|
|
 Re: قصة دكتور جامعة (Re: بت قضيم)
|
لبيب...اخي... كأنما الزمن يصر على مد السنته الأخطبوطية نحونا... لبيب الذي سماه ابي بسم احدى ابطال المسلسلات العربية القديمة... ولد ذات يوماً كئيب...هكذا اذكر...هو اصغر مني ببضعة اعوام كنت قد بدأت وقتها التمييز بين اليوم الكئيب والآخر السعيد... تمخضته امي بعد عناء سهر طويل جعلني ارتاب في هذا القادم السئيل...لماذا الوجع والشمس عدوان لا يلتقيان؟؟؟... قال ابي انها ثلاثة اشياء لا تأتي إلا ليلاً... توجع بولادة...توجع بألم ضرس عنيد... وانتشاء ذاكرة الوجع...
كان يوماً كئيباً... تماماً كما يذكر في قصص الأطفال والسحرة... خريف بلادي يأبى أن يستجيب لدعائي المتواصل بإيقاف صوت الرعد... لم اكن اخاف شيئاً خوفي من الرعد العاتي والمطر...
وذاك الحائط المتهالك... بجانبه شجرة منجة تأبى إلا ان تنصاع لفقر الزمن... حتى شجر الفقراء عقيم... ذاك الحائط الذي ما تحمل يوماً صوت رعد او مطر... يتهالك ...مع اول برق يرعد في السماء يبدأ في التفشي... مرض غريب ينخر طوبه فيبدأ في الزوبان السريع... يخلف رائحة تشبه رائحة توب بولستر أمي القديم... كلما تهدم كلما اصبت براحة منبعها الخوف الدائم من ممارسة الحائط لراحته الأبدية فوق راسي... ثم بعد أن يهدأ الخريف... ويأتي بعده برد بلادي الجاف ...يعود ابي فيبني ذاك الحائط من جديد...فيتجدد خوفي مع بداية كل رعد ومطر...
ما علمت يوماً لماذا يبني ابي حائطاً لا يداري به شيئاُ... ولا يسند في تهالكه شيئاً... لا يأتينا إلا ببعض ظل حبيب... يحلو لابي يوم الجمعة من كل اسبوع أن يتناوم تحته بعد الصلاة.. لم احب هذا الحائط ولم ادرك يوماً لماذا كان قائماً هناك...
لبيب... اصر ابي على اسم لا يليق في نظر والدتي برجل سوداني تتخيله هي في شخص ابنها الحبيب القادم... فبطل الرواية الأصلية كما عرضها التلفزيون...كان ناعماً...وسيماً بل جميلاً... رغم كل مواقف الشجاعة التي حاول المخرج والممثلون من حواليه أن يصبغوها فيه....ظل هناك شئ ناعم يطل من وجه هذا البطل... ربما حواف حواجبه...ربما اهتزاز اطراف فمه في الابتسام...ربما تناقض يديه وسيفه المغوار
ابي احب اسم لبيب....أمنى نفسه بذات الرجل الذي تخيلته والدتي...بإضافة صفة ذكاء متقد يورثه له... لبيب عند ابي بعض من حلم ضائع...امل واندفاع شاب كان يظن أنه بالعلم سيرتقى الدرجات... فأيقن مع الحياة...أن علم هذا الزمان .. لا يرقى حتى بضع عتبات..
أتى لبيب كما يأتى جميع الأطفال في عناء... رغم أن والدتي أكدت فيما بعد أنها لم تكن تشعر بتلك الآلام التي تشعر بها عادة كل النساء... رأيت نضوب وجهها... تكور يديها التي خلت أنها لن تقوى يوماً على فتحها من جديد...لمست آثار أصابعها المنطبعة على راحة يدها من شدة الضغط... ترهل بطنها... صدرها المنتفخ... هالات سوداء اعمق من لون شعرها الضارب في القسوة الممتلئ عرقاً...رغم ذلك...كانت تصر على أنها ابداً ما توجعت كما تتوجع عادة النساء.
لبيب بعض من شيطان... كان مثله مثل جميع المواليد... صغير طري هش يثير النفس ببضع تقزز وبضع حنان وبضع دهشة وبضع خيال وبضع شماتة في هذا الكائن الذي لم يدرك بعد سر الحياة.... لم يعذب... لم يعش حياة الطوفان... يضحك بجهل... لا يدرك بعد أن الضحك في وقت لاحق سيكون أضغاث احلام....مولود يهدئ فينا احساس الفجأة التي تتملكنا من خبرة الحياة وجنوحها نحو دهاليز الظلام...
لبيب...طفل متخلف... هكذا بوهت ابي وضحك الزمان... قالوا أنه مصاب بمرض من سخرية القدر أن لا يصاب به إلا طفل بين كل عشرة الآلاف الأطفال... مصاب بمرض يسمى التوحد... ضحك ابي كثيراً في تقارير الأطباء ... ثم أفتى بأن طفله فعلا لبيب... به بعض من اوصاف نبوة... حيث اصيب بمرض يصاب به كل انسان بعد حين من الزمان...
جنت امي... جنت ... امي امرأة عادية... علمت بعد سنة بعد تسعة شهور من التوقع والصبر والاحتمال انها رزقت بعاهة تعتقد أنها لا تستحقها.. فهي امرأة عفيفة...صلاية... تراعي الله ... تبجل زوجها... صعب عليها ادراك أن معظم ما يعطينا الزمان... في الغالب لا نستحقه... لم اشاهد مثلاً وزيراً يستحق الوزارة... ولا فقيراً يستحق الفقر... ولا مرفوداً يستحق الرفد...ولا شعباً يستحق الموات...هكذا هي الحياة...ميزانها مختل... قوانينها صعبة الإدارك... حكمها نافذ ... ظالم في معظم الأحوال...
نساء الحي شمتنها... كن يأتين جماعات لزيادة حسرتها...خبأت الأمر اول الأمر... لكن ريالات اخي الكثيرة... هيجانه اللا متوقع ... ضربه ليديه في الهواء... ابتسامته البلهاء...نظراته الغبية...تهدل أطراف فمه...كل تصرفاته كانت تدل على أنه حتماً يشاهد الشيطان... ولا يشاهد شيطان إلا كل مختل لبيب...
كان يسكن حيناً طويلاً... تهلع معه امي فلا تلبث أن تهزه لتتأكد أن تيار الهواء ما زال قادراً على النفاذ إلى رئتيه الصغيرتين... ثم فجأة بدون سابق انذار كان يثور... يصرخ ويرعد ويضرب كائن مجهول هو حتماً الشيطان... تماماً كما أفتى الشيخ الجليل... قرأ القرآن ثم قال... أنه الصرع... أنه موسوس... لا بد أنك يا امرأة حملتي ماءاً ساخناً ذات يوم ثم (كشحتيه) وقت الصلاة...فمات شيطان من (الكشحة)... وأن الشياطين تنتقم منك الآن...
شيخ آخر قال انه بعض من نبي... أخذ الكثير من لعابه وتمسح به تبركاً...ففي أخي كما قال بعض من نور الله...
أحدهم أفتى أنه السحر... أن سكينة التي كانت تحلم قبل أكثر من خمسة عشر عاماً بزوجك رجلاً لها...كتبت لك سحراً نافذاً... ظهر تأثيره الآن في هذا الطفل الشيطان...
لكن كل البخرات والوصفات لم تنجح في علاج أخي من حالة التوهان التي كان يعيشها...
كنت اخاله كدرويش... ينتابني الضحك الشديد وانا ارى سيدات الحي ايام الأعياد والوقفة يتمسحن به تبركاً... إحداهن طلبت السماح لأمي بان تهتم بحمامه اليومي... رفضت امي بشدة وسرعان ما انتابها الشعور بالصلاح... اخذت سبحة في يدها وكانت في كثير من الأوقات تمارس بها عداد الاقتصاد اليومي الذي كانت بارعه فيه بدلاً من ذكر الله... بها نوع من العبقرية تستخدمها في مجاراة الحياة وراتب زوجها الضئيل...
لبيب... طفل مرزق... استعملته ايام طفولتي ومراهقتي كثيراً( كنقاطة)... اذهب به للدكان ولمحل الحلويات والف به بيوت الجيران... وانهي طوافي ببيت حاجة عيشة بياعة الدندرمة... كنت ارجع به للمنزل وفي يدي ثروه... احصيها فاجد كثير من حلوى واصابع كفتة ومحاشي وبعض وريقات كثيفة الألوان من نقود بلادي الباهتة..
|
|
 
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-20-02, 11:47 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | bitalneel | 08-21-02, 00:13 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Master | 08-21-02, 00:15 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | رقم صفر | 08-21-02, 10:32 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | قرشـــو | 08-21-02, 10:43 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | manj | 08-21-02, 11:01 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | فاطمه | 08-21-02, 11:34 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | sama7-au | 08-21-02, 11:15 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Tumadir | 08-21-02, 11:33 AM |
| حاسب نفسك اولا | sala7 | 08-21-02, 11:58 AM |
| Re: حاسب نفسك اولا | masarat | 08-21-02, 03:03 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Abomihyar | 08-21-02, 03:16 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-21-02, 11:15 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Nimir | 08-21-02, 11:42 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | رقم صفر | 08-22-02, 09:51 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | khal fatma | 08-22-02, 01:34 PM |
| تنويه | بت قضيم | 08-22-02, 09:30 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-22-02, 09:40 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Nimir | 08-23-02, 03:08 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | sama7-au | 08-23-02, 11:21 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | قاسم | 08-23-02, 12:42 PM |
 Re: قصة دكتور جامعة | الحفار | 08-23-02, 03:33 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | ايهاب | 08-24-02, 07:14 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Habib_bldo | 08-24-02, 07:49 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | الجعلي | 08-23-02, 03:54 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-23-02, 05:16 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | الحفار | 08-23-02, 06:11 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-24-02, 11:45 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-24-02, 11:58 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-27-02, 09:12 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | أبوالزفت | 03-16-03, 02:04 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | ود عقاب | 03-16-03, 03:49 PM |
 Re: قصة دكتور جامعة | ابو نور | 03-17-03, 08:50 AM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 03-18-03, 07:45 AM |
 Re: قصة دكتور جامعة | ابو نور | 03-18-03, 08:28 AM |
 Re: قصة دكتور جامعة | meme | 03-18-03, 12:30 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 03-19-03, 10:52 PM |
| Re: قصة دكتور جامعة | Abdel Aati | 03-20-03, 05:45 AM |
|
| |
بت قضيم
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست