|
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� (Re: حسن ادم محمد العالم)
|
كل الضجيج الذي أثير عقيب برنامج شباب توك، والذي اتخذ من الشابة وئام شوقي تخت تصويب، والذي يعكس في ظاهره غضبا غوغائيا ومؤسسيا، ما هو في الحقيقة إلا انعكاس للرعب الذي أخذ بتلابيب المؤسسة الدينية الرسمية التي كانت حتى وقتا قريبا تظن أنها "الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس"! فهذه المؤسسة الحاشدة بطبقة ما يسمى بعلماء الدين، كانت ولازمان طويلة تحتكر المعرفة الدينية وتبيعها كسلعة مدفوعة الثمن في شكل فتاوى وغسيل دماغ عبر قنوات الدولة المختلفة بدءا بالتعليم وانتهاءا بخطب الجمعة المكرورة والمحتشدة بكل ما لا علاقة له بهموم الناس. نجح الامتياز الحصري للمعرفة الدينية من قبل هذه المؤسسة في خلق رهاب سايكولوجي حيال أفرادها، من قبل العامة، والتي بالمقابل استكانت لجهلها بأمور الدين، وأصبحت عالة على هذه المؤسسة التي استثمرت في جهلهم لإحكام قبضتها على وعيهم ومن ثم تدجينهم لصالح المؤسسة السياسية المتواطئة معها. بظهور الإنترنت والحق في امتلاك المعرفة وبسطها للجميع، فقدت المؤسسة ركنا ركينا من قوتها وسلطانها، الا وهو احتكار المعرفة والحقيقة، وبالمقابل عمل هذا الواقع لتمكين العامة من الحصول على ما كان في حكم "سر الاسرار" الإلهية، ولم يعد الحصول على أمهات الكتب الفقهية والكلاسيكيات الإسلامية يستدعى الالتحاق بجامعة الأزهر أو أم القرى أو محمد بن عبد الوهاب أو جامعة القرأن الكريم بالسودان...الخ من منابر السلطة المعرفية الدينية. ولم يعد بالإمكان التستر على المسكوت عنه في التاريخ الاسلامي، وممارسة الحذف والانتقاء في علوم الدين كما كان يحدث من قبل. كما صار عسيرا تمرير الأيديولوجيا وتسويقها للعامة على أنها الدين. صار نقاش الدين في أركان الكرة الأرضية الأربع هو الموضوع المفضل للمسلمين في السوشيال ميديا، اينما كانوا وحيثما حلوا. ففضاء الحرية غير المشروط والعصي على اكراهات السلطة الدينوسياسية انتج شكلا مختلفا للتعاطي مع الدين خارج اطره الرسمية المتعارف عليها، فظهرت القروبات المختلفة التي تتناول موضوعات الدين بجرءة وشغف مبعثه في الغالب دهشة الاكتشاف الاولى لحقائق مغيبة بقصد التضليل، أو مخافة "الفتنة"، لك ما شئت. تشكل شريحة الشباب من الجنسين الغالبية العظمى لأعضاء هذه القروبات، وربما كان هذا مدعاة لسيادة النزعة السفسطائية للنقاش، الذي تسيطر عليه عقلية الانتصار بتسديد الضربة القاضية، لا بأس، فتلك هي البدايات الحتمية لتأصيل المعرفة و لتعلم ديمقراطية الحوار المفتوح، الذي سيفضي لا محالة لاحترام الاختلاف كحق وجودي أصيل. هذا الواقع الجديد المستمد من هيمنة العولمة كنسق ثقافي، اقتصادي وسياسي يسود عالم اليوم، لم يأت هذه المرة على هوى المؤسسة الدينية التقليدية التي اعتاشت لأزمان طويلة على جهل الناس بدينها، فاحكمت قبضتها عليهم، وها هي اليوم ترى بأم أعينها انصراف الأجيال الجديدة عنها إلى غير رجعة، غير هيابيين أو وجليين من جرأة امتلاك المعرفة الدينية بالأصالة عن انفسهم، وليس عبر الوساطة الكهنوتية، كما جرت العادة. لم استغرب ردود أفعال المؤسسة الدينية ومن يوالونها حيال وئام وصويحباتها، فالأمر بالنسبة لهم أكبر وأخطر من "صفاقة" مراهقة لم تراعي "الادب" وحقوق "القوامة" لصاحب اللقب المبجل "رئيس هيئة علماء السودان"، فهو هذه المرة ينطلق من رعب حقيقي اذا فقدان السلطة المعنوية والمادية أمام هؤلاء الشباب الذين لا يهابون المواجهة الفكرية على الملأ والتي كانت حتى وقت قريب من ضروب المستحيلات. فالمؤسسة التي تعودت على الاستاذية ونسق خطابها المسقط في شكل حقائق ناجزة ونهائية على العامة الصامتة والمتلقية باذعان، لم يدر بخلدها أن تجر لمحاورة تتساوى فيها الأكتاف، وتتلاشى فيها الفوارق الطبقية والامتيازات المهنية. لذلك لا غرابة، أن يأتي رد رئيس هيئة العلماء يحمل نبرة الأسف على قبوله "مؤامرة جره" إلى هذه المحاورة. ومن الواضح هنا أن الأسف متعلق تحديدا باهتزاز المكانة التي كانت تمتن دائما بالمسافة المحفوظة بين العالم والعامة، تقرأ الرجرجة والدهماء، فهم يحفظون عن ظهر قلب كتاب (لجم العوام عن علم الكلام) للامام الغزالي. عبد الحي يوسف في محاولة رخيصة وفجة، كما هي العادة في خطابه، حاول استثارة العامة باستخدام كلمة "الالحاد" في محاولة يائسة لدمغ المشاركات في الندوة، من جهة، وحفظ ماء شيخهم الأكبر، من جهة أخرى. ولكنه كالعادة لم ينسى تشيئة المرأة، كنزعة تحقيرية متأصلة في خطابه، فوصفهن بالشمطاوات، وكأن تهمة الالحاد لوحدها لا تشفي غليله. من المؤكد أن المعركة لم تنتهي بعد، فالأمر بالنسبة للمؤسسة الدينية هو مسألة حياة أو موت: فالتهديد هذه المرة يستدعي استخدام كل الوسائل الفتاكة للمحافظة على المصالح المادية والمعنوية التي ظلت تتمتع بها هذه الجماعة منذ عقود طويلة، ولكن بالمقابل لم تعد الأمور كما كانت في السابق، فالوعي طوفان يصعب حصاره، وملفات الpdf تغص بها الشبكة العنكبوتية، حلالا بلالا، لمن يرغب، والسلطة السياسية التي كانت تعول عليها المؤسسة الدينية كذراع باطشة وقت اللزوم، هي الأخرى أكثر عجزا عن محاصرة هذا الوعي الذي لم يقتصر تهديده فقط على المؤسسة الدينية بل على دولة ما بعد الاستعمار ذات نفسها. ولن ننسى بالطبع ذكر أن هذا الحق في المعرفة مصون بسلطة المجتمع الدولي التي لم تعد تتردد في التدخل والحماية، متى ما دعا الداعي، مما يزيد من شقاء وهشاشة هذه المؤسسة التي تعيش اسواء فترات حياتها، منذ إنشائها.
عبد الخالق السر
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر الآنسة وئام شوقي | زهير عثمان حمد | 09-26-18, 04:26 PM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | حسن ادم محمد العالم | 09-26-18, 11:06 PM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | حسن ادم محمد العالم | 09-26-18, 11:33 PM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | حسن ادم محمد العالم | 09-26-18, 11:33 PM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | أبوبكر عباس | 09-27-18, 01:09 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | كمال عباس | 09-27-18, 02:03 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | كمال عباس | 09-27-18, 02:03 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | أبوبكر عباس | 09-27-18, 02:40 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | Mohamed Doudi | 09-27-18, 04:03 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | Yasir Elsharif | 09-27-18, 06:13 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | Yasir Elsharif | 09-27-18, 08:38 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | Deng | 09-27-18, 11:55 AM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | علاء سيداحمد | 09-27-18, 06:53 PM |
Re: كتب الإمام الحبيب الصادق المهدي في أمر ال� | نادر الفضلى | 09-27-18, 07:10 PM |
|
|
|