|
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس (Re: munswor almophtah)
|
عالِم عبَّاس .... وطنٌ مِنْ جَمال عصام عيسى رجب/ الرياض [email protected] في اعتقادي، أنَّ الشَّعرَ الحقيقي أجملُ من أن يرضى تصنيفاً تحت رايةٍ ما، أيٍّ كانت ومهما صخبتْ أو سكنتْ رفرَفةُ تلك الراية .... ومها علا أو لم يَعلُ شأن هكذا راية
هذا كان يقيني حين نادى علي من جدَّة الأخ العزيز "جمَّاع مُرْدُس" من "منتدى الإمام عبد الرحمن المهدي الثقافي" يدعوني لحضور احتفالهم بذكرى "6 أبريل ..." .... قال لي أنهم سيتضيفون الأربعاء 12 أبريل، 2006 م شاعرنا الجميل عالِم عبَّاس في ليلةٍ بِسمِ "قراءة في كراسة النضال الشعري: عالِم عبَّاس نموذجاً" ....
سعِدتُ كثيراً بالدعوة، كيف لا، وعريسُ اليلة هو مَنْ هو، ولكني اعتذرت عن الحضور، لا لشيء سوى ضيق فُسحة الزمن، حيث دُعِيتُ وبين دعوتي واليلة يومٌ وثان ....
وقلت لـ "جمَّاع" أني سأكتب مُداخلة أبعثها له لتُقرأَ عِوضاً عن حضوري .... ولكن حتّى الكتابة ما استطعتُ لضيق الوقت واتساع الانشعال ....
كان في بالي أن أتكَّلم عن موقفين عالِميَيْن:
أولهما هو حين شاهدت عالِماً للمرَّةِ البِكْر، كان وقتذاك يقرأ كلمته في ليلةِ تأبين "علي المَك"، أظنها كانت أربيعينية المَك، وكان "الإنقاذيون" وقتها في قمَّةِ سِعارِهم ذاك .... لكن عالِماً والحقُّ يقال كان أجملَ من أن يُبالي بهم أو بسِعارهم، فقال كلمته وأنا أعجبُ وأتعجَّبُ في آنٍ معاً من جرأتِه .... ذكر عالِم فيما ذكر لعلي المك جهده في تأسيس "إتحاد الكتَّاب السودانيين" ودعا فيما دعا أن يرفع "الإنقاذيون" يدهم عن الإتحاد ....
أذكر أن عالِماً استدار إلى مقالةٍ هي: "ماذا وراء الأفق ...؟!" لـ "محمَّد عَشري الصّديق" أوردها علي المك في كتابه "مختارات من الأدب السوداني" .... المقالة المذكورة نُشِرت بجريدة "حضارة
السودان"، العدد 818 بتاريخ 30 أكتوبر 1929 م، كما يشير الهامش الذي أورده المك، ولا أذكر الآن، وقد طال العهد، ماذا أختار "عالِم" منها ليقرأه تلك الليلة، هل قرأ: "ولقد كانت بلادنا منذ ثلاثين سنة ميداناً واسعاً تدور فيه رحى الحرب الضروس، ليلاً ونهاراً، يُنهَبُ الآمن، ويشنق البرئ، ويُقتَلُ الأطفال والنساء، ويشرَّدُ الرّجال في القفار، وتُهدَمُ الدورُ، ويبلغُ الكسادُ والبؤسُ درجةً ما بعدها درجة ...." .... هل قرأ "عالِم" هذا المقطعَ من مقالة "عَشري"، أم أني أختاره الآن لأن ما كتبه عَشري سنة 1929 م يحكي فيه حيذاك عن ثلاثين عاماً للوراء، هو واقع حال السودان اليوم ...!!!
الموقف الثاني هو واقع الحال تلكم القصيدة الجسورة "السطورُ الأخيرةُ في دفترِ الحلاج الثاني" التي أهداها عالِم إلى روح الشهيد "محمود محمد طه" ....
يقول عالِم في المقطع الرابع من قصيدته تلك وقد أسماه، عنيت’ المقطع، "المشهد":
"حين جاؤا بكَ للموتِ ابتسمت،
ضوَّأََ الوجهُ النبيل
أزهر الشيبُ حواليهِ بياضاً ناصعاً
ثُمَّ استدار
والشلوخُ الغائراتُ الحزنِ أغفتْ
فازدهى فيها الوقار
وبريقٌ في عيون،
هي لولا جَنَّةُ الإيمانِ نار ...."
ثم يصعد بنا عالِم الدرجَ حيث نصب الزبانيةُ المشنقة، فيقول في المقطع التاسع واسمه "المشهد الثاني":
"كان الدّرَجُ الصّاعدُ نحو المشنقةِ المنصوبةِ
في ساحةِ "كوبر"
يُدرك أنَّ الخطواتِ المتزناتِ اللائي سِرتَ بهنَّ وئيدا،
تُفضي نحو الموتِ الرائع،
والمُتَّسقِ تماماً معَ ما كنتَ تقول
كان الحبلُ المُلتَّفُ على رقبتك الشامخةِ الرأسِ،
هو الطرف الآخر من ذاتِ الحبلِ المُلتَّفِ
على عنقِ الوطنِ المقتول
ليس بعيداً
كان قضاتُك والجلادونَ ملامحُهم ذابت
ووجوهُهمُ متفحِّمةً خجلاً وصَغارا،
وثباتُك مثل الخِنجرِ بين أضالِعهم،
فكأنَّكَ تقتلُهم بمخازيهم شنقاً،
وتُحرِّرُ رِبقةَ هذا الوطنِ الرائعِ من نَيرِ الذُّل
أنتَ الأغلى، والأعلى، والأنبل
كنَّا نُدركُ أنك تفدي الوطنَ الأجمل
فلتكنِ القربانَ إذن
حتّى يتطهَّرَ وجهُ الأرضِ،
وينخسئَ البُهتان ...."
حقاً الموقف العظيم لا يليق به إلا الشعرُ العظيم، وهذا والله لهو الشعرُ العظيم ....!!!
تُرى ماذا يقول قضاة وجلادو الشهيد محمود محمد طه كلّما طرقت أسامعهم كلماتُ الحقَّ الشجاعةُ ذي ...؟! هل يزدادون إلا خِسَّةً وخِزياً على خِسَّتِهم وخِزيهم اللتين توَّجوهما بقتلهم ذاك الشهيد الجليل ...؟!
لكن ذهب الشهيدُ وبقيت فكرته، وبقيت هذي القصيدة شاهدةً على نبلِ الشهيد ووضاعةِ قضاتِهِ وجلاديه، هؤلاء الذين ستأخّذهم يدُ الموت عاجلاً أو آجلاً، فتشيّعهم لعناتُ اللاعنين، لا قصائد الحقَّ الجسورة، فهذي ينادي عليها شهداء بقامةِ محمود محمد طه مثلما تنادي هي عليهم....
....................
....................
....................
....................
غير أنَّ شعر عالِم كلّه وطنٌ رائعٌ من الجمال .... تقرأه فتمطر عليك غيماته السمراء .... أتذكّرُ كتاباً لـ "المقالح" اسمه "بدايات جنوبية" يتناول فيه شعر الشعراء اليمنيين الشبّان، وقال فيه فيما قال أنَّه يحمد للكثيرين من هؤلاء أنَّ شعرهم مسكونٌ بروحِ اليمن، لا من خلال ذكر الرموز والأسماء اليمينة، ولكنّك تقرأ أشعارهم فتحسُّ أنها لشاعرٍ يمني .... ويقيني أنَّ هذا هو شعور من يقرأ قصائد عالِم، فيحسُّ احساساً صادقاً أنَّ هكذا قصائد هي لشاعرٍ سوداني النفَس والمِزاج والمِداد .... وهذا عندي هو الشعر – الوطن، وطنٌ رائعُ من الجمال .....
الرياض في الجمعة 14 أبريل 2006
|
|
![URL](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif) ![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 04-22-06, 05:20 PM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | عشة بت فاطنة | 04-23-06, 00:10 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 04-24-06, 01:42 PM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 04-24-06, 01:34 PM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | jini | 04-25-06, 05:56 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | Mohamed Abdelgaleel | 04-25-06, 07:25 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | علاء الدين صلاح محمد | 05-01-06, 03:34 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 05-01-06, 11:54 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | أبوذر بابكر | 05-01-06, 04:34 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 05-01-06, 11:59 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | Mohamed Abdelgaleel | 05-02-06, 05:00 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 05-02-06, 05:08 PM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | Mohamed Abdelgaleel | 05-03-06, 08:04 AM |
Re: عالم عباس شاعر قصيدته الوطن .....جماع مردس | munswor almophtah | 05-05-06, 07:52 PM |
|
|
|