|
محاورة الترابى...............عمود عثمان ميرغنى
|
حديث المدينة فتاوي الترابي..!!
عثمان ميرغني
أقرب الى الكوميديا.. أصدر الدكتور حسن الترابي فتاوي.. فأصدر بعض علمائنا في السودان لائحة اتهام ضده.. وكأنى بهم هرعوا إلى خندق مستحكم.. فأشرعوا الراجمات اللفظية في حقه.. زنديق.. مرتد.. مجنون.. دون أن يجرؤوا على مواجهته بنفس المنطق.. حجة بحجة.. علماً بعلم.. الترابي له أخطاؤه السياسية التي أودت بالبلاد إلى بئر عميق في حين من الدهر لم يكن شيئا ميسورا.. صاحب فاتورة كبيرة من الأخطاء القاتلة التي لا يزال يدفعها السودان وشعبه.. لكنه في المقابل عالم لا يشق له غبار.. بحر مترع بالعلوم، وذكي قادر على الاستنباط.. ولا أعلم ما الذي يجعل من مجرد جهره برأي في قضايا تحتمل الرأي أن يتحول الأمر إلى طائلة التجريم وهتك الانتماء إلى العقيدة.. والدكتور الترابي شيخ يخطو خلف السبعين من عمره.. إذا لم يجهر باجتهاده الآن فمتى؟.. ربما يتغير الأمر كثيراً لو كان في السلطة.. حينها تطفر هواجس أن تصبح مثل هذا الاجتهادات فرضا على الآخرين.. أن يقهر سلطان الدولة سلطان الرأى والحجة.. لكنه الآن لا يملك سوى عقله ولسانه.. يصدح بما يجتهد بعلمه إليه ويطلقه في أثير لا يحتمل سوى الحجة بالحجة لمن هم في مقامه.. ومثل هذه القضايا العلمية تحتاج الى حد أدنى من المقام العلمي الذي يسمح بالرد.. وما عطل الإسلام في سني قعوده عن الدنيا.. إلا محابس الفكر التي تكبل عقول المجتهدين.. جاهلية جديدة تتلبس روحا علمية تركب للفكر كوابح وحرمات، فيصبح الدين حشواً بالمسلمات المقدسة التي صنعها البشر.. حتى أصبحت قضايا الإسلام حشود لافتات مكتوب عليها (ممنوع اللمس).. من حق الترابي، وبما أنعم الله عليه من علم، أن يُعِمل عقله.. ويجهر برأيه الذي سكنت إليه نفسه بعد تحر ودراسة.. فإن كان هناك من لا يرى رأيه.. فالحجة والبرهان من خلال مناظرة أو حوار فكري.. مناظرة لا تقوم على مناطحة لا يرجى منها سوى النصر والغلبة لطرف ضد طرف.. بل على منهج يطور الفهم العام للدين نفسه.. فالدين تحول في ضمائر الناس إلى قائمة تعليمات.. يبتلعها الناس - قهرا - كالدواء المر.. قد يحسب لصالح الترابي.. أن مجموعة الآراء التي انتبه اليها الناس من خلال محاضرته الأخيرة فأهاجت البعض.. ليست جديدة.. يعلمها كثير ممن كانوا بقربه.. وبهذا تنتفى عنها شبهة العجلة في عجن الأفكار وتقديمها قبل نضجها.. وفي تقديرى أنه اختار ظرفا مناسبا لطرحها.. بعد أن ترجل عن سنام السلطة وصار كغيره.. يؤخذ من رأيه ويُرد.. وليس حميدا أن تمتد يد السياسة الى هذه الحلبة.. صراع السياسة له مضماره الذي لا يقصر ساستنا في التنكيل فيه وبه.. لكن الاجتهاد في قضايا تمس جوهر الفكر المبني على الدين أمر لا يجب ان يخلط بعوامل الحب والكراهية.. علماؤنا الأجلاء، الذين يعترضون على أفكار الترابي، لهم أيضا حقهم في الرد.. بعيدا عن أي تلاسن واستثارة عواطف العامة وتأجيج كراهيتهم.. إلا ان كانوا يستحيون من قدرتهم على مواجهته بالحجة.. عندها يصبح السكوت فرض عين..
-04
|
|
|
|
|
|
|
|
|