حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2024, 02:33 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-10-2006, 02:51 PM

عاطف عبدالله
<aعاطف عبدالله
تاريخ التسجيل: 08-19-2002
مجموع المشاركات: 2115

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة (Re: عبد الحميد البرنس)

    حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة

    وقائع ما جري في الزمن الحاضر

    سحب عثمان أحد المقاعد التي تحيط بالمائدة وجلس عليه، كان طبقه معداً سلفا، وكالعادة ملئ بالخضار المسلوق ، كم تشتهي نفسه الآن تناول قطعة مشوية من لحم الضان، أو فخذ دجاجة محمرة مع الفلفل الأخضر الحار والليمون ، لكن ماذا يفعل مع توجيهات الأطباء له ، ففي آخر فحوصات طبية قام بها في مستشفى القلب بمدينة ميونخ حذره الأطباء الألمان من مغبة تناول اللحوم بمختلف أشكالها وألوانها وأيضا البهارات الحارقة التي يعشقها وحتى الملح منع منه وحددوا له أنواع الأطعمة التي يجب تناولها فصار أكله كالدواء يتناوله مجبرا وعلى مضض .
    جاءت زوجته وهي ترفل في ثوب مغربي منقوش بالحرير وتزين معصمها بأسورة ذهبيه والخاتم الماسي يعكس أشعة الشمس التي تخترق خيوطها زجاج نوافذ غرفة الطعام ، الزوجة امرأة في عقدها الخامس ممتلئة قليلا لكنها تبدوا أصغر كثيرا من عمرها، بادرت قائلة تخاطب الزوج:
    - يا أبو محمد .. لقد اشتريت اليوم طقمين من أطقم العشاء الفرنسية الفاخرة كل طقم يحتوي علي خمسة وتسعين قطعة.
    - طقم واحد ألم يكن كافيا.
    - بالطبع لا ، فروعتهما لا تصدق لقد كنت أود شراء طقم ثالث منها لو وجدت لكنهما كانا آخر طقمين بالمحل، وصاحب المحل بعد أن تعرف علي وعدني بأن يوفر لي طقماً ثالثاً في القريب العاجل.
    - ............
    - آه .. هناك أمر آخر لقد قمت بشراء ثياب حريرية جلبت من دبي .. تخلب الألباب ، اشتريتهم من أجل حضور زفاف ابنة صديقتي عائشة والذي سيقام العام القادم ، بالطبع لابد لي من الظهور بمظهر جيد أليس كذلك ؟.
    - .............
    - لم تقل شيئا ... ألن تعلق عليهم ..ألا تود أن تراهم ، على كل حال ستصلك الفواتير للسداد غدا في المكتب.
    قالت ذلك وسحبت هي الأخرى مقعدا بطرف المائدة المقابل وأخذت تعد طبق طعامها وضعت فيه قطعا من اللحم أحاطتها بأنواع من السلطات الخضراء والبيضاء مما زخرت بها المائدة، ضحك الزوج حينما تذكر أول لقائاته بها، حينها كان قد عاد من بعثته الدراسية بعد أن نال الدرجة العلمية الرفيعة وعاد ليعمل مدرسا بالجامعة .. وكانت هي طالبة في سنتها الثالثة بالجامعة شاهدها في أحد أركان النقاش السياسية وهي تحرض الطلاب على العصيان والإضراب عن الدراسة تضامنا مع نضال الشعب الفلسطيني بعد مذابح معسكر تل الزعتر وأعجب بجرأتها وقوة منطقها .. ثم بعد ذلك يذكر كيف أنها وقفت في أحدى محاضراته لتنتقد نظام الاستهلاك ونمط الاقتصاد الرأسمالي الغربي القائم على استغلال الطبقة العاملة والاحتكار ، وكيف كانت تتحدث عن فائض القيمة ... تذكر كل ذلك فردد همسا :
    - سبحان الذي يغير ولا يتغير ..
    ثم أعقب قائلا :
    - أين الأولاد منذ زمن وهم لا يتناولون الطعام معنا؟.
    - طارق لم يحضر من الجامعة بعد .. سها بغرفتها مع صديقة لها من الجامعة .. بهاء وعلاء تناولا غداءهما قبل أن تأتي ، سارة أخذت بعض الفاكهة بغرفتها لزوم الحمية.
    سكتت الزوجة .. فأستطرد الزوج :
    - وأين رشا لِمَ لمْ تأت على ذكرها ؟ هل هي بخير؟.
    - بخير فقط مضربة عن الأكل .
    - لماذا؟ .
    - لأنها تطالب بخط تلفون خاص بغرفتها أسوة بالجميع.
    - يا للهول نحن في حاجة لإنشاء مقسم للهاتف في هذا المنزل ، نادي عليها الآن.
    - نظرت الزوجة ناحية المطبخ ونادت على الخادمة .
    - يا ميري .. ميري تعالي.
    أطلت خادم جنوبية ، فارعة الطول، برغم كبر سنها إلا أنها كانت متماسكة البنيان، سوداء أبنوسية، عابسة الوجه، تحمل بيدها منفضة تنفض بها ما علق من غبار وأتربة على الأثاث وقالت بلهجة أهل الجنوب.
    - أيوه .. نأم .. في هاجة ؟.
    - أصعدي ونادى على رشا من غرفتها .. قولي لها أن أباها يسأل عنها.
    ألقت ميري بالمنفضة من على يدها وتوجهت نحو الدرج .. صمتت الأم لبرهة ثم قالت لزوجها.
    - طلبت منك عدة مرات الموافقة على أن نستبدل هذه العجوز الجنوبية ، فقلبي لا يطمئن لها .. فهي دوما عابسة.. وسأعين لمساعدتي في أعمال البيت بدلا عنها فتيات سيرلانكيات أو فلبينيات نظيفات وأشكالهن تفتح النفس .
    - ميري ليست مجرد خادمة ، ميري عاشت معنا منذ حياة والدتي، لذا فهي تعتبر فرد منا، ثم أن خوفي كله من فتح النفس الذي تتحدثين عنه ، هل أنت ناسية يا حاجة بأن لك أولاد في سن المراهقة؟
    - هل يعني ذلك أنك أنت الآن تدرك بأن الأولاد طالعين نازلين بسياراتهم الخاصة أين يذهبون ومن أين يأتون ، وكيف يقضون أوقاتهم كل ليلة .
    - الذي يقومون به في الخارج ، الله أعلم به وهو الرقيب والحارس عليهم ، أما هنا داخل البيت فتلك مسئوليتي و لن أضع الزيت قرب النار .
    - والله أنت لا تدرك شيئاً مما يجري بالداخل الآن؟
    - أنك محقة في ذلك ، كيف يمكن أن أدرك ما يجري بالداخل وهذا أصلا لم يعد منزلا بل صار نزلا Motel .. وكل واحد مغلق على نفسه في غرفة منعزلة بها حمام خاص وتلفزيون خاص وهاتف خاص وجهاز كمبيوتر وثلاجة .. أليس كذلك لكل فرد منهم ثلاجة خاصة بغرفته؟ هل تلك حقيقة أم لا ؟
    - وماذا في ذلك فكله من فضلك عليهم ، وأموالك لو لم تعد بالراحة على أولادك ما نفعها؟
    وهنا عادت الخادمة العجوز السوداء وخلفها كانت تسير بتراخ رشا البنت الأصغر بين أشقائها، نحيلة في الرابعة عشر من عمرها لكنها تبدو أصغر كثيرا من سنها بسبب نحافتها وضعف بنيتها وكانت توظف ضعفها في ابتزاز أبويها بعدم تناول الطعام حتى يحققوا لها ما تريد ، وقفت خلف أبيها فالتفت لها الأب وقال لها بلهجة مليئة بالغضب :
    - ما هو سبب امتناعك عن تناول الطعام ؟.
    صمتت رشا ولم ترد .. فواصل الأب حديثه بنفس اللهجة
    - بسبب الهاتف أليس كذلك؟.
    - ...................
    واصلت رشا .. فإلتفت الأب ناحية الزوجة وقال:
    - الله يرحم أيام زمان هاتف واحد بالحي كله في منزل العم أمين رحمه الله .. يخدم كل أهل الحي الآن عشرين هاتف بالبيت والبنت التي لم يقم عودها من باطن الأرض بعد غير قابلة إلا بأن يكون لها هاتفها الخاص.
    كانت رشا تحرك شفتيها وتردد نفس الكلمات همسا مع والدها ، تقلده من وراء ظهره ، فقد كانت تحفظ كل كلمة منها لكثرة تكراره لتلك العبارات ، فضحكت الأم ، فنظر لها الأب نظرة مفادها أنه جاد في غضبه فقالت له الأم :
    - يا حاج لا تنفعل .. وتغضب فذلك سوف يضر بصحتك، وصحتك بالدنيا ، ماذا يعني هاتف وهل ما قمت به من أجلهم قليل؟ فلماذا تتوقف الآن عند هاتف .. لقد جهزت لك طلب إدخال الهاتف حتى توقعه ، اشتر راحة بالك يا حاج.
    فألتفت إليها الأب وقال:
    - أنت السبب في تلف هؤلاء الأولاد
    صمتت الأم فعاد الأب بنظراته للفتاة الصغيرة وسألها:
    - هل عندك هاتف جوال
    - .......
    - أنا بسأل .. أجيبي علي سؤالي
    وهنا تدخلت الأم مرة أخرى بالحديث
    - أنا أهديتها هاتف جوال في عيد ميلادها الرابع عشر
    قالت عبارتها وأعقبتها بضحكة مليئة بالغباء والعبط مما زاد من غيظ الأب .. فقال وقد زادت حدة كلامه.
    - وهل أعطيتيها شريحة كذلك ؟.
    - وما قيمة الهاتف المتحرك دون شريحة .. أي دون رقم.
    - فتاة في الرابعة عشر وعندها هاتف جوال وتطالب بهاتف خاص بغرفتها أف ...أين تعيشون أنتم؟ كيف تحيون؟ هذه لم تعد حياة .. هذه لم تعد أسرة.
    وهنا كان الأب قد وصل إلى ذروة غضبه، أزاح طبق الخضار المسلوق من أمامه ونهض مغادرا البيت وهو يسب ويلعن.. لحقت به الزوجة لكنه كان قد ركب سيارته وأنطلق بها مسرعا، إلى أين ؟ لم يكن هو يدري ولا أحد آخر كان يدري !!
    قاد عثمان سيارته دون هدى .. وأخذ يسترجع مسار حياته ، ويتساءل أين الخطأ فيها ، كل مساعيه أن يحقق السعادة له ولأسرته فهل نال هو أم هم مبتغاهم .. وهل ما يجري هو السعادة أم التعاسة بعينها .. لا بد بأن هناك شيء غير صحيح ألم بحياته لقد كان يخطط لكل شيء ويدرس كل خطوة قبل أن يخطوها لا يدري كيف أفلت منه الزمام، هناك شيء غير سليم ويجب أن يصححه فورا .. عندما قرر الاستقالة من عمله في الجامعة وأن يتفرغ للعمل الخاص لم يكن يخاطر بمستقبل أسرته، بل حقق لهم الكثير بل أكثر بكثير مما هم في حاجة إليه ، كون شركته الخاصة التي صارت الآن تجمع عدة مؤسسات تجارية وصناعية وعقارية وأرباحه تتجاوز المليون دولار سنويا، وصار من وجهاء البلد رشح عدة مرات ليشغل مناصب وزارية أعتذر عنها لكن علاقته ظلت على الدوام متينة مع كل الحكومات التي مضت والحالية، كان يحلم ببناء أسرة كبيرة وتحقق له ما أراد فله من الأبناء سبعة أكبرهم محمد تخرج من هارفارد بالولايات المتحدة الأمريكية ويعمل حاليا معه مديرا بالشركة، لم يتزوج بعد لكنه أفترش شقة بأحدى بناياته ويقيم بها، طارق الابن الثاني له وهو طالب بالسنة النهائية بكلية القانون بجامعة الخرطوم ، سها تدرس علوم الحاسب الآلي ، بهاء وعلاء التوأمان سيجلسان هذا العام لامتحان الشهادة البريطانية ويرغبان في الدراسة بالخارج .. سارة في السنة الثانية بالمرحلة الثانوية جميلة رغم بدانتها المفرطة .. رشا آخر العنقود طالبة في السنة الأولى بنفس المدرسة الخاصة مع سارة، لم يبخل عليهم بشيء لكن هناك خطأ ما، لقد صاروا لا يطيقون بعضهم البعض، لكل منهم عالمه الخاص المنعزل عن الآخرين وعنه ، كل له مفتاح بابه الخاص الذي يحرص على أن يكون دائما مغلقاً، هناك خطأ ما وهو لم يعتاد تقبل الخطأ ...


    للحكاية بقية ..
                  

العنوان الكاتب Date
حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 10:56 AM
  Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 10:57 AM
    Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عبد الحميد البرنس02-10-06, 11:15 AM
      Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 12:32 PM
        Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عبد الحميد البرنس02-10-06, 01:22 PM
          Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 02:51 PM
            Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 02:57 PM
              Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 03:09 PM
                Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة محمد خالد ابونورة02-10-06, 04:08 PM
                  Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-10-06, 11:39 PM
                    Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة محمد خالد ابونورة02-11-06, 00:37 AM
                      Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-11-06, 01:45 PM
  Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة أحمد طه02-11-06, 07:30 AM
    Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-11-06, 01:51 PM
  Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة ناصر محمد خليل02-11-06, 02:52 PM
    Re: حكاية ما جرى لعثمان خلال بحثه عن السعادة عاطف عبدالله02-12-06, 12:35 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de