كم اشتاق الان للسير في حوارى ام درمان

نحن والله يا سنجاوي قوم فينا بقية من العباسي الشفيف: العباس بن الأحنف، ذلك الذي قتله الحنين- فيما يروى- لبغداد. وجاء في الأثر عن قصة وفاته في

طريق الحج من البصرة سنة 192هـ أن قوماً كانوا بالطريق، فاستوقفهم صبي سائلاً :
- "يا قوم، أفيكم من أهل الشام؟
قالوا "كلنا منها"
فأهاب به أن اهبطوا على سيدي الذي يحتضر، فوجدوه على شفا وما يكاد يعي، وجلسوا عند رأسه ساعة. فغردت ورقاء على فنن فوقه، فرفع رأسه وأنشد:
يا غريب عن وطنـــــه
مفردا يبكي علــى شجنه
كلما جد البكـــــاء به
دبت الأســـقام في بدنه
ثم أغمى عليه ساعة، فلما أفاق، أنشد يقول:
ولقد زاد الفؤاد شجــى
طائر يبكي على فننــــه
شفّه ما شفَّني فبكــــى
كلنا يبكي على سكنـــه
ثم أسلم الروح.

ثم يا سنجاوي أما قريب من ذلك توجّد محمد عبد الله الأمي، في ما شجا به أولاد الموردة من درته الأثيرة "هواك وهواى بى جاروا.. وسبن أفكارى

نظراتك... أحب تعطف تزيل وجدى.. وأحب كل البحب ذاتك... " خذ إليك يا سنجاوي آخر قوله:
أرتَ فؤادى يا ضامر ودمعى خضاب فى كفاتك
زيد يا دمعى فى سيلك وزيد يا صدرى زفراتك
حبيبك ودعك راحل زيد يا طرفى عبراتك
حمام الأيك حن مرة تعال أسمعنى نبراتك
طريت أم در مقر أملى زمان كفاى عباراتك
وفي رواية أخرى: "طريت أم در مقر أهلى"...

ووووووووووب.. (الرجالة تطير).. والله يا سنجاوي لو ما جنبي كمية من الناس من سائر الأجناس لوجدتني أضرب الروراي واتمردغ بالواطة.. يا أخي إني

والله افتقد أمان أم درمان حينما تدهشك طلاوة نسيمها وأنت تستقبل أولها عبر الكوبري العتيق.. وإني لمشتاق لطلاقة أهله، وحلفهم اليمين، وصدرهم المفتوح

لكل نازل بهم بشراً أم نازلة، وإني لتهزني بالليل إليهم نيران السهد في مضجعي... يا وجعتك يا أم درمان...
أتذكر يا سنجاوي مساجلات عبيد حاج الأمين وصديقه سيد عبد العزيز عندما نقل الأخير إلى مدينة الأبيض:

حبيبي أكتب لى.. وأنا أكتب ليك
بالحاصل بي... والحاصل بيك
الحاصل بي أنا شوق وحنين وأقيم الليل آهات وأنين
أتقلب ما بين الجنبين فارقنى حبيب آلفنى سنين
إستحكم بينى وبينه البين
ماليك أمان ياذا الزمان
ياليالى زمان... الله عليك
.............. إييييييه يا سنجاوي.. ليك سلامي يا أم در أمان... زاد هجري وحكم الزمان..
* حاشية: ربما أعاود بعد أن أغسل عبراتي في الخليج طمعاً في بعض رجالة أحفظ بها ماء وجهي بين بقية المغتربين..