً والفرار بجلده. وبعد لحظات من قراره انفجرت قنبلة داخل الخندق لتمحوه تماماً من الوجود.
أما ونستون تشرشل –على حد زعم جراهام لورد-فإنه رفض أن يستقل السيارة المخصصة لرئيس الوزراء في صباح ذلك اليوم من أيام الحرب العالمية الثانية وآثر أن يذهب إلى مكتبه بسيارة أخرى ليسمع أثناء سيره أن السيارة الأولى تطايرت أشلاءً مع سائقها. وعند سؤاله عن نجاته قال تشرشل إن صوتاً ما أمره فجأة بعدم الذهاب إلى مكتبه على السيارة المخصصة له.
ذلك ما قاله جراهام لورد ليقيم به الدليل على وجود علاقة بين الحوادث التي تناولها وتلك التي نسبها أبو الفرج الأصفهاني صاحب "الأغاني" والبغدادي صاحب "خزانة الأدب" وأبو زيد محمد بن الخطاب القرشي صاحب "جمهرة أشعار العرب" للأعشى والفرزدق وليلى الأخيلية.
ليلى الأخيلية هي ليلى بنت عبد الله المعروفة بالأخيلية وكانت من شواعر العرب المتقدمات المشهود لهن بعلو الطبقة في جنسهن. وكان توبة بن الحمير يهواها وقال فيها الشعر. فخطبها إلى أبيها فأبى أن يزوجه إياها وزوجها لرجل غيور شرس الأخلاق ما هدأ باله إلا بعد سماعه نبأ مقتل توبة في إحدى غاراته.
ويقول الأصفهاني إن ليلى مرت مع زوجها الغيور بقبر توبة فقال لها هازئاً منها: أين مصداقية هذا (أي توبة) حين قال:
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت علي وفوقي جندل وصفائح لسلّمت تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائح
(وتوبة يقول في البيتين إنه لو سلّمت عليه ليلى وهو داخل قبره وفوقه حجارة وصفائح لسمع صوتها ولرد على سلامها بأحسن منه وإن تعذر على شفتيه النطق لقامت روحه بذلك. وهو يشير هنا إلى اعتقاد العرب قديماً بأن الرجل حين يموت تبقى روحه على هيئة طائر يظل جاثماً فوق قبره يأتمر بأمره كرسول ينقل كلام الميت إلى من أراد الميت مخاطبته..وهذا ما يشير إليه البيت الثاني تحديداً بالفعل "زقا" ويعني صاح والاسم "صدى" ويعني "طائر".
فقالت: ما عرفت به كذبة قط ثم قالت: السلام عليك يا توبة. ويقول الأصفهاني كانت إلى جانب القبر بومة كامنة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه الجمل، فنفر الجمل ورمى ليلى على رأسها فماتت من وقتها ودفنت إلى جنبه. ويورد المسعودي في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" نفس هذه الواقعة كما أورها الأنباري في كتابه "المختار من نوادر الأخبار".
(يتبع)
|
|
|
|
|
|