الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-13-2024, 05:34 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-23-2006, 06:34 AM

اسامه سعيد

تاريخ التسجيل: 11-01-2005
مجموع المشاركات: 311

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. (Re: طارق أحمد أبوبكر)

    مشروع برنامج إقليم شرق السودان


    مقدمة:

    إن أي برنامج لشرق السودان، أو لأي إقليم آخر، إذا لم ينبن علي معلومات دقيقة وشاملة لكل بيئة وظروف الإقليم فانه يفقد العمق العلمي ولا يسلم من أعراض التوهم والتصنع؛ كما يجب أن يتضمن العرض توصيفا لموقع وموارد الإقليم.

    جغرافية الإقليم وحدوده:

    يأخذ الإقليم الشرقي اسمه من وقوعه في شرق السودان ويحده من الشرق البحر الأحمر ومن الشمال مصر ومن الجنوب الشرقي إريتريا ومن الجنوب إثيوبيا ومن الغرب الإقليم الشمالي والعاصمة القومية والإقليم الأوسط، وتبلغ مساحته 110000 كم مربع.

    وتتمثل جغرافية الإقليم في ساحل يمتد إلى مسافة 500 كيلو متر تقريبا يجاوره سهل ساحلي ضيق يمتاز بمناخ هو اقرب لمناخ البحر الأبيض المتوسط تنبت فيه المراعي في مجاري الكثير من الخيران المنسابة نحو البحر الأحمر شرقا، يلي الشريط الساحلي سلسلة من الجبال تمتد عموما من الشمال للجنوب وترتفع في بعض المناطق إلى آلاف الأقدام فوق سطح البحر حيث تمتاز تلك المناطق بجو معتدل صيفا؛ وتفصل هذه السلسلة بين الشريط الساحلي وسهل داخلي يمتد غربا حتى حدود الإقليم حيث تتنوع المراعي من سافنا فقيرة إلى النباتات الصحراوية وتجري في هذا السهل وديان هامة منها وادي أمور والقاش ونهر سيتيت ونهر عطبره.

    التركيبة السكانية في الإقليم:

    سكان الإقليم يندرجون في عدة قبائل تشكل قبائل البجا أقدمها وأكثرها عددا. ويطلق اسم البجا علي مجموعات سكانية قطنت الإقليم منذ آلاف السنين، وقد عرفوا باسم (البلامي) في بعض فترات التاريخ وعرفوا عند العرب ب(البجا او البُجاة)، وقد كانوا حلقة وصل للطرق التجارية علي البحر الأحمر بين مصر وشبه جزيرة العرب والهند وبين موانئ باضع، عيذاب وسواكن وداخل البلاد. وقد ظلت منطقتهم بمنجاة عن نفوذ الدويلات التي قامت في المنطقة حتى جاء الغزو التركي للسودان الذي سيطر علي كل أجزائه رغم مقاومتهم له وهي مقاومة اتخذت شكلا ثوريا منظما لدي بعض أبناء البجا الذين تجمعوا حول عثمان دقنه؛ كان ذلك مصاحبا لقيام الثورة المهدية في السودان حيث تلاحمت الثورتان بانضمام عثمان دقنه إلى الثورة المهدية ومن ثم صار أمير الشرق فشدد الخناق علي الحكم التركي وقام بإفشال مخططات الإنجليز الرامية إلى الوصول إلى الوسط عن طريق البحر الأحمر.

    والبجا يتكونون من عدة قبائل تتوزع في الإقليم، ففي الشمال نجد قبائل البشاريين وبعض بطون العبابده وهم قبائل حدودية لها امتدادات داخل جمهورية مصر، ويتركز البني عامر والحباب علي الحدود الجنوبية وهم جماعات لها امتدادات في إريتريا وأثيوبيا، ونجد قبائل الأتمن والأمارأر في الجزء الشمالي الأوسط من الإقليم، والهدندو في الجزء الجنوبي الأوسط، ونجد الأرتيقه والشئياياب والكميلاب والأشراف يتوزعون في منطقة تبدأ من سواكن، حيث نجد

    السواكنيه، وجنوبا حتى خور بركه، ونجد الحلنقه والملهيتكناب في كسلا وما حولها.

    ومن قبائل الإقليم قبائل الشكرية التي تستقر في المنطقة الجنوبية الغربية من الإقليم.

    وقد نتج عن بعض الهجرات الخارجية استقرار بعض القبائل في الإقليم وعلي رأسهم جاءت قبيلة الرشايده الذين قدموا من الجزيرة العربية في أربعينيات القرن التاسع عشر وقد استقروا في جنوب وشرق الإقليم.

    كما نتج عن تلك الهجرات استقرار بعض القبائل الإفريقية في الإقليم أظهرها قبائل الفلاته التي قدمت من نيجيريا وتركزت في المناطق التي أقام فيها الحكم الثنائي مشاريعه الزراعية.

    كما نتج عن إعادة توطين سكان منطقة حلفا في منطقة خشم القربه في ستينيات هذا القرن ان استقرت مجموعات سكانية جديدة في الإقليم كلهم من النوبيين.

    هذا إلى جانب مجموعات أخرى نزحت للمنطقة من مختلف مناطق السودان واستقرت في مدن الإقليم.

    وبطبيعة الحال فان سياسة الجبهة الإسلامية في سنوات حكمها قد أحدثت تغييرات عديدة في التركيبة السكانية يلزم رصدها وتحليلها حتى تكون الرؤية دقيقة وحديثة.



    موارد الإقليم:

    الإقليم الشرقي غني بموارده الطبيعية فهو زاخر بالثروة الحيوانية من ماشية وابل وماعز وضان الا أنها تعاني ضعفا يرجع أساسا إلى تنقلها بحثا عن الكلأ والماء عبر سهول مترامية وهضاب عالية، فضلا عن انعدام الرعاية البيطرية الحديثة مما يمكن الأمراض من هذه الثروة؛ بالإضافة إلى أن الرعاة في هذا الإقليم، شانهم شان الرعاة في الأقاليم السودانية الأخرى، يجهلون تماما الأساليب العلمية الحديثة في الرعي أو في استخلاص والاستفادة من المنتجات الحيوانية.

    والإقليم غني بالمناطق الزراعية ذات التربة الخصبة والمياه الموسمية المطرية التي لم يتخذ بصددها أي إجراء للاحتفاظ بها طوال العام حتى اليوم، ونلاحظ ذلك في خيران هييت واربعات وامور وخور عرب والدئيب وخور بركه بدلتا طوكر وخور القاش وغيرها كمناطق تجمع المياه بسهل البطانة. في بعض هذه المناطق تزرع زراعات موسمية لعل أهمها القطن الذي يزرع بخوري بركه والقاش وتزرع الذرة بكميات قليلة وللاستخدام الذاتي الضيق في بقية الخيران كما يزرع القمح وقصب السكر بمنطقة حلفا الجديدة وتزرع الذرة بكميات هائلة في جنوب أواسط وغرب الإقليم في منطقة القضارف وما حولها وكذلك يزرع السمسم والفول السوداني في ذات المنطقة كما تنتج منطقة كسلا الكثير من الفواكه.

    وبالاقليم بعض الصناعات التحويلية كتكرير البترول في بورتسودان وصناعة السكر والغزل والنسيج بخشم القربه وحلفا الجديده وتنتشر بالاقليم معاصر الزيوت النباتيه وقليل من صناعات تعليب الفاكهة وتجفيف البصل.

    والاقليم غني بمختلف المعادن كالذهب والجبص والرخام والحديد والكروم والمنجنيز والنحاس والمايكا وغيرها ولكنها جميعا لم تستغل حتي الان ولم تقم صناعة حولها.

    ويتميز الاقليم الشرقي بميزه لا توجد في أي اقليم آخر وهي انه يطل علي كل الساحل السوداني علي البحر الاحمر، ومنطقة البحر التي يطل عليها الاقليم منطقة غنيه بشكل مميز بثروه سمكية هائله فضلا عن وجود الصدف والكوكيان والحدائق المرجانيه وهي ثروات يمكن ان تنشا فيها صناعات ضخمه، ومهن عديده كما ان هنالك الملاحات التي تنتج الملح الذي يشكل ماده خام تدخل في الكثير من الصناعات فضلا عن ملح الطعام.

    الاحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الاقليم:

    نلاحظ بصفه عامه، وبالرغم من ثروات الاقليم الهائلة التي اشرنا اليها، ان الاقليم شديد التخلف اقتصاديا واجتماعيا

    وثقافيا. ويرجع ذلك لجملة اسباب بعضها يتعلق بطبيعة غالبية السكان ونشاطاتها وعاداتهم وبعضها يرجع لظروف تارخية وبعضها لظروف موضوعيه وبعضها يرجع الي اسباب سياسية. والامر يختلف بدرجات متفاوته بين قبائل الاقليم. فالبجا باعتبارهم يشكلون اكبر جموعه من السكان في الاقليم، كانوا قبل مجئ الاستعمار الانجليزي للسودان يعيشون رعاة للابل والضان، وهم شديدو الاعتزاز بمواشيهم شديدو الاعتزاز برعيهم شديدو التمسك به ولايقبلون، بل ويحتقرون، أي مهنه اخري. وقد كانت متطلبات حياتهم بسيطه قبل دخول الاستعمار وكان الرعي الذي يمتهنونه يسد جل متطلباتهم كما انهم استعملوا جمالهم في نقل البضائع من ساحلهم الي داخل البلاد والعكس مما وفر لهم دخلا اضافيا. وبسبب ماقلناه عن اعتزاز البجا برعيهم فانهم قد عزفوا عن المشاركه في النشاطات الاقتصادية التي اقامها المستعمر في منطقتهم وتمسكوا برعيهم وبالتالي عزفوا عن الاندماج في الحياة الاجتماعيه الجديده في المدن الزراعيه التجاريه التي نشات مع المشاريع الزراعيه.

    لقد لعبت اهداف الاستعمار دورا خطير في تخلف البجا ذلك ان الاستعمار قد جاء بغرض الحصول علي المواد الخام لمصانعه ولخلق اسواق جديده لبضائعه. والبجا لم يكونوا يعرفون تلك البضائع، الا ان الاستعمار قد عمل علي خلق الحاجه والرغبه عندهم، كغيرهم، لشراء منتجاته وكان هذا اول البلاء؛ فشراء هذه المنتجات كان يحتاج الي اموال اما سائله او مقايضه وقد ركز الاستعمار علي زراعه القطن في دلتا القاش وطوكر لاسعاف مصانعه في (لانكشير) بهذه الماده الخام الهامة وفيما يخص البجا فان كل مافعله الاستعمار هو ان دبر امر اعطائهم اجره عن استخدام اراضيهم الزراعية وعن استغلال جمالهم في النقل باجور اسميه لا تسمن ولا تغني من جوع.

    ونتيجة لعزوف البجا عن العمل في المشاريع كان طبيعيا ان يسعي المستعمر لجلب الافراد من قبائل عديده من وسط وغرب السودان وقله من جنوبه لمواجهة النقص في اليد العامله في مشاريعه، كما شجع بعض القبائل الحدودية لتدخل موسميا الي هذه المشاريع لتشارك في الجني والزراعه.

    وذات ظاهرة جلب الافراد من مواقع خارج المنطقه قد تكررت في ميناء بورتسودان التي انشأها المستعمر بغرض تصدير ما استنزفه من موارد البلاد.

    في البدايه كانت بعض قبائل البجا سعيدة بهذه الظواهر ذلك ان انشاء مشاريع القطن وفي ظل انعدام العربات التي لم تكن قد دخلت السودان ادي الي الاستعانه وبشكل واسع بإبل البجا في ترحيل القطن الي الموانئ، وشكل هذا مصدر دخل غطي مؤقتا ماقلناه من غياب مصدر دخل نقدي يغطي ثمن بضائع الاستعمار التي شاع استعمالها كالدقيق والسكر والكبريت والملابس والاحذية… الخ.

    ولكن لم تمر سنوات الا وجلب الاستعمار (اللواري) واستخدمها في نقل القطن كما انشأ بعض السكك الحديدية لتكملة عملية النقل من داخل البلاد للميناء ومن هنا بدا الانحدار في حياة البجا والذي بدا في الاستغناء عن ابلهم في النقل والترحيل ومن ثم فقدان هذه القبائل لمصدر دخلهم النقدي، وفي ذات الوقت بقيت لديهم الحاجه لاستخدام بضائع المستعمر.

    ادي هذا الوضع بالبجا الي ان يضطروا الي بيع اجزاء من ثرواتهم الحيوانيه لتغطية تلك الاحتياجات وكذلك باعوا بعضا من اراضيهم الزراعيه وهو امر ظل يتكرر عاما بعد عام وكانه خطه مدبره لافقارهم، وبذلك ظلت الثروة تتناقض ولم تعد قادره علي تغطية متطلبات كل افراد الاسرة وبخاصه الاجيال الجديده والتي زادت احتياجاتها الاستهلاكيه وبطبيعة الحال لم يكن من هموم المستعمر وقف او منع افقار البجا والا كان الواجب ان يبتدع لهم مصادر ووسائل انتاج جديده يمكنهم عن طريقها من انتاج الدخل الضروري لشراء البضائع الجديده وهو مالم يحدث بالرغم من علم الانجليز بوجود امكانيات وموارد اقتصادية يمكن استغلالها بسهوله في حالات الاضطرار من ثروة سمكية وامكانيات زراعيه في الخيران، وقد ظهر ذلك في كتابات المفتشين الانجليز عن المنطقه، ولكنهم لم يقيموا اية مشاريع ولم يوصوا باقامتها مما شكل اهمالا متعمدا للمنطقه وانسانها.

    ولم يكن امام البجا لمواجهة هذا الوضع خاصة بعد ان ساءت احوالهم خاصة الشباب الا اللجوء الي المدن التي ازدهرت بسكانها القادمين من خارج المنطقة بغرض القيام بالاعمال القليلة التي كانوا يقدرون عليها وهي اعمال الشحن والتفريغ (العتاله). وقد لوحظ في اوائل ايام ازدهار مدن المشاريع ان اشتغل بعض البجا ببعض الصناعات اليدويه الي جانب النقل بالجمال فانتعشت صناعات الجلود والحداده للاسلحة البيضاء وصناعات السعف والصوف وتجارة البان الابل والماعز والسمن التي كانت تجلب بكميات كبيره للمدن والقري الزراعيه. ولكن ونتيجة لتدفق صناعات وسلع المستعمر المصنعه من احذيه واسلحه ناريه ومنتجات الصوف واللبن المعلب بجانب تناقص واضعاف الثروة الحيوانية بارت كل الصناعات اليدويه ولحقت بمهنة النقل بالجمال ومن ثم فقد البجا الدخل الذي كان يعود عليهم من هذه المهن ولهذا ازداد لجوء شبابهم للاعمال اليدويه الهامشية، بل والطفيلية احيانا وغير القانونيه في احيانا اخري، كأعمال عمال المقاهي وبيع الطعام في القطارات او التسول او اعمال التهريب عن طريق البحر وجميعها لم تكن لتدر حتي حد الكفاف؛ ولم تتحسن إلا احوال بعض عمالهم في الميناء نتيجة لقيام نقابات الشحن والتفريغ.

    وظل الحال يزداد سوءا علي سوء في ظل الحكومات الوطنيه المتعاقبه سواء كانت عسكريه او مدنية نتيجة لاستمرار الاهمال وغياب التخطيط لأي مشاريع تنقذ البجا من تدهورهم او حتي التخطيط لخدمات ذات تاثير في تغيير هذا الحال. وكان الغياب كاملا حول قضية التقسيم العادل للثروة والذي كان يمكن ان يثمر عن رصد ميزانيات ذات قيمة لتنمية الإقليم واخراجه من هوة قاع الفقر والمرض والجهل. واستحكمت الماساة بان ما كان قائما من مشاريع قد تدهور وبصورة مريعه ولم يفكر احد في اعادة تأهيله وابلغ مثال علي ذلك هو دلتا طوكر فالانجليز كانوا يحرصون سنويا علي صيانة مجاري خور بركه وقفلها بسدود بسيطه لتوسيع رقعة الفيضان فضلا عن صيانة الدلتا نفسها من بقايا كل موسم، وبعد الاستقلال اهملت تلك العمليات مما ادي الي تدهور المشروع كله ان لم يكن قد انهار تماما.

    كما يرجع تخلف البجا الي مسالة تتعلق بعقائدهم التي كانت في الاصل معتقدات محلية تحولت الي الاسلام عن طريق الطرق الصوفيه في الغالب الاعم، ذلك اذا تجاهلنا جهود بعض الاسر العربيه المسلمه التي انصهرت في قبائل البجا واصبحوا بجاويين بالثقافة واللغة والاختلاط والتزاوج احيانا، وكذلك جهود بعض التجار الذين كانوا يترددون علي ميناء سواكن او يجوبون المنطقه ذهابا وايابا الي داخل السودان.

    ان الصوفيه، ولأسباب كثيرة لا يطيقها هذا المجال، اكثر اقناعا واقرب الي وجدان كل الناس الذين لم يكونوا قد آمنوا من قبل بدين سماوي. ولعل اهم ظاهره تهمنا في الصوفيه في هذا المجال هي توجهها بان الشخص لا يستطيع ان يلج للاسلام بايمان صحيح دون ان يقوده شيخ لهذا الغرض، ومن ثم تنشأ رابطه خطيره بين المريد وشيخ الطريقه. وقد صاحب تصاعد هذا النفوذ الطائفي على الافراد والجماعات نشوء الاحزاب السياسية. وقد قامت الطائفية باحتضان هذه الاحزاب او رعايتها، كما ان قادة الاحزاب ممن كانوا لا يؤمنون بالطائفية قد سعوا الى جذبها لرعاية العمل الحزبي املا في الاستفادة من نفوذها الديني- الطائفي مما مكن لهيمنة الطائفية على العمل السياسي. فصار من واجبات الولاء لشيخ الطريقة تنفيذ ما يشير به في الصراع السياسي. وقد وقع البجا ضحية هذا فكانوا ينتظرون اشارة الشيخ لتحديد اين تذهب اصواتهم.

    ولما كان من معتقدات اهل المنطقه، وهو امر يرتبط بالنظام القبلي وطبيعته، ان العمده او شيخ القبيله هو كبيرها وان مصالحها من مصلحته والعكس صحيح، الا ان بعض هؤلا العمد والمشايخ قد ارتبطوا بالطائفيه لتحقيق مصالح خاصه بهم تختلف بل وتتعارض مع مصالح ابناء القبيله، وكان العربون الذي يقدمه شيخ القبيلة او العمدة هو تأمين اصوات ابناء قبيلته وايصال اوامره اليهم وافهامهم انها واجبة الطاعة، وبذلك نشأ حلف جديد بين الطائفيه وهولا العمد والشيوخ، ومن ثم احكمت القبضه علي اصوات البجا.

    وكل هذا كان من الممكن الا يشكل مأساة لو كان الذين ينتخبون كممثلين للبجا علي قدر من الوعي والقدرة علي التعرف علي اسباب تخلف المنطقه وطرق علاج هذا التخلف ومن ثم توظيف عملهم السياسي لمصلحة المنطقه وسكانها، بينما الذي كان يحدث هو نقيض ذلك تماما. وقد تضافر هذا العجز مع غياب الاهتمام في رئاسات الاحزاب او رعاتها من الطائفيه بمشاكل المنطقه لانهم لم يكونوا قد شعروا بضرورة هذا الاهتمام لأن الاصوات مضمونه والولاء دائم والنفوذ مستقر.

    ويأتي بعد البجا من السكان الاساسيين للاقليم قبيلة الشكريه التي تمتد فروعها حتي الإقليم الاوسط والعاصمه القوميه، ويرجع وجودها في المنطقه الي ايام الهجرات الاولي للقبائل العربيه المسلمة الي السودان وهم مجموعات من الرعاه الرحل ولا يقلون عن البجا تمسكا برعيهم واعتزازهم بماشيتهم وهم بالمثل قد عزفوا وبوجه عام عن المشاركه في نشاطات المستعمر التي انشاها وقد ساعدهم في ذلك بعد مناطقهم التي يعيشون فيها عن مشاريعه والميناء ولم يهتم المستعمر بهم كشانه ببقية اهل الإقليم، الا ان الشكريه قد ساعدتهم عوامل عديده ليكونوا احسن حالا من البجا، فالشكريه قبيله عربيه جاءت الي السودان تحمل لغتها ودينها الاسلامي وثقافتها العربيه مما جعلهم اكثر استعدادا لمتابعة حركة التغيير الاجتماعي بينما البجا يتحدثون لغتهم الام ال(بداويت) وهي لغه غير مكتوبه وغير مرتبطه بثقافات وحضارات متقدمه مما اقعد البجا عن ملاحقة التغيرات الثقافية الاجتماعيه التي اجتاحت السودان بينما تمكنت نخبه من ابناء الشكريه من ملاحقه حركة التغيير والانفتاح علي الثقافات الحديثه.

    ومن قبائل الإقليم قبيلة الرشايده الذين قدموا من الجزيره العربيه العربيه في ثمانينات القرن التاسع عشر، ولاتزال لهم امتدادات فيها. وهم قبيله عربيه عرقا ولغه وثقافة وهم مجموعات من الرعاه لايقل تمسكهم برعيهم وابلهم عن تمسك البجا والشكريه؛ فضلا عن انهم يتمسكون بتقاليد خاصه دفعتهم للانغلاق علي انفسهم وعدم الاختلاط بالقبائل الاخري مما قعد بهم عند حالهم الذي جاءوا به رغم انهم يستعملون، واكثر من غيرهم، بعض ادوات النحضاره الحديثه (كالعربات والتليفزيون …الخ).

    اما بقية المجموعات السكانيه التي نزحت للاقليم من بقية اقاليم السودان وقطنت مدن الإقليم فانها نزحت في الغالب بعد نشوء المدن نفسها وهي مجموعات تتحدث العربيه غالبا او هي عربيه الاصول، بالاضافة الي انهم مجموعات تمتهن اساسا الزراعه وتجيد التجاره وتعمل ببعض الصناعات مما سهل عليها الكسب والاندماج في تلك المشاريع وفي المجتمعات المدنيه التي نشأت في الإقليم؛ واهم فئاتهم جاءت من قبائل شمال السودان الدناقله والشايقيه والجعلين وهم بطبيعة احترافهم للمهن الاكثر ادرارا للدخل كانوا ومايزالون احسن حالا من القبائل الاساسيه بالاقليم ويرجع ذلك الي تمركزهم في المدن المستقرة وامتهانهم مهن الزراعه والتجاره والبناء كما ساعدهم وعيهم المتقدم وحالتهم الاقتصاديه الاحسن لأن يتمكنوا من الاستفاده من الخدمات القليله التي قدمها المستعمر للسودان عامه والمنطقه خاصه وبشكل خاص خدمات التعليم التي مكنت ابناءهم من تزويد الإقليم بالاداريين والكتبه والحرفيين والعمال المهره والمهنيين فظهر للبعض من ذوي الوعي المنخفض من ابناء القبائل الاساسيه في الإقليم وكأنهم فئات طفيليه مستغله؛ وهو امر، كما واضح، ليس صحيحا على اطلاقه ومثلهم في هذا مثل نظرة بعض الاخوة من الجنوب للجلابة. وهذه مساله في غاية الاهميه والخطوره في الإقليم الشرقي لأنه وبدون النظره الصحيحة لهؤلا فان العداء والحقد المحلي غير المؤسس وغير المنطقي يؤدي الي زرع فتنه قوميه وصراعات قبليه شديدة الضرر بكل الإقليم.

    الواقع ان هذه الفئات سودانيه لحما ودما ولاذنب لها في ان وعيها متقدم او انها استفادات من خدمات التعليم مما مكن ابناءها من تقديم خدمات ضروريه واساسيه لابناء الإقليم كله والمساله كلها ان النظر الي حالهم المتيسر عن حال ابناء القبائل الاساسيه لا يعالج بالحقد عليهم او النظر اليهم بعدم الانتماء للاقليم بل يعالج بتحقيق تحسين احوال ابناء القبائل الاكثر تخلفا لكي يتمكنوا من اللحاق برفاقهم ويتمكنوا من المساهمه في بناء اقليمهم مستفيدين بكل جهد وعلم وطاقات ابناء القبائل الشماليه المتقدمه نسبيا الذين لا نظن انهم سيبخلون بهذا الجهد او العلم او المال لهذا الغرض.

    وذات النظرة يجب ان تعالج بها طرق التعامل مع ابناء النوبه الذين هجروا الإقليم من حلفاء القديمه. ولابد ايضا من الاشارة الي المجموعات التي جاءت واستوطنت الإقليم من ابناء القبائل الافريقيه فهولاء ايضا قد صاروا من ابناء الإقليم وهم يقدمون خدمات جليله في المشاريع الزراعيه ولابد من الاستفاده بنشاطهم وكدحهم في بناء مشاريع استقرار الرحل التي سنشير اليها فيما بعد.

    البرنامج المقترح لانقاذ المنطقه:

    يتبين مما تقدم ان بالاقليم الشرقي امكانيات ضخمه من منتجات البحر والاراضي الزراعيه والثروة الحيوانيه والامكانيات التعدينيه وحوالي اربعه ملايين انسان يتطلعون للاستفاده من قدرات ارضهم ليلحقوا بركب التقدم الذي تخلفوا عنه كثيرا بل هم اليوم محصورون في مصيدة الجهل والمرض والفاقه.

    واذا كان الفكر السياسي السوداني قد استقر اليوم علي حتمية التوزيع العادل للثروه بين المركز والاقاليم، فاننا نري ان من مقتضي العداله في ذلك التوزيع هو افراد مخصصات اكبر للاقاليم الاكثر تخلفا لتوفر لها الفرصه للحاق ببقية الاقاليم.

    وعلي ذات الاساس نري انه من الضروري في نطاق الإقليم ان تولي المجموعات الاكثر تخلفا عنايه خاصه، ومن ثم فاننا نري ضرورة ان تعطي قبائل البجا الاولويه في التنميه والاهتمام باعتبارها اكثر القبائل تخلفا في الإقليم.

    و ان يعطي ذات الاهتمام لقبائل الشكريه والرشايده دون اهمال بطبيعة الحال لبقية سكان الإقليم وبشكل عام نري ان هناك حلولا ومشاريع اقتصاديه واجبة التنفيذ ومثلها مثل تنفيذ حلول سياسيه لا تقل اعنها اهميه لازالة تخلف الإقليم وتهميشه وتجاهله وفي هذا الصدد يمكن ايراد الحلول الاتيه:

    اولا: لقد لاحظنا ان المشكله الاساسيه في تخلف البجا ترجع الي طبيعة حياتهم الرعويه المترحله وينطبق هذا بذات القدر علي جزء كبير من قبيلة الشكريه وكذلك الرشايده، اذن فالامر الذي يمكن ان يحدث ثورة في حياة هؤلا هو اجراء تغيير جزري حول الرعي المترحل وما يصاحبه من ادواء خطيره دون الغاء المهنه ذاتها، ذلك ان مهنة تربية الابل والماشيه والاغنام ليست مهنة ضعيفة العائد اذا عولجت علي اسس علميه مبنيه علي استقرار الرعاه طوال العام بل وكل الاعوام في مكان واحد يجدون فيه كل خدمات الرعي ويصاحبه كفالة مهن حرفيه جانبيه تدر دخولا اضافيه.

    وفي ذات الوقت يمكن توفير وتقديم كل الخدمات التي تغير من حياة هؤلاء من كهرباء وتعليم وصحه وبيطره. ان الإقليم غني بالمناطق التي تصلح لان تكون مشاريع رعويه ثابته تقوم حولها قري مستقره ومكفول فيها كل الخدمات، ذلك ان كل ماهو مطلوب هو اراضي خصبه لإنبات الكلأ وبعض المحاصيل الغذائيه كالذره سواء للانعام او الانسان توفر فيها مصادر مياه دائمة سواء بالآبار او بسدود تقام علي الخيران او علي مياه النهيرات الموجوده في الإقليم والتي يمكن معالجة مساراتها لتمتد الي ارض المشاريع المقصوده. فالإقليم كما راينا غني بالاراضي الخصبه التي لم تستثمر حتي الان والمهم هو اغراء واقناع الرحل على اسس حقيقيه وموضوعيه انهم في المكان المعين سيجدون الكلأ والماء والطعام طوال العام، وسيؤدي هذا بالضروره الي تغيير شكل مساكنهم ومرافقهم وطرق التعامل مع الوسائل الحضاريه الثابته كالمجاري وخدمات المياه والكهرباء ووسائل الاتصال والمواصلات والاقتراب من تعلم التعامل مع ادوات ووسائل الحضاره الحديثه. ولعل ابلغ دليل علي صحة هذه الرؤية هو المحاولات المحدوده لقبيلة الشكريه التي استقر جزء منها علي مشارف المشاريع التي نشأت في الإقليم الشرقي في منطقة القضارف والقربه حيث اتيح لهم الحصول علي الماء من ترعه خاصه اقيمت تحت ضغوط الشكريه مما مكن من اقامة الكثير من القرى وحلال الشكريه التي حصلت علي كثير من الحدمات وخاصة التعليم ولكن ولأن المحاوله التي اقيمت لم تكن تستوعب الاقرار بالرعي والاعتراف بالمهنه وتطويرها وتصميم المشاريع علي هذا الاساس، ظل جزء كبير من شكريه الشرق يجوبون مراعي البطانه بمواشيهم وابلهم واسرهم وابنائهم، وظل ينطبق علي هؤلاء ماينطبق علي البجا والرشايده. ويظل الحل ليس هو الغاء مهنة الرعي وانما تحديثها بالتصور الذي اشرنا اليه.

    ثانيا: بتوفر تلك المعالجه فانه سيكون من الممكن دعم حرف البجا المحليه وازدهارها كصناعات الجلود والسعف والصوف وتصنيع الالبان ومنتجاتها مما سيوفر دخلا اضافيا للاسر وسيمكن في ذات الوقت من ادخال حرف جديده مما سيؤدي الي تنوع مصادر الدخل.

    ثالثا: ان توفر مصادر مياه ثابته طوال العام سواء كان ذلك عن طريق المعالجات التي ذكرناها لمياه الخيران في المنطقه او اذا كان عن طريق استحداث استعمال الطواحين الهوائيه او الطاقه الشمسيه او غيرها، فان ذلك سيمكن المجموعات التي تستقر حولها من ممارسه النشاط الزراعي ونري تشجيعيهم ودعمهم في هذا الاتجاه مما سيؤدي الي توفير مصدر دخل اضافي وفي نفس الوقت سيؤدي الي توفير المنتجات الزراعيه لتلك المجموعات، والأهم من ذلك تعود التعامل مع الزراعه الحديثه وآلياتها وادواتها وطرقها العلميه عن طريق الارشاد الزراعي.

    رابعا: ان دعم المشاريع الزراعيه القائمه كمشروع دلتا القاش ودلتا طوكر ومشروع القربه /حلفا الجديده والمشاريع في جنوب القضارف وحولها واقامة السدود علي سيتيت والقاش واقامة مشاريع جديدة عليها يمكن ان تشكل مشاريع اساسيه لاستقرار الرحل وبناء الحياه الجديده للرعاه، بالاضافة الي الخيران الكثيرة الزاخره بالمياه والاراضي حولها اذا عولجت بطرق علميه حديثه.

    خامسا: دعم الاعمال المرتبطه بمنتجات البحر بتحديث مصائد الاسماك الحاليه وانشاء اعمال جديده في هذا المجال ودعم الملاحات وانشاء الجديد منها واقامة صناعات الصدف والكوكيان، وكل هذا لن يؤتي اكله ما لم تبني قرى حديثه بجوار البحر لتكون مراكز لهذه الصناعات والصيد المهني بغرض تقديم الخدمات الضروريه لسكانها مما سيمكنهم من دخول حياة العصر الحديث.

    سادسا:

    1- ان السودان كله، وليس الإقليم الشرقي، محناج لاقامة صناعات تعدينيه حقيقيه في الإقليم فضلا عن دعم الانتاج التعديني الموجود حاليا وابتداع اللازم من السياسات لفتح مجالات تعدينيه جديده واقامة صناعات عليها مما سيؤدي الي استقرار مجموعات اخري من سكان الإقليم وسيقدم مهارات جديده اكثر تقدما واكثر تنشيطا لعقلية الرعاة ليتمكنوا من دخول حياة القرن الحادي والعشرين.

    2- وبالنسبة لمشروعات التعدين في الإقليم فان الامر الغالب هو ان معظم العمال سيكونون من ابناء البجا، ولما كانت الاحوال الصحيه لهؤلا قد تاثرت، وبالضروره، بامرأض سوء التغذيه وغيرها فانه لابد من تأهيل هؤلاء الشباب صحيا للقيام بتلك الاعمال، وعليه فاننا نرى:-

    أ- تقديم رعاية غذائيه وصحيه خاصة للعاملين في مجال التعدين.

    ب- يجب ان يشترط هذا في كافة عقود التعدين سواء كان ذلك علي نفقة المستثمرين او كان بدعم خاص من حكومة الإقليم لذلك الغرض.

    سابعا: من الملاحظ الآن ان ميناء بورتسودان لم تعد تفي او تقوم بالخدمات اللازمه مما استدعي انشاء ميناء سواكن واوسيف اللتان لم تستغلا الاستغلال الامثل، وعند ازدهار السودان وتجارته ومحاصيله فلابد من اعادة تاهيل الموانئ القائمه والعمل علي انشاء موانئ جديده علي البحر وهناك اكثر من موقع يصلح لهذه الموانئ حيث سيشكل انشاء هذه الموانئ رواجا عاما لكل السودان فضلا عما سيقدمه لابناء الإقليم من فرص عمل ومن خدمات حضاريه هائله ومن مصادر دخل جديده، خاصة اذا تذكرنا بان أي ميناء جديد يستلزم صناعات وخدمات تابعه من طرق وسكك حديديه وكهرباء ومياه ..الخ.

    ثامنا:

    (أ) من الملاحظ ان الموانئ الحاليه قد ظلت تعاني من مشكلة شح المياه وخاصة ميناء بورتسودان وذلك للتوسع

    الضخم في الميناء والذي صاحبه توسع سكاني كبير في المدينه الأمر الذي يوجب توفير مياه الشرب للمدينه ولخدمة الميناء حيث يواجهان معاناة شديده للحصول عليها موسميا وكل عام. وفي هذا الصدد فمعلوم ان هنالك العديد من الدراسات والبحوث لحل هذه المشكله نزكر منها على مشروع مياه (دولابياي) ومشروع هباني ودراسات لتوصيل المياه من النيل … وغيرها؛ ونري من الضروري حل هذه المشكله جذريا بتبني افضل هذه المشاريع ولو كان ذلك باعتماد تحلية مياه البحر رغم تكلفتها العاليه سيما وان بعض المنشآت في المنطقه قد اكتفت من المياه العذبه بذلك.

    (ب) بما ان مدن الموانئ هي التي تخدم مرافق تلك الموانئ، فالواقع هو ان حصتها من الماء والكهرباء والتموين وغيرها مقتطعة من حصة هذه المدن؛ ولذلك، ورغما عن ان الموانئ شان قومي، الا انه من الضروري تخصيص نسبه يتفق عليها لاحقا من دخل الموانئ لتلك المدن اذ لا خلاف في انها شان اقليمي وذلك بغرض انشاء وتكملة وصيانة البنيات الاساسيه في تلك المدن لتمكينها من اداء دورها.

    تاسعا: من المعروف ان عصب التنميه في كل مجالاتها هو توفير الكهرباء بل انه عصب التحضر والتمدين، ولذلك فاننا نري انه لابد من تغطية كل المنطقه مدنها وقراها واريافها بشبكه من الكهرباء سواء كان ذلك بتوصيلها بالشبكه القوميه للكهرباء او كان باقامة محطات لتوليد الكهرباء بالغاز الطبيعي. ولا يتم عقد البنيات الاساسيه في المنطقه الا بربط مدن الولايه وقراها بشبكه من طرق المواصلات من مناطق الانتاج الزراعي والرعوي والتعديني فيه الي موانئه، ومن الضروري ربط مناطق الولايه بشبكه من الاتصلات وربط ذلك بالشبكه القوميه للاتصالات.

    عاشرا: كما نري انه يجب اتخاذ الاجراءات اللازمه لاقامة مناطق تجاريه حره علي الحدود مع دول الجوار – مصر وارتريا واثيوبيا – وكذلك منطقه حره في ميناء سواكن.

    حادي عشر: وبالاقليم امكانيات لاقامة نشاطات سياحيه في مصايف كسلا وسنكات واركويت وعروس علي البحر الاحمر وفي المناطق التاريخيه كسواكن وعقيق وغيرها مما سيؤدي الي توفير فرص عمل للكثيرين من ابناء المنطقه وما يصاحب ذلك من تغيير في حياتهم الاجتماعيه والثقافيه.

    ثاني عشر: الإقليم الشرقي منطقه موبوءة بامراض متوطنه ورغم انها جميعا امراض اكتشف لها علاج، الا ان احد لم يضع أي خطه لاستئصال هذه الامراض المتمثله في السل والملاريا وبعض الحميات الاخري؛ ولهذا فلابد من وضع خطه

    مدروسه وفي اقصر وقت لاستئصال هذه الامراض وكفالة خدمات علاجيه ودوائيه في متناول الفقراء في الإقليم.

    ثالث عشر: لقد عولجت قضية التعليم لابناء القبائل الاكثر تخلفا حتي الان علي شكل تقليدي الامر الذي قصر الاستفادة منها علي ابناء المدن وحرم الرعاة من هذه الخدمات، ولهذا فلابد من ابتداع اساليب جديده ومتنوعه لاقناع الرعاه لتعليم ابنائهم وبناتهم؛ وبطبيعة الحال فان مشاريع الاستقرار تشكل اهمها ولكنها ليست كل الحل، ولعل البعض يذكر اساليب بعض الانجليز في تحفيز تعليم ابناء العمد والنظار والتي نجحت لحد ما في هذا الحيز الضيق ولكن المطلوب ان تعمم مثل هذه الاساليب لتشمل كل الفقراء من ابناء الإقليم.

    رابع عشر: التركيز المبكر والجاد والشامل علي محو الاميه وبجهود مختلطه حكوميه وشعبيه تتبع خطه محدده لتحقيق ذلك الهدف.

    خامس عشر: اعتبار اولويه خاصه لابناء الإقليم في مجال التوظيف في المؤسسات والشركات والدواوين القائمه

    في الإقليم حسب مؤهلات الفرد منهم للوظيفه المعنيه.

    سادس عشر: اننا نري انه من الواجب والضروري اعطاء عنايه خاصه للمرأة البجاويه وكذلك الشكريه والرشيدية، هولاء يرزحن تحت تصورات شديدة التخلف وعادات وتقاليد تقعدهن حتي عن الوعي بانسانيتهن، ولهذا فلابد من ابتداع اجراءات وشن حملات مكثفه لتحريك عقول هؤلاء النساء نحو الاهتمام بآدميتهن وحقوقهن فضلا عن دفعهن في الانخراط في نشاطات اقتصاديه قريبه من عقلياتهن يمكن عن طريقها ان يصلوا الي قناعات جديده في التعامل مع الرجل وفي السلوك وفي الحياة وفي النشاط الاجتماعي.

    في المجال السياسي:

    لقد راينا ان من اخطر مصادر تخلف الإقليم هو وقوعه في قبضة وهيمنة الطائفية والقبلية السياسيتين، ولهذا فان اول مايجب عمله هو التمسك بالجديد الذي نقول به والذي يمكن اجماله في التصورات الآتيه:

    1- يجب ان تكون فروع الحزب في الأقاليم هي صاحبة القرار النهائي في شئون الأقاليم- كل فرع في اقليمه- سواء في وضع السياسات والخطط في الاقليم اوفي وضع اولويات وطرق واساليب تنفيذ تلك السياسات؛ ونري الالتزام بهذا التصور الذي يمكن ان يساعد في تخليص الإقاليم من هيمنة القيادات المركزية بالخرطوم ومن ثم سيؤدي الي ان يتولي ابناء كل اقليم شئون اقليمهم وتحديد مستقبل ذويهم والتحرك بحرية واقتدار لوضع السياسات الملائمة لأقاليمهم.

    2- فرع الحزب في الإقليم هو المنوط به ترشيح قيادته للإقليم، وعبر هذا الإنتخاب يتم اختيار قيادة الفرع في الإقليم لكل دورة انتخابية.

    3- التنظيم الفائز بالاغلبيه في الإقليم هو صاحب القرار النهائي في اختيار وزراء الحزب في حكومة الولاية.

    4- التنظيم في الإقليم هو صاحب الكلمة النهائية في تسمية النواب الذين يرشحون للبرلمان القومي. والالتزام بهذا، وفيما نرى، سيمكن القوي التي تجمعت على برنامج، على مستوى المركز، من دعم بعضها لتحقيق رؤاهم في سودان جديد.

    5- يجب حظر الجمع بين أي منصب طائفي ديني وبين الاشتغال بالسياسه في الحزب، فمن يريد من ابناء قيادات الطوائف الدينية في الاشتغال بالعمل السياسي فان عليه ان يعلن تخليه عن كافة اوضاعه الدينية في الطائفة وعن قداسته وهالاته الدينية ويخضع لما ويخضع له السياسيون من نقد ولوم ومحاسبة وعقاب سياسي ويجب ان يكون هذا الاعلان جماهيريا وامام الكافة.

    6- يجب الفصل التام بين القيادة القبلية، سواء كانت ذات مهام ادارية او اجتماعية، وبين العمل السياسي ومن ثم يجب حظر الجمع بين المنصب القبلي والاشتغال السياسي سواء كان هذا الاشتغال يتمثل في الترشيح او مساندة المرشحين او القيام بالدعاية لهم؛ فالمنصب القبلي هو رمز لكل ابناء القبيلة وهم بالضرورة لا ينتمون لحزب واحد ومقتضي العدالة في منصبه القبلي هو ان لا يرجح مجموعة من ابناء قبيلته بدعمها في اتجاه حزبي معين ومن باب اولي ان لا يرجح حزبه هو يفرضه علي مجموع القبيلة؛ فاذا اراد أي من ممن يحتلون منصبا قبليا الانخراط في عمل سياسي فعليه ان يتخلي اولا من كافة مناصبه القبلية او يجب عزله منها والاعلان عن ذلك بل وتحديد بديله قبل ان يشرع في عمله السياسي، ذلك لان قبائل الإقليم الشرقي وخاصة البجا ظلوا يعانون من ظلم بعض قادة القبائل الذين كانوا قبل دخول الاستعمار ولعله بعد دخوله بمدة طويلة، كانوا يقتسمون الحلوة والمرة مع ابناء قبائلهم ولكن وباستمرار افقار هذه القبائل بالعوامل التي اشرنا اليها ظهر لقادة القبائل مصدر رزق وفوائد ومكاسب ودخول جديدة عن طريق الارتباط بالقيادة الاستعمارية وتنفيذ اوامرها، ثم بعد خروج الاستعمار بالارتباط بالطائفية السياسية واقتسام الغنائم والسلطة والثروة والمواقع معها فانفصلت مصالحهم الذاتية عن مصالح مجموع القبيلة، بل وشكلت عقبة في سبيل تنفيذ البرامج التي كانوا ومايزالون يعرفون ان تنفيذها سيؤدي الي تحرر ابناء قبائلهم من قبضتهم ومن ثم ضياع نفوذهم ومصادر دخولهم الاضافية خاصة وهم يعلمون ان الجهل المطبق علي ابناء القبائل وقوة تماسك النظام القبلي وهيمنته علي عقولهم لا يسمح لهم بالانفكاك من هيمنة هؤلاء القاده القبليين الا اذا تحررت عقولهم وارزاقهم.

    7- يجب ان يراقب ان تنظيم الحزب بالاقليم يدار على اسس ديمقراطية حقيقية، كما يجب ان تترك محاسبة الاخطاء الاقليمية لتنظيم الحزب في الاقليم.

    8- في حالة بروز خلاف بين القيادة في المركز والقيادة في الاقليم (وكما ورد في البرنامج العام) فإنه من حق قيادة المركز اخذ رأي قواعد الإقليم، فإذا كان قرار تلك القواعد مساندا لرأي قيادتها الإقليمية، فان القيادة في المركز ملزمة بأخذ رأي القيادة في الاقليم.

    9- من تنطبق عليه شروط الترشيح يحق له ان يرشح لأي منصب، ومن يفوز لدورتين متتاليتين لا يجوز ترشيحه للدورة التالية؛ ويحق له ان اراد ان يرشح نفسة للدورة الرابعة.

    في المجال الثقافي:

    ان اقرارنا بالتنوع السائد في السودان يجب ان تتبع بصدده اجراءات عمليه تؤكد جدية ايماننا بهذا الاقرار. والذي نراه حتي الآن ماهو الا مجرد طلاء اضطرت النخب القائده في الاحزاب الحاليه للاقرار به كما ظل يلوكه العديد من المثقفين من باب الترف الثقافي، بينما الامر السائد في الساحة السودانيه هو ان ثقافات وفنون واداب الوسط هي التي تعتبر بانها الثقافة السودانيه خاصة اذا امعنا التامل فيما ظلت تقدمه اجهزة الاعلام ومراكز الثقافه ودور التعليم.

    صحيح ان اهل الوسط لم يقصدوا ان يسوقوا هذا الوهم لاهل السودان او حتي لذويهم ذلك انه قد فشا كانعكاس لتضافر ظروف موضوعيه وذاتيه احاطت بطلائع اهل الوسط، فقد كانت طلائع المتعلمين منهم ولأسباب ليس هذا مجال الخوض فيها كانت اول من احس بمهانة الاستعمار وهيمنته فبدأوا في البحث عن هويه يتمترسون بها في مواجهة ثقافة وحضارة الاستعمار الانجليزي فلم تسعفهم قامة وعيهم الا بنبش التاريخ الذي عثروا فيه علي الحضارة العربيه الاسلاميه فاعلوها وتخندقوا فيها وبداوا يتدارسون الادب العربي والثقافة العربيه الاسلاميه وتاريخها وبطولاتها وامجادها باعتبارها تؤسس لهم وتنسبهم الي اقوام كرام سادوا العالم في يوم من الايام؛ ومن ثم صارت غناويهم واشعارهم وحكاياتهم هي روح الهويه التي واجهوا بها الاستعمار فصار غناء الحقيبه هو غناء السودان وصارت المدائح النبوية هي روح ونغمة

    التدين السوداني.

    وبطبيعة الحال فان الصوفيه التي كانت مصدر دخول الكثير من السودانين الي الاسلام وكذلك نجاحها في ان تصبغ تدين من جاءوا من الجزيرة مسلمين بصبغتها ومذهبها قد زكت هذا الاتجاه، وقد ادي كل ذلك الي سيادة قناعات وتوجهات المتعلمين من الوسط وعامة الناس بان لا يحتفلوا بشئ قدر احتفائهم بالنسب العربي وبالتاريخ وبالثقافة العربيه الاسلاميه اللهم الا النذر اليسير من ابداعات بعض الادباء السودانين وهو قدر لا يحسب في هذا الاطار.

    ان سيادة وشيوع هذا الفهم ان لم نقل الوهم قد اعمي اعين المتعلمين من الوسط عن النظر حولهم ورؤية هذه

    البحار المتلاطمة من الثقافات غير العربيه الاسلاميه، فقد كان الشمال صاحب ثقافة ولغة وتاريخ يضرب في عمق الزمان ويتميز بل ولا علاقه له بالثقافات والتراث العربي الاسلامي (ونحن نتحدث هنا عن الثقافة وليس عن العقيدة) وجنوب الشمال من قبائل الشايقيه والجعليين لو نظروا الي ما الت اليه ثقافتهم وفنونهم واغانيهم ورقصهم وبل وحتي لهجتهم العربيه ولون سحناتهم وعاداتهم وتقاليدهم لتبينوا انهم قد تشكلوا تشكيلا مختلفا عن الصوره المجرده التي تخيلها بعض ابنائهم ودمغوهم بها.

    وفي الشرق كانت قبائل البجا التي لم تكن تعرف الغالبيه الساحقة من ابنائها اللغة العربيه ومن ثم تجهل تماما ما تعنيه الثقافة العربيه الاسلامية.

    وفي الغرب كان الفور الذين لا تشكل العربيه لهجة امهاتهم، وفي كردفان اختلطت قبائل البقارة بالعنصر الافريقي لدرجة انهم تخلوا حتي عن رعي ابلهم الي رعي الابقار التي لا يعرفها اجدادهم من العرب مثلما تغيرت الوان بشرتهم وابتدعوا لهجة عربية يصعب علي أي عربي اخر ان يفهمها.

    واذا امعن البقارة النظر في الافق المحيط بهم، بل اذا نظروا في انفسهم فسيجدون ان اعرق قبائل السودان هي قبائل النوبه بكل لهجاتها وعاداتها وتقاليدها ومعتقداتها وفنونها المتميزة بشكل فريد ولا مثيل له في باقي اصقاع السودان؛ ففي هذه المنطقة اختلط اللون الافريقي وسري غزيرا دافقا في العروق العربيه فانبت عرقا جديدا وتكوينا بشريا متميزا بل وقبل ذلك تكوينا اجتماعيا وثقافيا ومزاجيا له خصائص فريده وفنون بديعه.

    وفي الجنوب الشرقي كانت قبيلة الانقسنا بكل خصائصها الافريقية المحلية قد اسهمت بدور بارز في مجتمع دولة الفونج.

    اما الجنوب فامره معروف ولا يحتاج الي بيان.

    ان الامر الذي يثير الحيره هو كيف عمي مثقفوا الوسط عن رؤية هذا الطيف القوي. ولعل الاخطر من الحيره هو ان توجهات ابناء الوسط الثقافيه وتعمدهم او اغفالهم رؤية هذا المحيط الذي يعيشون فيه قد كلف السودانيين كثيرا فقد بددت سنوات طويله لاثبات الواقع ولبرهنة البديهيات ولرؤية الشمس في منتصف النهار، واخيرا جدا جاء الاقرار بان هناك تنوعا ثقافيا وعرقيا ولونيا ولغويا في السودان.

    لقد قلنا بان وهم الرؤيه الآحاديه لثقافة السودان جاء وليد ظروف موضوعيه وذاتيه ابان النضال ضد الاستعمار، ولكن المشكله ان هذا الوهم تملك طلائع الوسط لدرجة انهم حسبوه حقيقه او كانوا يرغبون في استمراره لدرجة انهم لم يروا من كانوا يجلسون بجوارهم في مقاعد اول برلمان سوداني وهو برلمان عكس كل هذا الطيف المتنوع ذلك انه قد نشأت مصالح جديده جرت كالمياه السوداء علي عيون من انتشوا بالسلطة الجديدة والنفوذ والحكم. فالاقرار بالتنوع كان

    سيشكل تقليصا لما وجدوه في ايديهم من احتكار للسلطه والثروة ولم يتكرموا الا بالقول للجنوبيين بانهم سياخذون

    بعين الاعتبار الخصائص المتميزه للجنوبيين عند وضع الدستور الدائم للبلاد وكأن الاقرار بهذه الحصائص منحه من الساده الجدد. وبطبيعة الحال لم تسمح الطائفيه السياسيه المتحالفة مع القبليه بان يخرج مثل هذا القول بالنسبة لبقية اهل السودان الذين كانوا جميعا يحملون خصائص متفرده ومختلفة بعضها عن بعض فضاعت الفرصة والمناسبة الحقيقية التي كان يجب ان يتم عندها الاقرار بالتميز، واهدرت سنوات غاليه من عمر السودان وشعبه ومقدراته فافرزت القتال والبؤس والشقاء والمعاناة. واخيرا افسحت المجال للجبهة الاسلاميه بان تزعم بان كل ثقافة السودان قد تجسدت في فهمها للشريعه الاسلاميه وضرورة تطبيقها لدرجة انهم وبجرأة متناهيه صاغوا هذه الرؤية في قانون عقوباتهم لسنة 1991 وهو ذات النظر الذي كانوا قد مرروه علي نميري في قانون العقوبات السبتمبري حيث جعلوا معيار قانونية السلوك البشري بما يتضمنه من عادات وتقاليد وفنون وازياء وخطاب وحركة المراة، جعلوا معيار كل ذلك هو دين الشخص وهم بطبيعة الحال بالنسبة للمسلمين يقصدون الدين الاسلامي كما يفهمونه هم وبما استنبطوه من بطون كتب الاولين؛ فصار كل سلوك الشعب السوداني، علي الاقل من حيث القانون الواجب التطبيق، سلوكا محرما وخارجا عن الدين ويستوجب العقاب. فزي المراة السودانيه حرام وفنون كل الناس رجس من عمل الشيطان وخروج المراة وحركة اختلاطها بالرجل في الحقل والمصنع والمدرسة فسق وفجور، وطقوس الاحتفلات السودانيه في الزواج والختان وايام الحصاد والصيد بل وكل لحظات الفرح الانساني موبقات يجب اقتلاعها من جذورها.

    لقد ان الاوان لأن ينشغل السودانيون بالاهتمام بكل مكونات هويتهم المتمثله في تراث وثقافات كل اهل السودان وان يترجموا هذا الاهتمام في خطط وممارسات عمليه وتنفيذية حتي يشعر كل مواطن سوداني انه في بلده وفي ارضه وان وجدانه هنا وان قلبه علي هذا البلد.

    والواقع اننا لسنا ضد الثقافة العربيه الاسلاميه، بل وعلي النقيض من ذلك فنحن نؤمن بان الثقافة العربيه الاسلامية تشكل الثقل المهيب في ثقافات اهل السودان خاصة وان كل اهل السودان من اقصي شماله (الرطاني) الي اقصي جنوبه (الرطاني) يتفقون ويوافقون بان اللغة العربيه هي لغة التواصل بين اهل السودان رغم تنوعهم واختلاف لغاتهم وتباين لهجاتهم، ولكن الامر الخطير هو ضرورة تحديد المقصود بالثقافة العربيه الاسلاميه بالنسبه لمن ينحدرون من اصول عربيه هل هي الثقافة الموجوده في بطون كتب ادباء وفقهاء السلف الصالح من اهل العروبة ام انها الثقافة العربيه الاسلامية التي نبتت في ارض الواقع السوداني، ذلك ان ماهو مؤكد ويقيني ان الثقافة العربيه بكل مكوناتها القديمة قد جاءت الي السودان حيث اختلطت في تربة المليون ميل وتم استيعابها وتمثلها واعيد اخراجها بعد اجترار استمر مئات السنين فاذا بنا امام ثقافة فريده في تعبيرها وخطابها وفي معاييرها الخلقية والسلوكية وهي تختلف تماما بل وتناقض في معظم الحالات تلك القوالب النظرية التي صاغها ادباء وفقهاء السلف في بطون كتبهم. ان مايجب الاقرار به هو هذه الثقافة العربيه الاسلاميه السودانيه وليست ثقافة اهل الكهف التي جاءت بها الجبهة الاسلامية.

    والاقرار بهذه الثقافة لا يغني ولا يشكل بديلا علي الاطلاق عن الاقرار بأن من لديهم ثقافات خاصه يكون من حقهم ان تشكل ثقافاتهم مكونا اصيلا وشرعيا في ثقافة السودان خاصة وان ثقافاتهم تشكل بذات القدر ثقلا مهيبا في ثقافة السودانيين ويجب ان يشعروا ومن حقهم ان يروا ويسمعوا صوت وصورة ثقافاتهم في كل شكل تعبيري عن الثقافة

    وهو الامر الذي افتقده اهل هذه الثقافات عبر حوالي نصف قرن من سيادة ثقافة الوسط في كل اجهزة الاعلام

    ووسائل وآليات وادوات التعبير عن الثقافة، اللهم الا في فترات قليله وحيز ضيق ابان حكم نميري رغم مفارقة هذا الامر لما ينبغي ان يكون وهو ان التعبير عن هذه الثقافات لن يجد منفذا الا في ظل سيادة الحريات العامة سواء حرية التعبير او النشر او العقيده او الحريه الشخصيه ولكن ضغوط اتفاقية اديس ابابا للحكم الذاتي لجنوب السودان لعام 1972 قد افلحت في فتح منافذ تسربت منها مؤقتا وجزئيا نسائم التعبير عن الذات السودانيه ثم كتم انفاسها

    لهيب الدكتاتوريه فذبلت وماتت بقوانين سبتمبر وجاءت الجبهة الاسلاميه ووارات جثتها في قبر التعصب والتطرف والجهل.

    ان ما قلناه هو مواجع قوميه لكل السودانيين بما فيهم ابناء شرق السودان. اما علاج هذه المواجع فأمره يختلف من اقليم الي اخر؛ ففي الإقليم الشرقي نجد ان المشكله مستفحلة بالنسبه لقبائل البجا التي تتميز بان لها لغتها الخاصة وتاريخها الضارب في القدم في هذه المنطقه مما اسفر عن نشوء فنون واداب وتقاليد واعراف وسلوكيات تكونت عبر الاف السنين وجاء الاسلام واعطاها نكهه خاصه ولمسات جديدة ولهذا فان امر ثقافتهم يحتاج الي معالجات خاصه تختلف عما يمكن ان يقال عن بقية قبائل الإقليم . فالشكريه، وهم المجموعه الثانيه في الإقليم، قد عُبر عن معظم ثقافاتهم في ثقافة هذا الوسط بسبب ان لغتهم وثقافتهم تنحدر من اللغة العربيه ومن الرؤي الاسلاميه. اما قبيلة الرشايده فالامر بالنسبة لها يمكن ايجازه في ضرورة التعرف علي ثقافة وفنون هذه القبيله فهي بحكم انهم عرب ومسلمون فان مزج ثقافتهم في ثقافة الوسط امر لا تقف امامه عوائق ذات بال ولكن الخطير في شانهم ان السودانيين حتي الان لا يعرفون شيئا عن هذه القبيله ولا عن عاداتها او تقاليدها وثقافتها وفنونها، فهي حتي بالنسبه لاهل شرق السودان لغز مغلق ولهذا فان الامر يحتاج الي خطه محكمه تتبني اساليب فريده تدفع الرشايده الي الانفتاح علي الاخرين وعرض ما لديهم من ثقافه وفنون حتي يمكن تسجيلها بالصورة والصوت والتمثيل واعادة اخراج هذا التراث حتي يتعرف عليه بقية السودانيين. ولابد من التنبيه بان الامر ليس بهذه البساطة في المعالجة العملية فهم ينفرون بشده من كشف حقيقة ذواتهم الا لذويهم، ويزداد الامر تعقيدا ان الثقافة والفنون تدور في العاده وتجعل محورها الاساسي المراة وحياتها الاجتماعيه ولقد سبق ان اشرنا الي ان المراة الرشيديه مضروب عليها سياج خطير من عادات وتقاليد وسلوكيات يستحيل اختراقها لغير ابناء الرشايده وعليهم هم التفكير بعمق في هذا الامر وابتداع ما يمكن ان يحرك الساكن والمغلق في كيانات الرشايده.

    اما مجموعة النوبيين الذين هجروا الي حلفا الجديدة فنعتقد انهم لا يعانون مشكلة خطيره فقد كان ومايزال النوبيون من انشط الجماعات السودانيه التي عملت علي تسجيل تراثها واحيائه اذا قورنت ببقية قبائل السودان، ولهذا فان ماينطبق علي المعالجات التي تمت بشمال السودان في موطنهم الاصلي ينطبق علي المجموعه االموجوده الان بشرق السودان.

    بقية سكان الإقليم ينتمون الي ثقافة الوسط وكل مايمكن قوله، ونحن نعالج امر الثقافه في الإقليم الشرقي، ان نترك امر اصلاح الوضع بالنسبة لثقافة الوسط الي المعبرين عن هذه الثقافة في الوسط فيما عدا الملاحظة التي تهم كل اهل السودان وهي انه يجب اعادة تقييم المعالجات المغلوطه عن ثقافة الوسط والتي هدفت الي تشويه هذه الثقافات بدمغها برؤي خارجيه وقمعها في نمازج وقوالب لا علاقة لها بما هو ممارس في ارض الواقع السوداني، وفي هذا الصدد لابد من ان نشيد بمجهودات العديد من ادباء وفناني الوسط الذين جهدوا في ابراز الكثير من جوانب الاصاله والابداع في تراث الوسط وكما انبتته التربه السودانيه.

    اما قبائل البجا وحيث نعتقد ان ثقافتهم وفنونهم وتراثهم بل وحتي تاريخهم قد اهمل وهمش ولهذا فان امر ثقافتهم يحتاج الي معالجات خاصه ويمكن ان نقترح بصددها الاتي:

    1. نعتقد ان البدايه يجب ان تكون جمع وحفظ اللغه وقبل ان تندثر لانه وفي حقيقة الامر فان ال (بداويت) كانت ومازالت وعاءا حمل ثقافة البجا واستخدموها وعبروا بها عن انفسهم لعشرات الاف من السنين، وحوت كل ما جادت به قرائحهم من فنون وحكم وقصص شعبي وشعر وامثال وبطولات واحاسيس ومشاعر افراح والام وآمال وبالرعم من ذلك فاننا نلاحظ ان ال(بداويت) بدات تتراجع امام اللغة العربيه اذ بدات مفردات العربيه تغزوها بشده كما بدا واضحا ان المتعلمين من ابناء البجا لم يعودوا يفهمون الكثير من مفرداتها التي تتداول في اعالي الجبال، بل ان بعضهم لم يعد يعيرها كثير اهتمام ان لم نقل انه لم يعد يعرفها، ولهذا فانه لابد من جمعها توطئة لترجمة ماتحمله من رؤي وثقافة وحكم وامثال وقصص.. الخ الي اللغة العربيه حتي يمكن ادماج رؤاها في الثقافة والتراث السوداني.

    2. تكوين فرق بجاويه مستنيره تقوم بجمع وتسجيل كل التراث البجاوي.

    3. وذات الفرق عليها ان تقوم وعن طريق الصوت والصوره بجمع كافة اشكال وانماط الفنون البجاويه سواء كانت غناءا او رقصا او عروض للفروسيه او احتفالات المناسبات او كانت شعرا او قصصا او حكما وان تقوم ايضا بترجمة التعبيرات البجاويه الي اللغه العربيه والانجليزيه وغيرها.

    4. اقامة مؤسسات اقليمية لحفظ هذا التراث يكون علي راسها متحف للتراث والفنون البجاويه.

    5. انشاء معهد للفنون بالاقليم الشرقي يكون علي رأس اختصصاته الاشتغال بدراسة التراث والفنون البجاويه والعمل علي تطويرها ودمجها في التراث والفنون السودانيه.

    6. العمل علي وضع خطة ثقافية قوميه بغرض الاستيعاب والتعبير عن كل الثقافات والفنون الاقليميه في الاعلام ووسائل التعبير القوميه، وياتي علي راس هذه الوسائل اعادة تأهيل ان لم نقل اعادة انشاء معهد الموسيقي والمسرح كصرح حقيقي يشتغل بفنون المسرح والموسيقي والتراث والفنون الشعبيه وتزويده ليس فقط بالتراث والفنون البجاويه بل ايضا بكل تراث وثقافات وفنون كافة جماعات السودان حتي ينمكن من الاشتغال بتطويرها ومزجها لانتاج ثقافات وفنون تعبر عن وجدان كل الناس في السودان .

    7. وبشكل خاص نري الاهتمام بدراسة شخصية المراة البجاويه التي تحيط بها رؤي مغلقه وتراكمات تاريخ طويل من اعراف وتقاليد وعادات لم يستطيع حتي الاسلام القضاء عليها فهي ليست كأي امراة في أي مجموعه من مجموعات السودان المختلفه وهي لهذا تحتاج لدراسة خاصة لفك مغاليق شخصيتها ومن ثم وضع خطة لاخراجها من هذا القوقع الذي تسكن فيه.

    8. هناك جانب هام لم يهتم به احد سواء من ابناء البجا او من السودان عامة وهو دراسة عقائد وعادات وتقاليد واعراف البجا سواء التي كانت سائدة قبل دخول الاسلام او حسب أي تعديلات جرت عليها بعد اعتناق البجا الاسلام الصوفي ونعتقد ان هذا امر خطير وهام لانه يتعلق بمعرفة الشخصيه البجاويه وطبيعة تركيبها ونفسيتها والدوافع التي تحركها وتلك التي تثبطها باعتبار ان هذا الامر ذو صلة وثيقة بخطط تنمية البجا وتحريك الانسان البجاوي نحو التفاعل مع طبيعة الاجتماع البشري الحديث.





    عودة إلى الصفحة الرئيسية
                  

العنوان الكاتب Date
الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-17-06, 01:12 PM
  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-17-06, 01:35 PM
    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. passpar01-17-06, 02:16 PM
      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-17-06, 08:19 PM
        Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. القلب النابض01-17-06, 08:38 PM
          Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-17-06, 08:57 PM
            Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. MAHJOOP ALI01-17-06, 10:27 PM
              Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. Abureesh01-17-06, 11:01 PM
                Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-17-06, 11:56 PM
                  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. اسامه سعيد01-18-06, 03:30 AM
                    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. MAHJOOP ALI01-18-06, 08:25 AM
                      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-18-06, 08:57 AM
                        Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. degna01-18-06, 09:07 AM
                          Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. القلب النابض01-18-06, 11:00 AM
                          Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-18-06, 02:25 PM
                            Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. هاشم نوريت01-18-06, 03:41 PM
                              Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-18-06, 09:23 PM
                                Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. هاشم نوريت01-18-06, 10:29 PM
                                  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. MAHJOOP ALI01-18-06, 11:54 PM
                                    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-19-06, 09:40 PM
                                  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-19-06, 06:46 AM
                                    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-19-06, 11:27 AM
                                      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. القلب النابض01-19-06, 11:46 AM
                                        Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-19-06, 07:30 PM
  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-21-06, 09:48 PM
    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. هاشم نوريت01-22-06, 09:38 PM
      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-22-06, 11:39 PM
      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-22-06, 11:48 PM
  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. فيصل نوبي01-22-06, 09:05 AM
    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. القلب النابض01-22-06, 07:35 PM
  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. اسامه سعيد01-23-06, 06:34 AM
    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. اسامه سعيد01-23-06, 07:21 AM
      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-23-06, 09:28 PM
        Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. MAHJOOP ALI01-24-06, 00:00 AM
          Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-24-06, 01:57 PM
            Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. MAHJOOP ALI01-24-06, 10:41 PM
  Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. Bashasha01-24-06, 11:01 PM
    Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-25-06, 11:38 PM
      Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. هاشم نوريت01-26-06, 05:19 PM
        Re: الحركة الوطنية لشرق السودان .. تكشف مؤامرة الفتنة وإشعال الحروب بالسودان .. طارق أحمد أبوبكر01-27-06, 04:33 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de