|
Re: قصة دكتور جامعة (Re: بت قضيم)
|
امي سيدة كريمة عادية…تشبه جميع نساء بلادي…طيبة لاقصى حد…وقوية بعنف كجميع امهات بلادي…تبكي في جزع إذا ما وقع اخي في الشارع…تبكي بهلع… وتدعي عليه بالموت والقصصان وكسر الرقبة… تبكي ثم لا تلبث أن تدعو على نفسها ان يريحها الله من العذابات التي ابتليت بها منا… ثم لا نسلم جميعنا من تلك الدعوات القاصات… حتى بتنا نكره ان يقوم احدنا بخطيئة فيتحمل الجميع ذنبها… ديدنها في الحياة القهوة… عشقها الابدي ان تختلي بجاراتها فيبدان في قص الحكايا اللامنطقية… تدهش امي بقصصها التي ما ادركت يوماً ما هو المصدر المغذي لها… تستيقظ صباحا فترتدي ثوب البولستر… ذاك الثوب الذي يذكر بمسلسلات الملوكية والثورة حيث كان هناك أمير وغفير...وذات يوم انقلب الأمير غفير ...تماماً ككقصص الأطفال وحكايا السحرة... كان إلى وقت قريب...(توب الفقر) بلا منازع…ثم انقلب حاله فاصبح (توب الغلاء) والتعب والكد...ترتديه الواحدة منهن وهي تدرك أنه كان مجرد غفير...لكنه الآن امير بسعره...رغم ذلك تأبى من تستطيع منه فكاكاً في عناد كريم وطبع ملوكي الاعتراف بأن الغفير...اصبح فجأة أمير... اشترته يوماً بسعر غال....لم يكن شيئاً تحبه أو تتمناه...لكنها الحاجة لعنها الله...شح الموارد …ضيق ذات اليد وذات الرجل وذات الرأس وذات العين وذات الظفر... سمعت ابي يقول لها مرة بعد أن لاحظ استيائها وقرفها من رائحة ا(الثوب) التي ابت الطبع الملوكي وبقيت على حالها اللزج الشبيه برائحة الطين الفاسد...ان لا تستاء....أن هذا الذي ترتديه...هو عين الحياة....حيث تحول الغفير إلى امير ... ومن المضحك المبكي أن الأمير الجديد…أدرك أن سر العظمة الأميرية لا يكتسب...فظل في قرارة نفسه مدركاً لكونه وفصله وماضيه ، فيأتي حاضره بزخم مناقض لذاك الماضي فيحس أن ما يرتديه…واسع عليه بضيق... يدرك الغفير أن قانون الحياة...لا يغير التاريخ...ولا يبدل رائحة النفوذ والسلطة وسحر الجاه المكتسب من ماض تليد....قال لها لا تبتئسي انت ترتدي تاريخ حياة... لم تفهم قطعاً ما قاله ابي الدكتور الفاضل.... ولم تسعى لذلك....فقط قررت أن تحتفظ بتلك الدعابة التي اطلقها والدي فظلت تتضاحك بها مع شقيقاتها وجاراتها...لم تكن تدرك أن زوجها...شبيه بفيلسوف... امي كائن بسيط.... لم تغنها قناعة والدي يوماً.... لم تعمها عن النظر إلى جاراتها.... لم تنزع من قلبها حب الحياة والجنوح نحو الترف.... عربة الكريسيدا مقابل ركشة... صابون اللوكس مقابل الفنيك...معجون السيجنال مقابل المسواك... توب الدش ونفس الدش....قنوات المسلسلات المدبلجة.... القصيص وخمرة الصندل....مسوح الديانا....نعومة الملمس... البوتجاز ،الثلاجة الجو المكندش.... كانت تحب الدجاج... وتكره (السخينة) التي اجبرنا كرهاً على كرهها جميعنا… كانت تبدع في وصف تلك الأكلات التي تذوقناها معها حروفاً بعض وقت...وكثير حلم بقية الوقت.... وحقيقة في وقت نادر ندرة العصافير في فصل شتاء بارد صاقع المطر... كانت تفخر بزوجها الكريم....مركزه العلمي العالي... لكنها كانت فاشلة في وصف المعادلات الكيميائية التي كانوا يذكرونها هوامشاً في بعض الصحف المهترئة.... شاهدتها مرة ترفع الصحيفة في وجه جاراتها... تريهن أن عنصر الكتروني ذري... مع عنصر نيتروجيني … وبعض من عنصر لم يكن فمها جيداً في نطق مخارجه....قد يعطينا في المستقبل املاً في صنع مركبة تقاد بطاقة الشمس.... هكذا قال زوجها العالم…بهتت وانبهرت برد إحداهن.... ها حلفوا قالوا ليك... عزيزة حلفت باليميتها ويحيهيا... قالت شافت بعينها ود كلتوم البدرس في جامعة الخرتوم... جاب ليه شوية قزازات كدي وصباهن وفوووووووووو بقققق.... ما قلب ليك حلتم الوحيدة دهب يلمع كدي يلمع كدي كدي كدي يا يمة... وانت قايلة البيت الأشتروه ده من وين...غايتو ما شاء الللللللله الله ولدها يا يمة اريته ولدي تباغتها بين الحين والآخر احلام الذهب ... وما ادراك ما الذهب... اخبرت ابي بقصة عزيزة وهي مبهورة بولد كلتوم...القدر يقلب الحلة دهب وهو ما زال في سنة تالتة بيطرة.... وانت الماقدرت تسوي زيه وانت رئيس قسم كبير… قالت جملتها الأخيرة بعينين مليئة حسرة احسست بقرن ينتفخ في راسه وهو يحاول إقناعها أن لا علاقة بكلية البيطرة وقسم الفيزياء والكيمياء... ولا علاقة بلؤلؤ المحار وذاك (الهتش) الذي كانت ترتدي رقية…كان يشرح باخلاص أن تاريخ العلوم جميعها لم يفلح في تكوين الذهب كما لم يفلح احدهم في خلق النظفة.... لكنها امي.... امرأة سودانية عادية... كان يضيق بها أول عهدي باستيعاب الحديث.... كان يثور... اصبحت فيما بعد ابتسامته الهزلية رداً على كل ما تقول... وبعض من نظرة حسرة... وسوار ذهبي اتاه بها من ثمن (الصندوق) الكافحت هي لدخوله... وكافحنا نحن في دفع ثمنه اياماً كثيرة حلماً بخروف...او حتى في اسوأ تقدير...شوربة حمام... امي امرأة طيبة... تثور احياناً نفسها ولا يستطع ابي لومها وهو يرى كلتوم وعلوية وآمنة ورقية وكلهن يتهادين بما ملكن.... هي ملكت زوجا ًرائعاً بعلمه... لكن علوية...ملكت زوجاً مغترباً لابنتها الجميلة طالبة المتوسط... اعني التي كانت طالبة متوسط... كلتوم لديها ابن هاجر لامريكا...يتحفهم كل حين وحين ببعض الأوراق الخضراء.... كانت أول مرة ارى فيها ورقة المئة دولار... كنت احاول جاهدة وهي تلوح بها في فخر ونصر أن اشتم رائحتها....قيل لي مرة أن رائحة المية دولار...تشبه رائحة حدائق ود النمير... أما آمنة... فابنتها (حنانة) .. وهي في طريقها لاحتراف الغناء...لديها كسرة رقبة تضاهي أو تكاد تزيد ابرع راقصة باليه روسية.... وضعها مريح...كلما ارسلتني امي لشحدة بعض من قطع الماجي أو شوية صلصة…أجد العديد من الأرجل الممتدة والأيادي....يذكرني بيتها دوماً بصورة (هلم بنا للثأر من التاريخ) ... رقية ابنها سواق حافلة... لا يملكها وإن كان يستطيع شراؤها.... رايته يوماً مرتفعاً عالياً و(سيد الحافلة) يجره جراً واكف الجيران وسيد الدكان تحاول بسودانية حميمة أن (تحوشه) وأن تجعل مالك الحافلة يباركها وينهي الموضوع... لكنه كان منفعلاً…يصرخ ويزبد ويعدد المرات الكثيرة التي سرق فيها السواق البنزين...وزور في حق الاسبيرات وفاتورة الشكمان... وأنه كثيراً ما وجده متهادياً بالحافلة على شارع النيل مع إحداهن من بنات النهار...ضحكت والدتي في مرارة وافتت أن بنات النهار اصبحن اكثر من بنات الليل... كثيراً ما طلبت منه والدته أن يشتري حافلة بدل هذه الفضائح المستمرة فيريحها؟؟؟ ضحك بجدية هازلة وأفتى أن سواق الحافلة يربح اكثر من مالكها…
فيما عدا نقاش تكوين الذهب المكرر بملل…لم اسمعها يوماً ساخطة على ابي... لم اشاهدها يوماً تقف امامه بدون (التوب)... سخطها كان حكاويها وحكاوي جاراتها... سخطها كان نظرتها المتطلعة لريحة صندل أو توب توتال أو خاتم بوبار!!! كثيراً ما ردد ابي …يا للؤم السخط الصامت…
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-20-02, 11:47 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | bitalneel | 08-21-02, 00:13 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | Master | 08-21-02, 00:15 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | رقم صفر | 08-21-02, 10:32 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | قرشـــو | 08-21-02, 10:43 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | manj | 08-21-02, 11:01 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | فاطمه | 08-21-02, 11:34 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | sama7-au | 08-21-02, 11:15 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | Tumadir | 08-21-02, 11:33 AM |
حاسب نفسك اولا | sala7 | 08-21-02, 11:58 AM |
Re: حاسب نفسك اولا | masarat | 08-21-02, 03:03 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | Abomihyar | 08-21-02, 03:16 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-21-02, 11:15 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | Nimir | 08-21-02, 11:42 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | رقم صفر | 08-22-02, 09:51 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | khal fatma | 08-22-02, 01:34 PM |
تنويه | بت قضيم | 08-22-02, 09:30 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-22-02, 09:40 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | Nimir | 08-23-02, 03:08 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | sama7-au | 08-23-02, 11:21 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | قاسم | 08-23-02, 12:42 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | الحفار | 08-23-02, 03:33 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | ايهاب | 08-24-02, 07:14 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | Habib_bldo | 08-24-02, 07:49 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | الجعلي | 08-23-02, 03:54 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-23-02, 05:16 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | الحفار | 08-23-02, 06:11 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-24-02, 11:45 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-24-02, 11:58 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 08-27-02, 09:12 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | أبوالزفت | 03-16-03, 02:04 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | ود عقاب | 03-16-03, 03:49 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | ابو نور | 03-17-03, 08:50 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 03-18-03, 07:45 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | ابو نور | 03-18-03, 08:28 AM |
Re: قصة دكتور جامعة | meme | 03-18-03, 12:30 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | بت قضيم | 03-19-03, 10:52 PM |
Re: قصة دكتور جامعة | Abdel Aati | 03-20-03, 05:45 AM |
|
|
|