٧ ماخ شنو يا أحمد؟ ما هو كابلي وانتم على هداه، اللي رفعتو معدلات الشجن إلى ما فوق سرعة الكهارب والأنوار (دي مقياسا شنو دي؟)..
يا أستاذنا المفضال أحمد ياسين، بخصوص اشارتك للعروض و(بحر القصير) بأعلاه، والتي أشعر بأن ورائها شيئا تصونه عنا. فأنت وأنا وغيرنا نعرف أنه لا يوجد في التقليد الفراهيدي (أبو ستاشر مش خمستاشر بحر هههها شفت أنا متذكر كلامك كيف؟) لا يوجد بحر يسمى (بحر القصير) إلا لو كان اسما وصفيا أو بديلا لأحد البحور المعروفة لم يصادفني.. وكذا نعرف أن بحورا قد استحدثت للشعر العامي، بالإضافة للفراهيدية، وقد درسوها وضبحوا ليها وسموها في غيرما بلاد تُشْعِّر بالعربية (أمثلة: بحر المسحوب، بحر الصخري، بحر الهجيني، بحر العرضة، بحر الوفائي، بحر الشروقي وووو) إلا في بلاد المهملين لتراثهم "أم سودانا" دي! وطبعا فلأشعارنا أيضا أوزانها وعروضها التي تخصها سواء أكانت تقليدية أو معدلة أو مستحدثة، لتتناسب وخصائص عاميتنا.. دحين، عليك رب الجمال، لو عندك خبرن عن درس عروضي لأشعار عاميتنا وقد وقع منه في نصيبنا بحرا قصيرا ول ممتدا ول غيرو، فبالله لا تبخل علينا بالمعرفة دي.. ======
تعرف "الموز روى" دي باقيالي من غنا الأفندية المدينية بأول نهضتهم الخليل فرحية و(فيها نفس خليلي). وإنهم ثم زادو وعدّلوا فيها مستفيدين من أصل لها أسبق. ويخيَّلي قد تكون مما كانوا يتغنون بمثله في حِمية الحُميّا "بدار فوز" أو عند "مشارع الرباب".. وليس فقط من ذكرى السيرة الهلالية باحالاتها الغرب سودانية، ولا إنهم قطعولا خط الاستواء وجابو سيرة صكويل بيكر وبندقية "مرتين" الجهادية، بل اللغة، هي لغة "خليلية". أعني تشبه فعايل الذي فعل في اللغة وما ترك في الشعر (خليل فرح) أفندي. ولربما سمعها كابلي في مجلس لأبيه الأستاذ عبدالعزيز الكابلي الذي هو أحد أفندية ذاك الجيل..
القطعة المغناة كأنها من نصِّين مختلفين،، ولاحظ؛ في ضمن الموالفة بين جزئي النص، لكيف تتحول الالفاظ وبناء الجمل، من طريقة شعبية تلقائية إلى أخرى تبدو مدينية ومتعلمة. ولاحظ لكيف تتعمد اللغة أن تتقدم بالمفاهيم في الأصل الشعبي، بحمولتها السلبية أحيانا، والماعادت مناسبة للعصر. مثال لهذا هو قلبهم الذي يبدو بسيطا لوصف صاحب "المودوعة"، من "سِيْد" إلى "سَيِّد" بلال. والمودوعة فأصلها في (وداعة النبي والرسول) ثم قلبوها بدلا من "سِيْد بلال" العامية وعيا ولغة إلى "سَيِّد بلال" المفصحة والمحدثة وعيا. قد نفكر في شخص اسمه بلال، ولكن من هو سيّد بلال هذا في التاريخ الإجتماعي بوقتها، لا يوجد؟!
دا شغل مثقفين واعي ومقصود يعمل في وعلى أشغال التقليد الغنائي الشعبي ويحفظ لنا ألحانه وإيقاعاته، تماما كما فعل الفنان المثقف كابلي كما لم يفعل أحد سواه، عندما تغنى بها وبسواها في ضمن همه الشمولي الذي لم يغفل أو ينقطع عنه أبدا.. لقد اجتهد كابلي فوق كل مجتهد لحفظ هذا التراث الفني وفي تأرخة تطور الأغنية بتسجيل وتوثيق أصولها وأنساقها ولو لم يفعل سواها لاستوجبن ذلك منه الحمد والثناء وأن يجزى عن المعروف بالعرفان المتجدد والمستدام.. شغل الأفندية داك في تسوية الدرب من التاريخ إلى المستقبل وفي إرواء الموز بماء المعنى، هو ما مشت على آثاره أشغال كابلي نفسه مع التراث الغنائي، ينفض عنه الاهمال والجهل به، ويضعه تحت النظر رهن البهجة والطرب، ثم يموسق الخنتيلة على إيقاع الريقي، عجيب!!
{{الموز روى، قايم سوا، فاطرك ضوى، أنا يا ناس، بالنار جسمي انشوى// لسّع دقاق ؤما استوى، حُرّاسو مِرتينُنْ عوى// قطعولو خط الاستوا، كيف بٌصري؟ أنا قلبي انشوى..}} {{يا ستي أمرِّك لي مُطاع، من غيري كل العاصي طاع// اعلانا باقي على انقطاع، نرجوك عدم الانقطاع// زينة الزناتي مع هلال، رسمولا فوق تاجا الهلال// أقداما ما شالن علال، مَودوعَة عِنْد سَيِّد بلال// لو تاني عاد الانفصام، بشكيهو عِنْ قاضي الغرام// أوريهو نارو الفي العضام، سرَّاجة حامياني المنام.}}
نص، على بساطته (خفته) يا ملك، مثقل بأثقال من التاريخ الاجتماعي والسياسي وتنطوي بداخل لحنه اسرار الذاكرة الثقافية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة