|
Re: رحيل الكاتب والروائي عزت الغزاوي (Re: zumrawi)
|
ابوساندرا اتمنى لو كان عندى الناس فى ليلهم قرات اجزاء كثيرة منها فى جريدة السفير هل قرات قصيدته عن محمد الدرة
في غياب عزت الغزاوي 2003/04/10
رحل قبل ايام الكاتب الروائي الفلسطيني عزت الغزاوي الذي رأس اتحاد الكتاب الفلسطينيين في الأرض المحتلة وأسهم في تنشيط الحياة الثقافية الفلسطينية قبل قيام السلطة الفلسطينية وواصل بعدها حضوره المميز علي هذا الصعيد. هنا مقالان في رثائه كتبهما الشاعران الفلسطينيان غسان زقطان ومراد السوداني الذي اعتقلته القوات الاسرائيلية أكثر من اسبوعين مؤخرا واضطرت إلي إطلاق سراحه بعد ضغوط ثقافية عالمية.
طريق المرايا
غسان زقطان في لغة عزّت الغزاوي ما يغوي بالبحث عن طريق المرايا، مرايا صغيرة ومدورة، مرايا كبيرة، بيضاء وعميقة..، في كل هذا الكرنفال الهادئ ليس ما يشي بالعبث،.. تلك هي مفارقة الكتابة لدي عزّت... وذلك بالضبط ما كان يأخذني، دائماً، من يدي الاثنتين نحو البحث في الاحتفال عن الحكاية نفسها. له ميزة من الصعب أن تكتمل إلا لمبدع، قوة اللغة وجمالها وطاقتها،... ستجد هذا في سرد الرواية وفي النص النقدي وفي افتتاح الحفل وفي زاويته الأسبوعية دفاتر الأيام حيث كان له يوم الأحد. يقول العرب النثر فضاح الشعراء وفي نثر عزت يمكن أن تبصر الشعر في المساحات القلقة للكتابة، وهذا ما لا يتوفر لكثير من الشعراء، ولكنه ضروري لاقتراب الكاتب من الحياة. اللغة استدراج محكم للموضوع، كيف تلتقط مشهدك، زاوية النظر، ترتيب الكائنات.. موضع القلب من كل هذا، وإلي أين سيؤدي انحناء الكتفين لرجل قصير القامة ومبتسم، رجل حميم يربت علي أكتاف المارة والباعة والأصدقاء والخصوم.. وهو يحمل صورة لفتي في السادسة عشرة، وفيما يشبه سؤالاً لا نهائياً ولا طاقة لإيقاف تدفقه: إذا كان ثمة من صافه في الطريق أو المدرسة أو الوادي القريب من البيت حيث دغل صغير؟! غياب عزّت الغزاوي ثغرة لا يمكن إغلاقها في جدار الحكاية، منزل أو نافذة أو شيء ليس من السهل تفهمه. تذهب بي الأشياء إلي صبيحة رحيل حسين البرغوثي في رام الله،.. مشينا في شارع مجاور في مدينة خائفة ومثل أشباح قلقة واصلنا حمل الجسد الوحيد بيننا!
ثمة ما يشقّ الصدر
مراد السوداني
دفن رأسه الثلجي، والذي اشتعل حزناً، بين جناحيه وغاب في البياض.. هناك حيث النومة الأبدية علي سرير التراب .. فجأة انفرطت روحه بهدوء الخطفة حين تسلل ذلك الذي دقّ شخصه .. أسند رأسه المثقل بأيامه المتعبات النواهب ولوّح للبعيد.. ياهٍ يا أبا جاد.. ثمة ما يشق الصدر يا العزيز.. العام 1995، تعرّفت إلي عزت الغزاوي في جامعة بيرزيت، حميماً كدمع الأمهات دافئاً كأعشاش الطير.. ممسوساً بالبساطة والتواضع وحبّ الناس.. يلقاك بابتسامة تفتح شبابيك يومك علي أملٍ في أن تسير واثقاً نحو غدك.. بعد أن أصدرت مجموعتي الأولي رغبوت .. باغتني عبر الهاتف: كنت في صحبة أصدقاء ليلة البارحة وقرأنا مجموعتك الجديدة.. أتمني أن تتاح لنا فرصة عمل ندوة في اتحاد الكتاب لمناقشة المجموعة.. وأثلج صدري وأخجلني بشفافيته.. وما التقيه حتي تتشابك الأيدي في عناق طويل، صرنا أصدقاء.. ياهٍ يا أبا جاد ذابح رحيلك مرّ مذاقته كطعم الحنظلِ .. الشهر الفائت في مركز بلدنا الثقافي أنجح الاتحاد أمسية شعرية كنت أحد ضيوفها.. الفكرة لأبي جاد الذي أشار بضرورة عقد غير أمسية شعرية تحقيقاً للتواصل حتي نري بعضنا كما قال.. قرأت حينها من ضمن ما قرأت قصيدة مهداة إلي صغيري سيف، كنت أدرك أثناء القراءة أنني أيقظت في العزيز عزّت فجيعته بشتلته رامي التي أذبلتها غدّارة غازٍ نقيض.. تجنبّت التحديق في عينيه خلل القراءة خوف الارتباك.. وبعد أن أنهيت عقبّ عزّت: إنها المرّة الأولي التي أسمع فيها شعراً لمراد، وكان الذهول يحاصر كلماته التي تكاد تدمع، لم أكُ راغباً في إيلامك يا أبا جاد.. ولكنّ قلوبنا ضاقت بالزمان والمكان وأنّت كلاماً.. وأنت الذي تنحاز لروحك أيها المجروح بشقائق النعمان آلمك التذكار فأوجست ألماً وفضت بمخبوء الحزن العادي.. الأربعاء الماضي في قاعة بلدية البيرة افتتحت أمسية التضامن مع العراق.. كان ذلك اللقاء الأخير، فتحت ذراعيك للعناق واستقبلتني بصدرٍ رحب ومحبة الآباء للأبناء.. ولمّا تزل ابتسامتك ذاتها حارقة.. علي روحك السلام يا أبا جاد.. يا الذي وقفت علي قبر أخيك حسين البرغوثي قبل عام وذرفت دمعتين ووردة.. مَنْ يقف علي قبر مَنْ يا العزيز أبا جاد؟ مَنْ يودّع مَنْ؟ كلماتك الـ سجينه تسلّلت علي ذات الخطوات في الذهاب إلي جبل بنو حيث صعد عبد الله التلالي ليري الحلاّج يصلب من جديد ويقرأ رسائله التي لم تصل بعد .. تلك المخطوطة التي دفع بها لأخي المتوكل طه ذات حزن، ودّعته علي الدرج في بيت الشعر ، بخجل طفولي أومأ لي لمراجعة المخطوطة وذهب.. أما من أوراق جديدة لنقرأها يا أبا جاد.. أما من دفاتر الأيام لتنعف الكلام علي الجهات الأربعة وتجوح في براري الصمت العربي.. كلّما تصفّحت ما كتبه أبو جاد تخدشني شاعرية تتجول في ممرات رواياته.. الروائي شاعراً.. هكذا أنت أيها الغائب ـ الحاضر..
علي قبرك ارتجفت قصفة الوقت عمراً وناحت علي الذاهبين البلاد. 2
|
|
|
|
|
|
|
|
|