أبوبكر آداب و البنت الشيوعية المطلوقة .. أسفي عليك يا وطن ..

Quote: ما أجمل غضبك يا شعبي يا لعظمة انفعالك يا وئام. بمداخلتها العظيمة في برنامج "شباب توك" أشعلت وئام شوقي الأسافير بين مؤيد ومعارض. لم يكن مستغرباً علو وكثرة الأصوات المعارضة لما طرحته وئام، فهذا إرث طويل أضيف إليه أكثر من نصف قرن من سيادة الخطاب الديني الظلامي وثقافة الجلافة الصحراوية على منطقتنا بأسرها، والتي تعد سلطة الإنقاذ نتاجا لها بقدر ما هي مروجة وداعمة لها. ولم يكن مستغرباً أيضاً الخواء والإسفاف الذي اتسمت به ردود المعارضين لوئام، ولا قدر البذاءة وفحش القول وسفالة اللغة الذي وسم ردود معظمهم. وكذلك لم يكن مستغرباً تصدي الشيوخ من الصبية الداعشيين وتهديداتهم الصريحة باستخدام مدافعهم ومدرعاتهم ضد مقدم البرنامج "حليق اللحية والشارب" مع "تعففهم" من مقابلة النساء ممن شاركن في البرنامج خشية "اشتعال كهربتهم العالية" وانفجار فحولتهم الفائرة ما كان مستغرباً، بعض الشيء، هو أن العدد الأكبر من المعارضين والمناوئين لوئام كان من النساء، من اللائي وقفت وئام لتدافع عنهن وعن كرامتهن وعن حقوقهن وعن انسانيتهن المهدرة. ذلك هو استبطان الدونية وهو نوع من متلازمة استكهولم حيث يتماهي الضحية مع الجلاد، فيتبنى مواقفه، ويردد مقولاته، متوهماً أنه بذلك يتساوى مع الجلاد في قوته وطغيانه. أثناء متابعتي للمداخلات حول برنامج "توك شو" على الفيسبوك، شاهدت فقرة من برنامج تلفزيوني على أحد القنوات السودانية، تقرأ فيه شابة، في زهو شديد، نظماً من تأليفها تعدد فيه مناقب تعدد الزوجات، وتعاتب بنات جنسها اللائي يرفضنه، وتستصرخ همة الرجال لممارسته، بينما تتلقى أسمى آيات الثناء والإعجاب من مقدم البرنامج، فعرفت أن المصيبة أعظم. ما أزعجني أكثر من كل ذلك كان هو القول بأنه بصرف النظر عما قالته وعبرت عنه وئام فإن طريقتها في الكلام وانفعالها الشديد أمر مرفوض، وكذلك القول بأن القضية ذاتها والجدل حولها هو معركة انصرافية و "انشغال بالفارغة" بالنظر إلى الهموم المعاشية الضخمة التي يكابدها شعبنا، وهو مما ذهب إليه صديقي الأستاذ جعفر عباس في مقال له حول الموضوع، وهو ما أختلف معه فيه تماماً. نعم، وئام كانت منفعلة وهي تتحدث. انفعالها بالنسبة لي كان تعبيراً فصيحاً عن صدقها، وعن وجدانها الحي، وعن روحها الحرة الوثابة التي ترفض الضيم والذل والاضطهاد. كيف لا تنفعل وهي ترزح يومياً تحت نير هذا التخلف الذي يجردها من عقلها ومن كرامتها الإنسانية بالكامل ويجعل منها عورة ومجرد موضوع للشهوة الجنسية لكائنات لا تجد في نفسها ما تفخر به سوى غريزتها الحيوانية، تدعي من جانب بأن الدين قد أمر النساء بالحجاب، ولا تتذكر ، من الجانب الآخر، أن ذلك الدين نفسه قد أمرهم هم أولاً بغض البصر؟ كيف لا تنفعل وئام وهي ترى النساء يجلدن في الساحات العامة وسط الضحكات الصفيقة للسفهاء و"رجال الأمن"؟ كيف لا تنفعل وهي ترى "شايلات التقيلة" من المطلقات والأرامل يكدحن من قبل مطلع الفجر إلى ما قبل مغيب الشمس لإعالة أطفالهن، في بلد صودرت فيه كل حقوق الحياة والصحةوالتعليم وغيرها، يعملن في بيع الشاي والأطعمة وغيرها من المهن الهامشية إلى أن تلحق بهن كشات الشرطة لتحطم أوانيهن وتساومهن على ما تبقى منها؟ كيف لا تغضب، وجميعكم شاهدتم مقظع الفيديو الذي يراود فيه المتدين الكذوب "صاحب الجلباب الأخضر" بائعة الشاي عن نفسها فحطمت مواعينها على رأسه؟ لا أعرف وئام شوقي شخصياً ولا أسرتها الكريمة، التي ربت فأحسنت التربية، ولكني سمعت أن لها عملاً تجارياً في الخرطوم. أما كان من الممكن لوئام، بدلاً من مواجهة ذلك العنت كله، أن تحزم حقيبتها وتغادر البلاد كما غادرت الكثيرات والكثيرون من قبلها في صمت؟ أما كان من الممكن لها، إن كانت حقاً فاجرة فاسقة، كما وصفها أولئك الساقطون، أن تسافر إلى دبي لتقضي حوائجها هناك بالكتمان كما تفعل صديقات المسؤولين الكبار، وقد سمعنا تسجيلات المحادثة الهاتفية المسربة في الواتساب وغيره. بالتأكيد، وئام كانت تعلم جيداً ما ستجره جرأتها وشجاعتها عليها وعلى أسرتها وعلى أعمالها التجارية. كان بإمكانها أن تذهب لمقهاها، وأن تنظر شذراً للشباب والطلاب المتظاهرين وتصب جام غضبها عليهم لأنهم يمنعون عنها الزبائن، كما فعل ويفعل الكثيرون! وكان بإمكانها أن تذهب لتتسلى بلعب الكوتشينة في صفوف البنزين، أو أن تكتفي بتبادل الملح والطرائف وتوجيه بعض الشتائم للنظام على صفحات الإنترنت، ولكنها اختارت غير ذلك، اختارت الطريق الصعب والخطر. أما القول بأن الجدل حول ما أثارته وئام وبرنامج "توك شو" هو قضية انصرافية، والذي صعده البعض إلى حد اتهام القناة الألمانية بأنها ضالعة في مؤامرة إمبريالية عالمية لإهدار طاقات الشعب السوداني في غير معركته الأساسية لإسقاط النظام، فهو قول ذاهل عن حقيقة أساسية، وهي أنه ما كان من الممكن لنظام ساقط على كل المستويات وفاشل في كل المجالات مثل نظام الإنقاذ الإسلامي أن يبقى في السلطة لثلاثة عقود تقريباً لو لم تكن بنى الجهل والتخلف، الذي تستمد منه الإنقاذ مقولاتها كما يستمد منه أولئك الذين شتموا أو هددوا وئام حججهم، تضرب بجذورها عميقاً في التربة الاجتماعية السودانية. نعم أعلم تماماً أن معركتنا مع الإنقاذ طويلة ومعقدة ويجب أن تدار على عدة مستويات، وأن هناك ما هو تكتيكي وما هو استراتيجي، وأن هناك أولويات، إلخ، ولكن إن لم نعرف العلاقة بين الإنقاذ وقهر النساء فلن نعرف أبداً "من أين أتى هؤلاء ؟" ولن نعرف بالتالي متى وكيف سيذهبون. النساء فلن نعرف أبداً "من أين أتى هؤلاء؟"! و كيف سيذهبون. ؟"! ولن نعرف بالتالي كيف سيذهبون. ل ذاهل عن حقيقة أساسية، وهي أنه ما كان من الممكن لنظام ساقط على كل المستويات وفاشل في كل المجالات مثل نظام الإنقاذ الإسلامي أن يبقى في السلطة لثلاثة عقود تقريباً لو لم تكن بنى الجهل والتخلف، الذي تستمد منه الإنقاذ مقولاتها كما يستمد منه أولئك الذين شتموا أو هددوا وئام حججهم، تضرب بجذورها عميقاً في التربة الاجتماعية السودانية. نعم أعلم تماماً أن معركتنا مع الإنقاذ طويلة ومعقدة ويجب أن تدار على عدة مستويات، وأن هناك ما هو تكتيكي وما هو استراتيجي، وأن هناك أولويات، إلخ، ولكن إن لم نعرف العلاقة بين الإنقاذ وقهر النساء فلن نعرف أبداً "من أين أتى هؤلاء؟"! ولن نعرف بالتالي كيف سيذهبون. محمد سليمان عبدالرحيم