يوم ... بدون موبايل
على شاشة الجهاز إشعار بعدة مكالمات لم يتم الرد عليها. و رسالة واحدة .. يبدو أنني إستغرقتُ في نوم عميق. لا أحد من أسرتي في البيت .. الكل إنطلق لحال سبيله .. هذه صديقتي ( نهلة ) تذكرني في رسالتها بضرورة مهاتفة زميلتنا ( سعاد ) لتهنئتها بوصول زوجها من السفر. رقمين من الأرقام التي لم أرد عليها لا أعرف مصدرهما. بقية الأرقام أعرف الغرض من إتصال أصحابها... فتجاهلتها .. هاجس ما جعلني أفكر في الرقمين المجهولين .. لِم لا أتصل و أرى .. ربما .. إتصلت بأول رقم .. لا رد .. الرقم الثاني .. أتاني صوت مألوف : علوية .. بالغتِ ... أنا بتصل بيك و ما بتردي .. كنت نايمة ... إنتي غيرتِ رقمك ؟ في شنو يا إخلاص ؟ أختك في المستشفى .. حيولدوها قيصري .. رميت بالموبايل على الكرسي .. إرتديت ملابسي على عجل .. و إنطلقت لا ألوي على شيء صوب المستشفى التي تراجع فيها شقيقتي .. فهذه أول ولادة لها .. و أمي و أبي في العمرة و لم يجدا حجزاً للعودة. دخلت المستشفى بقلب واجف .. هي أكثر من شقيقة .. بل هي صديقتي و مستودع أسراري .. لحقتُ بها و هم يأخذونها إلى غرفة العمليات و العرق يتصبب من جبينها الصغير .. لثمتُ جبينها المتعرق .. و أمسكت بيدها .. إنفرجتْ أساريرها بإبتسامة إطمئنان .. قلت لها : قوي قلبك .. أنا ولدتَ محمد قيصري .. صدقيني أهون من الولادة العادية. عندما أغلقوا باب غرفة العمليات .. هجمتْ على رأسي جحافل الوساوس .. لو حدث لها شيء و أمي و أبي غير موجودين ؟ ماذا أفعل ؟ فكرت في الإتصال بإبن عمي في جدة لأخبرهما لكى يكثفا جهودهما في البحث عن حجز بأي طريقة .. آه .. ما أغباني .. نسيت موبايلي في البيت .. إذن لا بد أن أتصل بشقيقي صلاح .. إستأذنت الممرضة لإستخدم هاتف المستشفى .. جاءني الرد من هاتف منزل شقيقي : هذا المشترك لا يمكن الإتصال به .... تباً للفواتير .. و الوقت ليس ملائماً للإتصال بالبيوت .. لا يرد أحد على هاتف منزل شقيق الزوج .. في منزل جارتهم رفع السماعة طفل : إنتي منو ؟ أنا خالتك علوية .. أمك وين ؟ علوية منو ؟ علوية صاحبة أمك .. هي وين ؟ إنتي ال جيتينا يوم داك بالعربية الحمرا ؟ أنا ياني ذاتي .. أديني أمك ... شاطر .. نحن ذاتنا إشترينا عربية حمرا أسمح من حقتك .. قلت بعصبية : يا ولد أديني أمك .. أمي طلعت .. مشت ناس حبوبة ست الجيل .. أقول ليها منو قلتِ ؟ كل الأمور تجري بعكس ما أريد .. شاهدت موظفاً في الممر يحمل ( موبايل ).. و لحاجتي الشديدة في الإتصال بأخي تقدمت منه بجرأة ليست من طبيعتي و لكن الموقف يتطلب ذلك : ممكن يا إبن العم الموبايل بس دقيقة ؟ قال و الخجل يكسو وجهه : معليش و الله الرصيد صفر .. أروح و أجيء بين غرفة العمليات و المدخل لعلني أجد أحداً يخرجني من ورطتي هذه .. بادرتني ممرضة : ما تقلقي يا أختي .. إن شاء الله بتطلع بالسلامة .. قلت لها : عندك موبايل لو سمحت ؟ قالت : جدا .. موبايل شقيقي يرد على إتصالي بنفس الجملة البغيضة ( هذا المشترك .............. ) .. أعصابي على وشك الإنهيار , انأ اهرول بين غرفة العمليات .. كل أرقام من يهمهم أمرنا مخزنة في موبايلي .. لا أحفظ أي رقم .. إنه الإعتماد على ذاكرة جهاز صغير بحجم كف اليد .. صرنا عبيداً للأجهزة .. تمتمتُ في سري .. حتى رقم زوج شقيقتي لا أحفظه عن ظهر قلب .. شقيقي كان الأمل الوحيد .. حاولت أن أستجمع شتات أفكاري و أن أتذكر رقم هاتف زوج شقيقتي ... الأرقام الأولى أحفظها .. تخيلت بقية الأرقام .. و توكلت على الله و إتصلت .. آلو .. فرحت جدا .. فالصوت كان قريبا لصوت زوج شقيقيتي . قلت بفرح و إرتياح : آلو .. إنت وين ؟ جاءني صوت عابث ماجن : نحن موجودين يا حلوة .. بس قولي إنتي وين و أنا بجيك طاير حمامة .. إنت منو ؟ أنا ال إنتي متصلة بيهو يا عسل .. معليش .. الرقم غلط .. مالو .. الغلط مرات بجيب حاجات صاح .. أغلقت الجهاز .. و الممرضة تسترق النظر إلى الموبايل بشفقة خوفاً على رصيدها. قلت لها : معليش .. أنا بشحن ليك الكرت .. رن الجهاز .. فناولتها الموبايل .. فسمعتها تقول : إنت عاوز منو ؟ ثم مدتْ لي الجهاز قائلة : عاوزك إنتي .. آلو قفلت الخط مالك ؟ عاوزين نتعرف و كدة .. أغلقت الجهاز .. و أصابني اليأس .. قلبي مع شقيقتي .. و تفكيري مع أبي و أمي .. و الموبايل الذي يقبع على كرسي في البيت يتراقص أمام عيني .. و أتردد في الذهاب إلى البيت و شقيقتي لا زالت بالداخل .. عندما إنفتح باب غرفة العمليات .. كأنني سمعت صوت رنين موبايلي المحبب إلى نفسي ينطلق من داخل الغرفة .. هرولت إلى شقيقتي التي كانت لا تزال تحت تأثير البنج .. قبلتها و هم يسحبونها إلى غرفتها .. ألف حمد و شكر لله .. البنية مبروكة. و إنهمرتْ دموعي بغزارة دون نحيب. رافقتها لغرفتها .. و جلستُ منهكة على أقرب كرسي .. دخل شقيقي و هو يحمل موبايلي في يده .. مددت يدي و أخذته منه .. شعرت يأنني الآن محاطة بالناس و أنهم ملك يدي و رهن إشارتي .. عندما رن الهاتف في يدي و رأيت الرقم المتصل .. كنتُ قد قمت بتجهيز الكلمات التي سأنقلها لأمي و أبي عن هذا الخبر السعيد. و تراقصت أمام عيني أسماء كل الذين سأتصل بهم .. لا أعرف من أين أبدأ .. فقد بدا لي الأمر و كأنني غبت عن العالم يوماً كاملاً .. (عدل بواسطة ابو جهينة on 04-08-2006, 01:57 AM)

العنوان	الكاتب	Date
يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-08-06, 01:46 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	عمر الفاروق	04-08-06, 02:05 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-08-06, 04:05 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	عنيده	04-08-06, 02:28 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-08-06, 04:58 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	فيصل نوبي	04-08-06, 05:54 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-08-06, 06:19 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	omer almahi	04-08-06, 06:44 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-08-06, 08:34 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	عزاز شامي	04-08-06, 09:28 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-09-06, 00:53 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	Adil Osman	04-08-06, 10:11 AM
Re: يوم ... بدون موبايل	ابو جهينة	04-09-06, 05:52 AM

[رد على الموضوع]

صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]