|
|
 فضاؤنا الثقافي مشوٌه وخرب ... ومشاركاتنا المسرحية تعاني من ( زنقة العيد ) التوقيع .. اليسع حسن
|
الناقد اليسع حسن احمد في حوار من الذاكرة
مشاركتي في مهرجان القاهرة فرصة لتبادل الادوار ... وليس الاعتراف بها
جواد الاسدي (يحج ) الي السودان ... وكاتبة امريكية تصفه بالارض الموعودة
مشاركاتنا الخارجية تعاني من ( زنقة العيد ) ... والمجاملات تسيطر عليها
فضاؤنا الثقافي خرب ومشوٌه ... ولا يمكن ان يخرج منه عرض ناجح
فرجة مسرحية ) و(الهرم السادس) عروض تقليدية ينقصها النضج والجدية )
مجدي النور نجح في اعادة الحياة للمسرح ... وحرام ان يغيب عن المهرجانات
حوار : جمال ادريس
بالرغم من ان فعاليات الدورة الاخيرة لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والتي تحمل الرقم (17) لم تكن في مستوى سابقاتها , سواء من حيث العروض المقدمة او الاهتمام الجماهيري وذلك بسبب تزامنها مع حادث حريق مسرح بني سويف المأساوي الذي القي بظلاله علي المهرجان , بالرغم من ذلك فقد جاءت الندوات الرئيسية المصاحبة لايام المهرجان حافلة وثرية طرحت من خلالها العديد من الرؤي وتمخضت عنها حوارات جادة حول العديد من قضايا المسرح في الوطن العربي والمسرح العالمي عموما ً .
الناقد والكاتب الشاب اليسع حسن احمد شارك بأسم السودان في هذه الندوات الرسمية , وقدم احدى اوراقها , ونالت ورقته استحسانا وقبولاً وسط كبار النقاد والمهتمين بالمسرح , وقد دارت حولها نقاشات ثرة .
بأحدى غرف الطابق السادس لفندق هلتون رمسيس المطل علي نيل القاهرة الساحر التقيت باليسع وهو يحزم حقائبه عائداً للخرطوم عقب ختام ايام المهرجان , ودار بيننا حوار قصير حول مشاركته والعروض السودانية في المهرجان , فضلا عن عدة قضايا مسرحية اخري محلية ودوليه , وقد اجاب اليسع علي تساؤلاتي بوضوحه المعروف ورؤيته اللاسعة حول العديد من القضايا ....
اليسع يدير الان داراً للنشر والتوزيع هي دار ( قاف) , وله كتاباته واسهاماته الواضحة في المجالين الكاديمي والاعلامي ...
ولا بد من الاشارة الي ان عوامل عدة تسببت في الا يرى هذا الحوار النور في حينه , رغم ان نقاطه بقيت محفوظة في الذاكرة وبعض الوريقات , وهانذا ألملمها لتكوٌن هذه الافادات التي اضعها بين ايديكم ...
ابسن ... تمرد أم ثورة
. المحور العام للورقة التي قدمتها يدور حول الكتابة والخروج عن التقاليد , واخترت المسرحي هنري ابسن والخروج عن التقاليد , تحت مسمي ( الكاتب النرويجي هنري ابسن .. تمرد أم ثورة ) .. حيث ركزت علي جغرافية النص وليس تأريخه , بمعني انني تناولت ابسن كما اراه , واثبتت الورقة انه كان يعيش خارج تأريخه الاني وخارج ايدلوجيته وخارج عصره , مشيرا الي مقولته المشهورة ( المني هذا اليافوخ المجنون ) .
وأعتقد ان الورقة لاقت صديً جيدا , ولمست ذلك من الاشادة التي تلقيتها من اساتذة كبار أمثال جواد الاسدي وعوني كرومي وفريدة النقاش … وقدموا لي دعوات للمشاركة بالكتابة في اصداراتهم الثقافية .. ولابد أن اذكر ذلك الناقد الاردني الذي صاح بعد تقديمي الورقة قائلاً : ( فلتسقط الاسماء ) , محتفياً بظهور اسم نقدي جديد في هذا المحفل الدولي الهام .
اعتقد بانني خرجت بفوائد عديدة من هذه المشاركة , ولعل اهمها هذا التواصل الحميم مع المثقفين العرب بصورة عامة والمصريين علي وجه الخصوص , وتمت حوارات ثرة حول الثقافة السودانية ومالاتها , وحقيقة لمست لديهم حب وتقدير كبيرين للسودان ورغبة مشتركة بينهم جميعاً لزيارته , وكما قال الكاتب الكبير جواد الاسدي انه يتمني ( أن يحج الي السودان ) , كذلك فريدة النقاش التي تكن محبة خاصة للسودان واتفقت مع عدد منهم علي أعمال مشتركة علي مستوى المسرح والصحافة والثقافة عموما , وسنحاول تحديد شكل هذا العمل .
كذلك التقيت الكاتبة الامريكية مدام ماكسيل التي قدمت احدي الاوراق المهمة , ودار بيننا حوار قيم حول خصوصية المسرح الافريقي والسوداني تحديدا ً وأبدت اعجابها به , وتمنت زيارة السودان وأسمته ( الارض الموعودة .) ,
كما قدم رئيس لجنة التحكيم الامريكي مارتن والكاتب الايطالي جوليان اراءاًً مهمة وجيدة حول حوار الثقافات , أجمل ما فيها انها دعوة لتبادل الادوار وليس الاعتراف بها .
اللعب علي الجسد
في اعتقادي ان هنالك فرق كبير جداً وشاسع بين مستوى التجريب لدي العرب ولدي الغربيين , وقد لمست ذلك من خلال عروض المهرجان … فالتجريب في معناه العام لديهم هو هروب من النقد ومن المساءلة , فعروض مثل الفرنسي والاسباني ترتكز علي رؤية عميقة جدا , ومن عمقها خرج السؤال المهم : ( ثم ماذا بعد ) !؟ وبدأت الافكار تعود الي الأسئلة الفلسفية والوجودية , وكأن العالم ابتدأ يبحث عن ايقون جديد , بعكس التجارب العربية التي قدمت عموماً .
ويبدو ان التجارب الغربية قد انتهت من طرح كثير من الاسئلة التي مازلنا نردح فيها , مثل كيف ناكل وكيف نعيش وكيف نحب , وتجاوزوها الي اسئلة الوجود الانساني نفسه .
ايضاً أكثر ما ميز العروض التجريبية الغربية مسألة عودة المسرح عندهم الي التركيز علي الجسد , العودة الي البكارة الاولي ولا اسمسها ردة , فمعظم العروض التي لاقت استحسان الجمهور والنقاد كانت تلعب علي الجسد , وليس مقصوداً بالجسد هنا التعري , بل هو الانعتاق من كل القيود النفسية والفكرية .
ويبدو ان العروض العربية تجد صعوبة بالغة في ايصال هذا الفهم والتعامل معه .
مشاركاتنا … وزنقة العيد !
أما عن مشاركتنا في عروض المهرجان , فاقول بصورة عامة وللأسف الشديد ان الهم الثقافي يأتي عندنا في زيلية الاهتمامات علي مستوى السلطة والمؤسسات الأجتماعية وحتي الممثلين انفسهم ( الفرق المسرحية ) , وما زلنا حتي الان نعاني من ( زنقة العيد ) في كل مشاركة خارجية , فليس هناك اية جدية في المشاركات , وحتي سفارتنا تشكل غياباً دائماً في الوقت الذي نشهد فيه سفارات دول أخرى تأتي بكامل طاقمها لحضور عروض فرقها , مما يعكس مدى أهمية الثقافة والفنون لدى تلك الدول .
وأعتقد ان هذا يندرج تحت النسق العام لما يحدث في السودان , اذ لا يمكن ان يخرج عرض جيد وناجح من فضاء خرب ومشوٌه , ولابد من الأجابة عن سؤال : ( من نحن ؟ وماذا نريد ؟) حتي يمكن أن يخرج لنا عرض ناجح !!!
وأقول اذا أردنا مشاركة فاعلة وحقيقية وتمثيل جاد للوطن فلابد أولاً من الاعتراف بأهمية الفن ورسالته وسفارته , وأن تتعامل الجهات الرسمية بجدية أكبر في المشاركات الخارجية وألا يقل الامر عندها عن مسألة تعيين سفرائها بالخارج , وذلك يتطلب التفاف الجميع ونبذ الصغائر .
ويجب ايضاً التدقيق في مسالة اختيار الفرق المشاركة واخضاعها للمنافسة والتمحيص , لأن وجه الوطن ما عاد يتحمل تلطيخاً اكثر !!!
ومع كل ذلك أعتقد أن هنالك مسألة ايجابية , اذ تم تكوين فرقة قومية للتمثيل جل اعضائها من الشباب , حيث شاركت من قبل في عدة مهرجانات بدمشق وعمان … مع ان ذلك قد سد الطريق أمام الاخرين وجعل الناس يتطاحنون علي السفر, وفي رأيي أنه حرام أن يغيب عن المهرجان مخرج متميز مثل ( مجدي النور) , فقد استطاع هذا الشاب الفنان رغم كل الظروف المعروفة أن يعيد الجمهور السوداني للمسرح من جديد , وهو الوحيد الذي نجح في ذلك بعد رحيل الفنان الكبير الفاضل سعيد , وقد حققت مسرحيته الأخيرة ( الحلة القامت هسه ) نجاحاً ملحوظاً رغم الظروف الصعبة .
نمتلك الدهشة… ولكن
وعن العرضين المشاركين في المهرجان ( فرجة مسرحية ) مسرح البقعة …. و( الهرم السادس ) الفرقة القومية للتمثيل … أقول بكل صدق ان فرجة مسرحية نواة لعمل جيد , ولكنه يفتقد للجدية وينقصه الكثير من النضج , وأعتقد ان مشاركته فيها مجاملة واضحة , فقد كان العرض في مجمله يفتقد للمؤسسية .
أما الهرم السادس فقصته تقليدية , وهو يمتد أفقياً وليس رأسياً كما تتطلب روح المهرجان , كما عابه ايضاً التطويل في الحوار , ولكن مادام اعضاء الفرقة من الشباب فيمكن ان يقدموا الكثير في مرات قادمة .
وأعتقد جازماص عكس الكثيرين بأن معظم الفرق المشاركة في المهرجان تفوقنا بالمؤسسية فقط , وليس بالمكانات المادية .
المسرح السوداني الان يبحث عن مؤسسة جادة لتدير شؤونه وتكوٌن له بوابة عليها حراس اشدٌاء حتي لا يأتي دخيل وينتج كما يشاء
فرغم الظروف الحياتية الصعبة مازال الخروج للمسرح ممكناً وما زال السودانيون يحنون للالفة رغم الضربات الموجعة التي يتلقونها صباح مساء !!
وأقول ايضاً يفترض ان يطرق المسرح السوداني بعنف لعودة الطيور المسرحية المهاجرة … فعلي سبيل المثال يشتهي المسرح الان عودة يحي فضل الله وعاطف خيري وعبد المنعم ابراهيم وترويس , وغيرهم .
كذلك لابد من التأكيد بان الدراما عموماً لا يمكن ان تنهض وتصل للجميع الا بدعم الدولة لها , فكل الدول من حولنا تتعامل مع الدراما والفنون عموماً كقضية استراتيجية هامة .
أخيراً اقول ان العالم يبحث الان عن الدهشة , وهذه الدهشة يمكن ان يقدمها السودان عبر الدراما والفنون بصورة عامة .
|
|
 
|
|
|
|
جمال ادريس
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست