|
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... (Re: عبد المجيد محمود)
|
الحنين إلي الأرض والوطن :-
وآمغستي رحل تلوت الليل مسـالكي ضـلمة ما بتنشق أنا سكت روحت نويرة الفرقة جوه الجوف تسوي البق مـشـيـت لا زاداً أشـيلو معـاي ولا زولاً مـعـايا رفق ولمن خـلاص بقـيت مارق نجيم الليل مـشـي اتـفـرق
فارق الشاعر أرضه وأهله مكسور الجناح والخاطر وهو متحسر علي فراق أرضه وأهله ومما يدلنا علي هذا التحسر استهلاله بكلمة (وآمغستي) وكونه يرحل تلوت الليل عندما تتفرق النجوم يرحل في ذلك الظلام في تلك المسالك الوعرة فما قاده إلي هذا إلا إحساسه المرهف تجاه الأرض والأهل لأنه لا يتحمل لحظات الوداع .. نعم الوداع تلك اللحظات المهيبة التي أفزعت الشعراء ألم تري الأعشى يقول :-
ودع هريرة إن الركب مرتحل -- فهل تطيق وداعاً أيها الرجل
فلذلك رحل شاعرنا ليلاً . إضافة إلي ذلك يقول : (أنا سكت روحت نويرة الفرقة جوا الجوف تسوي البق) . والتصغير في ( نويرة ) الفرقة لعظم هول الفراق الذي هو فيه ( لازاداً أشيلوا معاى لا زولاً معاى رفق ). منتهى الوحشة واستخدام (زاد) هنا قد يكون معنوي بمعني الدافع وقد يكون محسوس .
أنابكيت وبكيت طريف العين متمسـح بالـد مـوع رقـرق أنا بوادع الناس وأفوت مجبور إجيني نغيم من الطنبور
فهنا ثلاث وقفات مع (طريف العين)(وأوادع الناس)(وأفوت مجبور). الوقفة الأولي مع طريف العين - بكي الشاعر في أواخر الليل لما ينتظره من فراق للأرض والأهل والمحبوب ثم ماذا بعد أن بكي الشاعر .. أبكي معه شخصاً آخر نستشفه من عبارة بكيت طريف العين و(طريف) تصغير للتلميح وكون هذا الشخص موصوف بالملاحة والجمال ، وكونه أيضاً ملازماً له حتى هذا الوقت المتأخر من الليل ، فإن هذه الأمور لا يحتملها إلا المحبوب الذي شغف حباً بمحبوبة والذي يفزع هو الآخر من (* الوقفة الثانية مع أوادع الناس .. فكيف نوفق بين القولين ؟ نقول أن المحبوبة التي كانت تلازمه حتى ذلك الوقت المتأخر من الليل كانت هي الناس الذين ودعهم لأنه يري في شخصها الناس بل كل الناس والأرض .. ومما يقوي ما ذهبنا إليه أننا نستخدم كلمة ناس في العامية السودانية للدلالة علي المفرد ( مثال .. سلم لي علي ناس محمد وباقي الجماعة أو ناس محمد مسافرين ؟ وما إلي ذلك ). والوقفة الثالثة مع (أفوت مجبور) الشاعر لم يفارق الأرض باختياره بل أن ظروفه هي التي حملته علي أن يهاجر مجبوراً لتحقيق آماله . ثم يصور لنا رحيله في صورة حية مشاهدة . أدنقر فوق تراب بلدي وأخم بايدي لي رحلي وأقول يا ليل
نري عدم الرضا وكسر الجناح والخاطر يتجلي لنا في معظم عبارات القصيدة ويتضح هنا في عبارة (وأخم بأيدي لي رحلي) وهنا يصور نفسه بأنه الجاني والمجني عليه لأنه هو الذي ركب ذلك المركب الصعب ليحسن من ظروفه . ثم بعد ذلك تأتي عبارة وأقول يا ليل وهي تستخدم للجد في السير وتؤكد الفراق
( وأفارق الدر وأجر فوق الوداع مسدار )
فارق الشاعر أرضه وأهله وبحث عن شئ يسلي به النفس .. فجر في الوداع مسدار وجرَ بمعني نمَ أي انبعث منه صوتاً حنيناً ..
( ألولي ألولي شاق الواح محال أرتاح )
ألولي .. هي حبل الوصل الذي تصب من خلاله أشواق الشاعر وحنينه علي أرضه وأهله ومحبوبه وأرتبط الشاعر بأرضه بمعنوياته التي أبرزها لنا في صورة المحسوس ثم بحث عن شئ آخر محسوس ليربطه بالأرض فالتفت إلي رحله (ما يحمله) ثم قال :
( أدخل أيدي في رحلي تراب فيها يسوي الكون )
فإن تلك الذرات الترابية المحسوسة التي وجدها في رحله وكونها من أرضه تساوي الكون ، منتهى العشق للأرض والوطن .
( أعاين فيك يا تراب أهلي وأشوف فيك صورة ما بتنشاف )
الشاعر من شدة تمسكه بأرضه وشوقه إليها ترتسم في خياله صورة متكاملة تنبعث منها ريحة التراب الكليت والشاف وتتراءا من خلالها بنات البلد ، ( الرقص ، الشبال الطرح ، المناديل ) ثم ينقل لنا بيئته المحلية حية مشاهدة أيضاً في قوله :
طعم قراصة في قدحاً من الدبكر وحولي الشفع المغرب يقلبوا في الجمر قنقر
(إقلبوا في الجمر قنقر) نفس هذا المعني نجده عند العلامه عبدالله الطيب :
شوينا السنبل النضر -- علي الجمر علي الجمر
مما يدل علي أن البيئة تكاد تكون واحدة مع اختلاف المنطقة .
وأفوت ناسي من در بي وأقول يا أهلي وآغلبي خلاص ريدكم ملك قلبي
إن التحسر الذي انبنت عليه القصيدة ظلَ ملازماً لها حتى نهايتها وهنا واضح في عبارة وآغلبي . فات قلبه أصبح اسيراً لحب الأرض والأهل ولاشي يفك عنه الأسر سوي أن يبتل شوقاً بتراب أهله .
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:18 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:50 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 02:59 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-08-06, 03:17 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-09-06, 01:42 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:09 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:21 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-12-06, 01:54 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-12-06, 03:32 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | أحمد الشايقي | 04-08-06, 02:54 AM |
Re: الحنين في شعر الطنبور ... (صور مختلفه من اشكال الشجن والشوق والحب) ... | عبد المجيد محمود | 04-10-06, 06:34 AM |
|
|
|