الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-19-2024, 10:08 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2018م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-25-2018, 05:56 AM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 28020

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان (Re: Biraima M Adam)



    Quote: الصلة بين الفولاني وقدماء النوبة والمصريين.الصــلة بين الفــولانيين وبين قدمــاء المصــريين وقدمــاء بلاد النــــوبة
    By ‎الطيب احمد محي الدين‎ on Tuesday, October 28, 2014 at 11:38 AM

    الصــلةبين الفــولانيين وبين قدمــاء
    المصــريينوقدمــاء بلاد النــــوبة

    أ.د. الأمــين أبومـــنقة
    أ.د. سليــمان يحـــيى
    مستخلص
    نهدف في هذاالمقال إلى القول بأن هنالك صلة ما (ليست بالضرورية رحمية) تربط بين الفولانيينوبين كل من قدماء المصريين وقدماء بلاد النوبة، وأوردنا عدداً من الأدلة التاريخيةوالآثارية والثقافية والدينية التي تعضد هذا القول، منطلقين من حقيقة تم إثباتهامؤخراً، مفادها أن الموطن الأول للفولانيين في إفريقيا يقع إلى الغرب من مصر(منطقة تسيلي نجير في الجزائر). وقد حاولنا ربط هذه الحقيقة بالبعض من النظرياتالتي تنسب الفولانيين إلى الهكسوس وقدماء المصريين، والقول بوجود شعب في مصرالفرعونية يربي الأبقار ويقدسها. وحاولنا كذلك استجلاء مظاهر الشبه (مدعومةبالصور) بين قدماء المصريين والفولانيين (الامبررو) فيما يتصل ببعض المعتقداتالروحية وافتتان الرجال بالزينة عند كليهما.
    بالنسبةلقدماء بلاد النوبة، فقد عني المقال بالمجموعة (ج) على وجه التحديد، والتي ظهرتفجأة تحمل ثقافة جديدة تتمحور حول البقرة، ويعتقد أنها قادمة من جهة الغرب. وقدأوردنا بعضاً من مظاهر الصلة بين الفولانيين وقدماء النوبة (استخدامالسهام/النشاب، وتقديس الكبش مثلاً)، ودعونا المؤرخين إلى أخذ الفولانيين فيالاعتبار عند البحث عن أصل المجموعة (ج) النوبية.

    ABSTRACT
    Weintend in this article to argue that there is a kind or relation (notnecessarily of blood) between each of the Ancient Egyptians and the AncientNubians. We provided a number of historical, archeological, cultural andreligious evidences that support this argument. We departed from the recentlyproved fact that the first home of the Fulani in Africa lies to the west of Egypt (Tassili N’Ajjer in Algeria). Wethus tried to link this fact with some of the theories that relate the Fulanito the Heksos and Ancient Egyptians, as well as the assumption that speaks ofthe existence in Pharaonic Egyptof a people which reared and venerated cattle. We then tried to discern theresemblance (illustrated by pictures) between the Ancient Egyptians and theFulani with regard to some spiritual beliefs and men’s infatuation by ornamentsamong both peoples.
    Regardingthe Ancient Nubians, the article concerned itself with the C-Group inparticular, which appeared suddenly introducing a new culture rotating around‘cattle’, believed to have migrated from the west. We provided some commoncultural elements which reflect the relationship between the Fulani and theAncient Nubians (e.g. use of bows and arrows, and veneration of the ram)calling upon the historians to have the Fulani also in mind while seeking theorigin of the Nubian C-Group.

    مقدمة
    لم تتعدد النظريات وتختلف حول أصل شعبمن الشعوب – حسب علمنا - مثل تعددها واختلافها حول أصل الفولانيين. ولكن ما إنينظر الباحث إلى هذه النظريات بشيء من التعمُّق حتى يتضح له أن الاختلاف في جلِّهااختلاف ظاهري فقط، وليس جوهرياً، إذ إن ما يربط بعضها ببعض تاريخياً أقوى مما يفرقبينها. فالنظريات التي تنسبهم إلى القوقاز والهكسوس وقدماء المصريين والليبيينوالروم وبني إسرائيل والعرب مثلاً كلها في نهاية المطاف تنتهي بهم إلى المساحةالممتدة من صحراء سيناء عبر الصحراء الليبية إلى قلب بلاد المغرب. والبعض من العناصرالبشرية المذكورة أعلاه، والتي أصلها من خارج القارة الإفريقية، قد أثبت التاريخوجودها في يوم من الأيام في هذه الرقعة الجغرافية. هذا، بينما كشفت الحفريات الأثريةفي منطقة تسيلي ناجير (Tassili N’Ajjer) في الجزائر عن رسومات ونقوش في الكهوف لشعب يرجَّح أنهم الفولانيون،كما سنرى لاحقاً.
    وكذلك اختلف المؤرخون حول أصلالمجموعة (ج) (C-Group) النوبية التي ظهرت فجأة في بلاد النوبة بملامحإثنية غير زنجية حاملة نمطاً اقتصادياً اجتماعياً جديداً يتمحور حول تربيةالأبقار، رجَّح بعض المؤرخين أنها مهاجرة من جهة الصحراء الليبية.
    لقد وجدنا من خلال الدراسات المتوافرةحول الفولانيين، ومن خلال ملاحظتنا لهيئآتهم الإيكنوقرافية ونمط معيشتهم وثقافتهمالمادية ومعتقداتهم الروحية (خارج إطار الإسلام)، وجدنا – كما وجد غيرنا من قبل –تشابهاً ملاحظاً بينهم وبين قدماء المصريين وقدماء بلاد النوبة، الأمر الذي دعاناإلى محاولة البحث والتوسُّع في هذا الموضوع وإلقاء مزيد من الضوء عليه، معتمدين فيذلك على أدلة تاريخية وشواهد أثرية ولغوية وثقافية. وتجدر الإشارة إلىأننا لا نسعى في هذا المقال إلى إثبات أن هؤلاء هم أولئك بقدر سعينا إلى إثباتوجود قدر مقنع من الصلة بينهم ترجع إلى عهود غابرة في التاريخ.

    1- الفلاتة الفولانيون: الأصل والموطن
    يُعرف الفلاتة الفولانيون بمختلفالمسميات، منها : فولاني (Fulani)، وفولا Fula(h))، و بيول (Peul)، وفلاتة (Fallata/Fellata). غير أن للمسمى الأخير، أي "فلاتة"مدلولاً شمولياً خاطئاً في مفهوم السودانيين بصورة خاصة، حيث يعني عندهم كلالمجموعات المهاجرة من غرب إفريقيا بمختلف قبائلها وخلفياتها الإثنية، بما في ذلكالفولانيون أنفسهم. فالشعب المعني في هذا المقال هم مجموعات الفلاتة الفولانيينبشقيهم البدو (رعاة الأبقار) والمستقرون الذين ارتبط تاريخهم بحركات الجهاد ونشرالإسلام والعلم وتأسيس الممالك والإمبراطوريات الإسلامية في غرب إفريقيا، والذينإليهم ينتمي المجاهد الشيخ عثمان بن فودي. وهم المتحدثون باللغة الفولانية،ويسمونها "فلفلدي".
    تتدرج ملامح الفولانيين الفيزيولوجيةمن السحنة النحاسية والشعر الطويل الناعم، وتقاطيع الوجه الدقيقة (كما هو الحالعند بعض المجموعات البدوية وشبه البدوية كالأمبرورو والودابي والويلا والدقرا) إلىالسحنة الداكنه والشعر المجعَّد والأنف الأفطس (كما عند بعض البولار والبيول فيالسنغال ومالي وغينيا). من المؤكد أن للاختلاط والتصاهر والتمازج مع المجموعاتالإفريقية الأخرى دوراً في هذا التباين. وكذلك تختلف أنماط حياتهم ومعيشتهم ومن ثمبعض الجوانب من ثقافاتهم، إذ منهم منيمارس حياة موغلة في البداوة مكرَّسةلتربية الأبقار (والضأن) وخدمتها، ومنهم مجموعات أصبحت تمتهن الزراعة وما عاد لهاشأن بتربية الحيوان، ومنهم من يجمع بين الاثنين، وهناك بعض منهم لا شأن له بهذا أوذاك، بل اقتفى خطى أجداده مؤسسى الممالك فكرَّس حياته للعلم والسياسة.
    وفي ما يتصل باللغة والثقافة، فكل المجموعاتالبدوية الرعوية ما زالت محتفظة بلغتها العرقية (الفلفلدي) وبالثقافة الفولانيةالأصلية (Pulaaku).أما المستقرون فيتفاوتون في هذا الأمر تبعاً لأوضاعهم الاجتماعية في مختلف أماكنوجودهم. فمنهم المحافظون على لغتهم وثقافتهم الأم، ولكن هناك مجموعات ذابت لغةًوثقافةً في مجتمعات الأغلبية التي يعيشون وسطها، حيث هناك من ذاب في مجتمعاتالماندينقو في غينيا، والبمبرا والصنغي في مالي، والهوسا في نيجيريا، والمجتمعاتالعربية في السودان.
    كما ذكرنا في المقدمة، لقد اختلف الباحثون أيمااختلاف حول أصل الفولانيين، حتى خلص عالم الأنثربولوجيا، س.ك. ميك C.K.Meek إلى القول بأن في أصلهملغزاً ((Puzzle (كبيراً)[ii].لقد تناقش العلماء حول هذا الأمر لقرابة القرن من الزمان دون الوصول إلى إجماعحوله، وما كان لنا أن نتطرق إليه في هذا المقال لولا أن ظهرت دراسات جديدة في بعضمجالات العلوم الإنسانية (تاريخ مصر الفرعونية وبلاد النوبة، حفريات أثرية، دراساتإثنولوجية، دراسات في الفنون الإفريقية، إلخ) ألقت نتائجها أضواء جديدة عليه، سيتمالاستشهاد بها في مواضع مختلفة من هذا المقال.
    هناك ما لا يقل عن خمس عشرة نظرية حول أصلالفولانيين. منها إنهم من: الماليزيين، الهنود، الأثيوبيين، الباسك (فرنسا)،القوقاز، الهكسوس، الفينيقيين، اليهود السوريين، قدماء المصريين، الفلاحينالمصريين (Fulah)،الحاميين، الليبيين، والعرب. والغريب في الأمر أن كل من أتى بإحدى هذه النظرياتساق معها الأدلة التي تعضدها، إما من ناحية التكوين الجسماني أو الثقافة. والقاسمالمشترك بين معظم هذه النظريات، هو أنهم شعب قادم من خارج القارة الإفريقية. مهمايكن من أمر، فإننا لا نستبعد انتماءهم إلى أحد هذه الشعوب مع تأثرهم بالشعوبالأخرى (ربما لكثرة تجوالهم في العالم القديم). على أية حال، سيقتصر عرضناومناقشتنا هنا على النظريات ذات الصلة المباشرة بأطروحة هذا المقال.
    من الذين صنَّف الفولانيين ولغتهم في السلالةالحامية، عالم اللغة الألماني كارل ماينهوف معتمداً في ذلك على سحنتهم (غيرالداكنة) وتكوينهم الجسماني (الجسم النحيل) ونمط معيشتهم (الرعي)
      .غير أنه ، حتى إن صدقت أدلته فيهم من حيث السلالة، من المؤكد أنه كان خاطئاً فيتصنيفه لغة الفلفلدي لغة حامية.[iv]
      أما س.ك. ميك فقد أشار إلى الشبه الكبير بينالفولانيين وقدماء المصريين، دون التطرق إلى مسألة الأصل أو الانتماء، حيث يقول:
      إنالشبه في التكوين الجسماني بين العنصر النقي من الفولانيين وبين قدماء المصريينلملفت للنظر. فنجد في كليهما نفس شكل الجمجمة، والوجه المخروطي، وشكل الذقن، وغيابالشوارب، والشعر الزنجي المجعَّد. وقد أخذوا من الفراعنة طريقة تصفيف الشعر وعادةالختان.[v]
      ولا يذهب شونتر (Chantre) وبروكا (Broca) بعيداً عن ملاحظة ميك، حيث ينسبانهم إلى الفلاحين المصريين فيوادي النيل.[vi]
      وهناك من نسب الفولانيين إلى الفينيقيين، ربما –حسب تفسير ميك – لأنهم حمر البشرة، والإغريق يسمون الفينيقيين بـ"الشعبالأحمر" (في رواية أخرى "ذوي الأشرعة الحمراء")، وأنهم ، أيالفولانيين، يلبسون القبعة الفينيقية ويصفِّفون شعرهم على شكل الخوذة الفينيقية[vii](انظر الصورة رقم (1) ورقم(2) في ملحق الصور عند نهاية المقال).
      بيد أن دولافوس يصفهم بأنهم شعب خليط من نسليهودي-سوري[viii]استقر منذ زمن سحيق في سيرينايكا (ليبيا)، ومن هناك شقوا طريقهم إلى وادي النيجرالأعلى وأصبحوا الحكام البيض لمملكة غانا من القرن الرابع إلى الثامن أو التاسعالميلاديين[ix].وهنا نجد دولافوس قد اتفق إلى حد كبير مع هيرودوتس الذي يصف شعباً كان يعيش في هذهالمنطقة تتطابق معظم صفاتهم مع صفات الفولانيين، حيث كتب قائلاً:
      المنطقةمن مصر حتى بحيرة ترويتونيس (Troitonis) في ليبيا تسكنهاقبائل متجولة، شرابهم اللبن، وأكلهم لحوم الحيوانات. لا نجد أحداً منهم قد ذاق لحمالبقر، بل يبتعدون عنه مثلهم في ذلك مثل المصريين. ولا أحد منهم يربي الخنزير.وحتى في سيريني (أو كوريني) (Cyrene) (سرينايكا؟)تعتقد المرأة أنه من الخطأ أكل لحم البقرة، وذلك تقديراً لإيزيس المعبودة المصرية،والتي يعبدونها عن طريق الصوم وإقامة الاحتفالات لها.[x]
      أما علماء القرن التاسع عشر من الفولانيين الذيناهتموا بنسب قبيلتهم، وهم قلة، فقد جمعوا بين نظريات الأصل العربي اليهوديوالرومي. ومن هؤلاء الشيخ عبدالله بن فودي في كتابه المعنون "كتابالنسب"، سوى أنه استخدم عبارة "بني إسرائيل" بدلاً عن اليهود، حيثيقول:
      واعلم أن قبيلتنا التي تسمى توربِّ (Torobbe) (أحد كبرى بطون الفولان) الذين جاءوا من فوتَ (Futa)، فيما نسمع، هم إخوان جميع الفولانيين... كان عقبة بن عامر[xi]المجاهد الذي فتح بلاد الغرب زمن عمرو بن العاص في مصر ووصل إليهم، وهم من قبائلالروم. فأسلم ملكهم من غير قتال وتزوج عقبة ابنة ملكهم اسمها بجُّ منغَ (BajjoMango)، فولد الفولانيينجميعاً. هذا ما تواتر عندنا وأخذناه من الثقاة الذين يخرجون من بلاد فوت... وقدعلمت أن الروم هو عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام.
      وفيإحدى قصائده يلخِّص الشيخ عبدالله هذا النسب في الأبيات التالية:
      فلنا لإسماعيل نسبة عقبة ولنا لإســرائيل أصل جار
      أعمامنا عربُ كماأخوالنا أبناء إســـرائيل أصل جار
      من طور سينا أصلناوجهادنا أفضـى لفوت بنا يثار الدار
      ثم الحوادث سيَّرتأجدادنا لبلاد حوس موالدي ووجارى[xii]
      إن كل ما عرضناه أعلاه لا يوصلنا إلى أصلالفولانيين بصورة قاطعة، كما أن هذا ليس مبتغانا الأساس في هذا المقال. فغرضنا فيكل هذا، بيان وجود قدر ما ونوع ما من الصلة أو العلاقة بين الفولانيين ومجموعةالشعوب التي ورد ذكرها في ما تقدم (قدماء المصريين، هكسوس، فينيقيين، روم، ليبيين،بني إسرائي، وعرب). لعل أهم ما نخرج به مما تقدم من عرض ، نتيجتان: 1) هناك مايربط بين الفولانيين من جهة، وبعض الشعوب البيضاء (أو الحمراء) القادمة من خارج القارة الإفريقية من جهة أخرى. 2) هناك شواهدتشير إلى وجود الفولانيين في الرقعة الممتدة من صحراء سيناء إلى بلاد المغرب قبلظهورهم في إفريقيا جنوب الصحراء. والنتيجة الثانية ذات أهمية قصوى لما سيأتيلاحقاً من نقاش.
      تجمع أغلب المراجع المهتمة بالدراسات الفولانيةبأن أول موطن عُرف للفولانيين في إفريقيا هو فوتا تورو في شمال السنغال وجنوبموريتانيا، مع موطن ثانوي في فوتا جالو في غينيا. ولكن – كما ذكرنا في المقدمة –ظهرت كتابات متأخرة نسبياً تشير إلى وجودهم شمال الصحراء آلاف السنين قبل ظهورهمجنوبها. فقد كشفت الحفريات في تسيلي ناجير في الجزائر عن رسومات على الصخور لأعدادكبيرة من الأبقار، مما دعى مارغريت ترويل إلى الإشارة إلى هذه الحقبة بـ"الحقبة البقرية" (Cattle Period).[xiii]وتصوِّر الرسومات في تلك الحفريات أناساً يقودون الأبقار ومجموعة من الأشخاصيلبسون الحلي، "وهؤلاء غالباً هم الذين يطلق عليهم الفولانيين"[xiv](انظر الصورة رقم (3):
      ويؤكد العالم السنغالي أحمد همبتي با أن الرموزالتجريدية في رسومات تسيلي هي نفس الرموز التي كان يستخدمها الفولانيون في طقوسالعبور في مناطق السنغال وغامبيا في زمنه، حيث إنه نفسه قد مر بها.[xv]وتتفق هذه الرموز، حسب أحمد همبتي با، في أشكال الملابس (المزركشة والمزدانة)وأشكال قرون الأبقار، ويعبَّر عن الميدان الذي تقام فيه طقوس العبور بقرص الشمسمحاطة بدائرة من رؤوس الأبقار ترمز للمراحل المختلفة للقمر. ويضيف بأن"البقرة الخنثمشكل" (Hermaphroditic cow) التي تظهر في رسومات تلك الحفريات ترد أيضاً في الأساطير التيتروى أثناء طقوس العبور.[xvi]ويلاحظ أديببيقبا أن جدائل الشعر المتدلية على ظهر المرأة في رسومات تسيلي مطابقةتماماً للتي عند المرأة الفولانية اليوم.[xvii]إن ما أورده أحمد همبتي با أعلاه يدعونا إلى الإشارة إلى أن طقوس العبور التي مربها ما زالت تمارس إلى يومنا هذا عند الفولانيين الامبرورو بجنوب النيل الأزرق،وأن شكل ملابس طقوس العبور التي وجدها برين في رسومات تسيلي يتفق – من حيث الزركشةوالزينة - مع شكل الملابس التي يلبسها الفولانيون الامبرورو بجنوب النيل الأزرقاليوم في مناسباتهم المختلفة (انظر الصورة رقم (4و5). وانطلاقاً من إفادة ديلانقيبأن أماكن رسومات تسيلي تقع مباشرة إلى شمال المنطقة التي يمكن أن نجد فيهاالخصائص الأصيلة للفولانيين،[xviii]يرجِّح أديبيقبا أن تكون تسيلي ناجير هي الموطن الأصل للفولانيين (في إفريقيا).[xix]
      وهناك مجال آخر من الدراسات يربط الفولانيينأيضاً بشمال إفريقيا، وهي دراسات الثقافة المادية. لعل أهم جانب يشتهر فيهالفولانيون في هذا المجال، ذلك المتعلق بالنقش على القرع (جمع قرعة WildGourd). فقد ذكرت ديلانقي (Delange) أن هناك أثراً كبيراً للطوارق في فن الفولانيين فيما يتصل بهذاالنقش. فكلتا المجموعتين (الفولانيون والطوارق) تستخدم الخطوط بصورة أساسية في النقوش، الطوارق على المجوهراتوالفولانيون على القرع. وأشكال الخطوط عند كليهما متشابهة بصورة ملاحظة. وكذلكلاحظت أن كلاً من البربر والفولانيين يستخدمون المصنوعات الفخارية لأغراض وظيفيةوأغراض جمالية (كحاويات، وأدوات منزلية، وأحواض غسيل، وأدوات زينة حائطية،[xx]وتستبعدديلانقي أن يكون عامل التجارة وراء هذا التشابه، بل بالأحرى الاتصال المباشروالتعايش معاً، لا سيما – في قولها – أن بساقري (Passagre) وعلماء آخرين يرون أن الفولانيين من أصل بربري من شمال إفريقيا.[xxi]
      كذلك تؤيد دراسة أديبيقبا ملاحظة ديلانقي، حيثيؤكد أديبيقبا أن النقش الذي يستخدمه الفولانيون في تزيين قرعهم يشبه ذلك الذيتزين به قبيلة الكبيلي البربرية في الجزائر أوانيها الفخارية.[xxii]
      إذن يُستخلص مما تقدم أن هناك من الأدلة الماديةما يؤكد وجود الفولانيين في بلاد المغرب والصحراء الكبرى قبل ظهورهم جنوب الصحراء.وحتى ما أورده الشيخ عبدالله بن فودي من الزيجة التي تمت بين عقبة بن عامر وابنةملك الروم كان مسرحها هذه المنطقة. وتجدر الإشارة إلى أن اسم ابنة ملك الروم - أيبجُّ منغُ ( ربما منغَ Manga)- يعني في اللغة الفولانية، "الكبيرة" أي الفريدة عظيمة الشأن،[xxiii]مما يوحي بأن الفولانيين كانوا موجودين في هذه المنطقة قبل وصول عقبة بن عامرإليها.[xxiv]وكذلك بقية النظريات التي تتحدث عن الأصل الليبي والمصري القديم والهكسوسوالفينيقي كلها تشير إلى الوجود المبكر للفولانيين في المساحة الجغرافية الواقعةبين مصر عبر سرينايكا (ليبيا) إلى بلاد المغرب والصحراء الكبرى.

      2-"البقرة" و"الشمس" و"النار" في اللغة الفولانية –مدخل آخر للنقاش
      بما أن أطروحة هذا المقال تستند على معطياتتاريخية وثقافية، مادية وغير مادية، وأن اللغة مرآة للثقافة، فسوف نحاول في هذاالجزء من المقال استجلاء بعض المعطيات اللغوية التي تعضد أطروحتنا، لا سيما وأنمفاهيم الفولانيين للكائنات حولهم وكذا فلسفتهم في الحياة نجدها مجسَّدة في لغتهم،ليس فقط في ألفاظها، كما هو الحال في اللغات الأخرى، بل في أبنيتها الصرفيةوالنحوية. ولكن قبل أن ندخل في الموضوع ينبغي الإشارة مرة أخرى إلى الإشكال القائمحول العلاقة بين الفولانيين كمجموعة إثنية من ناحية، واللغة الفولانية التييتحدثونها اليوم من ناحية أخرى. فقد رأينا في ما تقدم أن شعب الفولاني قادم منخارج القارة الإفريقية، وهذا أمر يكاد يحظىباتفاق العلماء. غير أن اللغة التي يتحدثونها هي لغة مجموعات إسمية (NounClass Language)، ولها صلة رحمباللغات السنغالية واللغات البانتوية. فبهذا المعنى، إنها لغة إفريقية صرفة لم يجدعلماء اللغة أمثلة لفصيلتها اللغوية خارج القارة الإفريقية. على أية حال، حتى إذاصدق الرأي القائل إنه ربما يكون الفولانيون قد تخلوا عن لغتهم الأصلية وتبنوا هذهاللغة الإفريقية لغةً لهم،[xxv]فإن إفريقيتها تنحصر في ألفاظها وتراكيبها، بينما ترجع المفاهيم التي تقوم عليهاإلى ثقافة الفولانيين ونظرتهم للحياة.
      إن أهم ما يميز اللغة الفولانية - وكذلك بقيةلغات الفصيلة التي تنتمي إليها – هو أن أسماء كل الكائنات تتوزع في نظام مجموعات،تنضوي كل مجموعة تحت حقل دلالي معين وينتظمها (أي المجموعة) نمط صرفي خاص بها منحيث الإفراد والجمع. فمثلاً كل الأسماء التي تشير إلى مجموعة الآدميين (الإنسان)نجد المفرد منها ينتهي باللاحق (suffix) o-،والجمع باللاحق e– كما في كلمة gorko "رجل" وجمعها worb’e "رجال"، وكلمة laamiid’o "ملك" وجمعها laamiid’e "ملوك". ونجد أسماء السوائل كلها تنتهي باللاحق am-، كما في كلمة ndiam "ماء" و kosam "لبن"، وهكذا في بقية المجموعات.[xxvi]وتحتوي اللغة الفولانية (لهجة الوسط – نيجيريا) على خمس وعشرين مجموعة من هذاالنوع، كل منها يضم عدداً من الأسماء (nouns)يتراوح بين حوالي عشرين وثمانين اسماً تقريباً، باستثناء مجموعتين، هما: مجموعة (nge-class) ngeالتي تضم ثلاثة أسماء فقط، ومجموعة (kol-class)وقوامها اسم واحد فقط. وهاتان هما المجموعتان موضوع اهتمامنا في هذا المقال.
      إن الملفت للنظر في مجموعة nge ليس فقط اقتصارها على ثلاثة أسماء، بل إن هذه الأسماء، على عكس ماهو الحال في المجموعات الأخرى كالآدميين والسوائل، يصعب من الوهلة الأولى التعرفعلى أي رابط دلالي بينها يبرر تصنيفها في مجموعة واحدة. والأسماء الثلاثة هي:"البقرة" nagge، و"الشمس" naange و"النار" yiite.
      إذا تذكرنا أن كل الفولانيين في الأساس كانوارعاة أبقار قبل أن يهجر بعضهم حياة البداوة، نجد أن البقرة تمثل كل شيء في حياتهم،بل (في مفهوم المجموعات البدوية منهم) هي أسباب وجودهم raison d'etre، حيث يعتقدون أنهم خلقوا لخدمتها: يتعاملون معها بنوع من القدسية،فيقسمون بحوافرها ويتواصلون معها، إذ إن أبقار الامبرورو لا ترعى إلا إذا وقفالراعي في هيئة معينة وأعطاها الضوء الأخضر للانطلاق في الرعي.
      تشير الأساطير المتواترة حول أصل البقرة – علىالأقل في حزام السافنا في غرب ووسط إفريقيا – إلى أن الفولانيين هم أول من امتلكالبقرة، ومنهم أخذتها وأخذت ثقافتها بقية الشعوب التي امتلكتها فيما بعد.[xxvii]فتقول الأسطورة السائدة عند عرب الشوا حول بحيرة تشاد:
      في الزمان الغابر كان البقر يعيش فيالماء، ولم يتم ترويضه بواسطة الإنسان بعد. فرأى عالم فولاني هذه الحيوانات وأعجببها، فقام عن طريق السحر والأعشاب (العروق) بإخراجها من الماء. وكان الناس فيالبداية يخافون من هذه الحيوانات الضخمة ويفرون منها، ولكن سرعان ما ألفوها،وتعلموا كيف يوقدون النار حول الزرائب التي تتجمع فيها فتحس بالراحة.[xxviii]
      وهناك أسطورة أخرى تقول أن أحد أسلاف الفولانيينسمع صوتاً يناديه يخرج من البحر. فذهب وجلس بشاطيء البحر (النهر؟) وأوقد ناراً،وعند شروق الشمس خرجت البقرة من البحر، وكان قرص الشمس بينقرنيها. فجاءت ورقدت بجوار النار وأخذت تتكاثر.[xxix]
      إلى جانب فكرة كون الفولانيين هم أول من امتلكالبقرة في مناطق غرب ووسط إفريقيا،[xxx]فإن الأسطورتين أعلاهما تحتويان على كلمات مفتاحية قد تفسر لنا كنه مجموعة nge (nge class)التي نحن بصدد الحديث حولها، وهذه الكلمات (والتي تحتها خط) هي:"البقرة" و"الشمس" و"النار". فهذه الكلمات هيالمكونة لمجموعة nge،وما ورد في الأسطورتين يعطينا تفسيراً مقنعاً لتصنيفها في مجموعة واحدة رغم عدمتجانسها دلالياً. إذن فإن "البقرة" و"الشمس"و"النار" تشكل مجموعة متجانسة دلالياً (مجموعة nge)، وهي مجموعة العناصر الحيوية في الوجود عند الفولانيين، بما فيذلك المعتقد. وتجدر الإشارة إلى أنه إلى يومنا هذا يمارس الفولانيون الرعاة عادةإيقاد النار في المساء حول زرائب الأبقار لتستريح، وتسمى هذه النار تحديداً فياللغة الفولانية d’uud’al"تكاثر" اعتقاداً منهم بأنها تعين على توالد الأبقار (تبعاً لما ورد فيالأسطورة الأولى) وتجلب لها النماء.
      أما "قرص الشمس بين قرني البقرة"،فيذكر بآلهة قدماء المصريين (انظر الصورة رقم (6))، وما زال الفلانيون الرعاةيرمزون له في احتفالاتهم بطقوس العبور، كما رأينا في إفادة روبرت برين التي وردذكرها فيما تقدم. وسوف نعود إلى هذا الموضوع عند حديثنا عن صلة الفولانيين بقدماءالمصريين.
      أما مجموعة kol(kol-class)،فقوامها – كما أسلفنا – اسم واحد فقط، وهو nyalahol "العجل". وهذه المجموعة أيضاً ذات مغزى كبير في نظرةالفولانيين للحياة. فالعجل هو ابن البقرة ورمز لاستمراريتها، يعظمونه ويقسمونأيضاً بحوافره. لذلك لم يجدوا له كائناً آخر يدانيه في المقام فيشاركه هذهالمجموعة، أي مجموعة kol.كما هو الحال بالنسبة لـ"قرص الشمس بين قرني البقرة"، فإن للعجل أيضاًمكانة خاصة من بين معبودات قدماء المصريين، كما سنرى لاحقاً.
      نخلص مما تقدم إلى أن البقرة تمثل عصب الحياةوأسباب الوجود عند الفولانيين وأهم عنصر في ثقافتهم. فقد أورد تيلر Taylor 82 اسماً للأبقار في اللغة الفولانية، حسب ألوانها، وطباعها،وأعمارها، وأشكال قرونها، الكسول منها والنشط، التي تسير في مقدمة القطيع منهاوالتي تسير خلفه، الضعيف منها والوديع، الولود منها وغير الولود، وحسب كمية لبنها،وحسب عدد البطون التي خلفتها، وما إذا كان صغيرها قد نفق أم على قيد الحياة، إلخ.[xxxi]كل هذا يؤيد الاعتقاد السائد لدى بعض شعوب غرب ووسط إفريقيا بأن الفولانيين هم أولمن امتلك البقرة. وقد أثبت براوكيمبر (Braukämper) أن ثقافة البقارة (Baggarization) قد تطورت على أيدي الفولانيين، وأن من يُعرف اليوم بـ"البقارة" في دارفور، عند تحولهم من "أبالة" (رعاة الإبل)لظروف مناخية، امتلكوا فصيلة البقر التي كان، وما زال، يرعاها الفولانيون، كماأخذوا ثقافتها منهم.[xxxii]وكذلك رأينا العنصر الرابط بين "البقرة" و"الشمس"و"النار"، والذي يبرر تصنيفها في مجموعة إسمية واحدة في اللغةالفولانية، باعتبارها العناصر الحيوية في وجود الفولانيين. وكذلك رأينا أن للعجل مكانةأخص في مفهومهم للأسباب التي سقناها أعلاه، وأن "العجل" و"قرصالشمس بين قرني البقرة" يعودان بنا إلى معتقدات ومعبودات قدماء المصريين، مماسيساعد على مناقشة موضوع الجزء التالي من هذا المقال.
      3-الفولانيون وقدماء المصريين:
      لقد رأينا في الجزء الأول من المقال عند حديثناعن الفولانيين من حيث الأصل والموطن، كثيراً من الشواهد التي تشير إلى وجودهمالمبكر في مصر القديمة، فقد نسبهم ميك مباشرة إلى قدماء المصريين، كما ذكر الشيخعبدالله بن فودي أنهم انتقلوا من طور سيناء عبر شمال إفريقيا إلى إفريقيا جنوبالصحراء. وحتى نسبتهم إلى الهكسوس والقوقاز وغيرهم ينتهي بهم إلى مصر – كما أسلفنا- حيث ذكر سيريل ألدريد (Cyril Aldred) أن الملوك الهكسوس قدموا إلى مصر بعد أن غزوها، ووصفهم بأنهمأناس ساميون، وكان سلاحهم النشاب.[xxxiii]وسوف نعود إلى موضوع السهام في الجزء الأخير من المقال عند حديثنا عن صلةالفولانيين بقدماء بلاد النوبة.
      وكذلك أشار ميك – كما رأينا فيما تقدم – إلى أنالشبه بين الفولانيين وقدماء المصريين لملفت للنظر. كما رأينا أن المجموعة التيذكر هيرودوتس أنها تسكن بين مصر وليبيا تنطبق عليها كثير من صفات الفولانيين،وتعتقد المرأة عند هذه المجموعة أنه "من الخطأ أكل لحم البقرة، وذلك تقديراًلإيزيس المعبودة المصرية، والتي يعبدونها عن طريق الصوم وإقامة الاحتفالاتلها".[xxxiv]
      غير أن أكثر مجالات الشبه بين الفولانيين وقدماءالمصريين يتمثل في "المعتقد". فقدماء المصريين يعتقدون أن في كل إنسانروحاً لا تفني بموته يسمونها "با"، وأن لكل فرد كائناً مستقلاً، كماأوضح أحمد عزت، يعرف باسم "كا"، ويعيش معه. وقد تخيلوا الروح"با" على هيئة طائر برأس بشري يربض عند قبر الميت حتى يبقى حياً. أما"كا" فهو الشخصية البشرية للإنسان بعد موته. فتلتحم الروح (با) مع جسدالميت (كا) ويحققان الحياة الأبدية.[xxxv]ونشير هنا مستصحبين الاعتقاد أعلاه، إلى أن الفلاتة الفولانيين في جنوب دارفورينقسمون إلى فرعين رئيسيين، هما: الإبا (Iba) المتحدثين بلغة الفلفلدي بمختلف مجموعاتهم، والإيكا ((Ika،وهم الذين تخلوا عن لغتهم العرقية وتحولوا إلى العربية. ولا نعرف إن كان هذاالتقسيم موجوداً وسط الفولانيين في الأماكن الأخرى، غير أنه بالإمكان تلمُّس شواهدلوجوده في يوم من الأيام متمثلة في الألقاب التي تذيِّل أسماء الأعلام عندالفولانيين في أقاليم فوتا تورو (موريتانيا، السنغال، غامبيا) وفوتا جالو (غينيا)وماسينا (مالي)، وأهم هذه الألقاب، "با" (Ba) و"كا" (Ka) (أو "كان" (Kane) في فوتا تورو على وجه الخصوص). وممن يحملون هذه الألقاب منالمشاهير، أحمد همبتي با الذي ورد ذكره فيما تقدم، وشيرنو كا،[xxxvi]والشيخ حميدو كان.[xxxvii]
      وفي هذا المجال (أي مجال المعتقد) أيضاً يوردحضرة أحمد أفندي نجيب قائمة بآلهة ومعبودات قدماء المصريين، ويذكر أن أولها،"بتَّاح" وله من الحيوانات المقدسة، العجل أبيس.[xxxviii]وقد رأينا فيما تقدم أن للعجل مكانة خاصة عند الفولانيين، بحيث إنه قد انفرد لوحدهبمجموعة اسمية كاملة، وهي مجموعة kol (kol-class) في اللغة الفولانية، ولا شيء غيره تمتع بهذه الخاصية في النظام الصرفي الدلاليلهذه اللغة.
      وثاني هذه المعبودات، "رع" (إلهالشمس)، وكان له جسم إنسان برأس كبش.[xxxix]و"كبش الأمبرورو" ذو القرنين الكبيرين الملتويين مشهور عند المجتمعاتالرعوية في دارفور بما فيه من أسرار، كما سنرى لاحقاً. وبالنسبة لكبش قدماءالمصريين، يقال إن المعبودة هاتور هي الكافلة بتربيته السفلية، وكانوا يصورونهاعلى هيئة بقرة أو امرأة لها رأس بقرة، وكثيراً ما يرسمون هالة في شكل"قرص الشمس" فوق أو بين قرني البقرة. وقد رأينا فيما تقدم كيف أن"البقرة" و"الشمس" (إضافة إلى "النار") تضمهامجموعة اسمية واحدة (مجموعة(nge في النظام الصرفي الدلالي للغة الفولانية، رغمعدم وجود ما يربط بينهما دلالياً سوى "المعتقد". وصورة الإلهة إيزيسوعلى رأسها قرص الشمس داخل قرني بقرة (انظر الصورة رقم (4)) تذكِّر بما رواه روبرتبرين حول تزيين الفولانيين ميدان طقوس العبور برؤوس الأبقار وقرص الشمس داخل قرنيالبقرة.
      ومجال آخر للمقارنة بين قدماء المصريينوالفولانيين، المظهر الخارجي وأدوات الزينة. فكثير من الصور المنقوشة على الجدرانوالصخور تشير إلى أن قدماء المصريين مهتمون بتزيين أنفسهم ومولعين بالملابسالمزركشة والمطرَّزة،[xl]ويضعون أحياناً غطاءً على الرأس في شكل قطعة قماش مزركشة تتدلى فوق الكتفين. وحولولع قدماء المصريين بالتطريز والزركشة أورد حضرة أحمد أفندي نجيب ما يلي:
      ذكر هيرودوث أن أماسيس ملك مصر (من ملوك العائلةالسادسة والعشرين) أهدى إلى بلاد لقدمونيا (مملكة قديمة ببلاد اليونان) زينة للصدروقماشها من أغرب ما يرى، عليه نقوش كثيرة متنوعة بخيط الذهب وهدابها من القطنوأغرب ما بها أن جميع فتلاتها دقيقة مع أنها مركبة من 360 شعرة قطن يمكن الإنسانأن يتحقق منها.[xli]
      وكذلك نجد أن الزي التقليدي لرعاة الفولان يتميزبالألوان الصارخة والزركشة والتطريز، ويكثر رجالهم من استخدام الكحل لإبرازالعينين والمرايا الصغيرة المستديرة، أي ما يعرف بـ"عين الجمل". وتغطينساؤهم رؤوسهن بقطعة من القماش تتدلى فوق الكتفين (انظر الصورتين رقم (7) و(8)).
      تجدر الإشارة إلى أن قدماء المصريين، ومنذ عهدالمملكة المصرية القديمة، قد اهتموا باستخدام الكحل وجمال العينين. فقد كان الرجالمنهم يستخدمون الكحل تماماً كما تفعل نساؤهم، ولعل أصدق مثال لذلك تمبالي رعوزوجته نفرت.[xlii]
      غير أن أكثر الأمور استحقاقاً للنظر والتأمل فيهذا السياق، الوجود المكثف للماشية في مصر الفرعونية خلال الحقبة الممتدة من 1600إلى 1000 قبل الميلاد. هذا علماً بأن التاريخ لم يشر إلى أن مجتمعات تلك الحقبةكانت رعوية في المقام الأول. فعند حديثه عن اقتصاد الأسرة المالكة كتب ج. فركوترما يلي:
      وتوجد إلى جانب المزارع العائلية، مزارع أخرىأهم منها، هي المزارع الدينية والملكية، وكانت المزارع الدينية - وخاصة ابتداءً منالأسرة المالكة الثامنة عشرة (بعد 1580 ق.م) - غنية جداً. ومن ذلك أن مزارع الإلهآمون تضم 81322 رجلاً، و 362ر421 رأساً من البقر، و43 بستاناً، و2393 كلم2من الحقول، و83 مركباً، و56 قرية. وكانت تلك الممتلكات موجودة بصعيد مصر، بمصرالسفلى وبسوريا وفلسطين والنوبة...[xliii]
      ويشير فركوتر هنا إلى التحول الإنتاجي الحرفي الذي اعترىالمجتمع، إذ تحول من مجتمع صيدي إلى زراعي رعوي، حيث يقول: "نلاحظ في الواديالأعلى انتقال مجموعات بشرية من صيادي الأسماك والحيوانات والمتعاطين قليلاًلتربية الحيوان، إلى نظام يجمع بين تربية الماشية وفلاحة الأرض. فهؤلاء كانواأشباه الرُّحَّل..."[xliv]وكثير من الصور المنقوشة على الجدران لتلك الحقبة تجسِّد حركة دؤوبة (تكرار المنظرفي نفس اللوحة) لمظاهر الحياة اليومية، متمثلة في أبقار ذات قرون كبيرة (أشبهبأبقار الكوري التي يتميز بها الفولانيون) تجر المحاريث قارن شكل قرون الأبقار فيالصورتين رقم (9و10).
      فمن خلال ما تجسِّده اللوحة أعلاه (أبقار تجرالمحاريث)، والعدد المهول من البساتين والحقول التي تمتلكها الأسرة المالكةالثامنة عشرة، يتأكد لنا أن النشاط الاقتصادي الأساسي لمجتمع ذلك العصر هوالزراعة، وهذا هو نمط المعيشة الذي كان يغلب على مصر الفرعونية. ولكن امتلاكالأسرة الثامنة عشر لذلك الكم الكبير من الأبقار (362ر421 رأساً) يصعب استيعابهخارج إطار المجتمعات الرعوية. هذا، وقد أشار فركوتر إلى أن "هؤلاء كانواأشباه الرُّحَّل"، ولكن كيف لمجتمع واحد يمارس الزراعة بذلك القدر ويكون فينفس الوقت شبه متنقِّل؟ وفي محاولته لتفسير جمع ذلك المجتمع بين الزراعة والرعيتحدث عن "انتقال"، ولكن لم يشرح لنا كيف تم هذا "الانتقال"،كما لم يوضح من أين أتى البقر، وهذه نقطة جوهرية في أطروحتنا. فمثلاً عندما اضطرتبعض المجموعات العربية في دارفور إلى الانتقال لظروف مناخية، من رعي الإبل (أبالة)إلى تربية الماشية (بقارة) اقتضى ذلك وجود الماشية، والتي جاء بها الفلاتةالفولانيون إلى مناطقهم،[xlv]وإلا كيف يتأتى لهم هذا الانتقال؟ غير أن الصورة في مصر القديمة تختلف قليلاً عماحدث في دارفور. فالمجموعة الرعوية المشار إليها في دارفور كانت في الأساس رعوية،وكل ما هناك أنها استبدلت حيواناً بحيوان آخر، فبقيت كما هي رعوية. أما في مصرالفرعونية فقد كان المجتمع زراعياً وصيدياً، ثم ظهرت فيه الماشية، ومن ثم النشاطالرعوي شبه المتنقِّل (إلى جانب الزراعة). فهذا يقودنا إلى الاعتقاد بأن المجتمعالذي تحدث عنه فركوتر قد نتج عن اتصال، ربما اندماج، مجتمعين بنمطين للمعيشةمختلفين. وبما أن المجتمع الزراعي الصيدي هو الأساس لمصر الفرعونية في مختلفحقبها، فيصبح المجتمع الرعوي هو الدخيل، وربما هو نفسه الذي وصفه هيرودوتس بقوله:"من مصر حتى بحيرة ترينوتس في ليبيا تسكنها قبائل متجولة، شرابهم اللبن،وأكلهم لحوم الحيوانات. لا أحد منهم ذاق لحم البقر..."[xlvi]وصفات هذه القبائل – كما بيَّنا من قبل – تنطبق إلى حد كبير على الفولانيين كماعهدناهم دوماً. هذا، ولا سيما قد رأينا أنعدداً من النظريات تشير إلى صلتهم بهذه المنطقة وشعوبها (مصر، ليبيا، شمالإفريقيا، بلاد البربر).
      4-الفولانيون والأسرة (ج) النوبية:
      عرفت المنطقة الممتدة من الحدود الجنوبية لمصرالسفلى جنوباً إلى مشارف الخرطوم – عرفت في المصادر التاريخية بـ"بلادالنوبة" (Nubia)،وتعتبر أكثر مناطق إفريقيا حظاً من اهتمام المؤرخين وعلماء الآثار، ذلك لصلتهابالحضارة المصرية القديمة. وعند حديثنا عن هذه المنطقة تحت مسمى "بلادالنوبة" نواجه إشكالية منهجية يصعب لنا في هذا المقال تعديها. فقد أثبتت الدراساتالتاريخية والحفريات الأثرية أن تاريخ الحضارات التي سادت في هذه المنطقة، فيمختلف صورها، موغلة في القدم وذات صلة وثيقة بالحضارات الفرعونية. ولكن المعروف هوأن الممالك النوبية (نوباطيا والمقرة وعلوة) قامت على أنقاض مملكة نبتة/مروي(850ق.م – 350م)، وأن هناك من أرَّخ لوصول المجموعات النوبية (بالمعنى الإثنيلـ"النوبة") بحوالي 350 ق.م.[xlvii]فالإشكال المنهجي المعني هو متى بدأ الدور النوبي في هذه المنطقة هناك من يعتقد أن كلمة "نوبة" جاءت مناللفظة المصرية "نبو" (nbw) بمعنى الذهب افتراضاً أنها تشير إلى العبيد الذين يعملون فيمناجم الذهب إلى الجنوب من مصر، أو "نبت" (nbt) بمعنى "ذوي الشعر المصفوف" إشارة إلى نفس الجماعة. إلاأن هذا التفسير لم يحظ بالقبول لدى بعض أساتذة تاريخ السودان، وذلك لعدم وقوفهمعلى هذا اللفظ في التاريخ المصري القديم، ومن هؤلاء سامية بشير في قولها:
      أما ما ذكره بدج أن اسم نوبيين مشتق من كلمةمصرية (نبو) بمعنى جامعي الذهب يريد بذلك إرجاعه للعصر الفرعوني – فهو رأي ضعيف،لأنه لو كان الأمر كذلك لوجدنا إشارة إلى بلاد النوبة (تانبو) في اللغة المصرية،ولكن هذا اللفظ غير موجود في المعروف من الكتابات المصرية.[xlviii]
      عليه يبدو أن العناصر البشرية التي كانت تعمِّرهذه المنطقة قبل قيام مملكة مروي لم يتم تحديدها بعد بالدقة الكافية، بالأخص منالناحية الإثنية. وقد اختار آدمز أسهل الطرق لتخطي هذا الإشكال، وذلك بتناولهلتاريخ هذه المنطقة تحت مسمى "بلاد النوبة" (Nubia) عبر العصور دون التوقف كثيراً عند "النوبة" كمجموعةإثنية ظهرت في زمن ما في تاريخ المنطقة. ونحن أيضاً نتبع نهج آدمز عندما نتحدث فيهذا المقال عن "النوبة"، و"بلاد النوبة"، و"قدماء بلادالنوبة".
      من المعلوم أن منطقة بلاد النوبة بموقعهاالمرموق في تاريخ الحضارة البشرية وارتباطها الوثيق بالحضارات الفرعونية، تمثلبؤرة لالتقاء جماعات إثنية متعددة جاءت من كل حدب وصوب. ونذكر منها: القبط، وشعوبما وراء البحر الأبيض المتوسط، والشعوب البربرية، والمجموعات الكوشية، والنوبةالأصليين، ثم العرب. وقد اتصل كل هؤلاء بالمجموعات المحلية التي كانت قائمة منذالعهود الفرعونية، وتمازجوا كلهم وانصهروا في بعضهم البعض عبر العصور فجاءتالخلاصة – لظروف تاريخية – نوبية بالمعنى الإثني واللغوي، ومنها تطور المجتمعالنوبي الشمالي المعاصر المتميز.
      وما يهم أطروحة هذا المقال في كل هذا الأمر، ماأورده المؤرخ البيزنطي بروكوبيوس (Procopius)من إشارات لوجود النوبة – كمجموعة إثنية – في القرن الخامس الميلادي في مناطقالواحات الليبية (وبلاد البربر).[xlix]فقد رُوي أنهم كانوا يجوبون حول واحة الخارجة ويشكِّلون مصدر إزعاج للرومانيين،فعرض عليهم الرومانيون مكاناً على النيل للاستقرار فيه[l].فربما من هنا جاءت تسميتهم بـ"البرابرة". ولم تحدد الرواية المدى الزمنيللاتصال بين النوبة الشماليين من جانب، والرومان والبربر من جانب آخر، ولكن عندمايصل هذا الاتصال حد استخدام كلمة "البرابرة"
    1. للتعريف بهؤلاء النوبة، فهذا ينطوي أيضاً على درجة مقدرة من التأثير والتأثر،[lii]وربما على درجة من التمازج العرقي.
      نلاحظ في الفقرة أعلاه ورود بعض العبارات ذات المغزىالمهم بالنسبة لأطروحتنا في هذا المقال، مثل "الواحات الليبية"،و"بلاد البربر"، و"البرابرة" و"الرومانيين". وقدسبق أن وردت إشارات ذات صلة بكل هذه العبارات في مواضع كثيرة في هذا المقال مقرونةمع النظريات التي سيقت في أصل الفولانيين وموطنهم الأقدم في إفريقيا، من ذلك:المجموعات التي وصفها هيرودوتس ومطابقة كثير من صفاتها مع صفات الفولانيين،وملاحظة كل من ديلانقي وأديبيقبا حول الشبه الكبير بين فن الفولانيين في النقش علىقرعهم من جهة، وفن البربر (الطوارق والكبيلي) في النقش على مجوهراتهم وأوانيهمالفخارية. وأهم من كل ذلك رسومات الأبقار ذوات القرون الكبيرة التي تسيطر علىحفريات تسيلي في الجزائر (الحقبة البقرية CattlePeriod – بعبارة ترويل)وترجيح لهوتي وغيره ارتباطها بالفولانيين. هذا هو مدخلنا في بحثنا عن العلاقة بينالفولانيين والمجموعة (ج) النوبية (C-Group).
      تنتشر مواقع المجموعة (ج) في النوبة السفلى بينالشلالين الأول والثاني، ويؤرخ لها بالفترة الزمنية الواقعة بين نهايات الأسرةالسادسة المصرية وبداية الأسرة الثامنة عشرة (2200-1450 ق.م).[liii]وقد حظيت هذه المجموعة باهتمام العديد من المؤرخين، وأثارت – وما زالت تثير-الكثير من الأسئلة حول الأصل الذي انحدرت منه، ولم تجد هذه الأسئلة حتى الآنالإجابة الشافية. فقد ظهرت هذه المجموعة فجأة في بلاد النوبة كمجموعة تميز عنالمجموعتين السابقتين (أ) و(ب)، في نشاطها الاقتصادي الرئيس وفي مناطق سكناهاوأشكال منازلها. فالمجموعتان (أ) و (ب) زراعيتان في المقام الأول، ويسكن شعباهمابالقرب من النيل أو على امتداد شاربه. أما المجموعة الجديدة (ج) فيبني شعبهامنازلهم بعيداً عن النيل،[liv]وتتخذ بيوتهم الشكل الدائري مع فتحة في المنزل تتجه نحو منتصف الدائرة. كما توجدوسط الساحة أمام المنزل دائرة هي عبارة عن حظيرة الماشية.[lv]وقد لاحظ آدمز أنهم يربون الماشية (الأبقار) بغرض التباهي الاجتماعي، وليس فقطللعيش عليها. كما وجدت أعمال خزفية وفخارية عبارة عن نماذج مصقولة من الطين لأبقاروضأن وأغنام في مدافنهم وأماكن سكناهم، إضافة إلى رسومات لها على الحجارة. تجدرالملاحظة إلى أن بعض اللوحات التي خلَّفتها هذه المجموعة تشبه إلى حد كبير اللوحاتالمكتشفة في تسيلي من حيث الأعداد الكبيرة من الأبقار التي تحملها اللوحة الواحدةومن حيث حجم وشكل قرون هذه الأبقار. وكذلك وُجد إناء فخاري لهذه المجموعة عليهنقوش عبارة عن لوحة تطغى عليها صور الأبقار، يقف وسطها رجل يحمل عصا يضعها علىكتفيه ويمسك على طرفيها بيديه، وامرأة تضع إحدى ذراعيها على خصرها، والجزء الأعلىمن جسدها عارٍ[lvi](انظر الصورة رقم (11) أدناه وقارن مع الصورتين رقم (12) و(13)):
      ونشير هنا إلى أن العصا من أهم مستلزمات رعاةالفولان. فبالإضافة إلى استخدامها في السيطرة على مواشيهم وفي رقصاتهم الشعبية،إنها أيضاً الأداة الرئيسية في طقوس العبور عندهم، وسوف يرد مزيد من الحديث حولهالاحقاً. وهيئة الرجل والعصا على كتفيه فيالصورة المعنية، هي إحدى الهيئات التي يتخذها الفولاني البدوي سائراً خلف ماشيتهإلى المرعى أو أثناء رعيها. والأمر نفسه ينطبق على صورة المرأة في تلك اللوحة، حيثنلاحظ أن نساء بعض بطون الأمبرورو، بالأخص الودابي الذين لم يتأثروا كثيراًبالإسلام، يتركن الجزء الأعلى من أجسادهن عارياً. وحتى النسوة من البطون الأخرىالتي تأثرت بالإسلام وبقدر من المدنية، في لبسهن التقليدي يتركن جزءاً قليلاً منأعلى الجسد عارياً (انظر الصورتين رقم (12) و(13). وحول الشعر المتدلي على الكتفينيذكر أديبيقبا في معرض حديثه عن نقوش تسيلي قائلاً: "... وحتى جدائل الشعر المتدلية على ظهر المرأة فيالرسومات هي صورة طبق الأصل للمرأة الفولانية اليوم".[lvii]
      على أية حال، وكما ذكرنا آنفاً، لم يتفقالمؤرخون بعد حول هوية المجموعة (ج). وانطلاقاً مما أفاد به آدمز نفسه من أن هذهالمنطقة قد اعتراها الجدب والتصحر قبل ظهور المجموعة (ج)[lviii]،نستبعد تماماً تحرك هذه المجموعة من جهة الجنوب من المنطقةالنيلية الغنية آنذاك (وما زالت غنية) إلى تلك المنطقة الصحراوية المجدبة،[lix]إذ لا يقبل المنطق ولم يسجل التاريخ تحرك مجموعات رعوية من مناطق رطبة غنية بالكلأويتوفر فيها الماء وتتعدد مصادره، إلى مناطق أقل غنىً بالكلأ ولا يتوفر سوى مصدرواحد للماء، أي النيل. غير أن الجدب الذي يتحدث عنه آدمز قد يكون نسبياً بمنظورتلك الحقبة (قبل أكثر من 1000عام). ولكن السؤال: أليس من الممكن أن تتحرك مجموعاترعوية من منطقة مجدبة ليس بها مصادر ماء سوى الواحات، إلى منطقة أقل جدباً ويجريفيها النيل؟ سنعود إلى هذا السؤال لاحقاً.
      يشير آدمز إلى اتفاق معظم الباحثين مع رايزنر[lx]في اعتباره أن المجموعة (ج) نوبية بما لا يدع مجالاً للشك، غير أن هناك أيضاً منهممن شك في كونها أصلية ببلاد النوبة. ويستند هؤلاء على اختلاف هذه المجموعة عنسابقتيها فيما يتصل بأنواع الخزف وأنماط القبور. وفوق ذلك كله ركزوا على إدخال هذهالمجموعة للاقتصاد الرعوي الذي يعكس نمطاً جديداً في الإنتاج الحرفي. إضافة إلىوجود دليل يوضح أن رفات هياكلهم العظمية تدل على وجود عنصر قوقازي فيهم.[lxi]بالتالي، فإن تميُّز هذه المجموعة بهذه التركيبة الإثنية الثقافية يقود بالطبع إلىتصنيفها بأنها تنتمي إلى شعب مهاجر جديد. وبما أن الملامح الثقافية لهؤلاءالمهاجرين ليست مصرية، وأن خصائصهم الجينية ليست إفريقية، فقد استبعد قدومهم منالشمال، كما سبق أن استبعدنا قدومهم من الجنوب. إذن فإما أن يكونوا قد قدموا منجهة الشرق أو من جهة الغرب. فبالنسبة للشرق، لم يتحدث التاريخ عن سيادة ثقافة"البقرة" في بلاد البجا في يوم من الأيام. عليه، لم يتبق سوى جهة الغرب.فقد حاول العديد من الباحثين تتبع أصل هذه المجموعة في ليبيا، حيث هناك دليل لوجودالماشية في تلك المنطقة وما والاها غرباً في فترة تاريخية مبكرة،[lxii]نسبت إلى الحاميين القوقازيين، وهم دخلاء. ويوضح صاحبا كتاب "بهجةالمعرفة"[lxiii]أنه إليهم تعود اللوحة التي وجدت في منطقة تسيلي، والتي تعود إلى حوالي عام 3500ق.م، حيث ترى فيها أبقار ذوات قرون طويلة ترعى ويحاول عدد من الرجال حصرها فيمكانها. وعن لوحة أخرى يقول:
      إن أبقار الجرفيين التي ذكر هيرودتس أنه كانت لها قرون طويلة منحنية إلىالأمام، مما يجعلها تسير إلى الخلف أثناء الرعي، يبدو أنه وصف مبالغ فيه عندمقارنتها بما تبرزه رسوم الكهوف القديمة في جنوب ليبيا، وذلك كما يظهر في لوحة كهفجبارين في تسيلي في الصحراء.[lxiv]
      لقد ثبت لنا الآن من خلال المعطيات التاريخيةوالآثارية، الوجود المبكر في سرينايكا (ليبيا) وما والاها غرباً، لشعب قوقازيالملامح ارتبطت حياته وثقافته بالأبقار. كما رأينا أن صفات هذا الشعب تنطبق بصورةملاحظة مع صفات الفولانيين حسب ما وردت في مختلف الدراسات حولهم، وحسب ما نراهم فيواقع الحال، علماً بأن هناك من المؤرخين من رجَّح أن يكون ذلك الشعب نفسه همالفولانيون، مثل لهوتي، ومنهم من حاول تأكيد ذلك، مثل أديبيقبا. فلنعُد عند هذاالمنعرج إلى السؤال الذي سبق أن طرحناه فيما يتصل بالجهة التي قدمت منها المجموعة(ج) النوبية، وهو: أليس من الممكن أن تتحرك مجموعات رعوية (الفولانيون؟) من منطقةمجدبة ليس بها مصادر ماء سوى الواحات (الصحراء الليبية/بلاد البربر) إلى منطقة أقلجدباً ويجري فيها النيل (بلاد النوبة)؟ لا نعتقد أن الإجابة على هذا السؤال تحتاجإلى أية درجة من التفكير والاجتهاد، لا سيما إذا انتبهنا إلى أن مسار التصحردائماً من الشمال إلى الجنوب، مما يعني أن مناطق الصحراء الكبرى قد اعتراها التصحرقبل بلاد النوبة.
      لسنا وراء كل ما تقدم بصدد الجزم بأنالمجموعة (ج) النوبية هم الفولانيون، ولكنا ندعو المؤرخين في بحثهم عن أصل هذهالمجموعة أن يضعوا الفولانيين أيضاً في أذهانهم. فحياة الفولانيين البدو عبرتاريخهم المديد عبارة عن سلسلة من الحل والترحال، واليوم يجوبون بمواشيهم فيمساحات واسعة من حزام السافنا من السنغال حتى المرتفعات الأثيوبية،[lxv]وقبلسنوات قليلة ظهروا فجأة في قمبيلا الأثيوبية، كما ظهروا قبل عامين فجأة في كنشاسا.[lxvi]إذن فلا عجب إن كانوا قد ظهروا في يوم من الأيام فجأة في بلاد النوبة أيضاً.
      قبل أن ندلف إلى الجزء التالي من المقال ينبغيالتوقف عند ما أورده آدمز من شك حول امتلاك المجموعة (ج) الفعلي لذلك الكم الكبيرمن الأبقار. فقد بنى آدمز شكه على قلة عظام الأبقار التي وجدت في الحفريات بمنطقةبطن الحجر، والتي يرجع تاريخها إلى حوالي 1600 ق.م ، حيث لم تتعد 6%، بينما بلغتعظام الضأن والماعز 40%، وعظام الغزلان 45%.[lxvii]لذلك عبَّر صراحة عن اختلافه مع كل من إمرى وآركل حول امتلاك هذه المجموعة أعداداًضخمة من القطعان، داعياً إلى إعادة قراءة عبارة Theywere cattle owners on a large scale (وهم ملاك ماشية على نطاق واسع) لتقرأ They aspiredto be cattle owners on a large scale (وقد تطلعوا إلى أن يكونوا ملاك ماشية على نطاق واسع).[lxviii]ففي رأيه أن هذه المجموعة في الواقع لم تمتلك الماشية، وأن تكرار صورة البقرة فياللوحات الأثرية لهذه الحقبة لا تمثل الواقع، بل هي عبارة عن تطلعات. لسنا مؤرخين،ولكننا نجد مثل هذا الرأي غاية في الخطورة واتجاهاً يمكن أن يفضي إلى نسف كل ماتوصل إليه علماء الآثار من حقائق، إذ بنفس هذا المنطق يمكننا أن نشك في اللوحاتالتي تجسِّد انتصارات الملوك على أعدائهم وصور الأسرى مكبَّلين في السلاسل،باعتبارها أيضاً محض تطلعات. من ناحية أخرى، يقول آدمز: "ربما تكون المجموعة(ج) النوبية أولى الشعوب الإفريقية التي تطورت فيها عقدة الأنشطة الاجتماعية والطقوسيةالمرتبطة بالماشية".[lxix]ولكن السؤال: هل يمكن لمثل هذه العقدة أن تنبع من فراغ؟ بما أن آدمز لم يدَّعِ أنهذه المجموعة هي أولى الشعوب الإفريقية امتلاكاً للماشية، فتطوُّر هذهالعقدة في هذه المجموعة يفترض اتصالها وتعايشها مع شعب كان يمتلك الماشية ويمارس الأنشطةالمرتبطة بها فأعجبوا بها وأخذوها منهم. لذلك فإننا نرى أن ما خلص إليه آدمز فيهذا الصدد لا يعدو كونه اجتهاداً غير موَفَّق. فالأقرب إلى الحقيقة يتمثل في هجرةشعب جديد إلى بلاد النوبة يحمل نمطاً اقتصادياً واجتماعياً جديداً يتمحور حولالبقرة واختلط مع أهل الديار الأصليين (أي النوبة) وأثر فيهم وتأثر بهم.
      كذلك لم يوَفَّق آدمز في اعتراضه على وصف إمرىللمجموعة (ج) بأنها "عنصر بشري مستقر مسالم يمتلك الأبقار (non-aggressive race of cattle owners). فيعترض آدمز على هذا القول بأنه لا يوجد اليوم في القارة الإفريقيةعنصر بشري يمتلك الأبقار ويكون مسالماً في نفس الوقت، حيث إن الرعاة في حالة غاراتمستمرة على بعضهم البعض على مستوى القرى أو القبائل. إن ما ذكره آدمز لا يصدق علىالفولانيين البدو (الأمبرورو) على وجه الخصوص، إذ لم يعرف عنهم عادة الاعتداء علىمواشي الغير.
      سنسعى في الجزء التالي من المقال إلى إبراز بعضمن العناصر الثقافية والعقائدية المميزة لقدماء النوبة، والتي اندثرت عندهم بينما ما زالت متأصلة في ثقافةالفولانيين وواقعاً معاشاً عندهم.
      من هذه العناصر، المهارة العالية في استخدامالسهام (النشاب) التي اشتهر بها كل من النوبة والفولانيين الرعاة وشبه المستقرينفي الماضي والحاضر. لا نعرف على وجه الدقة متى وكيف دخل القوس والسهم إلى بلادالنوبة، غير أن ألدريد Aldredقد ذكر، كما أسلفنا، أن الهكسوس قد احتلوا مصر حوالي عام 1680 ق.م وأدخلوا معهمأسلحة جديدة، منها القوس وملحقاته (السهام).[lxx]فمن المحتمل أن يكون قدماء النوبة قد اكتسبوا هذا السلاح من خلال اتصالهمبالحضارات المصرية المتعاقبة. على أية حال، فإن التاريخ يتحدث عن براعة النوبة فياستخدام هذا السلاح، حيث استخدموه بمهارة فائقة في حروبهم ضد الجيوش العربية حتىنعتهم العرب بـ"رماة الحدق"[lxxi].وقد كان الملوك الكوشيون يطلقون على بلادهم اسم "تاسيتي"، أي بلادالسهام.[lxxii]
      من ناحية أخرى، فإن النشاب كان، وما زال إلىيومنا هذا، السلاح الذي يتميز به الفولانيون عن سائر الشعوب الإفريقية، ولهم فيهأسرار وأسحار، وهو السلاح الأساس الذي استخدموه في كل الحروب الجهادية التي خاضوهافي غرب إفريقيا، لا سيما حركة الجهاد التي قادها الشيخ عثمان بن فودي في شمالنيجيريا الحالية وانتهت بتأسيس الخلافة الصكتية (1903-1804). ففي قصيدة له يتوعدالشيخ محمد بلو بن عثمان بن فودي، العدو بأبيات يقول فيها:

      ومغزاتي مبات إلى مكدَّ فأوقع في بلادهم الخــرابا
      بجيش يملأ الآفاقطراً ويكسوالسهل والحزن النشابا[lxxiii]
      وكثيراًما يرد القوس والسهم في أدب الفولانيين الشفاهي. ففي ملحمة "باجنكرو[lxxiv]مثلاًيبيد البطل بمفرده جيشاً من العدو قوامه ألف محارب بسهمين خرافيين. وفي موضع آخرمن الملحمة يذكر الراوي أن عشراً من الرجال الأشداء ليعجزون عن حمل جعبة سهامالبطل. فهذا السلاح ما زال مستخدماً عند الفولانيين الأمبرورو للدفاع عن أنفسهمومواشيهم، وأحياناً يفضلونه على السلاح الناري، لأنه لا يحدث صوتاً ينبِّه العدو.وصفة "رماة الحدق" التي اتصف بها النوبة في الماضي تذكِّر بما يعرف عندالفولانيين الرعاة بـ"أركبي"، وهو نوع من السحر يستخدمونه عند إطلاقهمالسهم فيصيب الهدف أينما كان. وأحياناً يطلقون السهم إلى أعلى على سبيل الترفيه،وبعد أن يصل مداه يعود ويستقر في كنانته (جعبته). وتجدر الإشارة إلى أنه حتى أولئكالفولانيين الذين هجروا حياة البداوة ومهنة الرعي واستقروا في المناطق شبهالحضرية، ما زالوا يحتفظون بهذا النوع من السلاح كشيء من التراث. فقلَّ أن تدخلبيتاً في مايرنو مثلاً دون أن تجد فيه قوساً وكنانة لأب أو جد للأسرة (انظر الصورةرقم (10)). وإلى اليوم يمكن رؤية بعض الناس في مايرنو وفي العديد من قرىالفولانيين الأخرى على النيل الأزرق مدجَّجين بهذا السلاح عند خروجهم لصلاةالعيدين[lxxv](انظر الصورة رقم (11)). أما في الجانب الآخر، فإنه من الأمور المحيِّرة ألا نجداليوم أيَّ أثر للقوس والسهم في تراث النوبة المادي وغير المادي، وهما بهذا القدرمن الأهمية في تاريخ بلاد النوبة.
      ومن مظاهر الشبه بين النوبة والفولانيين الرعاة،الوظيفة الطقوسية والروحية للعصا عند كلا الشعبين. فمما يثير الانتباه في هذاالصدد، الشبه الكبير بين عصا كهنة المعابد في بلاد النوبة ذات الرأس المدبب وعصاالفولانيين المعروفين في دارفور بـ"فلاتة أم سوري". وهؤلاء يتحصلون علىهذه العصا من شجر معيَّن يسمى "البشم"، ويتم إعدادها بطول وشكل معيَّنينعبر سلسلة من التحضيرات والعمليات، حيث يقومون بتعرية ساق الشجرة من لحائهاويشذبون عروقها حتى يكون مكان منبتها مكوراً، ويعتبر رأساً للعصا تماماً كما فيعصا كهنة معابد النوبة. ثم يقومون بغسلها ببول البقر ومسحها بالزبدة أو دفنها فيمربط العجول أو زرائب الضأن حتى يحمر لونها وتزداد قوة. ونسبة لإجادتهم استخدامهالمختلف المآرب، فقد أصبحت سمة ملازمة لهم يعرَّفون بها (فلاتة أم سوري).[lxxvi]لا نعرف إن كان لهذا النوع من العصي وظيفة روحية طقوسية في يوم من الأيام. أمااليوم فإن استخدامها يقتصر على الوظائف العملية.
      وهناك أيضاً شكلان آخران من أشكال العصي عندالفولانيين لوحظ وجود أشباه لهما في لوحات قدماء المصريين (وربما قدماء النوبةأيضاً). أحد هذين الشكلين رأسه أشبه بوجه الإنسان أو رأس الحية، والشكل الآخر رأسهفي شكل الحرف اللاتيني V(شِعْبَة، بالعامية السودانية). وكلا هذين النوعين من العصي موجود بكثرة في مايرنو(انظر الصورة رقم (12))، ولا يستخدمان لأغراض عملية، بل يحملهما كبار السن منالرجال عند ذهابهم لأداء صلاة الجمعة، مما يوحي بارتباطهما بالشعائر الدينية فييوم من الأيام. وفي كثير من الأحيان يتوكأ إمام المسجد على أحد هذين النوعين منالعصي أثناء إلقائه خطبة الجمعة أو خطبة العيد.[lxxvii]
      غيرأن الأجدر بالإشارة، أن العصا ذات الرأس في شكل V تمثل العنصر الرمزي الرئيس في طقوس العبور[lxxviii]عند الفولانيين الأمبرورو في جنوب النيل الأزرق (وربما في أماكن أخرى في إفريقيا)،حيث يظل رئيس مجموعة الشباب المعنيين بالأمر حاملاً لها في كل مراحل الطقوس إلى أنيسلمها أخيراً لرئيس مجموعة الجيل التالي، وهي بذلك أشبه بشعلة الألعاب الأولمبية.
      إن المعتقد في الكبش ورمزيته يمثلان عنصراًمشتركاً آخر عند كل من قدماء بلاد النوبة والفولانيين الرعاة. فقديماً كان يرمزالمرويون للإله آمون بكبش ذي قرنين كبيرين، كما أوضح عمر حاج الزاكي في قوله:"نذكر حرص الفنان المروي على إبراز قرون الكباش عندما يريد الرمز للإله آمونبإحدى هيئتيه الأولى أو الثانية".[lxxix]هذابالإضافة إلى تزيينهم لمداخل المعابد الآمونية بتماثيل لكباش جاثية: أربعة تماثيلأمام معبد تهارقو الجديد في الكوة، وثلاثة في البركل، وأخرى في النقعة.[lxxx]ونحسب أن هناك أوجه شبه بين الكبش النوبي (نسبة لبلاد النوبة) وكبش الفولانيينالأمبرورو المعروف بقرنيه الكبيرين الملتويين (انظر الصورة رقم (13)، وهو كبش يقودالقطيع ويتبع صاحبه أينما ذهب. ويعتقد الناس – بالأخص في غرب السودان – أن هذاالكبش محاط بكثير من الأسرار، لذلك فإنهم لا يميلون إلى شرائه.
      الخاتمة:
      يبدو أن ما نراه اليوم في حياة الفولانيين الرعاة من تنقل داخل القارةالإفريقية وظهورهم المفاجئ في مختلف أقاليمها، كان ديدنهم في العالم القديم منذآلاف السنين قبل ظهورهم في إفريقيا. وهناك من يرجع تعدد النظريات واختلافها حولأصلهم، إلى هذا الاحتمال. وقد سمعنا عن أحد الباحثين يعكف الآن على دراستهمانطلاقاً من هذا الافتراض.[lxxxi]ولكننا قد تناولناهم في هذا المقال من فترة ظهورهم في إفريقيا وحاولنا جمع الشواهدالتي تشير إلى وجودهم في المساحة الممتدة من صحراء سيناء إلى بلاد المغرب (قبل أنيشقوا طريقهم جنوباً إلى داخل القارة). وهذا بالطبع يقود إلى الاعتقاد باتصالهمبقدماء المصريين وتأثرهم بهم في المظهر وفي بعض المعتقدات التي وجدنا آثارهامنعكسة في الواقع المعاش لبعض مجموعاتهم ومجسَّدة كمفاهيم في لغتهم الفولانية.
      وكذلك رأينا كيف أن الفولانيين منذ أن عُرفوا، حياتهم مقرونةبـ"البقرة" وثقافتها، مما جعل بعض الباحثين، استناداً على ذلك وعلى أدلةأخرى، يرجِّحون أنهم (أي الفولانيين) هم العنصر الفاعل الأساس في "الحقبةالبقرية" المعبَّر عنها في الرسومات والنقوش في كهوف تسيلي ناجير في الجزائر.وإذا ربطنا هذه المعلومة بالنظريات والدراسات التي أشارت إلى اتصال الفولانيينبالشعوب الليبية والبربرية، فإننا نكون قد توصلنا إلى وجود شعب متنقِّل كان يعيشإلى الغرب من بلاد النوبة، حياته وثقافته مقترنتان بالأبقار، وهم الفولانيون. لذلكدعونا المؤرخين إلى التفكير في هؤلاء الفولانيين عند بحثهم عن أصل المجموعة (ج)النوبية، والتي كانت تتميز عن المجموعتين (أ) و(ب) بنمط اقتصادي اجتماعي جديديتمحور حول الأبقار. وقد أوردنا بعضاً من الشواهد التي تدعم أطروحتنا هذه،والمتمثلة في مكانة القوس والسهم (رماة الحدق)، والعصا (عصا الكهنة)، والكبش فيتاريخ بلاد النوبة من جهة، ومكانة ثلاثتها في حياة الفولانيين (الرعاة) وثقافتهمومعتقداتهم في الوقت الحاضر من جهة أخرى.
      وفيالختام، لا ندَّعي أننا بهذا المقال قد تمكَّنا من الوصول إلى نتائج قاطعة حول صلةالفولانيين بالمجموعة (ج) النوبية، غير أننا قد فتحنا من خلاله باباً نأمل أن يلجمنه باحثون من مختلف التخصصات (تاريخ، آثار، لغات، وأنثربولوجيا) عسى أن يفضيتكامل جهودهم في هذا الموضوع إلى حقائق حول هذه الصلة التي ما كانت في يوم منالأيام في الحسبان.


      الهوامش والإحالات

      -تصنَّفلغة الفلفلدي في فرع اللغات غرب الأطلسية المنتمية لقسم لغات النيجر كنغو في أسرةاللغات النيجر كردفانية، ولها صلة رحم مع لغتي الولوف والسرير السنغاليتين، وكذامجموعة اللغات البانتوية المنتشرة بكثافة في شرق إفريقيا وجنوباً حتى رأس الرجاءالصالح (كالسواحيلية والكنغولية ولغة الزولو.. إلخ). انظر:
      J. Greenberg (1966), Languages of Africa. The Hague: Mouton.
      [ii] - C.K. Meek (1925), The Northern Tribes of Nigeria. New York: Negro Univ. Press, p. 94.
        - C. Meinhof (1912), DieSprache der Hamiten. Hamburg.
        [iv] - - في حالةالفولانيين ينبغي التمييز بين "الشعب" و"اللغة"، حيث إنه منالمتوقع أن يكون الفولانيون قد تخلوا عن لغتهم الأصلية واكتسبوا اللغة التييتحدثونها اليوم من خلال اندماجهم مع إحدى المجموعات الإثنية السنغالية. هذا واحدمن الاحتمالات التي قال بها العالم اللغوي ر.ج. آرمسترونج. انظر:
        R.G. Armstrong (1976), "Development of FulaniStudies: A linguist's view", in Struktur und Wandel afrikanischerSprachen, ed. by H. Jungraithmayr. Berlin,pp. 13-14.
        [v] - C.K. Meek, op.cit., p. 94.. غير أن الدكتور علي أحمد قسم السيد، أستاذ التاريخ القديم بجامعةالخرطوم، يتحفظ على ما أورده ميك في قوله بأن شعر الفراعنة "زنجيمجعَّد"، ويشير إلى أن مومياء الفرعون دعمسيس الثاني الكاشفة الرأس يبدوعليها شعر الفرعون ناعماً.
        [vi] - أورده ميك، نفس المرجع، ص 94. يمكن ملاحظة أن أحد المسمياتالمطلقة عليهم، أي فولا Fula، ويكتب أيضاً Fulah .
        [vii] - C.K. Meek, op.cit. p. 95.
        [viii] - هناك من يجد في مكانة العصا في ثقافاتهم (عصا سيدنا موسى)واستخدامهم لخاتم سليمان في طلاسمهم السحرية، مؤشرين معضدين لهذه الصلة.

        [ix] - M. Delafosse (1912), Haut Sénégal-Niger, le pays, lespeoples, les langues, l'histoire, les civilization. Paris.
        [x] - (مأخوذ من ميك Meek، مرجع سابق، ص 86) Herodotus, Book iv, sec.186.
        [xi] - في بعض المصادر "عقبة بن نافع"و"عقبة بن ياسر".
        [xii]- عبدالله بن فودي ( بت)، كتاب النسب، طبعة محلية.
        [xiii]-M.Trowel (1968), Classical African Sculpture. London: Feber, p. 55.
        [xiv]-H.Lohte (1970), "Les peuplement du Saharaneolitique d'aprés l'interpretation des gravures et des peinturesrepestres", Journal de la societe des Africanistes, II, pp. 91-102.
        [xv] - Robert Brain (1980), Art and Society in Africa. London and New York: Longman, p. 65.
        [xvi] - Ibid., idem.. "طقوس العبور" (بالإنجليزية (Rite of passage مصطلح في علم الأنثربولوجيا الاجتماعية، وهوعبارة عن احتفال طقسي يقام (مرة واحدة) لأبناء الجيل الواحد إيذاناً بانتقالهم منمرحلة عمرية معينة إلى مرحلة عمرية أخرى.
        [xvii]- C.O. Adepegba (1995), AComparative Study of the Fulani and the Moroccan Decorative Arts: Another Lookat the Historical Study of African Material Culture. Rabat: Institut des Etudes Africaines, p. 20.
        [xviii] - Jacquline Delange (1974), The Artand Peoples of Africa. New York:E.P. Dutton, p. 17.
        [xix]-C.O.Adebegba, op.cit., p. 20.
        [xx]-Ibid., p. 7.
        [xxi]- S. Passagre (1895), Adamawa.Berlin:Reimer Verlag, cited in Adepegba, op.cit., p. 19.
        [xxii]-C.O.Adepegba, op.cit., p. 7.
        [xxiii]-قارنمع اسم أحد كاتبي المقال، أي الأمين أبومنقة Abu-Manga، والاسم الأخير يتكون من كلمتين:Abu (وأصلها قبل التعريب Abba) بمعنى "الأب"، وManga بمعنى "الكبير"، والكلمتان معاً تعنيان في اللغةالفولانية "عظيم الشأن". وقد جرى عند الفولانيين أن يطلق الأب على ابنهلقب Manga أوAbba Mangaعلى سبيل التفاؤل بأن يصبح الابن عظيم الشأن عندما يكبر. ونعرف عدداً من الأسرالفولانية في دارفور وكردفان والنيل الأزرق يحمل أحد أفراد كل منها هذا اللقب،مثال لذلك المرحوم شيخ منقة (الرسم الصحيح، منقا Manga)شيخ سجادة الطريقة التجانية بالفاشر حتى وفاته في منتصف تسعينات القرن الماضي.ويمجده اتباعه بالقول "شيخ منقا الذي من الذهب أنقى". وأسرة منقا فيأبوجبيهة أيضاً من الأسر الشهيرة.

        [xxiv]-Cf.A. Abu-Manga (1986), Fulfulde in the Sudan: Process of Adaptation toArabic. Berlin:Reimer Verlage, p. 2.
        فيالواقع، وكما تشير بداية رواية الشيخ عبدالله، أن التصاهر الذي تم بين عقبة بنعامر وملك الروم قد نتج عنه بطن محدد واحد من بطون الفولانيين، وهو بطن التورب Torobbe. ومن المحتمل أن يكونهؤلاء "الروم" هم الفولانيون أنفسهم، علماً بأننا قد رأينا أن إحدىالنظريات تنسبهم إلى الروم.
        [xxv]-SeeFootnote No. 4.
        [xxvi]-هذاالنظام الصرفي يقابله نظام التذكير والتأنيث (والمحايد) في اللغات التي تعملبالنظام الأخير كالعربية والفرنسية والألمانية.
        [xxvii] - انظر :Ulrich Braukämper (1993), "Noteson the origin of Baggara Arab culture with special reference to theShuwa", Sprache und Geschichte in Afrika 14, pp. 13-46.
        [xxviii]-Ibid.,pp. 25-26.
        [xxix]-روايةشائعة وسط مجموعات كبيرة من الفولانيين الرعاة.
        [xxx] - أورد ماكمايكل أن الحوازمة في كردفان يذكرون أن أسلافهم قدحصلوا على أول بقرة وأول ثور من حاج فولاني، انظر:
        H.A. Mac Michael (1912), TheTribes of Northern and Central Kordofan (Cambridge Archaeological and Ethnological Series); Cambridge:Cambridge- University Press, p. 274.
        [xxxi]-F.W. Taylor (1932), Fulani-English Dictionary. Oxford: At ClarendonPress, pp. 240-42. تجدر الإشارة إلى أن بعض القبائل النيلية لها أيضاً أسماء كثيرةللأبقار وفقاً لعدد من المعايير المذكورة أعلاه، غير أنها لا تصل إلى عدد أسماء الأبقار عند الفولانيين.

        [xxxii]-U.Braukämper, op.cit., pp. 33-37.
        [xxxiii]- Cyril Aldred (1920), New KingdomArt in Ancient Egypt During the Eighteenth Dynasty – 1590 to 1315 B.C.London: Alec Tirarti Ltd., p. 35.
        [xxxiv]-Herodotus,op.cit, sec. 186.
        [xxxv]- أحمد عزت مصطفى (ب ت)، قصة الفن التشكيلي،الجزء الأول، الطبعة الثانية. القاهرة: دار المعارف بمصر، ص 24.
        [xxxvi]-أحدعلماء التربية الإسلامية في السنغال.
        [xxxvii]- روائي سنغالي، له عدة روايات باللغةالفرنسية.
        [xxxviii]- حضرة أحمد أفندي نجيب(1991)، صفحات من تاريخ مصر الفرعونية: الأثر الجليل لقدماء وادي النيل،القاهرة، مكتبة متبولي، ص 325.
        [xxxix]-نفسالمرجع، ص 235.
        [xl] - لقد لوحظ أن الزخاف بالنسبة لقميص توت عنخآمون تتركز حول فتحة الرقبة على شكل مفتاع الحياة، وفي القمصان القبطية القديمةتزركش فتحة العنق والأكمام. انظر: ثريا نصر (1998)، تاريخ أزياء الشعوب،القاهرة: عالم الكتب، ص 45.
        [xli] - حضرة أحمد أفندي نجيب، مرجع سابق، ص 193-194.
        [xlii] - Jean-PierreCorteggiani (1979), L’Egypte des Pharaons. Paris: Aimery Somogy, pp. 48-49.
        [xliii]- ج. فركوتر (1980)،"اختراع المعادن وانتشارها وتطور النظم الاجتماعية إلى القرن الخامس قبلالميلاد"، في تاريخ إفريقيا العام (المجلد الأول): المنهجية وعصر ما قبلالتاريخ في إفريقيا، إشراف ج. كي-زيربو. باريس: جين أفريك/اليونسكو (اللجنةالعلمية الدولية لتحرير تاريخ إفريقيا)، ص 735.
        [xliv]-نفسالمرجع، ص 734.
        [xlv]-U.Braukämper, op.cit., pp. 33-37.
        [xlvi]- cf. Footnote No. 10.
        [xlvii]-P.L.Shinne (1978). "The ancient languages of Northern Sudan", in R. Thelwell (ed.), Aspects of Languages inSudan (Occasional Papers in Linguistics and Language Learning). The New Univ. of Ulster, pp. 92-93.
        [xlviii]- سامية بشير دفع الله (1990). "التعريفبتاريخ السودان"، مجلة الدراسات السودانية، المجلد العاشر، العددالأول، ص 62.
        [xlix]- Procopius(1914), History of the Wars, vol. 1. London, pp. 184-189.
        [l] - E. Zylarz(1928), "Zur Stellung des Darfur-Nubischen", Wiener Zeitschriftfür die Kunde des Morgenlandes 35:57-66.
      1. - لقد وقفنا على استخدام مصطلح "برابرة" (للإشارةإلى النوبيين المحس) في إحدى الدراسات اللغوية التي ترجع إلى بداية القرن التاسععشر، حيث تم نشر المادة اللغوية التي جمعها أولريش سيتسين (Ulrich Seetzen) في اللهجة المحسية في الفترة من 1807 – 1809،تم نشرها في عام 1816 تحت اسم "اللهجة البربرية" (Berberisch). انظر: R.C. Stevenson (2006), “The significance of Sudan in linguistic research: Past, present andfuture”, in Sudanin Africa, ed. by Y.F. Hasan (3rdedition). Khartoum: Khartoum Univ.Press, p. 13.
        [lii]-لاحظأن الكلمة النوبية (المحسية) للماء، أي aman، مأخوذة من اللغة البربرية، وربما هناك كلمات أخرى مقترضة منالبربرية لم يتم اكتشافها بعد.
        [liii] - انظر سامية بشير دفع الله، مرجع سابق، ص 54.
        [liv]-Cf.W. S. Adams (1977): Nubia;Corridor to Africa. London, pp. 147-150.
        [lv]-هذاالشكل من البيوت مطابق تماماً لما رآه الأمين أبومنقة وكاثرين ميلر في قرية عجبسيدو على نهر عطبرة شرق القضارف أثناء العمل الميداني الذي قاما به عام 1996،وينحدر سكان هذه القرية من الفلاتة الفولانيين الملِّي Malle) - نسبة لإمبراطورية مالي القديمة)، وهم رعاة أبقار في المقامالأول.
        [lvi]-انظرالصورة في W.S. Adams, op.cit., p.153
        [lvii]-C.O.Adepegba, op.cit., p. 20.
        [lviii] Ibid.,p. 154. -
        [lix]-Ibid., p. 154.
        [lx]- Ibid., p. 142
        [lxi] - Ibid., idem.
        [lxii]- Ibid., idem.; Herodotus, op.cit.;Lohte, op.cit.; Trowel, op.cit.
        [lxiii] - شاكر مصطفى والصادق الهيوم (مراجعة وإشراف) (1976)، بهجةالمعرفة، مسيرة الحضارة، المجلد الأول، القاهرة: الشركة العامة للنشر والتوزيعوالإعلان، ص ص 63-65.
        [lxiv]- نفس المرجع ، ص ص63-64.
        [lxv]-قبلعدة سنوات، وبمبادرة من بعض المثقفين في بلاد غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية،تكوَّن تنظيم ليرعى حقوقهم وفق صيغ قانونية تنظم تحركهم عبر الدول التي تمر بهامساراتهم، أطلقوا على هذا التنظيم (باللغة الفرنسية) Bergers sansFrontiers أي "رعاة بلاحدود" على وزن "أطباء بلا حدود".
        [lxvi]- إفادة شفاهية من عثمان الفكي موسى، وزير مفوضبوزارة الخارجية، وكان شاهداً على ظهورهم في كنشاسا، حيث كان يعمل في سفارةالسودان بكنشاسا في ذلك الوقت.
        [lxvii]- W. Adams,op.cit., p. 154.
        [lxviii]-Ibid.,idem.
        [lxix]-Ibid.,idem.
        [lxx]-CyrilAldred (1920), New Kingdom Art in Ancient Egypt During the EighteenthDynasty 1590-1315 B.C. London: Alec Tirarti Ltd., p. 35. نذكِّر القارئ بأن إحدىالنظريات حول أصل الفولانيين تنسبهم إلى الهكسوس.
        [lxxi] - حول تسمية النوبة بـ"رماة الحدق"يروي البلاذري في كتابه فتوح البلدان "أنهم (النوبة) رشقوهم (العرب)بالنبل حتى جرح عامتهم، فانصرفوا بجراحات كثيرة وحدق مفقوءة، فسموا رماةالحدق". انظر: مصطفى محمد مسعد (1972) (تحقيق)، المكتبة السودانية العربية،مطبوعات جامعة القاهرة بالخرطوم، ص 25. على أية حال، إن استخدام النوبة للنبل فيهذه المعركة لا ينفي استخدامهم فيها للسهم أيضاً، إذ إن القوس والسهم سلاح عرفوابه منذ زمن طويل قبل وصول العرب إلى بلادهم.
        [lxxii]- أسامة عبد الرحمن النور (2001)، "كوش –النوبة: إشكالية التسمية"، أركامني (مجلة الآثار والأنثروبولوجياالسودانية)، العدد الأول، شبكة المعلومات الإكترونية، ص 1.
        htt:/http://http://www.arkamani.org/vol_1/archaeology-vol-1/cuch_or-nubia.htmwww.arkamani.org/vol_1/archaeology-vol-1/cuch_or-nubia.htm
        [lxxiii]- محمد بلو بن فودي،ديوان إفادة الطالبين، طبعة محلية.
        [lxxiv]- A. Abu-Manga (1985), Baajankaro:A Fulani Epic from Sudan, (African Marburgensia, special issue No. 9). Marburg.
        [lxxv]-كانأجدادهم يفعلون ذلك زمن الحروب الجهادية في غرب إفريقيا تحسباً لمباغتة العدو لهمأثناء صلاة العيد. لقد بدأ هذا المظهر يختفي يوماً بعد يوم.
        [lxxvi]-كلمة"سوري" محرفة من "سورو sauru، وتعني في اللغة الفولانية "عصا" بصورة عامة. فطرأعليها ما يعرف بـ" التضييق الدلالي" في دارفور فأصبحت تعني ذلك النوعالمعيَّن من العصا.
        [lxxvii] - تجدر الإشارة إلى أن النوعين الأخيرين منالعصي (من اليمين إلى اليسار في الصورة أعلاه) قد لوحظ وجودهما أيضاً في بعض منالمجتمعات السودانية غير الفولانية.
        [lxxviii] - "طقوس العبور" (بالإنجليزية ritesof passage وبالفرنسية ritesde passage) مصطلح في علم الأنثروبولوجيايستخدم للإشارة إلى الاحتفالات التي تقام لأبناء الجيل الواحد إيذاناً بانتقالهممن مرحلة الطفولة إلى مرحلة الصبا أو من مرحلة الصبا إلى مرحلة الرجولة. وتمارسهذه الطقوس في كثير من المجتمعات الإفريقية، بما فيها بعض مجتمعات جنوب السودان.
        [lxxix]-عمرحاج الزاكي (1983)، الإله آمون في مملكة مروي 750 ق.م – 350م. الخرطوم:مطبوعات كلية الدراسات العليا، جامعة الخرطوم، ص 56.
        [lxxx]-نفسالمرجع، ص ص 36-37.
        [lxxxi] - إنه شاب سوداني من الجبلين يدعى الحارث،التقاه الأمين أبومنقة في لندن في ديسمبر 1999 وبحوزته خرائط قديمة ترجع إلى القرنالتاسع عشر عليها أسماء أماكن في الجزيرة العربية وآسيا الصغرى ومصر، ذات مدلول فياللغة الفولانية. ويعتقد الحارث أن الفولانيين كانوا موجودين في هذه الأماكن فيالماضي البعيد.













        ملحق الصور

        الصورة رقم (1): شاب من رعاةالفولان (الويلا) بجنوب النيل الأزرق. الدمازين 2008.الصورة رقم (2): من حفرياتتسيلي ناجير. المصدر: M. Trowel (1968), p. 57
        الصورة رقم (3): شبابالامبرورو في إحدى مناسناتهم بجنوب النيل الأزرق. المصدر: جريدة "آخرلحظة"، العدد 812، بتاريخ 5/11/2008.الصورة رقم (4): الإلهة إزيس.






        الصورة رقم (5): قتاتان منالفولاني الويلا – ملابس مزركشة وغطاء الرأس يتدلى فوق الكتفين. الدمازين 2007
        الصورة رقم (6): شاب منالفولاني الويلا – التطريز حول فتحة العنق (قارن مع الهامش رقم (40) – الدمازين2007.








        الصورة رقم(7): نقوش على إناء فخاري للمجموعة (ج). المصدر: W. Adams (1977), p. 153.الصورة رقم (8): الجزءالأعلى من الجسد عار (جنوب النيل الأزرق). المصدر: منظمة سودانا للثقافة والفنون.الصورةرقم (9): الجزء الأعلى من الجسد عار (جنوب النيل الأزرق). المصدر: المصدر: منظمةسودانا للثقافة والفنون.








        الصورة رقم(10): مِلك أسرة الزعيم "بوجي"، مايرنو، ديسمبر 2008.
        الصورة رقم(11):أحد المصلين في عيد الأضحى، والقوس في يده وجعبة السهام على كتفه، مايرنوصورة رقم(12): نماذج من العصي تُحمل لصلاة الجمعة والعيدين في مايرنو، ديسمبر 2008.الصورة رقم(13): كبش الامبرورو. جنوب دارفور، ديسمبر 2008.

    بريمة




















                  

العنوان الكاتب Date
الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 04:33 AM
  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Bashasha09-24-18, 04:52 AM
  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:06 AM
    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:18 AM
      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Bashasha09-24-18, 05:30 AM
        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:37 AM
          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:43 AM
            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:53 AM
              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 05:56 AM
                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان محمد المسلمي09-24-18, 08:43 AM
                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان muntasir09-24-18, 09:12 AM
                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان muntasir09-24-18, 09:29 AM
                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 12:34 PM
                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 12:43 PM
                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Bashasha09-24-18, 02:46 PM
                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Bashasha09-24-18, 03:09 PM
                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Bashasha09-24-18, 03:39 PM
                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان muntasir09-24-18, 03:51 PM
                                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان ابراهيم عبد الوهاب09-24-18, 03:56 PM
                                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان muntasir09-24-18, 04:00 PM
                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان ابراهيم عبد الوهاب09-24-18, 04:00 PM
                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان muntasir09-24-18, 04:03 PM
                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-24-18, 10:35 PM
                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان محمد عبد الله الحسين09-25-18, 05:06 AM
                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 05:27 AM
                                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 05:53 AM
                                                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 05:54 AM
                                                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 05:56 AM
                                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 06:06 AM
                                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 06:09 AM
                                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان محمد بدرالدين09-25-18, 06:08 AM
                                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 06:26 AM
                                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 06:31 AM
                                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان علي دفع الله09-25-18, 06:40 AM
                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان هاشم احمد ادم09-25-18, 07:27 AM
                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان حسن ادم محمد العالم09-25-18, 08:02 AM
                                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان الطيب رحمه قريمان09-25-18, 08:06 AM
                                                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان الطيب رحمه قريمان09-25-18, 08:12 AM
                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 12:44 PM
                                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 10:15 PM
                                                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-25-18, 10:50 PM
                                                                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان هاشم احمد ادم09-27-18, 07:10 AM
                                                                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam09-27-18, 12:29 PM
                                                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-05-18, 01:38 PM
                                                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان سيف الدين بابكر10-05-18, 05:44 PM
                                                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان اسماعيل عبد الله محمد10-05-18, 06:41 PM
                                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان محمد على طه الملك10-05-18, 08:24 PM
                                                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان محمد على طه الملك10-05-18, 08:39 PM
                                                                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 00:43 AM
                                                                                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 01:09 AM
                                                                                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 01:23 AM
                                                                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان سيف الدين بابكر10-06-18, 12:00 PM
                                                                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 01:37 PM
                                                                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 02:03 PM
                                                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 02:36 PM
                                                                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:06 PM
                                                                                                Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:12 PM
                                                                                                  Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:19 PM
                                                                                                    Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:24 PM
                                                                                                      Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:30 PM
                                                                                                        Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:47 PM
                                                                                                          Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-06-18, 03:56 PM
                                                                                                            Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان اسماعيل عبد الله محمد10-07-18, 09:19 AM
                                                                                                              Re: الوجود الفلاتي .. والهوساوي .. في السودان Biraima M Adam10-07-18, 08:08 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de