|
يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر
|
في هذا الجو المائج بالمعاني الغامضة، ليس عجبا أن يختلط على الناس شي بشي آخر. خاصة وإننا نرى الآن بين صفوة المثقفين من يحسب الفلسفة دينا ومن يحسب الدين فلسفة. جميعنا يعلم إن حياتنا مليئة بأزماتها و إحباطاتها المؤلمة. ولكن ذلك لا يعنى أبدا أن يختلط الأمر وتعج الحياة باسم الفكر تحت هذا الخلط. كثيرا ما كنت أجد في مقولة الأستاذ الدكتور زكى نجيب محمود أن الدين شي والفلسفة شي، بعد فلسفي آخر لسنا بحاجة للخوض فيه، كون ما قاله بدأ لي من المسلمات. ويبدو اننى كنت واهما نفسي خاصة وان هنالك أذهان أخذت عهدا على نفسها أن تعيش حياتها في هذا الخلط. عندما تبنى الدكتور هذا المنهج الفلسفي كان ما دفعه إليه الخلط لدى البعض الذين يعتبرهم من المتعصبين جدا ودفاعا منه عن العلم طرح منهجه هذا. ولكن عندما تعج الحياة بمثل هذا الخلط خاصة وسط المثقفين يصبح للمنهج هذا رؤى أخرى. اخوانى يبدو واضحا جدا أن هنالك خلط بين الفلسفة والدين. ويقيني إنها إحدى الكوارث التي أصابت مثقفينا وفصلتهم عن جمهور الناس. اعزائى لا جرم في أن يتبنى الفيلسوف مبدأ معين من عنده ويقيم له بناءه الخاص. ولا ضير في أن يأتي فيلسوف آخر ويبنى بناءه على مبدأ من عنده. وهكذا حتى تتعدد البناءات الفلسفية بتعدد أصحابها. وهذا منحى جيد لفهم المنهج الفلسفي وتطبيقه، ولا اعتقد أن هنالك اختلافا عليه وخاصة انه يتيح الحريات المنشودة لدى الجميع. ولكن يجب أن ندرك أن هذا المنهج يقتصر على مجال العلم فقط. لاسيما و نحن امة مسلمة لديها ثوابتها العقائدية التي لا تحتمل الخلط الفكري، ويجب أن نعي تماما انه منهج فكرى لا يراد به ولا يعقل أن يراد به الانطباق على مجال الدين، أو اى مجال آخر غير مجال العلم وحده. إننا في اشد الحاجة لضبط الألفاظ وتحديد المفاهيم لتجنب الخلط والإساءة لمفاهيم عقائدية بسبب جهلنا وقصور فهمنا تجاه الفوارق والاختلافات المنطقية بين الفكر الديني والفكر الفلسفي.
.
اعزائى
إن الأمر بالنسبة للدين مختلف تماما، وذلك كون البناء الديني قائم على وحي منزل، وليس من حق احد آخر أن يبنى دينا على شي آخر من عنده هو، اللهم إلا إذا كان خارجا عن هذا الدين وعندئذ لا يحسب له حساب. وكما أسلفنا مهما تعددت البناءات الفلسفية وأصحابها، يظل البناء الديني واحد لوحدانية الموحي والمحى إليه، وهذا وحده يجعل من الإسلام تحديدا بناءا واحدا عند المؤمنين جميعا. إن الفرق بين الفلسفة والدين جد كبير ومتعدد الجوانب. ابتداء من المصدر، إن الدين مصدره الوحي‘ يوحي إلى النبي أو الرسول. بينما الفلسفة هي رؤى قائمة على طرح مصدره إنسان من البشر. تلك الرؤى قد تكون صادقة ونافعة، أو قد تكون باطلة لا تنفع أحدا. هنالك اختلاف آخر في الطريقة التي يتلقى بها المتلقي ، ففي الدين تجده إما يؤمن أو لا يؤمن. بينما في الفلسفة الأمر يختلف، وذلك لان القبول والرفض أو التعديل مرهون بمراجعة الاستدلالات المنطقية التي ينتقل بها الفيلسوف من جزء إلى آخر، وكذلك هو مرتبط بقدرة ما يقدمه الفيلسوف من تفسير لما نراه في الكون. و هنالك أيضا اختلاف وظيفي، فالدين عبارة عن منظومة من العقائد والشرائع، العبادات والمبادي، تكون حياتنا الدنيا‘ وتمهد لحياة الآخرة والحساب. وإذا أرسلت هذه المنظومة جذورها في حياتنا سنكون قد اكتسبنا أهم الركائز الايجابية في مجتمعنا. أم الفلسفة فهي تختلف عن هذا كل الاختلاف، لأنها تبدأ فعلها بعد أن يكون المجتمع قد أقام مقوماته تلك ليحيا في إطارها.بتناغم وتناسق تام
ولنا عودة
.
لقد فرغ كأسي فمن يملأ كأس أحلامي
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | alsngaq | 01-21-03, 10:23 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | Yasir Elsharif | 01-21-03, 12:44 PM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | alsngaq | 01-22-03, 08:27 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | قرشـــو | 01-22-03, 08:52 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | alsngaq | 01-22-03, 10:55 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | مهيرة | 01-22-03, 01:21 PM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | Alsawi | 01-22-03, 09:35 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | Yasir Elsharif | 01-22-03, 09:45 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | Yasir Elsharif | 01-22-03, 11:18 AM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | alsngaq | 01-22-03, 01:36 PM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | ابوبكر الصوفي | 01-22-03, 02:03 PM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | alsngaq | 01-24-03, 02:44 PM |
Re: يا بورداب الدين شي والفلسفة شي آخــر | Munir | 01-24-03, 09:29 PM |
|
|
|