|
Re: حكاية لم تكتمل (Re: أبوشيبة)
|
راقب جاد السيد النملة وهي تتلوى وتتقلب قبل أن تأخذ طريقها إلى اتجاه آخر وهي تسير مترنحة بنصف وعي ... - ياربي النملة دي رايها شنو في تصرفي دا .. ؟
انتابه شعور عارم أن يمسك النملة بأصبعيه ويتفرس في وجهها ليعرف شعورها نحوه ... تملكته الفكرة وضع الجريدة جانباً ونزل برأسه نحو الأرض ليمسك بالنملة ووجهه تعلوه ملامح جادة ... غضوبة .... كان يأخذ الأمر على محمل الجد ... وفي اللحظة التي تحرك فيها إصبعيه ليضما النملة المسكينة ... فاجأه صوت مجوعة من صبية المدرسة كانوا يراقبونه من خلف أزيار السبيل دون أن ينتبه لهم .... حينما هتفوا بصوت واحد : - جاد السيد المجنون ... !
فقفز كالملسوع ... وأطلق الصبية سيقانهم للريح .... لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها نعت "المجنون" ... سمعه قبل ذلك من "السارة" وهي تحكي عنه عند باب بيتها نصف المفتوح مع إحدى الجارات ...
- انتي يالسارة اختي ... ود التومة دا ما لقوليهو علاج ؟ - بري يا يمة ... زول سائل منو مافي .... تراهو حايم كدي دا ... نسأل الله السلامة . - انا سمعت قالوا شرب ليهو سجارة .... ياها السوتا فيهو ... - لا لا ياختي دا ماجن سجارة جن السجارة انا بعرفو ... دا جن راسو عديل ..
قرر أخيرا الذهاب إلى البيت ... آآآآآآه البيت ... أمه حتما تنتظره بعينيها الشفوقتين ... تذكر وجهها الحنون ... ذو الشلخات الثلاثة ....وصوتها الآتي من العمق إلى أعماقه ... هي فقط الحقيقة الكاملة لديه ... كل شيء ما عداها أنصاف حقائق .... كلهم .... حتى والده ... كان يرى فيه نصف أب .... دفع باب البيت بكلتا يديه محدثا صريرا عاليا ناتج من احتكاك الباب الحديدي بالعتبة الخرسانية ... كان أبوه يرقد على عنقريب تحت النيمة في وسط حوش البيت رافعاً قدمه اليمنى فوق اليسرى .. متوسدا يده اليسرى .. ويده اليمنى تخاطب جاد السيد .... - حمد الله على السلامة ... الليلة جيت بدري ... أطرق برأسه ولم يجيبه ... وقعت عيناه على المركوب الذي طالما اصطدم برأسه ... وبأجزاء عديدة من جسمه حينما يحتد النقاش بينه وبين والده ... لماذا يكرهني .. ؟ ألست ابنه ؟ لماذا لا يكون مثل أمي ... آآآآآآآه أمي تلك الحقيقة الكاملة ... الناصعة ...
|
|
![Edit](https://sudaneseonline.com/db/blank.gif)
|
|
|
|